أسعار الموسم الشتوى تقفز 15% بعد زيادة الكهرباء والقيمة المضافة.. هل يعود زمن "بيع المصنوعات" و"عمر أفندى" لطرح الملابس الجاهزة بالتقسيط؟.. محلات القرى والمناطق الشعبية لجأت إليه لارتفاع الأسعار

فى مثل هذا الوقت من كل عام تستعد الأسر المصرية لشراء احتياجاتها من ملابس الشتاء الثقيلة، ولكن غول الأسعار الذى التهم القدرة الشرائية للأسر جعلها غير قادرة على الوفاء باحتياجاتها من هذا البند، خاصة وأن الأسعار تضاعفت عن العام الماضى، ولأن المثل الشعبى يقول "الخسارة تعلم الشطارة"، وجدت ربات البيوت حلولا مبتكرة لشراء الملابس مرتفعة الثمن من خلال "التقسيط" فى الريف والمناطق الشعبية، أو "الجمعية" فى المدن.

 

فى الريف أو المناطق الشعبية يعرف الناس بعضهم البعض، وهنا نجد نظام تقسيط شراء الملابس رائجا، حيث يمكن للأسرة شراء كافة احتياجاتها ودفع مبلغ مقدما للبائع وتقسيط باقى المبلغ على فترات تبدأ من شهرين، وتمتد حتى عام ونصف بحسب قيمة المبلغ المقسط، وقى المقابل يرفع البائع هامش ربحه نتيجة تقسيط المبلغ.

 

منال محمد بائعة ملابس فى إحدى قرى محافظة الغربية اعتادت بيع بضاعتها "كاش" ولكن نتيجة ارتفاع الأسعار ووجود العديد من الأقارب والمعارف المحيطين بها من الممكن أن توافق على طلب تقسيط ثمن الملابس المباعة لهم بشرط ألا يتعدى فترة التقسيط شهرين إلى ثلاثة أشهر ودون أى زيادة فى هامش الربح لأن الفترة قصيرة.

7139cfce93.jpg

أما أمل عادل بائعة ملابس فاعتادت البيع بالتقسيط فى إحدى مناطق إمبابة، والتى يلجأ إليها الزبائن من الطبقات الفقيرة أو الأقل من المتوسطة والتى لا يمكنها شراء الملابس بدفع ثمنها كاملا. أمل تقول لـ"اليوم السابع" إنه يفضل أن يكون الزبون المشترى بالتقسيط من معارفها حتى تضمن سداده القسط الشهرى، ولكن فى حالة عدم معرفتها السابقة به تقبل البيع بالتقسيط على أن تحصل على صورة من بطاقة الرقم القومى وإيصال أمانة بكامل قيمة المبلغ المطلوب سداده، والمحمل بنسبة ربح أعلى للبائع خاصة فى حالة التقسيط الطويل.

 

وتتراوح مدة القسط ما بين ثلاثة أشهر إلى 18 شهرا أى عام ونصف، وفقا لأمل، وهذا يتوقف على ثمن البضاعة وقيمة المقدم الذى يدفعه الزبون، ورغم كافة التسهيلات التى يقدمها الباعة لجلب الزبائن فى ظل الارتفاع الشديد فى الأسعار، إلا أن الركود طالب البيع بالقسط أيضا فى ظل تدنى مستوى المعيشة.

 

شادية سلامة ربة منزل لأسرة تتكون من 5 أفراد تقطن فى إحدى قرى محافظة الغربية اعتادت شراء ملابس أسرتها بالتقسيط وهو أمر شائع بالقرى التى يعرف فيها البائع زبائنه بدقة، ويتعامل مع كل شخص حسب ظروفه المالية، خاصة فى موسم الشتاء الذى يعرف بارتفاع سعر ملابسه عن باقى أوقات العام.

4d3eaf6d5b.jpg

تقول شادية إن ملابس الشتاء تحديدا لا يمكن أن تشتريها سوى بالتقسيط حيث تقوم باختيار كافة ما يلزمها من ملابس أو حتى مفروشات لها ولأفراد أسرتها وتعطى البائعة التى تتعامل معها مبلغا مقدما، وتظل تسدد مبلغا ثابتا كل شهر دون تحديد مدة معينة، وقد تشترى ملابس أخرى أثناء فترة التقسيط وتظل تسدد شهريا حتى تنهى ما عليها من أقساط.

 

ولأن التقسيط هو الحل الأفضل فى القرى والمناطق الشعبية التى يعرف الناس فيها بعضهم البعض، قد لا يناسب المدن والأماكن المزدحمة التى يصعب فيها على البائع بيع بضاعته بالتقسيط لشخص لا يعرفه، وهنا تلجأ ربات البيوت لحل آخر استعدادا لموسم الشتاء وهو "الجمعية".

 

حل التقسيط الذى لجأ إليه الباعة فى المناطق الريفية لم يكن جديدا، فقد كان معمولا به، وقد يتذكر آباؤنا من الموظفين الحكوميين جيدا كيف كانوا يشترون الملابس والمفروشات وحتى الأجهزة الكهربائية من الشركات الحكومية وأبرزها بيع المصنوعات وعمر أفندى – قبل الخصخصة – حتى وقت قريب فى تسعينات القرن الماضى، وذلك بالتقسيط حيث يقوم الموظف بملء استمارة يحصل عليها من فرع الشركة التى يشترى منها يملأها بكافة مشترياته وتقدم إلى جهة عمله ويتم خصم واستقطاع جزء من الراتب استحقاقا للقسط الشهرى حتى نهاية سداده ثمن الشراء. فهل يمكن تكرار هذه التجربة خاصة وأنه كان هناك مبادرة طرحتها غرفة الصناعات الجلدية باتحاد الصناعات قبل أيام لبيع المنتجات لموظفى الحكومة بالتقسيط؟.

 

هاشم الدغرى وكيل غرفة الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، قال إن الغرفة لم تتقدم بمبادرة مماثلة لغرفة الجلود، ولكن ليس هناك أى مانع من أن تفكر فى مقترح بيع الملابس بالتقسيط خاصة فى ظل حالة الركود التى يعانى منها السوق. وكشف الدغرى فى اتصال هاتفى لـ"اليوم السابع": "الظروف مواتية جدا للبيع بالتقسيط ونحن كمصانع نقبل ذلك بسبب حالة الركود الشديد ولكن الأهم من ذلك وجود آلية واضحة لذلك".

 

وتابع وكيل غرفة الصناعات النسيجية أن المصانع تبيع للتجار بالآجل على 3 – 4 شهور بالفعل حاليا لضعف حركة الشراء، وقال: "كل واحد عنده استعداد دلوقت يبيع شكك بسبب الركود".

 

وإذا كانت المصانع على استعداد كامل لخوض تجربة تقسيط بيع الملابس الجاهزة، لم يختلف رأى التجار كثيرا وقال يحيى الزنانيرى نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية: "فكرة بيع الملابس الجاهزة بالتقسيط مرحب بها جدا بشرط وجود جهة تنظمها وآلية واضحة لتفعيلها ولا تقتصر على موظفى الحكومة فقط وإنما أيضا موظفى القطاع الخاص الذين يمثلون شريحة كبيرة جدا من المجتمع".

 

وأوضح زنانيرى فى اتصال هاتفى لـ"اليوم السابع" أن أسعار ملابس الشتاء ارتفعت العام الماضى بعد التعويم بنسب تراوحت بين 100 – 150% بالنسبة للمستورد، وحوالى 80 – 100% بالنسبة للإنتاج المحلى، ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار هذا الموسم بحوالى 10 – 15% إضافية بعد زيادة أسعار الكهرباء والقيمة المضافة.

 

وتسود سوق الملابس حالة شديدة من الركود جراء ارتفاع الأسعار وهو ما يجعل التجار يرحبون كثيرا بفكرة البيع بالتقسيط، على غرار ما كان يحدث فى الشركات الحكومية مثل عمر أفندى وبيع المصنوعات، متسائلا: "ما المانع أن تعود من جديد؟".

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع