لم يتعلم الدرس.. تلك أحد أهم دلالات موقف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، من الأزمة القائمة بين أذربيجان وأرمينيا، التى أقحم فيها الديكتاتور التركى بلاده، لا للتسوية والتفاوض وجمع الفرقاء، وإنما لتأجيج الصراعات، والعمل على نشر الفوضى، ظنا منها أنه بذلك يمكنه السيطرة على دول عدة، وبسط نفوذه عليها.
فأنقرة التى امتدت أيادى التخريب الخاصة بها، فطالت ليبيا، وعددا من دول القارة الإفريقية، التى تسعى لمذ نفوذها بها، انتهزت فرصة الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا، ودخلت على خطوط الصراع، من خلال تصريحات مثيرة، ومن خلال طرق ملتوية أخرى، إذ قامت بنقل مرتزقتها إلى أذربيجان.
بداية الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان
يأتى ذلك فى ظل الأزمة التى اندلعت بين أرمينيا وأذربيجان، حول منطقة ناجورنو كاراباخ الانفصالية، وهى منطقة عرقية أرمينية داخل أذربيجان، خرجت عن سيطرة أذربيجان منذ نهاية الحرب فى عام 1994، وللجانبين وجود عسكرى مكثف على طول منطقة منزوعة السلاح تفصل المنطقة عن بقية أذربيجان.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية، شوشان ستيبانيان، أن القوات الأرمينية قصفت 3 دبابات أذربيجانية، موضحة أن القتال بدأ بهجوم أذربيجاني، وهو ما نفته أذربيجان التى أكدت أن أرمينيا هى التى هاجمت، وأن أذربيجان شنت هجوما مضادا.
أردوغان ينفخ فى نار الحرب
ولم تكن تركيا لتقف جامعة لطرفى النزاع، أو حتى داعية إلى التفاوض وإلى السلام، لكنها سرعان ما بادرت بالنفخ فى نار الحرب، إذ أعلنت الرئاسة التركية، أن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، قال فى سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه الرسمى على موقع "تويتر": "لقد شنت أرمينيا هجوما جديدا على أذربيجان، وأظهرت مرة أخرى أنها أكبر تهديد على الأمن والسلام فى المنطقة، وإن الشعب التركى يقف بكل إمكاناته إلى جانب شقيقه الأذربيجانى كما فعل دائما".
وأشار أردوغان إلى أن المجتمع الدولى الذى فشل مجددا فى أبداء ردة فعل ضرورية وكافية على الاستفزازات الأرمنية، أظهر مرة أخرى معاييره المزدوجة، مضيفا: "مع الأسف الشديد فإن ثلاثى مينسك، الذى واصل موقفه المتهاون لمدة 30 عاما بعيدا كل البعد عن التصرف لإيجاد الحلول، وبينما أدعو الشعب الأرمنى إلى انتزاع مستقبله ومصيره من أيدى قيادته التى تجره إلى كارثة، ومن أولئك الذين يستخدمونه كدمى، أناشد العالم بأسره للوقوف إلى جانب أذربيجان فى كفاحها ضد الاحتلال والظلم الأرمنى".
ونوه الرئيس التركى باتصال هاتفى جمعه برئيس أذربيجان، إلهام علييف، أكد خلاله أن تركيا ستواصل تعزيز تضامنها مع الأشقاء الأذربيجانيين انطلاقا من مبدأ شعب واحد في دولتين.
الموقف التركى من الأزمة
ولم يتوقف الموقف التركى عند تصريحات رئيسه، وإنما جرى استنفار أطراف السياسة التركية لإشعال الصراع بين أرمينيا وأذربيجان.
فحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا، أدان على لسان المتحدث باسمه، عمر جليك، هجوم أرمينيا على أذربيجان، إذ كتب جليك تغريدة عبر حسابه الرسمى على موقع تويتر، قال فيها: "ندين بشدة هجوم أرمينيا على أذربيجان.. ارتكبت أرمينيا مرة أخرى استفزازا يتجاهل القانون".
وأضاف جليك: "ينبغى على المجتمع الدولى أن يرفع صوته ضد أرمينيا"، كما وعد بأن تقف تركيا إلى جانب أذربيجان، ضد أرمينيا التى يرى أنها تلعب بالنار، وتعرض السلام الإقليمى للخطر.
أما إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، فقد أدان هو الآخر ما فعلته أرمينيا، فكتب تغريدة عبر حسابه الرسمى على موقع "تويتر"، قال فيها: "تركيا وأذربيجان قريبتان من مواجهة هذه الهجمات.. نتمنى رحمة الله لإخواننا الذين فقدوا أرواحهم في الهجمات.. أذربيجان ليست وحدها، لكنها تحظى بالدعم التركى الكامل".
وأضاف المتحدث باسم الرئاسة التركية: "ندين بشدة هجوم أرمينيا على أذربيجان.. لقد انتهكت أرمينيا مرة أخرى القانون الدولى، وأظهرت عدم اهتمامها بالسلام والاستقرار"، وتابع: "تقف تركيا فى تضامن كامل مع أذربيجان، وتؤيد دون تحفظ حقها في الدفاع عن النفس".
وعلى نفس النسق، أدان وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، ما وصفه بالهجوم الأرمنى على أذربيجان، مؤكدا وقوف بلاده إلى جانب أذربيجان فى الدفاع عن وحدة أراضيها، كما اعتبر وزير الدفاع التركى موقف أرمينيا الذى وصفه بالعدوانى، أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار في القوقاز، مطالبا بالرجوع فورا عن هذا العدوان.
تركيا تدفع بالمرتزقة إلى أذربيجان
من جهته، فجر المرصد السورى لحقوق الإنسان، مفاجأة، حين أعلن، اليوم الثلاثاء، أن تركيا متورطة فى نقل مرتزقة سوريين، إلى أذربيجان، للمشاركة فى القتال الدائر بينها وبين أرمينيا.
وقال المرصد فى بيان له، إن دفعة من مقاتلى الفصائل السورية الموالية لأنقرة، وصلت إلى أذربيجان، حيث قامت الحكومة التركية بنقلها من أراضيها إلى هناك، وكانت الدفعة هذه قد وصلت الأراضى التركية قبل أيام قادمة من منطقة عفرين شمال غربى حلب.
وأضاف المرصد أن مصادر خاصة به أكدت أن دفعة أخرى تتحضر للخروج إلى أذريبجان، في إطار الإصرار التركى بتحويل المقاتلين السوريين الموالين لها إلى مرتزقة وسط رضوخ كامل من قبل الأخير.
وكان المرصد قد أكد منذ 3 أيام، أن الحكومة التركية قامت بنقل أكثر من 300 مقاتل من الفصائل الموالية لها، غالبيتهم العظمى من فصيلى "السلطان مراد والعمشات"، من بلدات وقرى بمنطقة عفرين شمال غرب حلب، حيث قالوا لهم بأن الوجهة ستكون إلى أذربيجان لحماية المواقع الحدودية هناك، مقابل مبلغ مادى يتراوح بين 1500 إلى 2000 دولار أمريكى.
هذا الخبر منقول من الفجر