تقام حضارات الشعوب بالقرب من المياه حيث تنبت الثمار وترعى الحيوانات وتشيد المنازل وتدب الحياة فى شرايين الشوارع، هكذا أقام الفراعنة دولتهم وشيدوا أهراماتهم على ضفاف نهر النيل وكأن أبو الهول حارث على خصوبة النهر العظيم، وضمن سلسلة أسرار القاهرة نكشف سر شريان النيل الذى وصل حافة الأهرامات فشهد الحضارة وخط الثقافات، ونقلت على سفنه أحجار عملاقة شيدت عجائب الدنيا على ارض مصر.
فيضان نهر النيل كان يُغرق مساحات شاسعة من أراضى مصر ويحدُث دمارا واسعا للمحاصيل، لدرجة أن الفراعنة القُدماء كانوا يُضحّون بأجمل فتياتهم برميها فى مياه النهر، لعلّ النهر يرجع إلى مجراه الطبيعى، وذلك وفق الأساطير المصرية القديمة فى وفاء النيل
هذه الظاهرة استُبدلت فيما بعد بـ عيد وفاء النيل، وكان المصريّون يُلقون بعروس خشبيّة إلى النهر ولكن كُل هذا انتهى مع بناء السدّ العالى وبحيرة ناصر ما بين العامين 1958- 1970، والتى توقف بعد إنشائه فيضان النيل بمصر
فيما تحتفظ مقتنيات مكتبة نيويورك العامة، بصور نادرة للأهرامات شامخة على ضفاف النهر توثق الفترة ما بين 1875- 1870 محفوظة تحت عنوان "الحياة والمناظر الطبيعية فى مصر"، وصنفت ضمن دراسات فى الصور الشمسية المأخوذة من الطبيعة، وقام بالتقاطها مصورون ينتمون للشركة السويسرية "Schroeder & Cie"، وهى شركة متخصصة فى التصوير والتوثيق، مقرها زيورخ.
وفى عام 1869 أمر الخديو إسماعيل بتمهيد شارع الهرم تمهيدًا لاستقبال ملوك ورؤساء دول العالم إلى مصر لحضور افتتاح قناة السويس، ليُصبح طريقًا مُمهدًا يصل إلى فندق مينا هاوس، فمنطقة الأهرامات كانت منذ أكثر من مائة عام منطقة ريفية فيها تحتضن المياه الأهرامات فى منظر بديع يسر الناظرين، فيه يصطف الفلاحين على ضفة النهر يرعون أغنامهم ويطعمون دوابهم ويحرثون حقولهم، وكانت تلك المنطقة زاخرة بكل أنواع الحياة ولكن مع تغير مسار النيل أصبحت منطقة صحراوية جافة.
مياه النيل كانت تصل منطقة الأهرامات التى ظلت لقرون مجرى معروفًا لنهر النيل، وقديمًا كان يقوم الفراعنة بنقل الأحجار التى يتم من خلالها بناء الأهرامات عبر السفن، وكان شارع الهرم مجرى مائيًا يتفرع من نهر النيل بما حوله من أراض زراعية، وفى عام 1869 أمر الخديو إسماعيل بتمهيد الشارع استعدادًا لاستقبال ملوك ورؤساء دول العالم لحضور افتتاح قناة السويس؛ خصوصًا أن أوچينى امبراطورة فرنسا، كانت قد طلبت زيارة الأهرامات.
سنة 1915 تم رد أجزاء من ترعة شارع الهرم، ومع زيادة حركة السيارات، تم تغيير طريق آخر على يسار ترام كان يمر بتلك المنطقة بدلا من الترعة، بحيث يكون الطريق فى الناحية اليمنى للسيارات القادمة من الجيزة والناحية اليسرى للسيارات العائدة إليها ووقع منتصف الطريق خط الترام.
وتفسر الصور اللقطات القديمة للأهرامات بجانب مراكب، اعتقد البعض أن النيل كان يصل إلى هناك وتبين أن منسوب الأهرامات العالى، ووصولها إلى هضبة الأهرام كان السبب، وذلك فى ظل الأزمة التى تواجهها الشقيقة السودان، بعد تعرضها لفيضانات عارمة سببت أضرار وخسائر ضخمة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع