حكايات برلمانية عن أسرار مجلس النواب.. دور أحمد سعد ومحمود فوزى ذراعى عبد العال.. من وراء عدم ظهور قانون المحليات؟ سر صمت الأزهرى وطاهر أبو زيد فى الجلسات.. لماذا لم يشكل البرلمان لجان تقصى حقائق؟

حكايات برلمانية عن أسرار مجلس النواب.. دور أحمد سعد ومحمود فوزى ذراعى عبد العال.. من وراء عدم ظهور قانون المحليات؟ سر صمت الأزهرى وطاهر أبو زيد فى الجلسات.. لماذا لم يشكل البرلمان لجان تقصى حقائق؟
حكايات برلمانية عن أسرار مجلس النواب.. دور أحمد سعد ومحمود فوزى ذراعى عبد العال.. من وراء عدم ظهور قانون المحليات؟ سر صمت الأزهرى وطاهر أبو زيد فى الجلسات.. لماذا لم يشكل البرلمان لجان تقصى حقائق؟

دون تخطيط مسبق، أصبحت مراقبًا يوميًا لأعمال البرلمان، وشاهد عيان على أغلب تفاصيله، ليس ما يذاع على الهواء من جلسات ولجان برلمانية، ولكن ما يطبخ ويصنع فى الغرف المغلقة لجناحى البرلمان، أغلبية ومعارضة..عملى صحفيًا وضعنى على تفاصيل يومية جديدة فى دائرة صنع القرار السياسى بالبلاد، تفاصيل لا تحمل الشكل النهائى لأى قرار سياسى أو موقف حزبى، إنما تفاصيل تتمثل فى جميع مراحل صياغة القرارات، والتفكير فى مساراتها ونتائجها السياسية، وكذلك دور المؤسسات خارج البرلمان، وعلاقتها بالمجلس نفسه، وتحديد مجلس الوزراء المصرى، الذى لا يبعد سوى خطوات قليلة عن مقر البرلمان المصرى.

8 أشهر بلا لجنة تقصى حقائق.. هل يخاف البرلمان من تقصى الحقائق بعد لعنة خالد حنفى؟

أكثر قضية برلمانية نالت شعبية كبيرة فى الشارع طوال دور الانعقاد الأول، كانت لجنة تقصى حقائق فساد القمح، وتسببت فى جدل كبير لدى الرأى العام بعد ما كشفته من فساد وإهدار مال عام فى صوامع القمح، وصل إلى 559 مليون جنيه.. وأنهت اللجنة أعمالها بإعداد تقرير برلمانى أطاح بوزير التموين خالد حنفى من الحكومة.

 

ومنذ بداية دور الانعقاد الثانى انشغل عشرات النواب بتكرار نموذج لجنة تقصى حقائق القمح، ولكن فى قضايا أخرى تتضمن جوانب كبيرة من الفساد تستحق أن تكشف تفاصيلها للرأى العام، وتواجه بها الحكومة، وترد بكل شفافية عما إذا كانت مقصرة فيها أم ماذا، وكان من بين لجان تقصى الحقائق المطالب بتشكيلها فى دور الانعقاد الثانى، لجنة تقصى حقائق فساد المجتمعات العمرانية، وإهدار ملايين الجنيهات فى القرى السياحية بالساحل الشمالى، ولجنة تقصى حقائق الفساد بوزارة الزراعة، التى تصدر الحديث فيها النائب مجدى ملاك، وأعلن عن امتلاكه مئات الأوراق والمستندات عن فساد هيئة التنمية والتعمير بوزارة الزراعة، ولجنة تقصى الحقائق فى فساد أموال المعاشات، وأين ذهبت، وحقيقة الاستيلاء عليها من قبل وزارة المالية وقت وزارة يوسف بطرس غالى، ولجنة تقصى حقائق فى وقائع فساد الأدوية، ومخازن «بير السلم»، وحقيقة بيع الأدوية المنتهية الصلاحية، والتلاعب فى الأسعار بين الشركات المنتجة، وكان النائب أيمن أبوالعلا من أبرز المطالبين بها.

 

رغم أهمية عناوين لجان تقصى الحقائق، ورغم جدية القضايا محل البحث والتحقيق البرلمانى، ورغم أهمية المعلومات التى قد تكشفها اللجان المختلفة، ورغم تأكدنا دون تحقيق أنها ستكشف فعلًا وقائع فساد، فإن البرلمان لم يتخذ قرارًا واحدًا بتشكيل لجنة واحدة، جميع اللجان حبيسة أدراج المجلس، لم تخرج للنور بعد، وانتهى دور الانعقاد بلا لجنة واحدة، حتى أن أحد الأصدقاء من النواب أبلغنى بأن حوارًا جانبيًا دار بينه وبين إحدى قيادات البرلمان عن السر فى تعطيل لجان تقصى الحقائق، فكان رد القيادى بالبرلمان أن المجلس لن يكرر واقعة خالد حنفى، ولن يكرر تجربة فساد القمح.

 

تفاصيل هذا الحوار الجانبى عن تعطيل لجان تقصى الحقائق فى البرلمان، وتحديدًا جملة «لن نكرر سيناريو خالد حنفى»، تحمل فى طياتها تفسيرات من نوعية أن البرلمان لا يميل إلى الصدام مع الحكومة، أو إلى كشف أى ورقة من أوراق الفساد بالحكومة، أو حتى لا يريد مزيدًا من الجدل عن قضايا تشغل الرأى العام قد تتسبب فى التشكيك بأداء أى مسؤول من مسؤولين بالحكومة، خاصة أن الوزير خالد حنفى لم يكن وزيرًا عاديًا، كان ذا ثقل، وزير يحمل مسؤولية حقيبة مهمة، هى التموين، ومن الوزراء المقربين للقيادة السياسية.

 

الثابت هنا أن لعنة خالد حنفى كانت أمام صناع القرار بالبرلمان، لا إعلان عن تشكيل لجان تقصى حقائق برلمانية، ولا تكرار لنموذج وزير التموين، وبالفعل انتهى دور الانعقاد الثانى بلا أى لجنة، وأستطيع أن أتعهد لحضراتكم أن دور الانعقاد المقبل وما بعده سينتهى أيضًا بلا لجان تقصى حقائق، إلا إذا كانت هناك نية لتغيير الحكومة بالأساس.


خرجت كل القوانين إلا المحليات.. من صاحب المصلحة فى عدم خروجه للنور؟

لم تعقد لجنة فى البرلمان جلسات حوار مجتمعى حول قانون بقدر لجنة الإدارة المحلية، عشرات من جلسات الحوار، استضافت محافظين سابقين وحاليين، وزراء بالحكومة الجديدة والقديمة، من أجل صياغات محكمة لقانون الإدارة المحلية، القانون الذى ينظم عمل المجالس المحلية، ويؤسس لانتخابات المحليات، ولكن رغم كل هذا الجهد المشكور من المهندس أحمد السجينى، فإن القانون لم يخرج للنور، فى مقابل قوانين لم تحظَ بمناقشات طويلة أو ساعات عمل أو حتى ورش برلمانية لمواده، خرجت للنور، ولك أن تعلم مثلًا أن الأسبوع الأخير فى البرلمان ليس الأسبوع الأخير، الجلسة قبل الأخيرة من البرلمان شهدت موافقة المجلس على 4 قوانين، هى الهيئة الوطنية للانتخابات، وقانون المجلس القومى لحقوق الإنسان، وقانون تغليظ عقوبة زراعة الأعضاء، وتعديل قانون الأحوال الشخصية.

 

قطعًا لأى تشكيك.. القوانين الأربعة مهمة، وتعديلاتها جوهرية، وإصرار البرلمان على خروجها قبل انتهاء دور الانعقاد دليل على ذلك، ولكن أهميتها تتوازى مع قانون الإدارة المحلية، الذى انتهت منه اللجنة فى 30 إبريل الماضى، أى قبل 3 أشهر من انتهاء دور الانعقاد، ولا يزال حبيس أدراج الأمانة العامة للمجلس، ولم يخرج للنور.

 

السؤال: من وراء تعطيل القانون؟ ومن يريد تأجيل انتخابات المحليات لأجل غير مسمى؟ ولمصلحة من يتم ذلك؟


أين اختفى المنظّرون سياسيًا باسم المجلس؟

مع بداية تشكيل ائتلاف «فى حب مصر» كان الخماسى سامح سيف الليزل، وأسامة هيكل، وسعد الجمال، وعلاء عبدالمنعم، ومصطفى بكرى، المنظرين باسم هذا الائتلاف السياسى حديث التأسيس، يتجولون فى المحافظات، يعقدون جلسات مع القوى الشعبية والسياسية، يظهرون على شاشات الفضائيات للحديث عنه وعن مستقبله.. مرت شهور وتغيرت خريطة ائتلاف فى حب مصر «دعم مصر»، رحل سامح سيف الليزل، وخرج علاء عبدالمنعم، وتراجع دور أسامة هيكل، وتبنى مصطفى بكرى مواقف مغايرة، ودخلت وجوه سياسية جديدة على المشهد، يتحدثون باسم الائتلاف، هما محمد أبوحامد، وصلاح حسب الله، كل منهما يحاول جاهدًا تقديم المواقف السياسية، وشرح أسباب اتخاذها، ولكن القضايا اليومية والأحداث أكبر من أن يتولى النقاش فيها «حسب الله» و«أبوحامد» فقط، وهو ما يضع ائتلاف «دعم مصر» فى أغلب الأوقات فى موقف حرج، لصعوبة تبرير المواقف، لأنه حتى القيادات الجديدة فى «دعم مصر»، مثل محمد السويدى، وأحمد سمير، وعمرو غلاب، ومحمد على يوسف، وحسين عيسى، يبعدون عن النقاشات الساخنة، وعن الصوت العالى، ويبعدون عن الاشتباك حتى مع نواب المعارضة، ويفضلون الصمت فى القضايا الجدلية.

 

كنت شاهد عيان على إحدى جلسات البرلمان، التى خصصت لمناقشة تعديلات قانونى الصناعة والسجل التجارى، بحضور الوزير طارق قابيل، هاجم نواب المعارضة طارق قابيل.. الوزير لا حول له ولا قوة، يحاول جاهدًا أن يصد الهجوم ولكن دون جدوى، فقام النائب محمد أبوحامد يدافع عن الوزير وحيدًا فى القاعة، رغم أن القاعة كان ممتلئة بعشرات النواب من «دعم مصر»، ولكن للأسف كان يدافع وحيدًا دون مشاركة من أى نائب آخر.

 

النقاش فى هذه الجلسة هو نموذج لكل النقاشات فى جلسات متتالية للبرلمان، نائب من المعارضة، ووزير من الحكومة، ومن الأغلبية إما «أبوحامد» أو «صلاح حسب الله»، تكرر ذلك فى قانون الجمعيات الأهلية، وفى قانون الخدمة المدنية، والاستثمار، والهجرة غير الشرعية..هذا المشهد يدفعنا للسؤال عن المنظّرين باسم المجلس، أسماء محددة، معروفة بالاسم، لا يتحدث غيرها، لا يجادل غيرها، دائمًا المشاجرات فى المجلس محصورة بين أسماء معروفة من الأغلبية والمعارضة.. الثابت هنا أن المجلس ملىء بالأعضاء، لكنه فقير فى الأعضاء المنظّرين باسمه من الطرفين. 


 على عبدالعال لا يدخل القاعة دون هؤلاء

شخصيتان أساسيتان يعتمد عليهما الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، فى كل الأعمال البرلمانية، من ترتيب القضايا والكلمات والأولويات، وجداول الجلسات، وصنع وطبخ القرارات، وصياغة التفاهمات، وحتى رسم السياسة العامة للمجلس، هما المستشاران أحمد سعد الدين ومحمود فوزى، كلاهما من أبناء مجلس الدولة، وكلاهما من أبناء محافظات الدلتا، «سعد الدين» من مواليد محافظة الغربية، و«فوزى» من مواليد كفر الشيخ.

 

لو أسقطنا المناصب القيادية فى فريق الكرة على «سعد الدين» و«فوزى»، فيمكن القول إن أحمد سعد الدين هو المدير الإدارى لمجلس النواب والمهندس التنظيمى، وفوزى هو المدير الفنى والمهندس التكتيكى والقانونى، وكلاهما يتعامل مع الدكتور على عبدالعال بصياغات واضحة، ونجحا فى الأشهر الماضية فى فهم عقليته وطريقة التعامل معه، ووصلا لمعادلة سليمة تدعم العلاقة يومًا بعد يوم. 

 

بدون «سعد الدين» و«فوزى» لا يستطيع على عبد العال ممارسة رئاسته، المجلس ممتلئ بالمستشارين، ولكن ليس كمثلهما، هما ورقة التفاوض الأساسية فى أى قضية جدلية، وهما مصنع أفكاره، وهما مرآته.

 

حتى الآن، كلاهما يلعب الدور الصحيح، إلا نقطة واحدة، هى أنهما لا ينقلان للدكتور على عبد العال الانتقادات الموجهة إليه، أو حتى الأخطاء التى يقع فيها سهوًا.. أظن أن قيمة المستشار الحقيقى فى الحياة هو أن يكون مرآة بحق، ينقل كل شىء، السيئ قبل الجديد، والدكتور على عبد العال مثله مثل أى مسؤول، يصيب الحقيقة، وبعض الوقت يقع فى فخ الخطأ. 


عنوان البرلمان.. التأخير الدائم عن مواعيد الجلسات 

دار حوار طويل بين أعضاء الأمانة العامة للبرلمان قبل انعقاد أول جلسة فى البرلمان فى 10 يناير 2016، عن كيفية توفير مقاعد للنواب فى ظل العدد الكبير، 596 عضوًا، وما كان إلا استغلال الطابق الثانى لقاعة البرلمان المعروفة بشرفة الصحفيين لكى يجلس فيها النواب، ويتم تجيهز مكان بديل للصحفيين، وبالفعل كان للقرار السليم للأمانة العامة دور فى الخروج المشرف لليوم الأول للبرلمان، بما يحمله من زحام فى القاعة.. تمر الأيام وتظهر الكراسى الفارغة، ويتكرر المشهد مع كل أسبوع جلسات برلمانية، لدرجة دفعت على عبدالعال إلى التحذير والتنبيه، والتهديد بفرض عقوبات، ولكن دون نتيجة من النواب، نفس الغياب، ونفس الكراسى الفارغة.

 

اعتقادى من مشاهداتى اليومية أن عدم حضور النواب سببه تراجع الدكتور على عبدالعال عن وعده بإعلان اسماء النواب المتغيبين دائمًا، أو النواب غير الملتزمين فى حضور الجلسات، حذر وهدد بشأن إعلان الأسماء فى الصحف أكثر من مرة، لكنه تراجع، هذا التراجع حمل معه تماديًا من النواب فى المقابل، ترتب عليه أن عددًا من الجلسات المهمة تأجلت بسبب عدم اكتمال النصاب القانونى، فضلًا عن أن البرلمان لم يشهد جلسة واحدة فى دور الانعقاد الثانى بدأت فى موعدها، جميع الجلسات تأخرت للأسف.


نواب بيانات لا يحضرون الجلسات 

من بين أبرز الظواهر فى دور الانعقاد الثانى، ظاهرة البيانات الصحفية، عدد ليس بالقليل من النواب يصدر بيانات بشكل دورى، بمعدل 3 بيانات فى الأسبوع، ويتنوع البيان ما بين إدانة أو مطالبة أو رأى سياسى، واللافت هنا أن أغلب البيانات الصحفية يتم إرسالها من إيميل Parlaman1616@gmail.com، وبالبحث وراء الإيميل تبين أنه أقرب لمكتب «Pr» للنواب، يديره صحفى عمل لسنوات طويلة كمحرر برلمانى ولا يزال، ويدار من داخل مجلس النواب، مقابل أجر شهرى من كل نائب. 

 

قائمة نواب بيانات Parlman1616، تضم حسين أبوجاد، ومحمد المسعود، وحسين أبوجاد، وعبلة الهوارى، ومحمود خميس، واللافت أنه من كثرة البيانات تشعر أن هؤلاء النواب الأكثر نشاطًا وجدلًا داخل جلسات ولجان المجلس، ولكن الواقع غير ذلك.. إن أخضعنا النواب للتقييم من ناحية النشاط فهم نواب الفئة الثالثة، لا هم صناع قرار، ولا هم أصحاب كلمات مؤثرة.


طاهر أبوزيد وأسامة الأزهرى.. ضجيج بلا عمل 

إعلان اسم أسامة الأزهرى ضمن قائمة النواب المعينين فى البرلمان المصرى، كان دافعًا كبيرًا للإشادة بكل المعينين.. «الأزهرى» رجل دين وسطى، صاحب علم، ويمثل مستقبل التنوير فى مصر، ولكن مر دورا الانعقاد الأول والثانى بلا أى نشاط ملحوظ، لا كلمات مؤثرة تحت قبة البرلمان، ولا مشروع قانون مثيرًا للجدل، ولا حتى طلب إحاطة، ولا بيان عاجلًا ضد وزير، اللهم إلا تنظيمه صالونًا قبل شهرين بمجلس النواب حمل عنوان «الصالون البرلمانى»، وانعقد لمرة واحدة، ولا نعرف مصيره حتى الآن. 

 

فى السياق نفسه، وزير الرياضة الأسبق طاهر أبوزيد، دخل المجلس وكان متحمسًا جدًا، ونحن أيضًا كنا متحمسين لنشاطه، وبمرور الأيام تغير الحال، اختار اللجنة الدينية التى لا يوجد بينه وبينها أى رابط، وطوال جلسات البرلمان لم نشهد له كلمة قوية تحت القبة، أو مداخلة فى مشروع قانون أثار جدلًا، والأغرب أن مجاله الأساسى، وهو الرياضة، كان غائبًا عنه تمامًا، والواقع خير شاهد، فقانون الرياضة الذى طالما دخل طاهر أبوزيد فى مناقشات طويلة بشأنه، كان يناقش فى لجنة الرياضة، ولم يهتم «أبوزيد» أو يشارك فى أى اجتماع، أو حتى تقديم أى مقترح. 

 

أداء «الأزهرى» و«أبوزيد» يطرح مزيدًا من علامات الاستفهام، ويفتح باب الجدل حول مستقبلهما تحت القبة الفترة المقبلة.

 

غداً.. نكشف من هو رجل الحكومة القوى تحت قبة البرلمان

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع