بوابة صوت بلادى بأمريكا

حكاية الشيخ عتيق.. صياد قضى ربع قرن حارسا أمينا على محمية نبق.. عاش وحيدا معتمدا على طعام البحر.. أكرم بضيافته الزائرين وعرف بابتسامته البشوشة.. ووزارة البيئة خلدت ذكراه بتحويل آثار مسكنه لمزار بالمحمية

سيارة قديمة، وعريشة من جريد النخيل، ومساحة محاطة بعلامات صخرية كان يتخذها مسجدا للصلاة، آثار أحيت صياد السمك الشيخ عتيق المزينى، الذى هجر كل ماحوله معتكفا فى هذا المكان يقتات على صيد السمك ويطعم زائريه بمنطقة نبق إحدى أهم مقاصد السياحة الطبيعية على شواطئ جنوب سيناء والتى أصبحت محمية طبيعية من بين أهم مكوناتها "آثار الشيخ عتيق"، ومحمية نبق وفقا لبيانات محافظة جنوب سيناء الرسمية أعتبرت محمية طبيعية فى عام 1992، وتقع هذه المحمية فى المنطقة ما بين شرم الشيخ ودهب ووادى أم عدوى فى جنوب سيناء، وتبعد 35 كيلو متراً شمال شرم الشيخ.


الشيخ عتيق

وتتمثل أهمية "نبق" فى احتوائها على عدة أنظمة بيئية فى وقت واحد فبيئتها تتميز بتنوع فريد يجمع بين البيئة الجبلية والبيئة الصحراوية بكثبانها الرملية عند وادى كيد وبها تجمع مهم من الحيوانات والطيور، وأشهر حيواناتها الغزلان والتياتل والثعالب والوبر إلى جانب العديد من أنواع القوارض والزواحف، كما توجد بها كثير من الطيور المقيمة والمهاجرة وأشهرها العقاب النسارية والخواضات والبلشون.

محمية نبق

أما أبرز ما تضمه محمية نبق فهو النظام النباتى بها، حيث تضم أرضها نحو 134 نوعاً من النباتات، أهمها المانجروف المعروف باسم نبات الشورى ،ينمو فى مناطق هامة لتوالد الأسماك واللافقاريات ومستوطنات لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة والمقيمة، وتبلغ أقصى ارتفاع لشجرة المانجروف نحو خمسة أمتار .


اثار مكان اتخذه كمصلى ومسجد

"الشيخ عتيق حميد فرج الله خضير" ، الذى تحمل ذكرياته جزء من المكان، كشف عن حقيقة آثاره لـ"اليوم السابع" الصياد "يوسف حامد حمدان المزينى"، أحد أقرب ذويه مشيرا إلى أن المنطقة التى استقر فيها هى وجهة رئيسية لصيادى السمك بحثا عن رزقهم من أشهر أنواع الأسماك بالبحر الأحمر، ومكان مفضل للأهالى بمناطق دهب وشرم الشيخ لقضاء أوقاتهم الترفيهية فى حضن الطبيعة مستمتعين بجمال التقاء البحر مع الجبال مع مساحات شجرية منوعة ثرية بكثير من مخلوقات الطيور والحيوانات، وتجذب إليها أفواج من السائحين القادمين لجنوب سيناء لمشاهدة سحر المكان.


اثار عريشته

 

وأضاف أن ذاكرة الأهالى حملت مسميات لكل مكان ومنطقة بالمحمية ومنها "الكوز، والغرقانه، وابونجيله ، وروض رحيله ، والدقل، والعرايش، والغرابى ، والقبيلة، و الغرابي، وعموم المنطقة اسمها بلهجة أهل المكان " الطارف"، وارتبط المكان باسم الغرقانة فى إشارة إلى حطام سفينة غارقة فى المكان من الواجهات السياحية لمشاهدتها والتمتع بالغوص فى المياه المحيطة بها، وهى السفينة "ماريا شرودر"، وتشير المعلومات بشأنها إلى أنها كانت فى الحادى عشر من أبريل عام 1956 فى رحلة من ميناء العقبة الأردنى متجهة إلى المانيا الغربية وتعطلت واصطدمت بالحاجز المرجانى بمنطقة محمية نبق حيث تم محاولة سحبها عدة مرات لكن دون فائدة لتسجل باعتبارها مفقودة كليا ومن حينها فإن هيكل السفينة الحديدى يتأكل تدريجيا بفعل العوامل الجوية وبفعل الأمواج القوية بالمواقع إلا أن الحطام والذى يمتد حتى عمق 25 مترآ أصبح أحد أشهر مواقع الغوص فى جنوب سيناء" .


الصياد يوسف حامد أحد اقاربه

قال الصياد يوسف حامد حمدان المزينى، إن هذا المكان بجماله وسحره وخصوصيته، كان ملاذ "الشيخ عتيق"، أحد ابناء عائلته من مواليد عام 1933، وهو صياد من سكان مدينة دهب، كان يحضر للصيد ويعود لبيته كبقية الصيادين فى رحلاتهم اليومية بحثا عن رزقهم، ولكنه فى عام 1985 ، انقطعت عودته وبقى فى هذا المكان، معتكفا وخادما لزواره ومحافظا على طبيعته فى صمت .


الصيد حرفة اهل المكان يتوارثونها

واشار إلى أنه أقام فى عريش بسيط يبعد امتارا قليلة عن حافة البحر، كلما دعت الحاجة للحصول على طعام يشمر عن ساعديه وبشبكته البسيطة يلتقط رزقه من البحر، وينقل من الوديان المجاورة مايلزمه من مياه الشرب مستقلا سيارته ماركة بيجو القديمة .


حطام السفينة الغارقة

وقال إن الشيخ عتيق لفت انظار كل الزائرين للمحمية والصيادين، فهو يصطاد السمك ولا يبيعه، و يقدمه طعام للزائرين وواجب ضيافة لهم، ويقابلهم بابتسامة ووجه بشوش، حتى أصبح لكثير من السائحين محطة مهمة لابد من زيارته والتقاط الصور التذكارية معه بينما يعتبره الأهالى من الصيادين والزوار "بركة المكان"، وبجورا عريشه البسيط حدد مكان للصلاة واعتبره مسجد على طريقة المساجد القديمة فى صدر الإسلام بوضع صخور صغيره متراصه على شكل أقرب للمربع .


حفظ اثار مكان الشيخ عتيق بمحمية نبق

أضاف أن الشيخ عتيق، لم يكن له أبناء، و قضى فى هذا المكان منقطعا فيه بشكل كلى نحو 25 عاما، حيث وافته المنية فى 25-12-2012، ومع رحيله لم ترحل ذكراه مع كل من عرفه، كما لم ترحل آثار حياته البسيطة واصبحت جانب من مكونات المحمية.


سيارة الشيخ عتيق

وأشار إلى أن آثاره نالت اهتمام الدولة أثناء تطوير المحمية، ممثلة فى وزارة البيئة ووضعت ضمن المزارات الرئيسية، وبقيت كما هى وتضم هذه الآثار عريشته وأدوات معيشته وسيارته التقليدية القديمة، ومكان مسجده الذى كان يصلى فيه.


سيارته فى موقع التطوير

 


عملية تطوير للمكان وحفظ اثار ذاكرة الشيخ عتيق

 


لقطة قديمه للصياد مع سائحين فى المكان

 


مكان اقامته فى الخلاء

 


من معالم المكان السفينة الغارقة

 


منطقة انقطاعه ومعيشته


 

 

 


هذا الخبر منقول من اليوم السابع