من مؤامرات "أوباما ـ كلينتون" إلى الشراكة الاستراتيجية مع ترامب.. كيف استعادت مصر توازن العلاقات مع البيت الأبيض.. القاهرة أرغمت واشنطن على الاعتراف بإرادة "30 يونيو".. واتصالات السيسي وترامب بداية الانفتاح

من مؤامرات "أوباما ـ كلينتون" إلى الشراكة الاستراتيجية مع ترامب.. كيف استعادت مصر توازن العلاقات مع البيت الأبيض.. القاهرة أرغمت واشنطن على الاعتراف بإرادة "30 يونيو".. واتصالات السيسي وترامب بداية الانفتاح
من مؤامرات "أوباما ـ كلينتون" إلى الشراكة الاستراتيجية مع ترامب.. كيف استعادت مصر توازن العلاقات مع البيت الأبيض.. القاهرة أرغمت واشنطن على الاعتراف بإرادة "30 يونيو".. واتصالات السيسي وترامب بداية الانفتاح

كتبت آمال رسلان

من القطيعة والابتزاز، وصولاً إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، نجحت الدولة المصرية على مدار 4 سنوات اجتياز جبال الجليد التى نمت بينها والإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لترغم الأخير على الاعتراف بشرعية دولة 30 يونيو قبل الرحيل، وقبل أن يدخل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ويتسلم مهامه رسمياً ليفتح صفحة جديدة من العلاقات بين القاهرة وواشنطن قائمة على التفاهم والتنسيق فى الملفات الإقليمية والدولية المختلفة.

 

وتمكنت الدولة المصرية بسياسات "النفس الطويل" فتح قنوات اتصال قوية مع البيت الأبيض، تجلت واضحة فى إثناء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حتى كتابة هذه السطور عن قراره بنقل السفارة الأمريكية فى الأراضى المحتلة إلى القدس بفضل التحذيرات التى أطلقها الرئيس السيسى فى مواقف عدة، كما ظهرت متانة تلك الاتصالات فى إدارة الأزمة القطرية التى تقودها مصر ودول المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، الداعين لوقف الإرهاب الممول من الدوحة.

 

تحركات دولة 30 يونيو جاءت بعد السنوات العجاف بين القاهرة وواشنطن والتى بدأت فى سنوات الرئيس الأسبق حسنى مبارك الأخيرة داخل السلطة، عندما أصاب الوهن الإدارة المصرية على كافة الأصعدة لتتحول العلاقة مع "البيت الأبيض" إلى تبعية شاملة طمعاً فى تمرير مشروع توريث الحكم عبر بوابة واشنطن.

 

وبعد ثورة 25 يناير، وفى الفترة التى سبقت استيلاء الإخوان على السلطة، بدأ التوتر يدب فى العلاقات مجددًا عندما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، المرشحة الخاسرة فى سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة هيلارى كلينتون فى نوفمبر 2011، فى كلمتها أمام المعهد القومى الديمقراطى أنه "فى مصر تبقى مجموعة من المسئولين غير المنتخبين ديمقراطيًا، هم من فى يدهم زمام السلطة، وهم الذين سيزرعون بذور التخبط فى المستقبل"، وبدأت مرحلة جديدة من دعم الحكم الإسلامى فى مصر ودفع الإخوان الإرهابية للوصول للرئاسة، وتواصلت الإدارة الأمريكية مع رموز الجماعة، عن طريق السفارة الأمريكية فى القاهرة، بهدف تعزيز العلاقات بينهما، والاستعداد لتولى الإخوان الحكم.

 

وأبدى الرئيس أوباما، رغبة واضحة فى تولى جماعة الإخوان الحكم، وعمل على دعمهم من اليوم الأول، سواء عن طريق الدعم المادى أو السياسى، على أمل خلق حلفاء جدد لواشنطن فى المنطقة العربية حيث تم دعم الإسلاميين فى تونس وليبيا وسوريا بالتزامن مع صعودهم فى مصر.

 

ولم يكن أوباما يتخيل أن الحلفاء الجدد سيتعرضون إلى انتفاضة مصرية فى 30 يونيو 2013 بعد عام واحد من وصولهم للحكم، بعد أن انكشف الوجه الحقيقى للجماعة الإرهابية امام الشعب المصرى، لتتفاجأ الإدارة الأمريكية بالحشد الذى خرج إلى شوارع مصر فى 30 يونيو، ولم تكن تملك تقديرًا موضوعيًا للموقف، ولهذا جاء أداء البيت الأبيض المتوتر يوحى بأن واشنطن لم تكن قد رتبت أوراقها بعد، ولم تتوقع أن يخرج مرسى من القصر.

 

وتحججت واشنطن فى دعم مرسى بأنه يعد أول رئيس منتخب ديمقراطيا فى مصر، وانتقدت إطاحة الجيش به وتعليق الدستور، وتحول الدعم الأمريكى للإخوان إلى حالة عداء تجاه الشعب المصرى عقب ثورة 30 يونيو التى أطاحت بالجماعة الإرهابية، حيث عاقبت الإدارة الأمريكية مصر على ثورتها بقطع المعونات العسكرية وتوتر فى العلاقات دام خلال السنوات الماضية.

 

وفى 15 يوليو 2013 وصل ويليام بيرنز، نائب وزير الخارجية الأمريكى حينها، إلى مصر فى أول زيارة لمسئول أمريكى كبير منذ عزل مرسى، وأكد أنه لا يحمل حلولاً أمريكية، ولم يأت لنصح أحد، أو ليفرض نموذجًا أمريكيًّا للديمقراطية، وطالب بالإفراج عن المحتجزين من جماعة الإخوان.

 

وبعد مرور ما يقرب من شهر على فض اعتصامى رابعة والنهضة أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تجميد جانب من المساعدات العسكرية لمصر، ورهن استئنافها بتحقيق تقدم فى العملية الديمقراطية، وشمل القرار وقف تسليم الدبابات، والطائرات والصواريخ، و260 مليون دولار مساعدات نقدية لمصر.

 

وجاء ذلك رغم أن أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكى وبينهم جون ماكين حذروا من أن تصرفات إدارة أوباما تدفع بالعلاقات المصرية الأمريكية إلى منحنى الانهيار، وانتقد أعضاء الكونجرس الذين يرغبون فى خفض المساعدات الخارجية الأميركية لمصر التى سيكون لها تأثير كبير على مستقبل الشرق الأوسط، بما فى ذلك أمن إسرائيل.

 

أمريكا حاولت الضغط على الإرادة المصرية الوليدة، لكن السياسة المصرية تعاملت بذكاء وثبات، حيث نفضت عن نفسها تبعيتها فى العهود السابقة لواشنطن وقررت أن تنتهج سياسة مستقلة، وفتحت مصر علاقات مع عواصم كبرى أخرى احترمت رغبات الشعب المصرى، وكان الدب الروسى بديلا للسياسة المصرية الخارجية، حيث قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارتان لروسيا الاولى عندما كان وزيرا للدفاع والثانية بعد توليه الرئاسة، وكذلك زار الرئيس فلاديمير بوتين القاهرة فى خطوة لفتت انظار العالم إلى مصر الجديدة القادرة على بناء علاقات متعددة متوازنة قائمة على المصالح المشتركة.

 

ودفع ثبات الموقف المصرى من جماعة الإخوان الارهابية والحملة التى قادتها القاهرة فى الخارج لشرح حقيقة ما جرى فى مصر، والتى ادت إلى توالى دعم وتأييد العواصم المختلفة، دفع واشنطن إلى إعادة التفكير فى مواقفها خاصة بعد أن اجتاح الإرهاب العالم وتحقق ما حذر منه الرئيس السيسى بعد 30 يونيو.

 

وأجبرت السياسة المصرية أوباما قبل نهاية مدته الرئاسية الثانية على التراجع عن مواقفه ضد مصر وقاد محاولات تلطيف الأجواء، حيث أجرى اتصالا هاتفياً مع الرئيس السيسى لتهنئته على تنصيبه و"التعبير عن التزامه بالعمل معاً لتعزيز المصالح المشتركة للبلدين".

 

ومع دخول دونالد ترامب الذى أبدى من اللحظة الأولى إدراكا لأهمية ومكانه مصر وقدم خطوات إيجابية لدفع العلاقات مستقبلا، وفى نوفمبر 2016 كان الرئيس عبدالفتاح السيسى من أوائل قادة العالم الذين هنأوا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفوزه فى الانتخابات مباشرة بعد إعلان النتائج، حيث أعرب عن أمله فى «بث روح جديدة» فى العلاقات المصرية ـ الأمريكية، وفى ديسمبر 2016، قبيل تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، تلقى السيسى مكالمة هاتفية من دونالد ترامب، وتم التطرق خلال الاتصال إلى مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية، بعد تولى الإدارة الجديدة مسئولياتها بشكل رسمى.

 

وكانت القمة المصرية الأمريكية بين السيسى وترامب فى واشنطن فى العاصمة السعودية الرياض، على هامش القمة الإسلامية الأمريكية، والتى سبقتها قمة بينهما فى البيت الأبيض، فضلاً عن الاتصالات الهاتفية التى جمعت الزعيمين بمثابة بداية لصفحة جديدة يقدم فيها الفعل على القول، ويتقدم فيها التفاهم على الإملاءات والشروط.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع