بوابة صوت بلادى بأمريكا

د . خالد فتح الله رئيس معهد الإذاعة و التليفزيون لـ«صوت بلادى»: الثقافة أسلوب حياة .

 

 

حوار : چاكلين جرجس

   فى إطار إيمان الدولة بالدور المحورى للإعلام و  القناعة بمدى تأثيره على الوعى المجتمعى كان قرار تسخير جميع الإمكانيات بالهيئة الوطنية للإعلام من أجل التطوير ومواكبة التحديات و نظم التحديث المعاصرة  من خلال العمل على تطوير المحتوى ، كذلك إعادة تدريب و هيكلة الهيئة مرة أخرى لتواكب التطور التكنولوجى الموجود على الساحة الإعلامية ، و عليه لا يمكننا إغفال أهمية تدريب العاملين بالهيئة الوطنية للإعلام وصقل مهاراتهم تحقيقاً للأهداف المنشودة من الإعلام فى الحفاظ على الأمن القومي للوطن ودعمه وفق نظم منضبطة معاصرة طموحة ...

ويأتى على رأس المؤسسات القائمة بالتدريب " معهد الإذاعة و التليفزيون "المؤسسة الأعرق و هو المعهد العتيد الذي قدم  لنا الكثير  من رموز العمل الإعلامي و أصحاب القامات الهائلة على  الشاشة الصغيرة و الإذاعة ، وعليه كان لنا هذا الحوار الهام مع رئيس معهد الإذاعة و التليفزيون"  د . خالد فتح الله الذى يؤمن بأن على رأس عناصر صناعة الإعلام الناجح يأتي العنصر البشري، و أن التدريب ليس ترفًا بل استثمار و استثمار حقيقى جدا فى الموارد البشرية وهو أغلى ما تمتلكه أى مؤسسة .

و كان الحوار التالي مع رئيس تلك المؤسسة العتيدة ..

 

فى بداية حياتى المهنية كنت أبحث مثل غيرى عن فرص عمل و عندما أتيحت لي فرصة العمل كمذيع بالتليفزون فضلت الانخراط في مجال الإخراج حيث كان الأقرب لميولي المفضلة وقتها ، وبمواصلة العمل المستمرفي ذلك المجال صدر قرار بتعينى كمخرج فى القناة الثالثة و بدأت العمل الجاد على نفسى و التثقيف الذاتى و تحسين قدراتى و من هنا بدأت مشوارى فى التخصص الجديد بالنسبة لي كمخرج و أيضا مارست مهنة إعداد البرامج واستفدت من مجال الاقتصاد و العلوم السياسية فى مجال الإعداد و كتابة السيناريو و الإدارة الإعلامية .

 

فى بادىء الأمر كانت الدراسات العليا فى العلوم السياسية ؛ لكن لم أكملها بعد حيث كانت أفكارى و خبراتي الجديدة و مجال عملي قد تغيرت ، فقررت أن أكمل دراساتى العليا فى المناطق البينية في مجال العلوم الاجتماعية بشكل عام ، واشتغلت على موضوعات خاصةبعلاقة الإنسان بالبيئة و ارتباط ذلك بالإعلام فكان الماجيستر عن التعرض لمصادر الإتصال و علاقته بتنمية سلوك التطوع فى البيئات العشوائية ، أما رسالة الدكتوراه فكانت عن المشكلات الإجتماعية و البيئية التى يتعرض لها القائم بالإتصال و أثرها على فاعلية أداؤه و كانت مرتبطة أيضًا بإرهاصات ثورة يناير2011حيث كان القائم بالإتصال يتعرض لضغوط شديدة جدا و كانت هناك ظاهرة واضحة فى المجتمع وقتها يسمونها ظاهرة الأنومية أى توحد المعايير فكان مهم جدا دراسة موقف الإعلامى من كل هذا حيث كانت هناك منطقة ضبابية شديدة و عدم وجود مصادر مؤكدة للمعلومة ، كذلك كانت البيئة الإجتماعية نفسها بيئة طاردة للمهارات الصحفية و الإعلامية .

عملت كمخرج ومُعد فى القناة الثالثة سنة 1988 وحققت نجاحات كبيرة وقتها فاُسند إلىًّ البرنامج الأهم فى ذلك الوقت هو برنامج " ريبورتاج " كذلك بعض البرامج الآخرى فى نفس القناة مثل برنامج " أضواء على الخُطة " و كان برنامج مهنى حيث كانت مصر وقتها خارجة من مرحلة الإنفتاح الاقتصادى و الخُطة التى تمت فى الدولة المصرية كانت تنموية واقتصادية وكان هناك مجموعة من المشاكل مثل إعادة الاهتمام باستكمال البنية الأساسية وكيفية حل هذه المشاكل و عمل تسويق لخطة الدولة لحل المشكلات .

 

فكرة الإعلام التنموى فكرة ممتازة سواء فى الإذاعة أو التليفزيون لأن وظائف الإعلام فى أى دولة الإخبار ثم التثقيف و هنا أجد أن التثقيف وظيفة عامة لا تتوقف فقط على مهمة نقل للثقافة و المعلومات ؛ بل لها مهام عدة لها علاقة بإسلوب الحياة فعندما يكون المجتمع لديه نسبة أمية عالية و مجتمع فقير فهو يحتاج إلى وسيلة إعلامية تتخطى معوقات وتبعات مشاكل الأمية .لذلك كان وجود التليفزيون فى الأقاليم مهم جدًا ليشارك فى عملية التنمية الإقتصادية الاجتماعية و السلوكية و لتثقيف الأفراد فالثقافة أسلوب حياة .

 

بالنسبة للطفل فهو أساس الحياة ، فالإنسان تتكون حياته كلها فى مرحلة الطفولة وكل ما يقوم به من سلوكيات بعد ذلك هى مجرد إنعكاس لما تربى عليه وتكون لديه من خبرات .

فمن المهم تربية الطفل على السلوكيات السليمة وكيفية التعامل و التفاعل فى المجتمع فعندما قدمنا برنامج للأطفال قررنا أن لا يكون برنامج تقليدى بل كان التوجه لإيجاد علاقة مباشرة بين الطفل و اللعبة ، بين الطفل و العلم و بين الطفل و القيمة و كيفية تبسيط المعلومة له .

 

حاليا لا يوجد إنتاج لبرامج الأطفال بخطط ورؤى متكاملة من الألف إلى الياء .. كل البرامج الموجودة على الساحة هى إعادة إنتاج فقط ، لذلك فهى تحتاج إلى إعادة نظر بالكامل ليس فقط بإدخال عناصر التكنولوجيا و الإنترنت بل هناك مخزون هام من العلم و القيم و الأخلاق و التاريخ ، لدينا رصيد حضارى كبيرلابد أن يستفيد منه الطفل بشكل مبسط من خلال برامج الأطفال ؛ لذلك يجب علينا التأكيد على الشركات و أصحاب نوافذ الإعلام الخاص الذى يسعى إلى الربح فقط أن تقوم بهذا الدور التثقيفى للطفل بل أرى أيضًا أنه الدور الهام الذى يجب أن تقوم به الدولة و الإعلام من خلال مراجعة الموازنة العامة و ما يصرف على كل البنود ... الصحة و الثقافة و الإعلام لذلك على الدولة أن توجه نظرها نحو الإنتاج المدمج لبرامج الأطفال .

لم أرى لها قرار ذو حيثية حتى الآن ، لابد من إعادة ضبط المشهد الإعلامى فى مصرفالدستور المصرى ضامن وجود ملكية خاصة و ملكية عامة لوسائل الإعلام وقام بعمل ثلاث هيئات هيئة المجلس الأعلى للإعلام و الهيئة الوطنية للإعلام و الهيئة الوطنية للصحافة ، الثلاث هيئات لم يعملوا معا لم يحدث تناغم بينهم ، نأمل الأن بعد قرار تعيين الوزير أسامة هيكل التنسيق بين الوزارة و الهيئات و ذلك سيظهر مردوده خلال الفترة القادمة ليصب فى مصلحة الوطن ، أيضا هناك نقابة الصحفيين و نقابة الإعلاميين الوليدة واطالب بالإسراع بأن اللجنة التأسيسية لهذه النقابة تتخطى الحاجز النفسى للبقاء و تبدأ فى العمل بإنتخابات لتفعيل النقابة فعندما تعمل كل الهيئات و الأجهزة المختصة بالإعلام فى تناغم من خلال رؤية و رسالة و هدف موحد لمصلحة البلد وأمنها القومى ومصلحة المتلقي سيحدث تطور كبير جدا فى الإعلام والمشهد ككل سيتحرك نحو الأفضل .

 

وجود الوزير سيؤدى إلى تنسيق بين الهيئات و بعضها و أيضا إلى تفعيل الدور الغير مفعل للإعلام ؛ فالإعلام المصرى بكل زخمه و تاريخه و قدراته وبكل ما يمتكله من أدوات و مضمون ومحتوى يحتاج أن يصل إلى المشاهد ، فميزانية الهيئة الوطنية للإعلام .. حيث توجه نسبة كبيرة من الميزانيات للاجور التى تلتهم أكثر من 80% منها و الصيانة تقضى على باقى الميزانية فأصبح ليس لدي الجهاز القدرة المالية على الإنتاج و عليه يجب أن يكون هناك إعادة نظر فى التقييم العادل للخدمات ليكون للهيئة دخل و إيراد لتستطيع إنتاج البرامج التنموية التى نأمل أن تنتجها .

 

بالنسبة لإعلام الدولة يجب أن يكون لديه خطة و بالنسبة للإعلام الخاص يجب أن يكون إعلام ملتزم و لديه مسؤولية تجاه وطنه و بلده ، أما بالنسبة للأشخاص أو الإعلاميين فجزء كبير من الممارسة الإعلامية لا يمكن إقراره بالقانون ولذلك تم عمل مواثيق الشرف الإعلامى فيجب أن يتحلى الإعلامى بالضمير و الأخلاق و مجموعة من المعايير المهنية ، و التحقق من مصادر أخبا ره حتى لا ينشر شائعة .. لابد من الالتزام بالوقوف خلف الثوابت القومية بدلًا من التحدث فىما يدعون أنه المسكوت عنه و توافه الامور ...

 

التدريب أسلوب حياة لمن يريد مواصلة العمل بنجاح و هو أمر هام للحفاظ على تميز المتميز و غير المتميز يحتاج التدريب للبقاء و الاستمرار الفاعل في محيطه ، فالتدريب ليس ترفًا بل إستثمار و إستثمار حقيقى جدا فى الموارد البشرية وهو أغلى ما تمتلكه أى مؤسسة وبالتالى لابد من التدريب و هنا فى الهيئة لدينا خُطة إيجابية جدا للتدريب وندرب فيها مذيعين الهيئة الوطنية للإعلام ونتائجها ستظهر إلى النور قريبا .

 

نشأ المعهد منذ عام 1953 كمعهد تدريب، وعام 1962 وبعد إفتتاح التلفزيون المصري اختير الإعلامي المخرج سعيد ابو السعد (مخرج حفلات أم كلثوم) أن يكون رئيس للإذاعة والتلفزيون وهو أول من أخرج صورة مرئية فى التلفزيون المصري.
وكانت صورة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر 62 فى أول بث تليفزيونى و بدء المعهد فى تدريب الكوارد ونقل الخبرات من خلال منهج معرفي حصل عليه المدربين من فرنسا وعدة دول و أهتم المعهد بتقديم التدريب على كل فنون العمل الإعلامى و أيضا على مجالات الإدارة الإعلامية و التنمية البشرية وتم أضافة اللغات و الحاسب الألى الذى أصبح الأن لغة العصر .

فالعلاقة وطيدة بين التقدم و التكنولوجيا المتقدمة و العمل الإعلامى فكلما يحدث تقدم ما يحدث إختلاف فى الوسيلة و الرسالة و الوسط ونحن نحقق نتائج إيجابية جدا فى تدريب العاملين داخل الهيئة من خلال شقين : الأول تطوير الهياكل التدريبية و تطوير المحتوى التدريبى الذى نقدمه ليواكب المستجدات ، أيضا أضفنا دورات تدريبية جديدة لم تكن موجودة من قبل و اهتممنا بمد عباءة ومظلة التدريب لخارج العاملين بالهيئة لما له من دور معنوى هام فى الإستثمار البشرى لطلاب الإعلام و خريجى الإعلام و اللذين لا يعملون فى الهيئة الوطنية للإعلام لكن من خلال معهد الإذاعة و التليفزيون نقوم بعمل توحيد للمعايير كلها فى لغة الخطاب الإعلامى .

كانت أهداف المعهد عندما تم إنشاؤه التدريب على فنون ومهارات العمل الإعلامى و عندما نشأت كليات الإعلام أخذت من المناهج الخاصة بالمعهد وحولته إلى مناهج لها مما يدل على أن المعهد ولد عملاقا فى البداية لكنه مثل أى مؤسسة حدث له إنتكاسة خاصة بعد ثورة 2011 لكن عاد المعهد لممارسة دوره منذ 2016 فى تدريب العاملين و الراغبين فى التدريب من خارج الهيئة أو من الدول الشقيقة .

 

   بدأنا فى التطوير للمعهد فى ثلاث إتجاهات أولا : لا نكتفى بأن نصل إلى نتائج جيدة لكن نصل لها من خلال إجراءات إيجابية و نقوم بتغيير فلسفة التدريب بإستمرار فنحن فى هيئة يحدث بها تحول مؤسسى و تحول إدارى فيجب أن يكون التدريب المقدم يتواكب و يتماشى مع هذا التحول لتحقيق الرؤية و الرسالة للهيئة أو لتلافى الآثار السالبة للتطور و التحول المؤسسى فعندما يحدث هذا التطور (قد ) يتم الإستغناء عن بعض الكوادر ومنهم كفاءات وخبرة نادرة فيجب الإستفادة منهم فى منطقة أخرى كالتدريب لأستفادته الشخصية وليفيد الهيئة أيضا و الحفاظ على الخبرة التراكمية لديه ونقل المهارات من جيل إلى جيل .

 

نحن ننسق دومًا مع كليات الإعلام بالكامل و عدد كبير من المؤسسات و الجهات نحن نقدم لهم التدريب ، لكننا فى سبيلنا لعقد بروتوكول تعاون قوى جدا بيننا و بين كلية الإعلام جامعة القاهرة لتكون منفذ لنا نقدم من خلاله شهادات أكاديمية مثل الماجستير و الدكتوراه الشق العملى فيها كبير و تكون مُحوكمة و جاهزة لتلبى احتياجات الطامحين فى التعلم .

و هناك تعاون أيضا مع أكاديمية التدريب فى إتحاد الإذاعات الأوروبية فى مجال التدريب و مجال التدريب الإخبارى على المحتوى و قريبا سيكون هناك تدريب بالتعاون مع مؤسسة الإعلام الصينية و أضع عليه أمل كبير فهم لديهم التكنولوجيا ونحن لدينا المحتوى مما يسهم فى تقديم تدريب فائق الجودة .

 

المعهد حاليا فى مرحلة تحول هيكلى و مؤسسى و إنتقال من مقر إلى مقر جديد داخل مبنى التليفزيون الرئيسي و لكن المعادلة الإدارية كيف لا يتوقف التدريب و كيف نحافظ على المستوى ؟، وقد نجحنا فى حل تلك الإشكالية الصعبة من خلال التعاون مع رؤساء الهيئة و رؤساء القطاعات فيتم التدريب داخل استوديوهات العمل الفعلى فى الهيئة داخل استوديوهات التليفزيون و الاذاعة وبالتالى نحن لسنا فى حالة تطوير لأننا نتطور بالفعل و بإستمرار ، وهنا تكمن القدرة الإدارية على تنظيم الأداء و الاستقادة بكل الإمكانيات المادية والبشرية ..

 

 كل مشاهير المذيعين تم تدريبهم فى المعهد و حتى الأن يفخر الكثيرون بالتدريب داخل المعهد .

 

 أنا لا أنصح بالإدارة الإعلامية للشباب فالخبرة التراكمية هامة جدا ،فالإعلام صناعة .

 

فيما يتعلق بالمشهد الإعلامى الأن فهو مشهد مرتبك جدا فهناك قنوات تبث خارج إطار الشرعية أو الإطار القانونى من بعض الدول المجاورة وتقوم بعمل خطاب إعلامى مناهض للوطن و مناهض للثوابت القومية و الوطنية و الدينية و هذه القنوات يجب أن يتم البحث عن ألية قانونية لوقفها عند حدها بالرغم من ذلك أرى أن هناك قنوات خاصة فى مصر بدأت تنضبط وهناك إعلام مصرى بدأ يتطور و سنشهد فى الفترة القليلة القادمة مشهد أفضل للإعلام .

 

فى الحقيقة أنا أختلف مع هذا التوجه فالتليفزيون المصرى لازال يُشاهد وبكثافة كبيرة جدا بدليل أى خطأ عفوى يحدث من أى مذيع فى ثانى يوم يحدث له إنتشار رهيب فتصبح ملء السمع و البصر ، لا يوجد حتى الأن قياسات دقيقة لنسب الاستماع و المشاهدة فى مصر أو حتى الوطن العربى هى مجرد إشاعة ظهرت فى المجتمع أن التليفزيون المصرى لا أحد يشاهده و للأسف تتردد حتى الأن كل ما يحتاجه التليفزيون المصرى و الإعلام هو التطور و مواكبة العصر من خلال الإعلام المدمج .

الإنتاج الدرامى متوقف الأن لكنه فى سبيل العودة فى القريب فهناك إتجاه لعودة التليفزيون مرة أخرى ليعمل و ينتج وإعادة هيكلة كاملة له قد يأخذ بعض الوقت فهى مرحلة إنتقالية صعبة و خطيرة فالتليفزيون و الإعلام هو الذى دفع عبء النظام السابق هو و الشرطة أكتر الجهات تعرضا للنقد و بدأت الشرطة بالفعل فى التعافى الكامل و التليفزيون أخذ فى التعافى فى القريب بإذن الله .