الحكومة قررت رفع شعار" العمالة مقابل التيسيرات " بعد ان أعلن عدد من كبار رجال الأعمال عن نيته التخلص عن عدد من العمال فى شركاتهم وتخفيض روابتهم باقى العمال نتيجة تداعيات فيروس كورونا والخسائر التى قد تنجم عن استمرار الأزمة خلال الشهور المقبلة مع استمرار الاجراءات الاحترزاية بمافيها حظر التجوال.
الشعار أعلن عنه وزير المالية الدكتور محمد معيط عقب الرسالة القوية فى معناها ودوافعها الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس الى القطاع الخاص ورجال الأعمال وطالبهم بعد تسريح أحد من العمال أو المساس بمرتباتهم بسبب كورونا.
وعلى ما يبدو أو ما قد يراه خبراء اقتصاديون بان ملامح ازمة جديدة بين الحكومة والقطاع الخاص قد تلوح فى الافق وان كانت بعض مظاهرها كان واضحا فى بعض الأحيان خلال السنوات الخمس الماضية ومع بداية برنامج الاصلاح الاقتصادى واطلاق المشروعات القومية الكبرى وخاصة فى مجال البنية التحتية واعتبر البعض أن القطاع الخاص قد خذل الدولة فى ضخ استثماراته فى هذا الاتجاه دعما لاتجاه الدولة وسياستها الجديدة
على الرغم مما قامت به الدولة خلال السنوات القليلة الماضية لدعم القطاع الخاص وتحسين بيئة العمل الخاص فى مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع وتحفيز القطاع الخاص ورجال الأعمال فى مصر وتحمل الدولة العبء الأكبر فى القيام بمشروعات ضخمة فى مجال البنية التحتية، كانت تفوق إمكانات القطاع الخاص، وهذه المشروعات هى التى مهدت البيئة المناسبة وهى التى يعتمد عليها القطاع الخاص فى استثماراته الحالية والمستقبلية، حيث مهدت الطريق للقطاع الخاص للقيام بالاستثمارات اللازمة.
علاوة على ذلك صدور حزمة من القرارات والاجراءات الحكومية التى تصب فى صالح تحفيز القطاع الخاص بالتزامن مع برنامج الاصلاح الاقتصادى مثل صدور قانون الاستثمار الجديد ولا ئحته بما يسهل من سرعة الاستثمار فى الشركات والمصانع بخطوات سريعة ومن خلال خدمة الشباك الواحد اضافة الى التحول الى الخدمات الالكترونية. وقامت الحكومة باجراءات تحفيزية آخرى فى مجال الضرائب والنزاعات الضريبية كلها كانت لصالح القطاع الخاص اضافة الى تسهيلات كبيرة فى الاجراءات الجمركية للتشجيع على الانتاج والتصدير وتشكيل مجلس أعلى للاستثمار يتراسه الرئيس السيسى نفسه لحل أية مشاكل أو عراقيل أمام الاستثمار الوطني او العربي أو الأجنبي
الخطوات التى اتخذتها الدولة لتحسين وتطوير بيئة العمل فى مصر هى خطوات غير مسبوقة وتخلصت من كثير من العراقيل والبيروقراطية التى كانت تعوق جذب الاستثمارات الأجنبية وضخ استثمارات وطنية
وحتى فى الظروف العالمية الطارئة والاستثنائية بعد أنتشار كورونا لم تتخلى الدولة وقيادتها عن القطاع الخاص وصدرت القرارات والمبادرات لمساندة القطاع الخاص فى القطاعات الانتاجية المختلفة من بينها مبادرة المائة مليار وضخ 2 مليار اضافية لمستحقات المصدرين ومنح 3 شهور فترة سماح لقطاع الأعمال بالنسبة للضرائب، إسقاط الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية لمدة 6 أشهر، وإرجاء سداد كافة المستحقات على المنشآت السياحية والفندقية لمدة 3 أشهر دون غرامات أو فوائد تأخير.
وكان وزير المالية قد صرح امس بأن تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة بمساندة القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية المتضررة من تداعيات فيروس كورونا المستجد، دخلت حيز التنفيذ؛ بما يضمن استمرار أنشطة هذه القطاعات وتمكينها من أداء دورها، ويُسهم فى توفير متطلبات السوق المحلية والاحتفاظ بالعمالة، واستدامة تقديم الخدمات العامة المواطنين، وتلبية احتياجاتهم الأساسية، على النحو الذى يساعد فى استمرار الاستثمار، ويفتح آفاقًا جديدة للتصدير، بمجرد استقرار الأوضاع خاصة أوضاع الاقتصاد العالمى.
وقال الوزير أنه تنفيذًا لتوجيهات الرئيس ، فقد انتهت الحكومة من إعداد مشروع قانون ببعض الإجراءات التي يتطلبها التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، يتضمن تقديم حزمة جديدة من التيسيرات الداعمة للقطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية المتضررة من تداعيات هذا الوباء العالمى، تستهدف تخفيف الأعباء عن هذه القطاعات ودعمها على النحو الذى يؤهلها للوفاء بمتطلبات الإنتاج والتشغيل وتقديم الخدمات للمواطنين.
وأضاف الوزير، أن مشروع القانون يمنح مجلس الوزراء سلطة التدخل لتأجيل سداد بعض الضرائب وغيرها من الفرائض المالية والتأمينات أو تقسيطها أو مد آجال تقسيطها بدون أعباء، لافتًا إلى أن مشروع القانون اتبع منهجية مرنة لمواجهة الحدث الاستثنائى الذى تتعرض له هذه القطاعات سواءً من حيث تحديد القطاعات أو حجم الضرر اللازم للتدخل، وقد اشترط القانون لاستفادة أو استمرار استفادة شركة أو منشأة أو فرد بالقطاعات المتضررة بكل أو بعض أحكام المشروع المعروض، عدم الاستغناء عن بعض أو كل العمالة الموجودة نتيجة تداعيات فيروس كورونا؛ وذلك لتحقيق أهداف الدولة فى الحفاظ على العمالة بالقطاعات الاقتصادية أو الإنتاجية أو الخدمية.
وأوضح الوزير، أنه يجوز بقرار من مجلس الوزراء، تأجيل سداد بعض أو كل ما يستحق من الضريبة على العقارات المبنية، لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، في القطاعات الاقتصادية أو الإنتاجية أو الخدمية المتضررة من تداعيات فيروس كورونا التي يحددها مجلس الوزراء، كما يجوز تقسيط هذه الضريبة أو مد آجال تقسيطها لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، لافتًا إلى أنه لا يترتب على فترات التأجيل أو التقسيط أو مد آجال التقسيط، استحقاق مقابل تأخير، كما لا تدخل فترات تأجيل الاستحقاق أو التقسيط أو مد آجال التقسيط في حساب مدة تقادم الضريبة المستحقة.
فالحكومة قدمت ما تستطيعه فى هذه الفترة الاستثنائية لدفع عجلة الانتاج ودعم القطاع الخاص وبالتالى –كما أعلن وزير المالية – فان شرط تمتع القطاع الخاص بالمزايا هو الحفاظ على العمالة الموجودة لديها، فنحن أسرة واحدة كمصريين ولا بد أن نتكاتف معًا".
وكان مجلس النواب قد دخل على خط الازمة بعد تصريحات " التخلص من العمالة" فدعت لجنة القوى العاملة كافة رجال الأعمال المصريين إلى التكاتف مع الدولة فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد لمواجهة فيروس كورونا المستجد الذى يهدد العالم كله، ومنع انتشار هذا الوباء فى مصر، مشددة على ضرورة التكاتف بين الجميع مؤسسات الدولة ورجال الأعمال والمجتمع المدنى والشعب، لتطبيق وتفعيل الإجراءات الاحترازية والوقائية لمواجهة "كورونا" والقضاء عليه، مطالبة الجميع بتحمل المسئولية لحماية الفئات الأكثر تضررًا من هذه الأزمة. ومنهم العاملين بالقطاع الخاص.
لكن هناك راى آخر يطالب بالهدوء وعدم " النفخ فى الأزمة" مع القطاع الخاص لأنه شريك أساسى فى التنمية ودوره غاية فى الأهمية والحيوية رغم قسوة التصريحات بخصوص العمالة التى يمكن أن تحدث توابع اجتماعية خطيرة فالقطاع الخاص يستوعب 80% من حجم قوة العمل فى مصر أى حوالى 23.5 مليون عامل والقطاع الحكومى يستوعب 6.5 مليون موظف وعامل بالتالى هناك دور ومسئولية وطنية على القطاع الخاص وادراك ما تقوم به الدولة لدعمه وتشجيعه وتحفيزه فى " السراء والضراء"
وهو ما يؤكد عليه دائما الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء وكان آخرها فى الجلسة النقاشية الموسعة تحت عنوان "تجارب تنموية ناجحة بمشاركة القطاع الخاص"، فى نوفمبر الماضى خلال فعاليات منتدى الاستثمار فى إفريقيا 2019.، بزيادة مشاركة القطاع الخاص فى الأنشطة الاقتصادية، و أن القطاع الخاص بدأ منذ فترة بالفعل فى الإسهام الفعال فى النشاط الاقتصادي من خلال مشروعات المشاركة بين القطاعين العام والخاص PPP، وأيضاً من خلال مشروعات مهمة أخرى مثل مشروع بنبان للطاقة الشمسية.
وبالتالى لا يمكن انكار دور القطاع الخاص فى التنمية وفى الاستثمارات الحيوية فى مصر كما تشير وزارة التخطيط. فبيانات العام الماضي تشير إلى زيادة استثمارات القطاع الخاص من 250 مليار جنيه إلى 444 مليار جنيه نتيجة جهود الحكومة فى هذا الشأن، وهو مؤشر جيد حول انتعاش القطاع الخاص؛ حيث تشير المؤشرات إلى أن هناك نمو يزيد عن العام السابق بنسبة 77%، مؤكدة أن استثمارات القطاع الخاص موجودة بكل القطاعات ومنها الغاز الطبيعى، الأنشطة العقارية، الصناعة التحويلية، الكهرباء وغيرها.
اذن المطلوب الأن هو تفعيل اجتماعات الحوار المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص التى عقدت عقب ثورة 30 يونيو فى عهد حكومة المهندس ابراهيم محلب والمهندس شريف اسماعيل وبداية حكومة الدكتور مصطفى مدبولى للعمل على حل أية مشكلات طارئة او اتخاذ القرارات المشتركة التى تصب فى مصلحة الجميع وفى المقدمة منها مصلحة مصر العليا.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع