أكرم القصاص يكتب: مصر تكسب الرهان على نجاح قمة المناخ

نجاح قمة المناخ وشكل التنظيم ومضامين السياق الذى تسير فيه المفاوضات تمهيدا للتوصيات، يكشف عن حجم الجهد الذى استمر لأكثر من عام، وتجسد ليس فقط فى الحضور الكثيف، لكن أيضا فى التعهدات والتوقعات بتوصيات مرنة قابلة للتطبيق عمليا لمواجهة خطر يهدد الأرض والبشر فى حياتهم. 

 

وقد عملت الدولة المصرية بإخلاص حقيقى لقضية التغير المناخى، وسعت بشكل متوازن لإقناع الأطراف الفاعلة والدول الكبرى بتقديم تعهدات مهمة واستعداد للتعامل من خلال مسارات عملية لدعم مواجهة التغير المناخى من خلال دعم التكيف، وقبول الصيغة التى قدمتها مصر بالبدائل للتخفيف والتفاعل.

 

وإذا تحدثنا عن مكاسب القمة، فهى مكاسب لأفريقيا ومصر فى تعهدات تحرك التقاعس السابق تجاه تنفيذ التعهدات، وقبول الصيغ البديلة من خلال «نوفى»، وهى مبادرة مصرية تسمح ببدائل مرنة للتمويل والمواجهة.

 

مصر أعلنت مبكرا عن الاستراتيجية الوطنية لمواجهة تغير المناخ، وأكد الرئيس أن الدولة تعمل بدأب على الإسراع من وتيرة التحول الأخضر والبرنامج الوطنى للاستثمار فى مشروعات المياه والطاقة والغذاء «نوفى»، لتعزيز الاستثمارات الخضراء، واقترح الإعلان عن المزيد من المساهمات المحددة وطنيا، ورفع طموح الاستراتيجيات لخفض الانبعاثات وإطلاق مبادرات طموحة وفعالة تجمع كل الفاعلين حول أهداف واضحة فى التكيف والتمويل، وأن ما تشهده مصر اليوم من تحول نحو الاقتصاد الأخضر منخفض الانبعاثات، فى كل المجالات، هو ترجمة عملية لما نادت به، من ضرورة التنفيذ الفعلى على الأرض، وخير دليل على أن الأمل فى التغلب على تحدى تغير المناخ، لا يزال قائما، إذا ما توافرت الإرادة والعزيمة، وهو أمر يدخل فى فتح باب مرن لكى تقدم الدول الصناعية تعهداتها.

 

وبجانب هذه المكاسب العملية فإن نجاح التنظيم هو شهادة للدولة ولشباب البرنامج الرئاسى للتدريب، بما يؤكد بعد نظر الرهان عليهم من قبل الرئيس السيسى والدولة، وهؤلاء يمكن أن يكونوا قاعدة لمضاعفة أعداد وكوادر إدارية مهمة وواجهة مشرفة للدولة، فيما يتعلق بعمل الفريق والسعى معا، ويمكنهم أن يدربوا كوادر أخرى تضع الشباب فى مكانهم المناسب.

 

وبجانب كل هذه المكاسب، هناك مكاسب براجماتية مباشرة من دخل ضخم نشّط السياحة، وقدّم دعاية سياحية لا تقدر بمال لشرم الشيخ ومصر، بجانب العوائد المباشرة، وهو أمر يتوقع أن توظفه المؤسسات السياحية بالقدر الذى يجعل العوائد متناسبة مع الإمكانات الضخمة، وربما يكون قطاع السياحة بحاجة لدراسة التجربة والتفاعل معها داخليا وخارجيا، وليس فقط الجهات الرسمية لكن الجهات التى تعمل وتستثمر فى السياحة، بل وأيضا فيما يتعلق بسياحة المؤتمرات الدولية الكبرى، تنظيما وتنفيذا.

 

لقد فازت مصر برصيد إضافى من الثقة الدولية والإقليمية، بجانب الرصيد السابق، بفضل قدرتها على تقديم نموذج متوازن ومخلص أمام العالم، وهو نموذج أطاح بأوهام ورهانات فاشلة فى عدم القدرة.

 

وهذه الثقة تضاعفت فى التعامل مع ما أتاحته الدولة من حرية تعبير طوال القمة حتى لهؤلاء الذين يتعاملون بتوجيه أو يسعون لتنفيذ خطط، فقد تعاملت المؤسسات المصرية والأجهزة المختلفة باحترافية ودبلوماسية نجحت فى تقديم صورة مصر بطموحها، فى مواجهة جيوب ظنت وهما أنها يمكن أن تلعب دورا، فقد أتيح المجال لعرض وجهات نظر مناصرى المناخ، بل وتمت إتاحة الفرصة لخصوم تعاملوا بعدائية وكراهية، وظهروا فى صورة مضادة لدعواتهم حول حرية الرأى.

 

ظل خطاب الدولة المصرية واضحا على مدى شهور فيما يتعلق بملفات حقوقية، تجسدت فى مبادرة الحوار الوطنى، وتفعيل لجنة العفو الرئاسى، باعتبار ذلك خيارا مصريا خالصا، يستجيب للداخل، ويرفض الخلط ويتمسك باستقلال القضاء والقرار واعتبار مفهوم مصر لحقوق الإنسان شاملا لكل العناصر، وأن باب الحوار مفتوح داخل مصر، وليس خارجها، فقد خرج مئات من المحتجزين منذ إطلاق مبادرة الرئيس فى إبريل الماضى، لا يمكن لمنصف إلا أن يعترف بأنه وفاء بالوعد وأنه يتم طبقا للدستور والقانون، وهنا مكسب مهم أساسه أن أبواب الحوار فى الداخل، وأن أصحاب المكيالين هم من يسيئون لحقوق الإنسان ويحولونها لتجارة وربح وليس سياقا إنسانيا، وهو ما تؤكد عليه الدولة، ويجهله من راهنوا على وهم التدخل، فخسروا الرهان وربحت مصر.

 

قمة المناخ بكل تفاصيلها تمثل إضافة لرصيد الثقة، وتأكيد لصدق التعامل بمكيال وخطاب واحد، وهو أمر يضاعف رصيد الثقة، تجاه مصر ودعوتها للسلام وإنقاذ الأرض.

 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع