بوابة صوت بلادى بأمريكا

للمتضررات.. كيف واجه القانون إشكالية امتداد مسكن الحضانة للحاضنة للإبن المريض؟.. المشرع أجاز امتداد المسكن حال ثبوت إصابة الإبن بمرض حتى فى حال بلوغه السن القانونى.. والنقض تتصدى للأزمة بحزمة من المبادئ

"تزوجت كغيري من الفتيات عن حب ورزقني الله تعالى بطفلين (أميرة) و(على)، وبعد مرور 6 سنوات من الزواج حدثت العديد من المشاكل بيني وبين زوجي، الأمر الذي أدى إلى إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق، وصدر حكم من المحكمة بالنفقة بأنواعها الثلاثة وإلزام طليقي بتوفير مسكن حضانة، وبالفعل عشت مع أبنائي حتى بلوغهما سن الحضانة، ثم طلب طليقي تسليم مسكن الحضانة والأبناء لكنني رفضت بسبب مرض أبنائي".. بهذه الكلمات سردت "أنتصار.غ"، 41 سنة، محافظة القاهرة، مأساتها لـ"اليوم السابع" فى محاولة لإيجاد حلول قانونية.

وتابعت: "أقام طليقي دعوى قضائية بإلزامي بتسليم بتسليم مسكن الزوجية وقضت المحكمة بإلزامى بتسليم المسكن والأبناء، واستأنفت على الحكم وقدمت تقريرين بمرض أبنائي، وقضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، حيث استندت المحكمة فى حيثيات الحكم على امتداد مسكن الحضانة للحاضنة بعد انتهاء فترة الحضانة القانونية يعد صحيحاَ مع ثبوت إصابة الصغيرين بمرض يستوجب حاجتهما لوالدتهما لاستمرارهما فى الحياة، إلا أن زوجى طعن على الحكم بطريق النقض، فما مصير هذا الطعن؟ وهل المحكمة ستحسم الأمر لصالحى؟".

متى ينتهى حق حضانة النساء ؟

وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانوني والمحامى عبد الحميد رحيم – أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 – واجب التطبيق – على أنه: "ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة، وبلوغ الصغيرة سن أثنتى عشرة سنة، ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج فى يد الحاضنة دون أجر حضانة، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك"، مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن إبقاء الصغير أو الصغيرة بعد انقضاء السن المقررة لانتهاء حضانة النساء فى يد الحاضنة لا يعد امتدادا لحقها في الحضانة، وإنما هى مدة استبقاء بعد أن أصبح فى مقدور الأولاد الغناء عن حضانة وخدمة النساء.

 صغير مريض

ووفقا لـ"رحيم" – فى تصريح لـ"اليوم السابع" – ومن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرتين الأولى والرابعة من المادة 18 مكرراَ ثالثاَ من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 سالف الذكر أن الحضانة تخول الحاضنة مع من تحضنهم الحق فى شغل مسكن الزوجية، دون الزوج المطلق، هى الحضانة التى تقوم عليها النساء لزوماَ خلال المرحلة التى يعجز فيها الصغار عن القيام بمصالح البدن وحدهم، وبانتهاء المدة المقررة لهذه الحضانة ينتهى حق الحاضنة فى شغل هذا المسكن، إلا أنه لما كان ذلك، وكان النص فى المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل على أنه: "تكون لحماية الطفل ومصالحه الأولوية فى جميع القرارات أو الإجراءات المتعلقة بالطفولة، أياَ كانت الجهة التى تصدرها أو تباشرها".

 اتفاقية حقوق الطفل

والنص فى المادة الثانية من هذا القانون على أنه: "يقصد بالطفل فى مجال الرعاية المنصوص عليها فى هذا القانون كل من لم يبلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة" مفاد ذلك – وعلى ما أفصحت عنه نصوص اتفاقية حقوق الطفل – التى وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1989، والصادر بالموافقة عليها القرار الجمهوري رقم 620 لسنة 1990 والذى وافق عليه مجلس الشعب بجلسته المعقودة بتاريخ 27 مايو 1990 من أنه فى جميع الإجراءات التى تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى – المادة 3 من الاتفاقية – وأن تبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لضمان الاعتراف بالمبدأ القائل إن كلاَ الوالدين يتحملان مسئوليات مشتركة عن تربية الطفل ونموه، وتقع على عاتق الوالدين أو الأوصياء القانونيين – حسب الحالة – المسئولية الأولى عن تربية الطفل ونموه، وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع اهتمامهم الأساسى "المادة 18 من الاتفاقية" - الحديث لـ"رحيم".   

تصدى محكمة النقض للأزمة

هذا وقد سبق لمحكمة النقض المصرية التصدي لمثل هذه الإشكالية فى الطعن رقم 241 لسنة 74 جلسة 2009/05/18حيث قالت فى حيثيات الحكم  أن الدول الأطراف تعترف بوجوب تمتع الطفل المعوق عقليا وجسمانياَ بحياة كاملة كريمة، فى ظروف تكفل له كرامته، وتعزز اعتماده على النفس، وتيسر مشاركته الفعلية فى المجتمع "المادة 23 من الإتفاقية"، ومؤدى ذلك أن كل من الوالدين يتحمل المسئولية المشتركة فى تربية أطفالهم ورعايتهم وحماية مصالحهم، وهى من أولى المسئوليات الملقاه على عاقتهما لتعلقها بالمصالح الفضلى لهؤلاء الأطفال، ومن مقتضى ذلك أن الأم إذا رضيت أن تستمر فى القيام بمهام الحاضنة رغم انتهاء موجبات الحضانة، وذلك بمراعاة ظروف خاصة بأطفالها الذين بلغوا نهاية السن المقررة قانوناَ للحضانة، سواء كانت ظروف صحية أو تربوية، أو غيرها من الظروف التى يقدرها قاضى الموضوع. 

ووفقا لـ"المحكمة" - فى مقابل ذلك على الأب – ومن منطلق هذه المسئولية – أن يساعد الأم على القيام بمهام هذه الرعاية، وذلك بتقديم العون المادى أو المعنوى لها، ومنه أن يتركها تستمر فى شغل مسكن الزوجية مع أطفاهما، بعد انتهاء مدة الحضانة الإلزامية، وذلك لحين زوال ذلك الظرف ومواجباته، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، على سند من أن الثابت بالتقريرين الطبيين الصادرين عن هيئة التأمين الصحى أن الصغيرة الأولى مصابة بمرض التبول اللا إرادي لعيب خلقى بالفقرات الظهرية القطنية، وأن الصغير الأخر يعانى من استسقاء بالمخ نتيجة انسداد السائل النخاعى بقاع الجمجمة، بما يجعل هذين فى حاجة لوالدتهما المطعون ضدها لاستمرارهما فى الحياة، ولا يستطيع والدهما الطاعن بأى حال القيام بخدمتهما مهما كانت إرادته، لأنه عمل شاق لا يقدر عليه الرجال، وكان من الأولى مساعدتها على تحمل أعباء تربيتهما، وهذه أسباب سائغة تكفى لحمل قضاء، ولها معينها من الأوراق، وتتسق مع روح ونصوص الشريعة الغراء والاتفاقيات الدولية والقوانين الوضعية المتعلقة بحماية ورعاية الطفولة والأطفال، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى النعى عليه فى هذا الشأن على غير أساس.   

 

 

 

 

  

 

 


 

 

 


 

 

 


 

 


 

 


 

 

 

 

 

 


هذا الخبر منقول من اليوم السابع