أصدرت محكمة استئناف الإسكندرية، حكماَ فريداَ من نوعه، أرست فيه مبدأ قضائياَ جديداَ بجواز إقامة دعوى تعويض رؤية بمجرد التأخير عن التنفيذ - ولو دقائق - حال تكرار التأخير وإثبات تعمد ذلك التأخير وعدم الالتزام بساعات الرؤية المنصوص عليها قانوناَ.
ملحوظة مهمة
ملحوظة: الحكم تضمن تعويض الأب 40 ألف جنيه لعدم تنفيذ الأم حكم الرؤية حسب الساعات المتفق عليها، كما أن محكمة أول درجة رفضت القضية وفى الاستئناف القاضي حكم بالتعويض وأصبح الحكم نهائياَ، كما أرسى الحكم لمسألة التعويض عن عدم حضور الأم للرؤية مرتين متتاليتين وليس 3 مرات كما كان يحدث من قبل.
كما أن أساس الدعوى هو التعويض عن عدم التزام الأم بعدد ساعات الرؤية بمعنى أن الأم تقصد الوصول لمكان الرؤية آخر نصف ساعة وأوقات أخرى كانت تحضر أخر 5 دقائق فقط، ما يؤكد معه حق الأب في إقامة دعوى تعويض عن الفترات متقطعة وساعات التأخير، حيث ذكرت المحكمة في حيثيات الحكم أنه يكفي أن يذهب الأب لرؤية أولاده ويتكبد مشقة وإرهاق ولا يراهم الوقت الكافي.
الأب يقيم دعوى ضد مطلقته بسبب التأخير في تنفيذ حكم الرؤية
واقعات الدعوى والحكم - الصادر لصالح محام - تتحصل على ما يبين من مطالعة مدونات الحكم المستأنف وسائر أوراق الدعوى تتحصل في أن المدعى – المستأنف – أقام دعوى مدنى تعويضات شرق الإسكندرية على المدعى عليها – المستأنف عليها – طالبا الحكم بإلزامها بتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بسبب امتناعها عن تنفيذ حكم الرؤية الحاصل عليه بمقولة أن المدعى عليها كانت زوجة للمدعى الذى أقام عليها الدعوى بتمكينه من رؤية صغار وأجابة المحكمة على طلباته إلا أن المدعى عليها امتنعت عن تنفيذ حكم الرؤية المذكور، وقد لحقته أضراراَ مادية وأدبية من جراء ذلك يطالب بتعويضه عنها بالدعوى الماثلة.
في تلك الأثناء – قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى بحالتها وأسست حكمها على أن المدعى لم يقدم ما يفيد صدور حكم بتمكينه من رؤية صغاره وأن هذا الحكم مشمول بالصيغة التنفيذية، وأن المدعى عليها أعلنت بهذا الحكم ثم امتنعت عن تنفيذه والمحكمة غير مكلفة بلفت نظره لمقتضيات دفاعه، فلم يلق هذا القضاء قبولاَ من المحكوم ضده، فطعن فيه بصحيفة قدمت لقلم كتاب المحكمة، طالبا خلالها الحكم بقبول استئنافه لسبب حاصله خطأ الحكم المستأنف في تطبيق القانون ذلك أن المستأنف قدم ابتدائياَ إفادة مركز شباب حاصلها قد تحصل على حكم قضائى وتقدم للمركز لتنفيذه أن المستأنف عليها كانت تتغيب في بعض الفترات وفى حالة التنفيذ لا تمكن المستأنف من رؤية صغاره وقدم صورة ضوئية من حكم الرؤية مزيلاَ بالصيغة التنفيذية.
المحكمة تؤكد: كل خطأ سبب ضرراَ للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف، فالمقرر قانوناَ بنص المادة "163" من القانون المدنى أن: "كل خطأ سبب ضرراَ للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض" وكان معنى الخطأ في تطبيق هذا النص يشمل مجرد الإهمال والفعل العمد على حد سواء مما مفاده أن المشرع في نطاقه المسئولية التقصيرية لا يميز بين الخطأ العمدي وغير العمدي ولا يبين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير فكل منها يوجب تعويض الضرر الناشئ عنه، وأنه يكفي لقيام المسئولية مجرد إهمال اتخاذ ما توجبه الحيطة أو اليقظة، وأن لقاضى الموضوع استخلاص الخطأ من جميع الأوراق المقدمة في الدعوى، وكذا المقرر أن المسئولية المدنية لا تحقق إلا إذا تحقق الضرر ولهذا على القانون المدني في المادتين "221، 222 منه" بيان الضرر المادي والأدبي وعناصرهما، فالضرر إذن ركن من أركان المسئولية وثبوت شرط لازم لقيامها للقضاء بالتعويض ويقع على الدائن المضرور عبء إثبات الضرر الذى يدعيه، ويشترط للقول بتوافر الضرر المادى شرطان هما:
1-أن يكون هناك إخلالاَ بمصلحة مالية للمضرور.
2-أن يكون الضرر محقق الوقوع.
أما عن الضرر الأدبى - قالت المحكمة – فيصيب الناس عادة في عواطفهم وشعورهم أو اعتبارهم وشرفهم وسمعتهم، فمحله وجدان الانسان وهو مستودع فكرة ومشاعرة وأحاسيسه وسبب تكريمه على ما عدا من المخلوقات ذلك أن قدرة الانسان على الكسب منوطه باستقراره بل أن كل ما سبق له كسبه يغدو عديم القيمة إذا لم يستقر وجدانه وهو على هذا النحو – وبحسبانه خسارة مالية – لا يمكن محوه وإزالته بالتعويض النقدى ولكن قصارى ما قصده المشرع من النص عليه أن يوجد لهذا الضرر معادلاَ موضوعياَ يرمز له ويتكافأ معه يحمل عنه أو معه غير الألم والحزن والأسى، فيخفف عنه ذلك بحيث يكون مواسياَ للضرر ويكفل رد اعتباره وهو مالا يتأتى إلا بتحقيق التناسب مع الضرر تبعاَ لواقع الحال وبمراعاة الظروف الملابسة ودون غلو أو إسراف يجعل منه إثراء بلا سبب وأيضاَ دون تقدير يقصر به عن مواساته بل ويؤدى إلى الإساءة عليه بزيادة ألمه وأساه، فليس معنى القول أن التعويض رمزى أن يكون تافهاَ غير مناسب لحجم الضرر وجسامة الخطأ اللذين – لا شك – في أنهما يختلفان بحسب ما إذا كان الفعل الضار مقصوداَ أم غير مقصود.
التأخير تسبب في إصابة الأب في مشاعره وأحاسيسه
لما كان ما تقدم – وكان الثابت أن المستأنف عليها الصادر ضدها حكم الرؤية مزيلاَ بالصيغة التنفيذية قد تقاعست عن تنفيذه في المكان المحدد بهذا القضاء على الوجه القانوني السليم، فلم تحضر للمكان المحددة للرؤية يومى 15 يناير 2018، 26 يناير 2018 لتمكين المستأنف من رؤية أولاده فضلاَ عن تأخرها في العديد من أيام الرؤية – حسبما ورد ذلك بالشهادة الصادرة من مركز الشباب أو النادى المحدد سلفا للرؤية – عن تنفيذ الرؤية في ميعادها المحدد لها ما بين 5 دقائق ونصف ساعة، وهو ما يعد منها خطأ تقصيرياَ تقوم به مسئوليتها التقصيرية فيعتبر انحرافا عن السلوك المألوف في احترام أحكام القضاء والمبادرة إلى تنفيذها وقد ألحق هذا الخطأ بالمستأنف أضراراَ مادية وأدبية تمثلت فيما سلكه من إجراءات تقاضى وما تكبده من مصاريف وصولاَ للحصول على هذا القضاء الذى ضربت به المستأنف عليها عرض الحائط ولم تحترم تنفيذه ويكفى أن يذهب المستأنف إلى الرؤية ولا يجد صغاره الذى أرهق نفسه المشقة أملاَ في رؤيتهم، فضلاَ عما أصابة في إحساسه ومشاعره وعاطفته من ألم وحزن وأسى من جراء حرمانه من رؤية أطفاله وكان من شأن خطأ المستأنف عليها السابق الإشارة إليه أن حاق بالمستأنف الأضرار مسبوق الإشارة إليها وتقدر هذه المحكمة مبلغ 40 ألف جنية جابراَ لها يلزم المستأنف عليها بأدائه للمستأنف.
المحامى محمد فؤاد
هذا الخبر منقول من اليوم السابع