خلال مؤتمر "تعزيز الحياد التنافسي - التجربة المصرية والدولية " شهدت الجلسة الأولى استعراض الاستراتيجية الوطنية لدعم سياسات المنافسة والحياد التنافسي"، وأثر تطبيقها على مختلف الأسواق والقطاعات وعملية جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية والتزامات مصر الدولية ، وغيرها.
شارك في الجلسة الدكتور محمود ممتاز، رئيس مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وحسام هيبة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والدكتور هاني سري الدين، رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، والدكتور شريف الجبلي، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، والدكتور محمد سامح عمرو، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وأدارها الزميل محمد أسعد، الصحفي المتخصص في الشئون الاقتصادية بجريدة اليوم السابع.
وأكّد رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الدكتور محمود ممتاز أن السياسة الاقتصادية للدولة المصرية قائمة على دعم محاور المنافسة وضمان مناخ تنافسي لممارسة النشاط الاقتصادي على نحو ما ورد بالمادة (27) من الدستور المصري التي تنص على أنه: "يهدف النظام الاقتصادي إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر".
وأشار إلى أن النظام الاقتصادي يلتزم بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافس وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيًّا وقطاعيًّا وبيئيًّا ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك.
وأكد ممتاز أن تطبيق مبادئ الحياد التنافسي داخل الأسواق المصرية من أهم العوامل التي تضمن زيادة تدفقات الاستثمارات المحلية والأجنبية، مما ينعكس بالإيجاب على معدلات النمو الاقتصادي ويعود بالنفع على المستهلك والاقتصاد ككل.
ولفت إلى أن سياسة الحياد التنافسي تضمن أن جميع الشركات العاملة بالسوق سواء الشركات الخاصة المحلية منها أو الأجنبية أو الشركات المملوكة للدولة تتنافس على نفس الأساس بشكل متكافئ وفقًا لنفس الإطار التنظيمي دون أدنى تمييز بينهم.
وتابع قائلًا: "اعتمدت الدولة المصرية استراتيجية جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية 2021-2025 والتي تتوافق مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة، والتي خصصت الهدف الاستراتيجي الثاني منها للحد من التشريعات والسياسات والقرارات المقيدة لحرية المنافسة.
وأضاف ممتاز أن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قام بوضع استراتيجية خاصة للحياد التنافسي والتي أقرها مجلس الوزراء خلال جلسته المنعقدة في مايو 2022.
وأكد أن مبادئ الحياد التنافسي ذات ضرورة بالغة لتشجيع الاستثمار والابتكار، ورفع المستويات الإنتاجية والتوظيف بما يضمن تحقيق مناخ تنافسي عادل والارتقاء بأداء وترتيب الاقتصاد المصري في أبرز المؤشرات الاقتصادية.
وأوضح أن سياسة الحياد التنافسي ترتكز على أربعة محاور رئيسية تضمن المساواة بين الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة وبين الشركات الخاصة وبعضها البعض، منوهًا بأن المحور الأول هو الحياد الضريبي من خلال تطبيق نفس النظام الضريبي على جميع الأشخاص العاملة في السوق متى تساوت مراكزهم، مما يعني أن جميع الشركات العاملة في السوق تخضع لنفس المعدلات الضريبية ونفس الإعفاءات.
ولفت إلى أن المحور الثاني يتضمن الحياد التنظيمي والتشريعي والذي يشمل عمل جميع الشركات في السوق سواء الشركات المملوكة للدولة أو الشركات الخاصة تحت نفس الإطار التنظيمي عن طريق خضوع جميع الشركات لنفس اللوائح والتشريعات ومنها (قوانين المنافسة) لتجنب منح ميزة تنافسية لبعض الشركات دون أخرى.
وأوضح ممتاز أن المحور الثالث هو الحياد في المديونيات القائم على تمكين جميع الأشخاص العاملة في السوق من الحصول على رأس المال بنفس التكلفة والحد من الوصول التفضيلي إلى التمويل من خلال البنوك المملوكة بالدولة.
وأضاف أن المحور الرابع قائم على الحياد في المشتريات العامة من خلال اتباع وسائل طرح تنافسية في التعاقدات العامة لضمان الشفافية فيما يخص كيفية المشاركة في العمليات التعاقدية وإتاحة فرصة المشاركة أمام الشركات بجميع أنواعها.
وأكد ممتاز أن تطبيق سياسة الحياد التنافسي تعمل على إزالة عوائق الدخول والتوسع في الأسواق غير المبررة وتجنب خلق كيانات مسيطرة في الأسواق المختلفة، أو التعزيز من سيطرة كيان مسيطر، أو تسهيل التواطؤ بين الأشخاص العاملة في السوق، كما يعمل الحياد التنافسي على تشجيع المنافسة عن جدارة والتي تسمح للأشخاص التي تستخدم مواردها بشكل فعال أن تتفوق وتستحوذ على الحصص السوقية الأكبر، بينما تأتي الأشخاص الأقل كفاءة في مرتبة متأخرة من حيث الحصص السوقية أو في بعض الأحيان لا تتمكن من البقاء في السوق.
وأكد ممتاز أن الحياد التنافسي يعمل على تحقيق اليقين القانوني الذي يعزز من ثقة مستثمري القطاع الخاص لدخول السوق وتشجيع تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية وبالأخص الاستثمارات الأجنبية المباشرة الجديدة، كما يعمل على المناخ التنافسي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتسهيل الدخول والمنافسة في الأسواق وخلق فرص عمل جديدة.
ونوه ممتاز بأن الحياد التنافسي يرفع مستوى رفاهية المستهلك من خلال خفض الأسعار وتحسين الجودة وتشجيع الابتكار والتطوير، كما يساعد على تعزيز فاعلية توزيع الموارد داخل الاقتصاد المصري، سواء بين الأنشطة مختلفة الإنتاجية، أو بين الكيانات العاملة في النشاط نفسه.
وأوضح أن محاور استراتيجية دعم سياسات المنافسة وتعزيز الحياد التنافسي تقوم على وضع الإطار المؤسسي؛ حيث قام الجهاز بتأسيس إدارة لدعم سياسة المنافسة والحياد التنافسي داخل الجهاز حيث تتمثل اختصاصات الإدارة في تلقي الشكاوى من المواطنين والمستثمرين كآلية لرصد الآثار الناتجة عن بعض القرارات والتشريعات واللوائح والسياسات وذلك قبل لجوئهم إلى القضاء المحلي أو التحكيم الاستثماري الدولي، كما تختص الإدارة بالعمل على رصد أية قرارات أو تشريعات أو لوائح أو سياسات ضارة بالمنافسة والتي قد تؤثر على الحياد التنافسي في مختلف الأسواق بشكل استباقي وفعّال.
وأضاف قام الجهاز بإنشاء اللجنة العليا لدعم سياسة المنافسة والحياد التنافسي بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2195 لسنة 2022 تعمل على الوصول إلى حلول جذرية مع فاعلية تنفيذ القرارات الصادرة من اللجنة من كافة جهات الدولة حال تبين أي من الأدوات التنظيمية التي من شأنها الإضرار بالمنافسة.
وأوضح ممتاز أن المحور الثاني هو وضع الإطار التنظيمي وذلك لضمان توافق كافة التنظيمات مع رؤية الدولة فيما يخص الحياد التنافسي من خلال إصدار كتاب دورى من مجلس الوزراء للجهات العامة لضمان قيام تلك الجهات بمراعاة أحكام تلك المادة.
كما قام الجهاز بوضع إرشادات دعم سياسات المنافسة والحياد التنافسي وتعميمها على كافة الجهات من خلال كتاب دوري يصدر من مجلس الوزراء، تتضمن توضيح مفصل ومبسط للمنهجية المتبعة لتقييم مختلف الأدوات التنظيمية المتبعة وآثارها على المنافسة.
وأضاف أن المحور الثالث قائم على نشر ثقافة المنافسة للعاملين بالجهات الحكومية منوهًا بأن رفع كفاءة العاملين بالدولة وزيادة الوعي بأحكام المنافسة والحياد التنافسي وجعلها ثقافة مدمجة لدى العاملين والمسئولين بكافة جهات الدولة هو الضمانة الحقيقية للالتزام بسياسات المنافسة والحياد التنافسي.
وأضاف ممتاز أن المحور الرابع قائم على التقييم الدوري لفاعلية تطبيق مبادئ الحياد التنافسي للحفاظ على البيئة التنافسية وتهيئة مناخ الأعمال في الاسواق وبالتالي زيادة الاستثمار والابتكار ورفع المستويات الإنتاجية والتوظيف.
من جانبه؛ قال حسام هيبة الرئيس التفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إن هناك ارتباط وثيق بين حماية المنافسة وتدفقات الاستثمار، فحيادية الجهات الحكومية في تنظيم ممارسات الأعمال محدد رئيسي لقرار الاستثمار وانتظام حركة الاقتصاد، ولابد من وجود جهاز قوي ينظم أدوات حماية المستثمر والحياد التنافسي، مشيرا إلى نصوص قانون الاستثمار تكمل نصوص قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، واستراتيجية الحياد التنافسي، كما تساهم الهيئة، عبر دورها في فض منازعات الاستثمار، بتوفير جهة محايدة بين القطاع الخاص والحكومة لضمان حقوق المستثمرين، مشيرا إلى أن الحياد محدد رئيسي لحل النزاعات، والتي يتم حلها بشكل مرضي للقطاع الخاص، ودعم المستثمر وتمكينه من التنافس مع القطاعين الحكومي والخاص.
وأضاف هيبة، أن المرحلة القادمة ستشهد زيادة الدور الفاعل للقطاع الخاص في الترويج للاستثمار وتحديث خريطة مصر الاستثمارية.
وقال الدكتور هاني سري الدين، رئيس لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، إن خطة الدولة تهدف إلى إعادة التوازن بين حجم الاستثمارات الخاصة والعامة، حيث كان القطاع الخاص يساهم بحوالي ثلثي الاستثمارات قبل عام 2010، بينما يشارك بأقل من الثلث في السنوات الماضية.
وقال شريف الجبلي: إن تطبيق الحياد التنافسي يعد نقلة حضارية للتشريعات الاقتصادية في مصر، مشيرًا إلى أن تطبيقه طال انتظاره فلا يمكن العمل في الاقتصاد دون أن يكون هناك مساواة.
أضاف أن الحياد التنافسي يعد نقطة انطلاق أساسية للاقتصاد المصري ومن أهم التشريعات في الوقت الحالي ومهم جدا تطبيقه على أرض الواقع فهناك سياسة ملكية الدولة تنص على الحياد التنافسي وهناك لجنة عليا أيضًا لذلك كان لا بد من استقلالية الجهاز حتي يتسنى له تطبيق هذه السياسة.
أوضح أنه بالنسبة للقطاع الخاص من الضروري وجود الحياد التنافسي أولا لأنه سيشجع المستثمر ويساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية، كما أنه سيعطي فرصة للشركات الصغيرة والمتوسطة للمنافسة أكثر داخل السوق، مشيرًا إلى أن سياسة الحياد التنافسي التي طبقتها العديد من الدول كان لها نتائج مباشرة على زيادة الناتج القومي لتلك الدول بنسبة تفوق ال50% في آسيا، وأيضا أستراليا ارتفع بنسبة تتراوح بين 5 و6%.
تابع أن الحياد التنافسي ينعكس أيضا على القطاع الخاص في التنافس علي الجدارة، والأكفأ هو الذي يستمر سواء كان قطاعا خاصا أو غيره فلا يمكن أن نعطي ميزات لقطاعٍ ما دون القطاع الخاص ونتخيل أنه سيكون قادرا على المنافسة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع