سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 5 يونيو 1965.. بليغ حمدى ينتقد عبدالوهاب قائلا: «انتهى زمن الإعجاب بفلان حتى لو قال ريانى يا فجل»، ويمنح لحنه «انت الحب» لأم كلثوم خمس من عشر درجات

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 5 يونيو 1965.. بليغ حمدى ينتقد عبدالوهاب قائلا: «انتهى زمن الإعجاب بفلان حتى لو قال ريانى يا فجل»، ويمنح لحنه «انت الحب» لأم كلثوم خمس من عشر درجات
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 5 يونيو 1965.. بليغ حمدى ينتقد عبدالوهاب قائلا: «انتهى زمن الإعجاب بفلان حتى لو قال ريانى يا فجل»، ويمنح لحنه «انت الحب» لأم كلثوم خمس من عشر درجات

أزيح الستار عن سيدة الغناء العربى أم كلثوم وفرقتها الموسيقية فى الساعة العاشرة والنصف مساء الخميس 3 يونيو 1965، وشاهد الجمهور آلة البيانو من بين الآلات الموسيقية على المسرح، فعرف أغنيتها الأولى وهى قصيدة «أراك عصى الدمع» لأبى فراس الحمدانى، حسبما تذكر «أخبار اليوم» فى تغطيتها للحدث على صفحة كاملة بعددها 5 يونيو، مثل هذا اليوم 1965.

 

فى الوصلة الثانية غنت «انت الحب» كلمات الشاعر أحمد رامى، وتلحين محمد عبدالوهاب، وتذكر «أخبار اليوم» أن «رامى» كان يجلس فى الصف الأول، وأخرج منديله ليجفف دموعه حين رددت أم كلثوم «تجرى دموعى وانت هاجرنى»، وفى الساعة الثانية صباحا رفع الستار من جديد عن أم كلثوم، وشاهد الجمهور آلة الأكورديون بين الآلات الموسيقية، فعرف أنها ستغنى «سيرة الحب» كلمات مرسى جميل عزيز، وتلحين بليغ حمدى.. تضيف «أخبار اليوم»: «تركت عشرات السيدات مقاعدهن وجرين نحوها وهن يطالبنها بغناء كلمة آه بين مقاطع الأغنية، وتستجيب لهن أم كلثوم، وتعيد أكثر من مرة، والجميع يصيحون «كمان يا عظمة».

 

سبق لأم كلثوم أن قدمت «انت الحب» فى حفلها يوم 4 مارس 1965، كما قدمت «سيرة الحب» فى مسرح قصر النيل يوم 3 ديسمبر 1964، لكنها قدمت الأغنيتين معا فى حفل «3 يونيو 1965»، مما أشعل المقارنة بينهما، وصكت «أخبار اليوم» امتيازها فى ذلك بحوارها الساخن مع بليغ حمدى الذى أعطى للحنه علامة الجودة فيما قلل من قيمة لحن عبدالوهاب.

 

قدمت «أخبار اليوم» بليغ حمدى بوصفه «الملحن الشاب الثائر» حيث كان عمره وقتئذ 34 عاما «مواليد 1931»، وكان عبدالوهاب فى السابعة والستين «مواليد 1898».. قال بليغ فى المقارنة بين لحنه ولحن «انت الحب»: «أغنية سيرة الحب ممتازة فى كل شىء، فكرتها جديدة من حيث التأليف ومعالجة الموضوع، أما اللحن فكان فيه حركة مميزة، وجمله الموسيقية بسيطة ورشيقة، وقدمت فيها الجديد فى عالم الأغنية باستخدام آلة الأكورديون، وباختصار كانت الأغنية بالنسبة لأغانى أم كلثوم جديدة فى كل شىء».

 

وقال عن أغنية «انت الحب»: «تنقصها الوحدة الموسيقية وعدم وجود الارتباط بين أجزائها، ولكن رغم هذا يمكن أن نجد فيها جملا موسيقية حلوة لها علاقة بموسيقانا الشرقية، وأحس من أم كلثوم وهى تغنيها أنها غير مقتنعة بها، ومن حيث التأليف فمن المؤكد أن أحمد رامى كتب أحسن منها بكثير، فالحب فيها غير طبيعى»، وضرب بليغ مثلا بالجزء الذى يقول «ولما أشوف حد يحبك، يحلالى أجيب سيرتك وياه»، قائلا: «هذا المعنى لا يمكن حدوثه أو حتى مجرد تصوره ولا فى الأساطير القديمة».

 

يجيب بليغ عن سؤال: «كم درجة تعطيها فى رأيك لأغنية «انت الحب»، قائلا: «خمس على عشر»، ولوح بيديه فى الهواء غاضبا حين سئل: «رغم كل هذا لا تستطيع أن تنكر نجاح أغنية «أنت الحب»، وقال: « سبب نجاحها هو تكرارها، وإذا كانت «سيرة الحب» أذيعت بنفس عدد المرات التى أذيعت فيها «انت الحب» لأصبحت كالنشيد القومى».

 

ينتقل بليغ فى حديثه عن الإذاعة إلى رأى النقاد الفنيين وما قالوه عن «انت الحب»، قائلا: «ليس عندنا نقاد موسيقيون، وإنما عندنا متذوقون، والتذوق يمكن أن تختلف فيه الآراء والأحاسيس، وهذا ليس معناه إطلاقا أن ما يكتبونه يعبرون فيه عن رأى الشعب، ما يقولونه رأى شخصى ليس على أساس علمى أو أدبى، ومبنى على الاستلطاف».

 

يضيف بليغ: «لو كان عندنا نقاد موسيقيون لحللوا «سيرة الحب» تحليلا سليما من ناحية الانتقالات فى النغم، ومن ناحية الأسلوب فى تأليف اللحن، وناقشوا تجرية استخدام آلة الأكورديون، وأسلوب التعبير بها، مؤكدين الشىء الجديد الذى قدمته وهو سهولة أداء الأغنية، فأم كلثوم تغنى للشعب الذى يتجاوب معها، ويستطيع ترديد الجمل التى تقولها، مثل: يا سلام على الدنيا وحلاوتها فى عين العشاق».

 

لم تهدأ حدة بليغ، وقال: «إننا الآن فى مرحلة مهمة من حياتنا، لكن مع الأسف الشديد فكل المسؤولين عن تقييم الأعمال الفنية لا يفهمون دورهم جيدا فى هذه المرحلة، إننا الآن فى مرحلة تقييم أعمال بغض النظر عن الأشخاص الذين يقدمونها، لقد مضى الوقت الذى كنا نقول فيه إن فلانا قدم لنا عملا رائعا حتى لو قال «ريانى يا فجل». يستعيد بليغ هدوءه ويتكلم عن أن أغنيته الجديدة التى ستقدمها أم كلثوم فى الموسم القادم هى «بعيد عنك حياتى عذاب»، كلمات مأمون الشناوى، مؤكدا أنه انتهى من تلحينها، واستغرق سنة كاملة، وقال: «كل من سيسمع هذه الأغنية سيحس أنه هو ملحنها، وليس بليغ، سيرددونها بسهولة جدا، ورغم كل هذا فإنها تخضع من الناحية الفنية للأصول والقواعد الموسيقية».


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع