بوابة صوت بلادى بأمريكا

قبلة الحياة للمساجين للعودة للمجتمع.. نطاق وشروط الإفراج الشرطي.. المشرع وضع المادة 63 من قانون تنظيم السجون لفحص الطلبات.. و5 شروط لتنفيذه الأبرز تنفيذ "نصف مدة العقوبة".. وخبير يجيب على الأسئلة الشائكة

"الإفراج الشرطي" أو الإفراج تحت شرط هو إخلاء سبيل المحكوم عليه قبل تنفيذ العقوبة المحكوم بها إذا ما ظهر أن سلوكه أثناء وجوده في السجن ما يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه، ويكون ذلك عن جرائم وقعت من المحكوم عليه قبل دخوله السجن بشرط أن يبقي مستقيما بعد الإفراج عنه حتى تنتهي المدة المحكوم بها عليه.

 

وقد شرع القانون هذا النظام حتى يشجع المسجون على تقويم نفسه داخل السجن، ويسمح له بفترة انتقال يقضيها خارج السجن يتمكن بها في استعادة وضعه داخل المجتمع، فإذا ساء حال المحكوم عليه خارج السجن دل ذلك على أن مكانه الطبيعي ليس بين المجتمع، مما يتعين معه إعادته إلى السجن حتى تنقضي بقية العقوبة.   

قبلة الحياة للمساجين للعودة للمجتمع

 

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على مسألة نطاق وشروط الإفراج الشرطي، وهل هو انهاء للعقوبة؟ وهل الافراج الشرطي حقا للمحكوم عليه؟ وما هي شروطه ونطاق تنفيذه؟ وهل هو جائز لجميع العقوبات السالبة للحرية؟ ومن المنوط به هذا الافراج، خاصة وأن الإفراج تحت شرط ليس إنهاء للعقوبة بل هو مجرد معاملة عقابية لنوع معين من المحكوم عليه للحياة خارج السجن تتضمن تعديلا في أسلوب تنفيذها وهو ليس منحة تقررها الإدارة العقابية لمن تريد بل هي معاملة عقابية يوجبها القانون عند توافر شروطها وعلى هذا الأساس فإن الإفراج تحت شرط ليس إفراجا نهائيا للمحكوم عليه بل يمكن إلغاء هذا الإفراج – بحسب أستاذ القانوني الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.

 

 

في البداية - خولت المادة 63 من قانون تنظيم السجون للنائب العام سلطة النظر في الشكاوى التي تقوم بشأن الإفراج تحت شرط، وفحصها واتخاذ ما يراه كفيلا برفع أسبابها، ويقصد بالشكاوى فى هذا الشأن تلك التى يتقدم بها المحكوم عليهم ضد إدارة المنشأة العقابية، لرفضها الافراج عنهم رغم استيفائهم شروطه التى يتطلبها القانون والرأى مستقر على أن قرارات النائب العام فى هذا الشأن غير ملزمة للإدارة العقابية، وهو ما يتعارض مع نص المادة 56/ 2 من دستور 2014 على أن تخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي – وفقا لـ"فاروق".  

نطاق وشروط الإفراج الشرطي

 

وجمهور الفقهاء يرون أن الإفراج الشرطي ليس حقا للمحكوم عليه، وإنما رخصة لجهة الإدارة بسند أن الإفراج معاملة عقابية يتحدد وفقا لشروط معينة تقررها الإدارة العقابية للتكيف الاجتماعي خارج السجن يخضع للسلطة التقديرية للإدارة، ولكنهم يشترطون أن يصدر قرار الإفراج متوخيا الغاية المشروعة التي تتوخى الصالح العام وحده، ونعتقد أنه متى توافرت شروط الإفراج الشرطي أضحى حق للمحكوم عليه مستمد من القانون ذاته لا تملك جهة الإدارة خيار في تطبيقه من عدمه – الكلام لـ"فاروق".   

 

ويشترط لأعمال أحكام الإفراج تحت شرط توافر جملة شروط؛ الأول: يتعلق بالمحكوم عليه والثانية: يتعلق بمدة تنفيذ العقوبة، فأما بالنسبة للمحكوم عليه، فإنه يتعين أن يكون سلوكه أثناء وجوده في السجن يدعو إلى الثقة في تقويم نفسه - المادة 52 من قانون تنظيم السجون - وألا يكون في الإفراج عنه خطر على الأمن العام "المادة 52 من قانون تنظيم السجون" ومن أمثلته أن يؤدى الإفراج للمحكوم عليه إلى معاودة نشاطه الإجرامي داخل عصابة ينتمي إليها أو أن يثأر لجريمة ارتكبت ضد أحد أبنائه وهو داخل السجن.   

المشرع وضع المادة 63 من قانون تنظيم السجون لفحص الطلبات

 

بما يعنى ألا يكون مصدر الخطر على الأمن العام هو سلوك الجاني ذاته ذلك أن من كان حسن السير والسلوك أثناء التنفيذ لا يمكن أن يشكل بسلوكه خطرا على الأمن العام، إذ الفرض أن حاله قد انصلح ولا يخشى من عودته إلى الإجرام، ولكن الذي يعنيه هذا الشرط هو أنه قد يترتب على الإفراج عن المحكوم عليه تهديد الأمن العام حسبما أسلفنا أو أن يخشى اعتداء المجني عليه أو أهله على المحكوم عليه بعد الإفراج عنه، فإذا ثبت ذلك فإن الإفراج يكون غير جائز ما لم تتخذ السلطات المنوط بها المحافظة على الأمن العام الإجراءات اللازمة لتفادى مثل هذا الاعتداء،  ويترتب على ذلك أن تقدير توافر هذا الشرط من عدمه يرجع إلى إدارة المنشأة العقابية بالتعاون مع الأجهزة المختصة بالأمن العام.   

 

ويشترط فوق ذلك أن يكون المسجون قد أوفي الالتزامات المالية المحكوم بها عليه من المحكمة الجنائية في الجريمة، وذلك ما لم يكن من المستحيل عليه الوفاء بها "المادة 56 من قانون تنظيم السجون" وحكمة هذا الشرط أن ليس من العدل أن يتمتع الجاني بحرية كاملة على مرأى من المجني عليه قبل أن يكفر عن ذنبه، ويعوض الضرر الذي أحدثه فضلا عن أن من شأنه حث المحكوم عليه على تعويض المجني عليه، وتقديرا للمشرع للجوانب الإنسانية في الموضوع نص على إسقاط هذا الشرط إذا تبين أنه من المستحيل على المحكوم عليه الوفاء بالالتزامات المذكورة وواضح أن الالتزامات المالية التي يتعين الوفاء بها يجب أن تكون مترتبة على الجريمة وأن يكون محكوما بها من المحكمة الجنائية،  فإذا حكم بها من محكمة مدنية فلا محل لهذا الشرط.    

 

و5 شروط لتنفيذه الأبرز تنفيذ "نصف مدة العقوبة"

 

وأما بالنسبة لمدة تنفيذ العقوبة فإنه يلاحظ أن الإفراج تحت شرط جائز لجميع العقوبات السالبة للحرية سواء كانت السجن المؤبد أو المشدد أو السجن أو الحبس، ويشترط القانون لجواز الإفراج أن يكون المحكوم عليه قد نفذ نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليه على ألا تقل المدة التي يقضيها في السجن عن 9 شهور على أية حال، فإذا كانت العقوبة السجن المؤبد، فلا يجوز الإفراج إلا إذا أمضي المحكوم عليه في السجن 20 سنة على الأقل "المادة 52/ 2 من قانون تنظيم السجون"، وإذا كان المسجون قد حكم عليه بجملة عقوبات قد ارتكبها قبل وجوده في السجن، فإن القانون يقضي بضم هذه العقوبات وتطبيق القاعدة المتقدمة على مجموع مدده،  أي جواز الإفراج عنه بعد مضي نصف هذه المجموع بشرط ألا تقل المدة التي يقضيها في السجن عن تسعة شهور على ما تقدم،  ولا ينظر إلى مدة كل عقوبة على حدا فالنظر يكون إلي مجموعها ولو كان بعض هذه العقوبات مدته تسعة أشهر أو أقل مما لا يجوز الإفراج فيها تحت شرط لو أنها كانت وحدها.   

 

ولكن يشترط لضم مدد العقوبات على الوجه المتقدم أن تكون هذه العقوبات، قد صدرت عن جرائم ارتكبها المحكوم عليه قبل وجوده في السجن، ولو كانت هذه العقوبات بمقتضى أحكام صدرت أثناء وجوده في السجن ما دام عن جرائم ارتكبها المحكوم عليه قبل ذلك، أما إذا حكم على المتهم بعقوبة عن جريمة ارتكبها أثناء وجودة في السجن أو أثناء إجراءات الإفراج تحت شرط فيكون الإفراج طبقا للمادة 54 على أساس المدة الباقية عليه وقت ارتكاب هذه الجريمة مضافا إليها مدة العقوبة المحكومة بها عليه بسبب ارتكابها.  

كيفية ضم مدد العقوبات 

 

ويعنى ذلك أن ارتكاب المحكوم عليه لجريمة أثناء وجوده في السجن يقطع المدة السابقة التي نفذها من حساب نصف المدة اللازمة للإفراج، وذلك لأن المحكوم عليه بارتكابه لهذه الجريمة يكون قد أثبت عدم جدارته بالإفراج لسوء سلوكه وعدم انصلاح حاله، لذلك يبدأ حساب نصف المدة من جديد على أساس الجزء المتبقي من العقوبة أو العقوبات السابق الحكم بها عليه مضافا إليه مدة العقوبة التي حكم بها عليه من أجل الجريمة التي ارتكبها أثناء التنفيذ فتضم هذه المدد ويبدأ الحساب وفقا لمجموعها وخلاصة كل ذلك تتمثل في أن المدة التي نفذها المحكوم عليه والواقعة بين دخوله السجن وارتكابه فيه لجريمته الجديدة لا تدخل في حساب نصف المدة اللازمة للإفراج الشرطي.

 

وطبقا للمادة 55 من قانون تنظيم السجون فإنه: إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية قد قضى في الحبس الاحتياطي مدة واجبا خصمها من مدة العقوبة، لا يكون الإفراج عنه على أساس كل المدة المحكوم بها، ويعنى ذلك أن مدة الحبس الاحتياطي تدخل في حساب نصف المدة المحكوم بها اللازمة للإفراج.  

تنظيم إجراءات الإفراج تحت شرط

 

ولقد نظم المشرع إجراءات الإفراج تحت شرط إذ يكون الإفراج بأمر يصدر من مدير عام مصلحة السجون وفقا الأوضاع والإجراءات التي تقررها اللائحة الداخلية " المادة 53 من قانون تنظيم السجون" وللنائب العام النظر في الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج عن المسجونين تحت شرط وفحصها واتخاذ ما يراه كفيلا برفع أسبابها "المادة 53 من قانون تنظيم السجون" وسلطة النائب العام في هذا الشأن ليست أدبية بحتة، فتنفيذ الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية يكون بناء على طلب النيابة العامة طبقا للمادة 461 من قانون الإجراءات الجنائية،  وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي طبقا للمادة 65/ 2 من دستور 2014. 

 

ومع ذلك حظر القانون رقم 19 لسنة 2020 تطبيق نظام الإفراج الشرطي "نصف المدة" على المحكوم عليهم بارتكاب جرائم التجمهر وجلب المخدرات والاتجار فيها والحيازة المجردة وغسل الأموال والإرهاب إذ صدر هذا القانون بتعديل بعض أحكام القانونين رقمي 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون و182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، ونشر في الجريدة الرسمية - العدد 11 مكرر (ل) - السنة الثالثة والستون - 23 رجب سنة 1441 ه، الموافق 18 مارس سنة.  

متى يحظر تطبيق نظام الإفراج الشرطي؟

 

2020 ونص في المادة الأولى منه على أن تضاف إلى القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون مادة جديدة برقم (52 مكررًا) نصها الآتي: مادة (52 مكررًا): لا تسري أحكام الإفراج تحت شرط الواردة في هذا القانون على المحكوم عليهم لارتكابهم أَيًّا من الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر والقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها عدا الجناية المنصوص عليها في المادة (37) (جناية التعاطي)وقانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002،  وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015 ونص في مادته الثانية على أن تلغى الفقرة الثانية من المادة (46 مكررًا أ ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها.

 

ومقتض ذلك حظر تطبيق نظام الإفراج الشرطي (نصف المدة) على المحكوم عليهم لارتكابهم جرائم التجمهر وجلب المخدرات والاتجار فيها وغسل الأموال والإرهاب، وهو ما يمثل عنف غير مبرر من المشرع، ويتعارض مع السياسة الجنائية الحديثة في العقاب من إصلاح المحكوم عليه ذاته بالاستقامة حتى يستفيد من الإفراج الشرطي، فضلا عما ينطوي عليه القانون الجديد من إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، إذ الجرائم المستثناة من الإفراج الشرطي ليس فريدة في نوعها بل هناك جرائم أخطر كالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والسم والسطو المسلح والسرقة بإكراه.  

 

يتمتع المحكوم عليهم فيها بميزة الإفراج الشرطي حال أن الجميع يجمعهم مركز قانوني واحد وهو كونهم محكوم عليهم، بل فات القانون الجديد أنه بإلغاء نظام الإفراج الشرطي بصدد بعض المحكوم عليهم سيفعل عقوبة السجن المؤبد بحيث تستغرق حياة المحكوم عليهم كلها داخل السجن، إذ كان نظام الإفراج الشرطي يجيز الإفراج عن هؤلاء بعد قضاء مدة عشرون عاما.   

 

مصير الإفراج الشرطي عن المحكوم عليه

 

ومصير الإفراج الشرطي عن المحكوم عليه لا يخرج عن أحد أمرين: إما أن يلغى الإفراج نتيجة لإخلال المحكوم عليه بأحد التزامات التي تفرض عليه خلال مدة الإفراج أي خلال المدة المتبقية من مدة العقوبة المحكوم بها عليه، وإما أن تنقضي مدة الإفراج دون إخلال منه بهذه الالتزامات وهذا يعنى أن الإفراج تحت شرط إما أن يلغى ويعاد المحكوم عليه إلى السجن وإما أن يتحول إلى إفراج نهائي "المواد 57و58و59من قانون السجون".   


هذا الخبر منقول من اليوم السابع