بوابة صوت بلادى بأمريكا

فنان الأيقونة القبطية العالمى «عادل نصيف» يفتح قلبه في حوار خاص لـ«صوت بلادى»

 

حوار : چاكلين جرجس

 

يُعد حواري و لقائي مع الفنان الرائع " عادل نصيف " من أهم وأجمل المقابلات الصحفية التي أجريتها في الفترة الأخيرة .. والأهمية تكمن في شخصه المبدع و صاحب الرسالة الإبداعية التاريخية التي يحاول جاهدًا التبشير بها والتي ترفع لواء الحماية لفنوننا المصرية والقبطية كمدارس إبداعية تاريخية و البعد عن فكرة فرنجة الفن و التقليد الساذج لفنون الغير.. .. يأتى ذلك من خلال دراسته للفن القبطي والأيقونة بمعهد الدراسات القبطية بالقاهرة ولكونه عضو جمعية فناني الموزاييك الدولية .

أما السعادة التي غمرتني فلأن الحوار كانت بدايته بقاعة عرض لمعرض الفنان الشاب المبدع " وليد عبيد " الذي قال عنه ضيف الحوار " الفنان وليد عبيد يعد إضافة حقيقيه للإبداع المصرى من خلال أمانته التشكيليه فيما يقدم من أفكار تتسم بالجرة التى تصل لحد الصدمة ،معبرا عن المهمشين واستغلال المرأه داخل مجتمع منغلق ومأزوم فى تعامله مع المرأه برؤية تعبيرية و فنية متفردة... "

و كنت قد رأيت للفنان معرضه الهام عام 2015 ، والذي قال الفنان في معرض تقديمه أن لوحات الفنان هى مدونة الإنسانية وسيرته الذاتية، وخصصت هذا المعرض للعلاقات الإنسانية وعلى رأسهم المرأة، فهى الوطن والأمان وهى سر الكون كله ...

 

وكان لنا الحوار التالي مع الفنان "عادل نصيف " :

 

   قصة هذا الكتاب تستدعى أن أعود بالذاكرة إلى عام 2008 عندما نشرت بعض الأيقونات من أعمالى على الانترنت ، وقتها وصلنى رساله من كاتب يدعى ( اليسترماجدونالد)من جزيره برمودا.... ويقول فى رسالته أن أيقوناتى تحقق زمان ومكان ميلاد المسيح، وعرض أن أرسم مؤلفه كقصه للأطفال ، وقلت له أنه بإمكانى أن  أرسمها بالأيقونه  القبطية التقليديه، فرحب جدا و بالفعل رسمتها  فى 22 أيقونة وطبعت فى نيويورك عام 2008 وأقيم معرضا للأيقونات بمنهاتن بحضورى مع حفل توقيع الكتاب، وقد طبع بالإنجليزية والإسبانية ، وحاز الكتاب على أفضل هديه لأعياد الكريسماس عام 2008  فى أمريكا .

   فى البداية يجب أن أوضح أهمية استخدام  المواد الطبيعية وهى التى استخدمها الفنان القبطى منذ قديم الأزل بسبب جودتها مثل : خامه الفريسك وهو الرسم على سطح مجهز بخليط  من الجير والرمل والرسم عليها قبل أن تجف ويتحول الجير بالتفاعل إلى كربونات الكالسيوم القوية والتى يتخللها الالوان ولا تتغير أبدا لأنها مواد طبيعية، بعكس رسوم الزيت التى تتأكسد وتفسد  مع الزمن، وبرغم من أصاله الفريسك وألوانه الوقورة و التى تليق بالكنيسة  لكنها للأسف تحارب بسبب الرغبة فى بهرجه الألوان .

أما الخامة  الأخرى التى استخدمها لرسم الأيقونات هى تمبر أصفار البيض المخلوط بالأكاسيد الطبيعية ؛ أما الأعمال الجدارية الكبيرة على الواجهات  الخارجية والداخليه فاستخدم لها الموزاييك  الزجاجى .

   كنت دائمًا أسعى للإهتمام بتراثنا القديم والعمل على إيجاد فن قبطى معاصر يرتبط بالجذور الأصلية للفن القبطى القديم ،.وكانت بدايه أعمالى بكنيسه العذراء بامستردام، ومنها إلى دول أخرى مثل اليونان وفرنسا وكندا والسويد وكندا .

   من أهم أعمالى كانت موزاييك وأيقونات كنيسه الملاك ميخائيل بباريس وقتها قمت بعمل جداريه ضخمة للعائلة  المقدسه 10 متر وارتفاع 3 ونصف مترا، و جدارية شواهد القيامه12 متر وارتفاع 5 متر بخامه الموزاييك لتزين واجهه الكنيسة ، و في عام 2012 أدرجت وزارة الثقافة الفرنسية أعمالى من الموزاييك الأيقونات بكنيسة الملاك في باريس كتراث ثقافى يستحق الزيارة السياحية..

   أن فلسفة و سمات الفن القبطى تعنى فن البعد عن الواقع ، لأنه كان يركز على يتأمل فى الفن المصرى القديم، حيث يرسم الأشخاص بشكل فنى يخدم الفكر الدينى، لذلك هناك صله بينه وبين الفن المصرى القديم، كما أن الفنون فى الشرق تميل غالبا إلى التبسيط والاختزال وإعادة صياغة الأشياء، بعكس الفنون الغربية المستوحاة من الفن اليونانى الرومانى الذى يميل إلى التجسيد، و الفن يكون لتعليم العقيدة وترجمه للطقس واللاهوت وكل ما يتعلق بالديانة، يرسم الأشخاص بالمواجة هوالإشرار على الجانب،يتميز باتساع العيون المستمدة من بورتريهات الفيوم كرمز للبصيرة الداخلية .
هو الفن الوحيد الذى نشأ بعيدا عن السُلطة، أى أن كل الفنون الدينية فى العالم نشأت مرتبطة بالسُلطة،  كان فن شعبي ، لذا كان يتميز بفقر الإمكانيات وغنى التعبير للحالة الروحية، بالإضافة إلى أنه غير موجه سياسيا إطلاقا، إنما فقط موجه بالإحساس الروحى والفكر العقائدى.، وهو فن الأقباط وعلامة  تميزهم ويعبر عنهم واستمراره حتمى  وبدونه يفقد الأقباط هويتهم لدى العالم .

   بالطبع إنشاء مكتبه لتاريخ الأقباط لابد أن تكون بروح العمارة القبطيه و الفرعونيه وليست نقل من تصميمات لا تتوافق مع تاريخنا والبيئه التاريخية لأديرتنا التى تمتد إلى القرن السادس الميلادى هوية أي شعب أو جماعه مرتبط بتاريخه وخصوصيته ولأن الأقباط ورثة للفن المصرى القديم ،حضارة  قبطيه كامله استمرت حتى القرن السابع من عماره ونحت ورسم ونسيج و غيرها وهذه الحضاره يقرها العالم - ولكن للأسف - نشاهد فى الفترة الأخيره تراجع فن العمارة القبطيه وأصبحت مخاصمه للبيئة  .

   ليس لعنة لكنها ثقافه تعادى تراثنا عن عدم معرفة أو ثقافه العولمة الهشة التى فيها تحدى صارخ لتراثنا العريق .

فمثلا ما تم فى الكنيسة القبطية فى السنوات الأخيرة هو حالة اغتراب مرعبة يروج لها كثيرين، أدت إلى انتشار ثقافه النقل والنسخ  وهى بمثابة سرقة وعيب خطير يضر بهويتنا ، الأمرلاعلاقه له بإبداع بل نقل مباشر،وكان من الأثار السلبية لذلك  انتشارصور لأشخاص مشاهير تنسخ بكنائسنا  على أنها صور لرسل أو قديسين..الكارثه أن تدشن تلك الأعمال ويتباهى بها البعض،للأسف نحن أقدم كنيسة فيجب عدم العبث بهويتنا و تاريخنا القديم فالبعض يعبث به بلا درايه ،فقد نسخت الرسوم الإيطاليه والأوربية والآن تنتشر مرحله نسخ الفنون الروسيه، مما يجعل أى فنان مصرى أصيل يشعر بالمرارة والخجل..

   بالتأكيد خطر مؤكد جدا يخلخل الهوية ويقطع الطريق تماما أمام أطفالنا من التواصل مع تراثهم، بنشر ملامح غربيه للمسيح والقديسين،و وصل الأمر لرسم الرسل مجرد وجه فقط وكأننا نعرف ملامح الشخصيات،على الرغم أن كل الرسل والمسيح والعذراء ملامحهم شرقية مثلنا تماما،ويشهد على ذلك ملامح المسيح بالكفن،وما مرقس كان من ليبيا .

   للأسف لا وما يتم  هو مجرد شكل مكرر بلا روح تقوم به مجموعات بثقافة المقاولة فهل يعقل أن الأيقونه يرسمها أكثر من شخص، وهل يمارسها من لا موهبه لديه ولا إحساس لونى  فتخرج كمسخ  مكرر،العمل الفنى هو روح الشخصيه وروح الفنان فى العمل .

   هنا تكمن المأساه  فالعمارة هى أم الفنون ، كانت الأعمال واضحة و بقوة عندما كان لدينا معمارى مثل الفنان مثل المبدع رمسيس ويصا واصف .

لكن الأن لايوجد فرق بين عماره الكنيسة فى القرية أو المدينة أو الأديره ،ارتفاعات مبالغ فيها ونسب فى منتهي السوء،واصبح المعماري يهمه دخول بند الرخام والخشب ومواد أخرى متنافره، ،فلا المعماري مبدع ولا استعان بفنان،إنها قاعات وليست كنائس تفتقد روحانيه عمارة الكنائس القديمه، العجيب فى الأمرعدم احترام البيئة فظهرت الفتحات الكبيرة جدا فى بلد الشمس الساطعة فلا تشعر بحسابات الإضاءة التى تعطيك الروحانية خاصة فى الكنيسة .

   للأسف مؤشرات كثيرة تحدث وهناك إصرار على الإستمرار فى تكرار الخطأ ،و يرجع ذلك لقلة الارتباط  بتراثنا،لذلك علينا  أن نقف على جذور هويتنا التى يحترمها العالم  و لا نلهث لجلب و تقليد ماهو أقل من قيمتنا .

   بالتأكيد فقد قدمت العديد من الجداريات  لهروب العائلة المقدسه لمصر ( بالزقازيق 38 مترا مربعا, بمرسى مطروح 12 متر وبارتفاع 4 امتار )  وبالخارج  (بباريس 10 متر وبارتفاع 3.5متر-, بنيويورك  13 متر وبارتفاع 2 متر – وبكندا بميسساجا 6  متر وارتفاع 4 متر – بامستردام  5 متر وبارتفاع 4 امتار  هولندا)  وايضا بالايقونات  لتقديم واجهه مصر وحضارتها لأن تلك الأعمال الفنية تعتبرإعلان مستمر عن جمال مصر ودعوة لزيارتها ،وكذلك من خلال الفعاليات الفنيه ،وقد شاركت عام 2018 بملتقى جبل الطير الأول للفنون والذى اقامته جامعه المنيا بمشاركة 25 فنانا من أنحاء العالم ،حيث شاركنا فى رسم والتعبير عن رحله العائلة المقدسه لمصر ، فالفن دور ورساله لنشر الجمال والتعبير عنه .

 

   نحتاج احترام وتقدير للفن وأن يكون هناك معايير حقيقة واضحة للجميع والبحث عن كفاءات حقيقه قادرة على تقديم فن وإبداع حقيقى يحمل رساله لمصر والعالم ،فالإسهاب فى المحلية من خلال فننا القبطى الأصيل يبعث رسائله للعالم ويحقق العالمية .

و أن يدرك من بيدهم الأمر قيمه وخصوصية تراثنا القبطى فى العمارة والفن وأيضا فى كل شيى وحتى ملابس الاكليروس يجب أن تكون لها خصوصيه معبرة عنا ..فنحن من انتجنا نسيج القباطى  المشهور عالميا،فلماذا لا نستفيد بأديره الراهبات فى إعاده نسيج القباطى وعمل ملابس كهنوت فيها شخصيتها.

   لا يوجد معايير حقيقة يتم الإعلان عنها وكنت قد طالبت بإعلان معايير تتسم بالجودة وتستفيد بالكفاءه لكن للأسف لم يتم .. الأمور تعود لثقافة الشخص المسؤول وأسوأ شيىء أن يصبح الفن سلعة والبحث عن أقل تكاليف دون معرفة كثيرمن التفاصيل عن جودة الخامات و نوعيتها وقدرتها على مقاومة الزمن ومن قبلهم من الفنان وسيرته الذاتيه وقيمة إبداعه ...الخ

وعدم إيجاد معايير كان سبب لاعتذارى  عن المشاركة فى رسم كاتدرائية  الأنبا رويس ،وأيضا كنيسة العاصمة الإدارية بسبب عدم إعطاء الوقت والرؤية للفنان للدراسة  ، و أيضًا مسأله تغطيه الجدران برسوم تقليدية تفقدها القيمة والرؤية الروحية المتكاملة من خلال العمل الفنى .

   لا توجد  لجان بكل أسف والأمور تتم بشكل فردي وربما عدم معرفه لدرجه أننا نكرر شكل معمارى لكنيسه أكثر من عشرات المرات .

   لا توجد أى طرق للاختيار والإبداع الفنى لايتم بمسابقات ولكن من الممكن الاختيار بين الكفاءات و يتم تكليف الفنان بتقديم رؤيته الفنية والتصميمات ويتم الدراسه لها أولا وبعد ذلك يتم التنفيذ .

   دورى أساسى من خلال نشر أعمالى فى الحفاظ الهويه القبطية..وكان التقدير باختيارى لتحكيم المسابقة العالمية لفن الأيقونه الارثوذكسية وكان المؤتمر بعنوان ( هل استمرار التقليد ملزم لاستمرار إنتاج الايقونه الارثوذكسية  ).. والتى أقامها إتحاد البرلمانيين  الأرثوذكس  ومقره اثينا باليونان..وتقدم للمسابقها 222 فنان من 22 دوله أرثوذكسية. .وأعلنت نتائجها وأقيم مؤتمر دولي بجزيرة كريتفى أبريل 2019شاركت فيه بكلمه عن الفن القبطى .

 و من خلال أعمالى كتبت كثير من الجرائد والمجلات المصرية عن الفن القبطى  وأفردت كثير من الصفحات الملونه مثل :( الاهرام ،الاهرام العربى،7ايام،نصف الدنيا ) ،،بالأضافه إلى المشاركه بالأحاديث الصحفيه والتلفزيونية  لتعريف  الفن القبطى للجميع لأنه حضارة تخص جميع المصريين .