الشاعر الكبير أحمد سويلم لـ "اليوم السابع": الشعر في مصر بخير ولجنة الشعر دورها اكتشاف الشعراء الشباب.. التربية والتعليم تحتاج لتطبيق حصص التربية الثقافية.. وديوان العرب اتسعت مساحته ولم يعد مقصورًا على القصيدة

الشعر ديوان العرب، وفنه الأجمل، وعلى الرغم من كون الفنون لا تتناحر بل تكتمل معا إلا أن "القصيدة" تظل سيدة الفنون، لذا فإن محاورة من يقولونها ويرعونها مهم جدًا، ومن هذا المنطلق كان حوارنا مع الشاعر الكبير أحمد سويلم، مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، حول الشعر واللجنة ودورها في رعاية الشعر والشعراء وما قدمته من استراتيجيات في ذلك، وكذلك تناول الحوار ما تقرره المناهج المدرسية  وتطلق عليه "شعرا" وعن الكتابة للأطفال والتفكير بعقولهم، وما يجب علينا لحماية اللغة العربية.
مع الشاعر الكبير أحمد سويلم

أحمد سويلم مقرر لجنة الشعر منذ قرابة عام ونصف.. لو قدمت كشف حساب عن هذه الفترة.. ماذا تقول؟

لجنة الشعر كانت في الدورات السابقة عددها كبير يصل إلى نحو 28 عضوا، وما حدث في الدورة الجديدة أن العدد تم تقليصه، وهذا حدث في كل اللجان بحيث أصبح العدد 14 عضوا، وبالتالي خرج البعض منها ودخل أناس جدد، وذلك جعلني في الجلسة الأولى أعرض أفكاري على الأعضاء وهي، أولا أن يستمر نشاط اللجنة بناء على ما تم في اللجان السابقة، أي لا قطيعة مع ما سبق، ثانيا أن تكون اللجنة لكل الشعراء بلا استثناء بأهوائهم المتنوعة وأجيالهم المختلفة، والاهتمام بالشباب واكتشاف المواهب وهي لمحة جديدة قدمتها اللجنة هذه المرة، وكذلك الخروج من النمطية.

وكان لدينا مبادرة اسمها "كل يوم شاعر" لا تزال مستمرة إلى اليوم، وفيها نقدم شعراء عبر وسيلة الفيديو، ونذيعها ثلاث مرات في الأسبوع، وذلك على مستوى الوطن العربي، وليس على مستوى مصر فقط، وقدما قرابة 200 شاعر حتى الآن وهي مستمرة.
 

وقد بدأنا نشاطنا في 15 فبراير 2022 وفضلنا أن تكون البداية للشباب فقط، وكلفنا شاعرا من خارج لجنة الشعر بتقديم هذه الأمسية، وهو الشاعر إيهاب البشبيشي، وقدمنا 10 شعراء شباب وكانت هذه مرتهم الأولى التي يشاركون فيها في المجلس الأعلى للثقافة، واشتركنا بعد ذلك مع اللجان الأخرى في ندوات مختلفة فقدمنا ندوة عن الشعر والترجمة، وفى 21 مارس 2022 في اليوم العالمي للشعر قدمت شيئا مختلفا عن طريق التواصل مع الهيئة العامة لقصور الثقافة واتفقنا أن يكون هذا اليوم في كل أندية الأدب على مستوى مصر أمسية شعرية مفتوحة، وبالتالي زرعنا الأرض شعرا في هذا اليوم.
 

وفى رمضان 2022 قدمنا أمسية عن المدائح النبوية وقدمناها في المسرح الصغير، وكان يوما مميزا إذ فيه اشترك شعراء وممثلون ومدح دينى، وقد حرصت الأسر المصرية على حضور هذا اليوم ومشاهدة هذه الأمسية، وقدمنا أمسية أخرى عن فؤاد حداد والمسحراتي.

 

مع الشاعر أحمد سويلم

وفى شهر مايو كانت الذكرى الـ 39 لرحيل أمل دنقل، وقد كانت هناك حملة ضد أمل دنقل، لذا قدمنا ردا عمليا إذ قدمنا ثلاث ندوات بالتنسيق مع بيت الشعر "بيت الست وسيلة" وكانت ناجحة، وفى بعد ذلك عندما حدث هجوم على أم كلثوم في اتحاد الكتاب، وكان لابد من الرد لذا قدمنا ندوات "أم كلثوم وشعراؤها" وكان ذلك في شهر يونيو، الندوة الأولى في القاهرة والندوة الثانية في المنصورة والثالثة كانت في الإسكندرية.
 

وفى شهر سبتمبر كانت مصر عاصمة الثقافة الإسلامية، وتلقينا دعوة من الأردن بأنها تريد أن تشارك بشاعر أردني اسمه محمد المقدادي وقدمنا له أمسية شعرية، كما قدمنا أمسية شعرية لأجيال مختلفة من الشعراء.
 

وقد دعانا نادي 6 أكتوبر لأمسية مشتركة، وفى أكتوبر قدمنا مع لجنة المسرح في المجلس عن المسرح الشعري، و في ذكرى أمير الشعراء أحمد شوقي قدمنا أمسية في كرمة ابن هانئ، وفى نوفمبر قدمنا أمسية مع لجنة الملكية الفكرية، حوال انتحال الشعر وكيف يحمي القانون الشعراء، وقدمنا أمسية مع لجنة الشباب في المجلس، فقدمنا "الشباب وتحولات القصيدة الحديثة"، وقدمنا ندوة مع قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة عين شمس.
 

وبعد ذلك أعلنا جائزة للشباب في شعر الفصحى والعامية، 3 فائزين في كل فرع، واحتفلنا بهم في ديسمبر واستمعنها إلى شعرهم، وقدمنا أمسية عن الشباب والهوية واللغة بالتعاون مع لجنة الشباب ولجنة الدراسات الأدبية واللغوية.
 

وقدمنا في مارس 2023 أمسية مع لجنة الفنون التشكيلية في المجلس، بعنوان حوارية الشعر والتشكيل، وفى مارس قدمنا اليوم العالمي للشعر بالتنسيق أيضا مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، وفى رمضان 2023 قدمنا أمسيتين عن رمضان والشعر الشعبي.
 

وفى مايو الجاري قدمنا ندوة مع كلية إعلام بإحدى الجامعات الخاصة، وقد بدأنا فكرة الاحتفاء بالرموز الشعرية الأحياء، وفى 31 مايو الجاري سنقيم أمسية مع الشاعر الكبير حسن طلب.

 

ونحن في كل أنشطة اللجنة نحاول أن نحتفى بالمواهب الجديدة والشباب مع الخبرات الشعرية الأخرى.

 

أحمد سويلم
 

وهل جميع الأجيال والأنماط الشعرية متمثلة في تشكيل اللجنة؟ 

إن الشعراء جميعًا "متمثلون" فى اللجنة سواء شعراء النثر مثل عماد غزالي، وشعراء العامية مثل مسعود شومان، وحتى النقاد أيضا مثل الدكتور عادل ضرغام، وليس لدينا موقف ضد أي نوع من أنواع الشعر، وأعضاء اللجنة يرفضون أن يقدموا أنفسهم في الندوات سوى أنهم يديرون الندوات فقط.
 

وفيما يتعلق بالشباب فإن ذلك أساسيا في اللجنة، حيث نقدم شبابا خاصة الشباب الجدد، نقدم ذلك من باب المسئولية، فنحن مسئولون بالاكتشاف ووالرعاية، ومن الرعاية أن نقدمهم ثم نقدم لهم ورش عمل ولقاءت وغير ذلك.

 

الشاعر أحمد سويلم
 

ماذا نقول عن الحالة الشعرية في مصر.. هل القصيدة في خطر؟

قبل أن نقدم هذه الأنشطة في اللجنة، لم تكن الحالة الشعرية واضحة بالنسبة إليَّ، لكن الآن أستطيع القول إن الحالة الشعرية ثرية جدًا، في كل أحوالها، لدينا شعراء يكتبون القصيدة العمودية  بشكل عصرى وآخرون يكتبون النثر أيضًا، ومحاولات شبابية تؤكد أن لديهم أصوات خاصة، وعندما نكتشف هذه المواهب نطمئن إلى مستقبل الشعر المصرى.

كما لدينا تواصل مع محافظات مصر، حيث ندعو الشعراء من كل مكان ويحضرون إلينا، ومصر بخير في الشعر.
 

مع الشاعر أحمد سويلم
 

الشعر في مناهج التعليم.. هل يمكنهم الاختيار الصحيح؟

وفيما يتعلق بالمادة الشعرية في المناهج، فإننا مهمومون بهذه القضية، فالشعر الموجود في مناهج الدراسة لا يمت إلى المعاصرة بصلة ويخضع لاعتبارات نمطية ومتوقف عند سنة  1950، ولا حضور للأجيال التالية، وحتى الشعر الموجه للأطفال به مشكلات.

وقد فكرت في هذه الحالة كثيرا وقدمت كتابين، الكتاب الأول "شعراء من الماضي" قدمت فيه نحو 20 قصيدة من التراث (سهلة القراءة)، وقدمت كتابا آخر صدر من المجلس الأعلى للثقافة اسمه "الشعر ديوان العرب.. ستون شاعرا معاصرا" على مستوى الوطن العربي، وقدمت لكل شاعر سيرة ذاتية، وقصيدة مختارة، وأقول لوزارة التربية والتعليم أن يستفيدوا من هذه النماذج، كي يتذوق التلاميذ هذه القصائد الجميلة التي لا توقعه في كراهية الشعر، لكن وزارة التربية والتعليم لا تتواصل معنا.
 

وفيما يتعلق بمكتبات المدارس، فقد كانت قديما حريصة على أن أي كتاب جديد يكون موجودا فيها لكن الآن لا يحدث ذلك.

khaled kamel-0944
 

رواج الرواية.. هل يعني ذلك تراجع الشعر؟

كل فن من الفنون له خصوصيته وله متلقوه، وليس معنى وجود متلقين كثر للرواية أن ليس هناك شعر، ولا العكس، بل يوجد تكامل الآن على اصطلاح ديوان العرب، فهو يشمل (الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرح وكل أنواع الفنون) وهذا التكامل يمنحنا مساحة أكبر للتلقى والتذوق وأن نرى تجارب جديدة موجودة في كل فرع من الفروع، وليس معنى طغيان نوع من الكتابة في فرع معين أنه أصبح، النوع الوحيد الموجود.

ماذا عن مؤتمر الشعر الذي ينظمه المجلس الأعلى للثقافة؟

المؤتمر يأتي بالتبادل مع مؤتمر الرواية، وكان المفروض أن يكون هذا العام، لكن لكون مؤتمر الرواية قد تأجل لذا فإن مؤتمر الشعر ينتظر أن يتم مؤتمر الرواية كي نبدأ بعد ذلك التخطيط للشعر، وهو مهم وفرصة للتواصل بين الأجيال المختلفة بشكل جيد.

khaled kamel-0920
 

هل اللغة العربية في خطر.. وكيف ننقذها؟

لم يكن قانون حماية اللغة العربية الذي تقدم به مجمع اللغة العربية للبرلمان المصري هو الأول لحماية اللغة العربية، فأول قانون ظهر كان في 1893 في عصر الخديو عباس حلمي، وكان يقول "لا تعطى شهادة الابتدائية لأي تلميذ غير متفوق في اللغة العربية" ثم صدر قانون مكمل لهذا القانون يقول "كل المحررات والاتفاقات تكتب باللغة العربية، وإذا كانت هناك اتفاقات مكتوبة باللغة الأجنبية لابد أن تترجم للعربية" كان ذلك في أيام الاحتلال البريطاني، ومنذ ذلك اليوم توالت عشرات القوانين والقرارات إلى اليوم لكنها لا تنفذ.

 

واللغة العربية في مدارسنا في حالة يرثى لها، ولم تعد اللغة الأولى في المدارس، لذا لابد أن نبدأ من المدرسة، ففي جيلى كانت حصة المكبتة مقدسة، ويكلف أحد التلاميذ أن يقرأ كتابا ويشرحه في حصة الخطابة، أنا قرأت كتاب الأيام لطه حسين، وقدمته في الفصل، وهذه هي التربية الثقافية الحقة.
 

قس على ذلك الحفلات والفنون والحفلات المدرسة كل ذلك هو ما نطلق عليه "التربية الثقافة".

 

ووفى سنة 1997 اتصلت بي مستشارة التربية والتعليم الدكتورة كامليا عبد الفتاح، وطلبت أغنيات قصيرة لمرحلة ما قبل المدرسة، تكون دليل المعلم، فقلت لها سأقدم لك نماذج من الفصحى، واستغربت أن نقدم الفصحى للأطفال،  لكنني تحديت وقدمت 50 نصا، ظلت لمدة 15 عاما تقريبا دليل للمعلم، وأنا تحديت نفسي في ذلك الموضوع، لاني أؤمن بأن اللغة العربية متعددة المستويات من البساطة إلى التعقيد والعيب ليس في اللغة لكنه فينا لأننا لا نعرف المستوى اللغوي المناسب.
 

فلغتنا العربية ثرية جدا، وأنا عندما أكتب عن الطفل فإنني أضع نفسي في مكان الطفل وأكتب له.

 

11

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع