دعاوى صحة التوقيع من الدعاوى التحفظية حيث إن المدعى يكون غرضه منها إثبات صحة توقيع المدعى عليه على الورقة المطلوبة وأن مهمة المحكمة تقتصر - عند نظر دعوى صحة التوقيع – على التحقق من نسبة صدور الورقة إلى المدعى عليه أو عدم نسبتها إليه دون أن تتعرض لأصل الحق الوارد بها، تلك العملية التي تتسبب في تكتظ المحاكم بالقضايا سواء بين المستثمرين أو التجار أو الورثة والشركاء أو حتى الملاك والمستأجرين.
لماذا شرعت دعوى صحة التوقيع؟
ودعوى صحة التوقيع وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض إنما شرعت ليطمئن من بيده سند عرفي على آخر إلى أن التوقيع الثابت بهذا السند توقيع صحيح، ولن يستطيع صاحبه بعد صدور الحكم بصحة التوقيع أن ينازع في هذه الصحة، لأن التوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الأصبع هو المصدر القانوني لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية، والحكم الصادر بصحة التوقيع تقتصر حجيته على صحة التوقيع ولا يتعدى أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد.
هل يسقط الحق في إقامة دعوى صحة التوقيع؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية مبدأ سقوط الحق في اقامة دعوى صحة التوقع بـ"التقادم الطويل" في الوقت الذى تعتبر فيه دعوى صحة التوقيع بمثابة دعوى تحفظية لا تنصرف إلا في إثبات أن التوقيع المذكور منسوب للمدعى عليه ويطالب الحكم فيها بالمادة "45" من قانون الاثبات، ونص المادة 45 إثبات إنه يجوز لمن بيده محرر غير رسمي أن يختصم من يشهد عليه هذا المحرر ليقر أنه بخطه أو امضائه أو بختمه أو بصمة اصبعه ولو كان الالتزام الوارد به غير مستحق الأداء، وذلك يكون بدعوى أصلية بالإجراءات المعتادة – بحسب الخبير القانوني والمحامي سامى البوادي.
في البداية - يجب أن نعلم أن دعوى صحة التوقيع سواء كان سندها قانون المرافعات أو القانون رقم 18 سنة 1923 لا تعدو أن تكون وسيلة لاعتبار التوقيع على العقد مصدقاً عليه تمهيداً لتسجيله، والحكم الصادر فيها لا يعدو أن يقوم مقام تصديق الموظف المختص على التوقيع، ذلك التصديق الذي أوجبت المادة 6 من القانون رقم 18 سنة 1923 إجراءه قبل التسجيل فهي بطبيعتها - دعوى شخصية لا تندرج ضمن الدعاوى العينية العقارية التي نصت عليها المادة السابعة من القانون المذكور ولا تأخذ حكمها – وفقا لـ"البوادى".
ماذا قالت المحكمة الدستورية عن دعوى صحة التوقيع؟
وانهت المحكمة الدستورية الجدل حول هذه الدعوي وسندها بقولها إن مؤدى ذلك أن سائر أوجه الدفاع الكلية أو الموضوعية تظل بمنأى عن هذا الإقرار، ولذوي الشأن حق التمسك بها في دعوى تالية، بطلب رد وبطلان المحرر لتزوير صلبه أو لبطلان التصرف الوارد في المحرر أو عدم نفاذه، وحيث إنه من المقرر أن التقادم المسقط للحقوق وهو عدم استعمال صاحب الحق له مدة معينة فإنه يسقط الحقوق الشخصية والعينية على سواء باستثناء حق الملكية، لأنه حق مؤيد.
دعوى صحة التوقيع تتقادم بـ15 سنة من تاريخ توقيع الورقة
ومن المقرر أيضاً- أن دعوى صحة التوقيع ليست إلا دعوى شخصية تحفظية ولما كان ذلك، كان من السائد أن دعوى صحة التوقيع تتقادم بـ15 سنة من تاريخ توقيع الورقة، شأنها في ذلك سائر الدعاوى، فيسقط بمضي هذه المدة حق المشترى في إثبات صحة التوقيع على المحرر العرفي الذي معه علي البائع .
وجديرا بالذكر أننا نؤيد الرأي القائل بأن ودعوى صحة التوقيع هي الوجه المقابل لدعوى التزوير، ودعوى التزوير لا تسقط بالتقادم، وبالتالي دعوى صحة التوقيع لا تسقط بالتقادم، ولا يوجد نص صريح بسقوط دعوى صحة التوقيع بالتقادم – سوى رأى فقهى لا سند له وذلك على التفصيل التالي:
وبعد أن صدرت بعض الأحكام لمحاكم الدرجة الأولى والتي قضت بسقوط دعوى صحة التوقيع بالتقادم، واستندت هذه الأحكام لرأي فقهى يرى أن دعوى صحة التوقيع تتقادم بخمس عشرة سنة من تاريخ توقيع الورقة، شأنها في ذلك سائر الدعاوى، كما أن الدكتور عبد الرازق السنهوري في مرجعه الوسيط في شرح القانون المدني الجزء الرابع صفحة 413 طبعة 2007 قال فيها بنفس الرأي السابق، وأضاف السنهوري مؤيدا الرأي بما ورد بالمادة 44 من قانون الاثبات على الرغم بان المادة الاخيرة لا علاقة لها بتقادم دعوى صحة التوقيع.
أول حكم صريح يقر مبدأ سقوط الحق في اقامة دعوى صحة التوقع بالتقادم الطويل
وفى هذا الشأن - أصدرت محكمة النقض حكما بجلسة 2/7/2018 في الطعن رقم 2923 لسنة 63 ق أول حكم صريح لمحكمة النقض يقر مبدأ سقوط الحق في اقامة دعوى صحة التوقع بالتقادم الطويل قالت فيه: "أن التقادم المسقط للحقوق وهو عدم استعمال صاحب الحق له مدة معينة فإنه يسقط الحقوق الشخصية والعينية على سواء باستثناء حق الملكية لأنه حق مؤيد، وأن دعوى صحة التوقيع تعد من الدعاوى الشخصية تنقضي بمضي 15 عاماً على نشوء الحق في إقامة الدعوى بصحة التوقيع".
ووفقا لـ"المحكمة" في حيثيات الحكم أن دعوى صحة التوقيع ليست إلا دعوى شخصية تحفظية شرعت ليطمئن من بيده سند عرفي على آخر إلى أن الموقع على ذلك السند لن يستطيع بعد صدور الحكم بصحة توقيعه أن ينازع في صحته - لما كان ذلك - وكان الطاعن وآخر أقام الدعوى بتاريخ 8/1/1989 بطلب الحكم بصحة التوقيع على عقدي البيع المؤرخين 5/11/1969 ، 25/11/1969 وكانت دعوى صحة التوقيع تعد من الدعاوى الشخصية تنقضي بمضي 15 عاماً على نشوء حقها في إقامة الدعوى بصحة التوقيع، وإذ تمسكت المطعون ضدها بذلك الدفع وانتهى الحكم المطعون فيه لسقوط حقها في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل، فيكون طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى الطعن مقاماً على غير الأسباب المبينة بالمادتين 248 ، 249 من قانون المرافعات ، وتأمر المحكمة بعدم قبوله.
رأى أخر يرى عدم سقوط الحق في اقامة دعوى صحة التوقع بالتقادم
بينما يرى "البوادى" - إن كان لكل رأى وجاهته إلا أننا نرى أن دعوى صحة التوقيع لا تسقط بالتقادم، وذلك للأسباب التالية:
أولا: دعوى صحة التوقيع هي الوجه المقابل لدعوى التزوير وكلاهما من دعاوى تحقيق الخطوط ومن المستقر عليه بقضاء محكمة النقض أن دعوى التزوير الأصلية لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن ويمتنع الدفع بسقوطها بالتقادم، وطالما أن دعوى صحة التوقيع هي الوجه المقابل لدعوى التزوير، ومن ثم فإن دعوى صحة التوقيع لا تسقط بالتقادم.
وفى هذا المعنى تقول محكمة النقض:
دعوى صحة التوقيع هي الوجه المقابل لدعوى التزوير وكلاهما من دعاوى تحقيق الخطوط وكلاهما يتسع لبحث ما إذا كان قد وقع عبث بصلب المحرر بعد توقيعه بكشط أو محو أو إضافة، وذلك طبقا للطعن رقم 7754 لسنة 75، ومن ثم وكما سبق القول فإنه طالما أن دعوى التزوير الاصلية لا تسقط بالتقادم وهي الوجه المقابل لدعوى صحة التوقيع فان دعوى صحة التوقيع لا تسقط بالتقادم أيضا.
ثانيا: أن دعوى صحة التوقيع هي دعوى من دعاوى قانون الاثبات الغرض منها إثبات أن التوقيع على المحرر هو توقيع صحيح صادر من صاحبه، وهذا بغض النظر عن موضوع المحرر وعن نوع العلاقة الثابتة به أو صحة التصرف الثابت فيه من عدمه، فهي دعوى تحفظية، وليست دعوى موضوعية، والحكم الذي يصدر فيها يقوم مقام التصديق الذي يتم في مكاتب الشهر العقاري
ثالثا: وأخيرا إذا كانت محكمة النقض قد استقرت على أن دعوى صحة التعاقد لا تسقط بالتقادم فمن باب أولى أن دعوى صحة التوقيع لا تسقط بالتقادم.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع