بوابة صوت بلادى بأمريكا

ابنة الدكتور ياسين عبدالغفار الطبيب الخاص لعبدالحليم حافظ تكشف لـ«اليوم السابع» أسراراً تنشر لأول مرة.. آخر كلمات العندليب.. اقرولى الفاتحة فى «الحسين»..تشاءم أثناء دخوله العمليات.. كتب وصيته قبل موته بـ28 يوما

كشفت الدكتورة توحيدة ياسين عبدالغفار، ابنة طبيب عبد الحليم حافظ الذى كان يعالجه، وكان معه فى مشوار كفاحه مع الألم والمرض داخل وخارج مصر، إن العندليب الأسمر، كان يعانى من تليف بالكبد ودوالى بالمعدة والمرىء، كمضاعفات بسبب الإصابة بفيروس سى الذى أصيب به نتيجة تناوله لحقن الطرطير التى تعالج البلهارسيا، مما أدت لكل هذه المضاعفات التى أصابته بالنزيف المستمر، ووقتها كان الدكتور ياسين، أستاذ كبد فى مصر والشرق الأوسط، وكان يعالج عبدالحليم، ونصحه الأطباء فى لندن بإجراء عملية لتوصيل الوريد البابى، بالوريد الأجوف السفلى، بدلا من مروره بالكبد، والتى يمكن أن تسبب سحابة على المخ ويصيب الشخص بالتوهان، ولكن رد عليهم قائلا: أفضل أن أموت بكرامة بدلا من الوقوع أمام الناس فى المسرح، وهرب عبد الحليم من العملية، ورفض أن يجريها.

ولمعرفة تفاصيل علاقة عبد الحليم حافظ مع طبيبه الخاص الدكتور ياسين عبد الغفار، إليكم هذا الحوار مع الدكتورة توحيدة ياسين عبدالغفار. 

كيف بدأ الدكتور ياسين مشوار علاج عبدالحليم؟ 

الدكتور ياسين عبد الغفار، غنى عن التعريف فهو طبيب عبد الحليم، وأول من قام بتأسيس معهد الكبد القومى بالمنوفية، كما قام بتأسيس مركز الدكتور ياسين عبد الغفار الخيرى لعلاج أمراض الكبد، وهو مدينة «تلا» بالمنوفية، وكانت البلهارسيا منتشرة وقتها هناك، وقد بدا يتعرف على عبد الحليم فى أواخر الستينات، عاش عبد الحليم حياة قاسية مهددة بالمرض والنزيف، وتعرض للنزيف فى أحد حفلاته بالمغرب، وكلف الملك طبيبه الخاص بالكشف عليه، وأخبر الملك بأن الحالة خطيرة، ولازم يسافر عبدالحليم إلى باريس وأرسله الملك بطائرته الخاصة، وبدأ علاج عبد الحليم، وقال له نفس الكلام الذى قاله له الأطباء فى لندن.

 وكانت الدوالى قد وصلت للمرىء، ووصفوا له طبيبت فى أكسفورد بإنجلترا اسمه «مكبس»، أفضل واحد متخصص فى علاج دوالى المرىء، وذهب حليم إلى هناك وقابل مكبس، وأوصى عبدالحليم بأن يقوم كل عامين بحقن الدوالى، وذلك من خلال إدخال منظار من الفم بمادة تجفف الدوالى، وظل 6 سنوات يقوم بعمليات الحقن. 

كيف كانت علاقة الدكتور ياسين عبدالغفار بالفنان عبدالحليم حافظ؟

كان من الشخصيات الجميلة، وكان لديه وفاء شديد لبابا، أخوه إسماعيل شبانة كان راجلا طيبا، وأخته «طنط علية» هى من قامت بتربيته، وكان بابا يعتبره مثل ابنه، خاصة عندما بدأ المرض يتملك منه ويأخذ أشكالا كثيرة فى جسمه، فقد كان يعانى من التليف، بالإضافة إلى الإصابة بفيروس سى، حيث إنه بعد وفاته راجعوا عينات الكبد مرة أخرى، وتبين أنه مصاب بالفيروس، خاصة أنه لم يكن معروفا حتى عام 1989بعدما توفى عبدالحليم بـ10 سنوات.

لماذا سافر إلى لندن للعلاج طالما كان يعالج فى القاهرة؟ 

كان دائما بابا يشوفه فى مصر، و«ويليام روجرز» يشوفه فى لندن بمستشفى «كنجز كولدج» بإنجلترا، وهو مازال يعيش فى لندن حتى الآن، وسنه اقترب من الــ 88 عاما، حيث كان الدكتور ياسين، على علاقة كبيرة بالدكتور «ويليام» قبل أن يكون طبيب عبد الحليم، وكان حليم كل مرة يقوم من الانتكاسة ويصبح كويس، ولكن آخر مرة طلب من بابا أن يذهب إليه فى لندن.

هل كنتم تقومون بزيارة عبدالحليم فى منزله؟ 

ذهبنا إليه فى المنزل، حيث كان يعزمنا فى بيته فى العجمى، ومرة أنا وأولادى ذهبنا إليه فى لندن فى منزله هناك، ولم نتصور معه وقتها، لأننا كنا نعتبره من العائلة، وبابا كان يعتبره مثل ابنه، وكان له معزة خاصة عند بابا، كنا نذهب إليه فى شقته فى الزمالك، حيث كان مخصص غرفة للأوركسترا وكان المنزل يغلب عليه اللون اللبنى، وقتها كنت فى سن الــ20، وكلنا كنا بنحبه وأختى كانت تحبه أكثر منى، لأنها كانت تحب أغانيه.

كم سنة ظل متابعا لحالة عبدالحليم وهل تتذكرين الأكلات التى كان يحبها؟

كان ملتزم جدا مفيش ملح فى الأكل، ويتناول الطعام نى فى نى، وممنوع من معظم الأطعمة، وبابا ظل يتابع العندليب من أواخر الستينيات حتى توفى، لم يكن يتحدث عن عبدالحليم على أنه شخص غريب، بل كان يعتبره مثل ابنه، وعبد الحليم عمل لنفسه مكانة فى قلوب المصريين، وعاش لا يشتكى ليسعد جمهوره بأغانيه، وبابا كان عارف فنانين كتير مثل يوسف وهبى، وسعاد حسنى كانت تأتى إليه فى عيادته.

هل كان يحضر الدكتور ياسين حفلات عبدالحليم؟

 عزمنا على أغنية «يا مالكا قلبى»، وكان عندى امتحانات وقتها فى الكلية، وماما وبابا وأختى راحوا، وقالوا إنه كان مصحصح، ويشد انتباه الجمهور، وإنه شخص جميل، وكان بيخطف قلوب الستات، وأى حد يسمع أغانيه فكان إنسان محترم جدا.

كيف أصيب حليم بالبلهارسيا وما نصائح الأطباء له ؟

عبد الحليم توفى من البلهارسيا، ومن علاج البلهارسيا، مثل الكثير من المصريين، لم يكن يعرفوا البلهارسيا، ووقتها عالجوها بحقن «الطرطير»، وكانت السبب فى إصابته بفيروس سى الذى انتقل فيروس لآلاف الأشخاص المصريين مثله، وأعطاه بعض الإرشادات، بأن يتجنب الملح فى الأكل، والأطعمة الحمضية، والتوابل الزائدة، والأكل المسبك، والدهون، وتجنب بعض الأدوية، والإرهاق الشديد، وكان يتم علاجه فى مصر، وكان يأخذ رأى ويليام روجرز فى إنجلترا، وعبد الحليم كان معروفا فى لندن، لأنه غنى فيها، لجمع التبرعات أيام النكسة، فكان معروفا فى لندن للمصريين، والجالية العربية.


حليم يستمع لاوامر الاطباء

 

هل كان يعلم أنه سيتوفى عندما كتب وصيته؟

فى مستشفى «كنجز كولدج» والتى تعرف فيها على الدكتور ويليام روجرز وهو أكبر دكتور متخصص فى زراعة الكبد وعلاج دوالى المرىء والمعدة، قال له إن الكبد فى أسوأ حالاته، ولازم نزرع لك كبد، وأول ما سمع أنهار، وبعدها كتب وصيته فى ذلك اليوم، وكان 2 مارس، وطلب من مجدى العمروسى وهو الصديق المقرب لعبد الحليم حافظ، وكاتم أسراره، أن يقرأ الوصية، التى قال فيها «بسم الله الرحمن الرحيم، إنا لله وإنا اليه راجعون، أوصى أنا عبدالحليم على إسماعيل شبانة، والمدعو عبدالحليم حافظ، أن يرث تركتى بعد موتى إخوتى جميعا، ومعهم ابن خالتى شحاتة، وزوجته فردوس بالتساوى فيما بينهم، وأن تظل شقتى التى أقيم بها بالزمالك مفتوحة لمن يقوم بزيارتها من الناس باسم عبد الحليم، وأن تقيم فى هذه الشقة فردوس شحاتة ابن خالتى وزوجته، لأنهم كانوا مقيمين معى فى الشقة، عزيزى مجدى أوصيك بأن تنفذ هذه الوصية حرفيا كما كتبتها، ومع كل حبى لك أرجو تنفيذ هذه الوصية».

هل كان مرض عبدالحليم يحتاج للعلاج فى لندن؟

وقتها لم يكن هناك أدوية لدوالى المرىء، وكذلك العلاج بالمناظير لم تكن موجودة فى ذلك الوقت كانت فى طور التجارب، وآخر مرة عبد الحليم طلب بابا وهو هناك، كان عام 1977 يوم وفاته، ويومها قال بابا: إن عبد الحليم مش حيقوم المرة دى لأنه «مش متمسك بالحياة»، مش علشان المرة دى أصعب، وكان زراعة الكبد قد نصحه بها الدكتور ويليام، وقبلها اتعرض عليه بأن يقوم بإجراء عملية توصيل الوريد البابى بالوريد الأجوف السفلى، بحيث لا يمر الدم من خلال الكبد، وبالتالى لا يتم تنقية الدم من النفايات والشوارد، مما يسبب له التوهان، وفضل أن يعيش بالمرض حتى يكون بصورته الجميلة أمام جمهوره، ولكنه رفض.

كيف حضر الدكتور ياسين وفاة عبدالحليم فى لندن؟

اليوم الأخير لعبد الحليم حافظ كان يوم الأربعاء الموافق 30 مارس عام 1977 الساعة التاسعة والنصف صباحا بغرفة 419 بالعاصمة البريطانية لندن الطابق الرابع بمستشفى «كنجز كولدج» لندن، استيقظ حليم من نومة فى الساعة العاشرة صباحا، وأخذ حماماً وطلب من السفرجى الخاص به - الذى كان مرافقا له- تصفف شعره، وبعدها دخلت عليه نهله القدسى زوجة الفنان محمد عبدالوهاب، قائلة له: «إنت النهارده زى القمر، وأنا همسك السرير بدل الخشب عشان الحسد»، فضحك حليم، وقال لها: أنا نمت 16 ساعة، ولسه صاحى، وأعطاها الكاميرا، وطلب منها تصويره، وقال دى آخر عملية لى، وقامت بتصويره آخر صورة فى اللحظات الأخيرة قبل وفاته.

 

بعدها اتصل حليم بمنزله فى الزمالك، وطلب منهم قراءة سورة الفاتحة له فى الحسين، وأن يجهزوا له منزله ويكونوا على استعداد لاستقباله، لأنه سيعود بعد إجراء العملية، وبعدها أخذ يلقى نظرة على الصحف المصرية، وكان حليم طبيعيا حتى الساعة الــ12 ظهرا، حتى دخل علية الطبيب «ويليام روجرز» وصارحه بالحقيقية، وأن الكبد أصبح تالفا، وأن العملية مصيرها صعب، ولكن حليم صمم على إجراء العملية، ودخل غرفة العمليات، وتم إجراؤها، وكان من قبل قد رفض إجراء زراعة الكبد، لأنها إذا نجحت فسيكون ممنوع من الغناء، وقال حعمل العملية بتاعة كل مرة حتى لو حموت.

 

 حاول معه الدكتور ياسين عبد الغفار لإقناعه بأن الحالة خطيره، لكنه رفض، وانهار حليم بالبكاء، ونظر إلى السفرجى قائلا: احتمال دى تكون آخر مرة أشوفك فيها»، وتم نقل حليم على الترولى الخاص بالعمليات، وتشاءم حليم، لأن المصحف الصغير الذى كان يضعه تحت رأسه أثناء كل العملية وقع على الأرض، ودخل غرفة العمليات، وبعد 40 دقيقة خرج حليم، وهو يصرخ ويبكى من شدة الألم، ونادى على مجدى العمروسى، وسلمه الوصية التى كتبها، وقال له: «نفذها يا مجدى ودى أمانة فى رقبتك»، وخرج الجميع.

 

بعد نصف ساعة دق جرس الإنذار الموجود بجوار حليم، فدخل عليه الأطباء، فقال حليم بصوت ضعيف، فيه دم فى «بقى»، فرد عليه الأطباء دى تصفية من العملية، ووضعو له فنجان بجواره، حتى إذا تكرر ذلك، وبعد دقائق دخلت الممرضة للاطمئنان عليه، فوجدت الدم يملأ الغرفة، ويخرج من فم حليم على الأرض فقامت بدق جرس إنذار، وقاموا بإعطاء حليم حقن دم فى رقبته، وفى أنحاء جسده لتعويض النزيف، ولم ينجحوا، وقام أحد الأطباء بإحضار جهاز به قربة يبلعها المريض، لتنتفخ داخل المعدة وتقوم بسد الأماكن التى يأتى منها النزيف، مما دعا مجدى العمروسى يقول له: «ابلع يا حليم حتى قام بابتلاع نصفها»، ثم توفى.

 

وفى هذه اللحظة جاءت «عليه شبانة» شقيقة حليم، ودخلت عليه وبكت وقالت «حبيبى فى الجنة إن شاء الله»، وقامت بتغيير ملابسه، وإلباسه جلباباً نظيفاً، وسكت صوت العندليب فى الساعة العاشرة مساء من نفس اليوم.

هذا الخبر منقول من اليوم السابع