بوابة صوت بلادى بأمريكا

صفوت عطا الله يكتب: الحنين إلى الذكريات

لا أعلم أو أعرف لماذا يرغب المرء أحيانا في العودة إلى الماضي والخوض في الذكريات!، ربما كل ما تقدم بنا العمر؟ أو .. ربما حين نفقد عزيز لدينا أو .. ربما هو حنين طبيعي يحتاجه الإنسان فيعود به للماضي حتى يستطيع التطلع للمستقبل أو كما قيل:

"إذا أردت فهم الحاضر فعليك بدراسة التاريخ".

أتذكر جيداً أول كلماتي في تلك الجريدة صوت بلادي منذ أكثر من " سبعة عشرة عاماً " وكانت عبارة عن تعليق شخصي على كتابها الأفاضل العظام في سطور قليلة ولم أتصور أبداً أو أتخيل أو أتوقع أن بهذه السطور القليلة سيكون لي موطئ قدم وموقع ومساحة دائمة بعد ذلك !.

 

فاكس صوت بلادي

عزيزي الأستاذ ، بعد السلام والتحية:

عيني باردة عليك ويحميك من العين والحسد على صوت بلادي الجريدة الأولى في المهجر ( 100% ) والإعلانات ( 60% ) بينما نقرأ نحن في الـ ( 40% ) فقط ! .. على العموم، أطلب من ربنا محب البشر إنه يكثر من أمثالك يامحب ياغبور وإن شاء الله الجريدة تصبح جريدة أسبوعية.

جاء الليل فصاحبتني جريدة صوت بلادي وتجولت في فضائها العامر حيث يحلو الكلام والتعليق:

ياللا ياعصفورة طيري مع الأستاذ عصفور وبالطيران والتنصت على الخلق هنا وهناك ( علشان ) نتعرف على النصابين .. قولوا آمين .. ويرجعهم بلدهم سالمين من غير بهدلة وربنا غفور حليم!.

إن فاتك الميري أجري وأقرا موضوعات الميري على الصفحة الثالثة . ويا سلام مع كوباية شاي ( ع الكانون ) في صفحة القانون تعرف آخر الأخبار والقوانين والتعليمات اللي زي لرز في اليومين إللي زي الزفت!

ياأستاذ حنا والله أنت مش محامي وأديب وفنان وكاتب بديع وبس .. أنت مبدع وشوية شوية تبقى مذيع كبير في التليفزيون في البرنامج الكبير .. ( معلهشي يازهر ) وسيبك من برنامجك ( خانة العك ).

أما فرانسوا أبن أبونا بولس باسيلي، كلامك زين وحلو ومليح زي كلام البابا شنودة ربنا يديم عليه الصحة والعمر.

عرفت جورج البهجورى فى رسوماته وفى امريكا عرفت فايز البهجورى فى نادى البهجورى وحكاياته واشعاره وكله بثوابه.

أسمك ذهب وكلامك ذهب يارب تبقى فرحان على طول يااستاذ دهب. وياصفوت برسوم معجب بكلامك والاسئله اللى هى وكمان باسمكوصورتك فى لوحة الشرف تشرف كل مصر أصل اسمك على اسمى. ثلاث حوارات فى عين العدو يابنت ابويا اصلى اسم ابوكى على اسم ابويا وحتى لو كان جدى برضه عطا الله. أما أنت يابن حنضله فكلامك زى السكر والشهد والله العظيم مش مجامله كله حكمه وموعظه بس اللى يفهم طيب عرفت اسمى ولا غلب حمارك. عينى عليك يامحب الكوره ولادورى ولاكأس باذن الله يا اهلى يامحتاس تقلب وترفع الرأس والزمالك بطل الدورى وبرده خرج من الكأس وعجبى. كتر الضحك ياعريان شويه ولا انت بخيل زى الصعايده خليهم ساعتين لقلبك وكله بثوابه. فى البلد زمان كان عندنا ضابط اسمه توفيق حنا مش كاتب هو تشابه اسماء والله الكتابه فضلوها عن الشرطه ستين مره. والنبى هنكيد العزال بالشكشكه بالدبابيس وفضفض على كيفك محدش واخد حاجه علقه تفوت ولاحد يموت مره كل شهر والحمد لله مش كل اسبوع. صفحات الحريم والانجليزى خلى كلامنا خفيف عليهم توته توته فرغت الحدوته من الاقوال الغير مأثورة مكسور الخاطر صفوت عطا الله.

كان رد صوت بلادى كالآتى:

كلامك حلو وزين باريت تزودها حنين ،اسف لعدم الرد على الفاكسات والخطابات التى وصلت الى الجريده على ان نواصل تقديمها فى الأعداد المقبلة بإذن الله.

وكانت أول مقاله لى عبارة عن دوبلاج بين أسرتى المقدس محروس والحاج حسان تعبيراً عن العلاقات الازليه المملوءه حب وسلام وتآخى وجيره رساله لكل متعصب ومتطرف يحاول شق الصف ويخرب الديار ويفرق بين الأبناء بإعمالهم الاجراميه والحرق والتدمير والتخريب وكانت باسم:

"وصاح الديك"

جلست يوماً على عتبة دوار اوتيل ثلاث نجوم ساعة الفجريه واشعة الشمس بدأت تتسلل من بين الاغصان مع زقزقة العصافير وتغريد البلابل سرحت شويه مش بعيد كلها فردة كعب من هنا حوالى ستة آلاف ميل حسبه 9600 كيلومتر وعلى شاطئ النيل يحلا المواويل وعلى بيت الحاج حسان لزق بيت المقدس محروس لقيت الديك كركور على حافة سور السطح منقوش الريش وبأعلى صوت وباللحن الجميل كوكو.. كوكو ولا احسن ساعه يابانى ماركة سى كو.. كو ابتسمت الشمس من بعيد من على سفح الجبل بعت احلى صباح للناس الطيبه وترامى الى مسامعى لحن الحب النقى الصافى يسعد صباحك ياست ام جرجس والنبى لما تنزلى السوق هاتيلى ربطة فجل وربطة جرجير. تتصبحي بكل خير من عندى يام خميس الواد بليه بيعط عاوز امبو كل يوم يغرق الملايه اصله من اكل البطيخ فى الليل أصح ياخميس الشمس على الحيطه شبرين. يام خميس البنات عامله إيه البنت دهبيه والبنت دميانه اسم النبى حارسهم قاعدين على اللمبه الجاز بإذن الله ياخدوا السنادى الليسانس بامتياز.

بركة الست ام النور معاهم نذر عليا اولعلهم شمعه قدام صوروا العذرا لما أروح الكنيسة الحد الجاى إتاخرت على الشغل ياجرجس. يافتاح ياعليم يارازاق ياكريم ناويت اصلى ركعتين الله اكبر. نشكرك يارب على كل حال ومن أجل حال وفى كل حال حرماً ياحاج. جمعاً فى القدس ان شاء الله نهارنا فل ياخواجه محروس. شايف ديكم عامل ايه بيفكرنى بالمعلم قرنى ابوك اللى كان شنبه يشيل صقرين ياسلام من غير منبه ولا ساعه ولا احسن ميقاتي فى العالم. الواد جرجس وخميس معاهم راديو بيلعلع الديك بينده كوكو.. كوكو فى الفجريه يلا بينا على باب الله ياصنايعيه. تعرف ياخميس مين الديك اللى هلل سمع العالم كله. العالم كله لع غلب حمارى مين هو. ده الديك اللى كان فى فلك نوح مش العالم كله جوه الفلك. عارف ياجرجس انا قريت عن ديك باض بيضه فى سويسرا سنة 1474 وكانت له حكايه عجيبه اتعملت محكمه وصدر حكم باعدام الديك حرقاً والبيضه كمان لانه عمل منافي للطبيعه. يجي يشوفوا النهارده بيعملوا ايه لاحد عارف الصح من الغلط. يامقدس محروس سمعت عن الديك اللى معجبوش الحال المايل فى العراق راح فقع عين عسكرى كان عاوز يتصور معاه. امبارح فى الراديو شهريار الملك ماقتلش شهرزاد بعد ما الديك صاح لانه عاوز يكمل الحكاية صحيح حلوة بصحيح أنت عارف ياحاج عندنا في الكتاب المقدس التلميذ بطرس لما سمع الديك خلّاه يبكت خميرة ويبكي على غلطته في حق المسيح لما أنكره ثلاث مرات.. كل ده يطلع من الديك ياخواجة مش الديك الفصيح من البيضة يصيح طب إيه رأيك في المثل إللي بيقول: " لا أمانة لبيت يعلو فيه صوت الدجاجة على صوت الديك. صح مائة بالمائة .. البنات رايحين المدرسة بيغنوا طلعت يامحلا نورها شمس الشموسة ياللا بنا نملا ونحلب لبن الجاموسة ولما شافونا اتكسفوا وبطلوا غنا .. ماهو مافيش حلب جاموسة دلوقتي .. كله دلوقتي اوتوماتيكي .. ألا صحيح يا بو جرجس .. هما في أمريكا بياكلوا الديك الروميزي ما بندبح الخرفان في عيد الضحية .. أيوة عندهم عيد أسمه عيد الشكر بس البلدي يوكل ( عما أولة إمبارح ) أم جرجس دبحت جوزين ديوك على عيد الرسل متعودين من زمان حتى بنقول عليه عيد الديوك كانوا يستاهلوا بقك .. لكن الجايات أكتر بس ماتنساش الحكايات الحلوة .. توكلنا على الله ونشوفك في العصاري يابو جرجس .. طريق السلامة ياحاج.

ياسلام ع الحب وحلاوة الحب .. الحب يديم يارب الحب بين ولادك ياحبيبتي يامصر وصاح الديك فسكت عن الكلام المباح !

من أظرف المواقف بسبب مقالتي التالية التي كنت أنعي فيها اللحلوح باشا كانت مع صديق لي اتصل بي ليقدم واجب العزء في المرحوم فسألته في دهشة واستغراب: ( مرحوم مين ؟؟ ) فقال لي قريبك الذي كتبت نعيه في الجرنان فانفجرت بالضحك وطلبت منه استكمال قراءة النعي داخل العدد حتى يتعرف أكثر على عائلة المرحوم لحلوح باشا !! .. فكانت فكاهه وقفشة ظريفة لا تنسى.

 

نعي المرحوم لحلوح باشا

"إنا لله وإنا إليه راجعون"

تنعي العائلة الورقية النقدية للأمة المصرية عميدها المرحوم الجنيه المصري الشهير بلحلوح باشا ( سابقاً ) بعد شيخوخة صالحة توفي على إثر حادث أليم المرحوم الفقيد حينما كان يسير ببطئ على شاطئ النيل وانزلقت رجليه وسقط في الماء .. وبينما حاول البعض إنقاذه وتعويمه إلا أنه فقد توازنه أمام الأمواج العاتية وتيارات العولمة الشديدة فدخل على إثرها غرفة الإنعاش إلا أنه لم يستجب للعلاج وانخفضت قيمته إلى 12 سنت بالمقياس الأميركي مما أدي لهبوطه وركوده بالسكتة النقدية.

والفقيد سليل أرقى العائلات الورقية في العالم وقد ولد حسب مقتضى المرسوم العالي المؤرخ في 25 يونيو 1898 وهو أبن المرحوم جنيه المجيدي العثماني والمرحومة مائة هانم الحمرا والفقيد زميل السير الإسترليني بجامعة أكسفورد بلندن وتتلمذ على يديه مسيو فرنك الفرنسي والسنيورة ليرة الايطالية والأستاذ دراخمة اليوناني.

وقد كان للفقيد قيمة واعتبار في عالم الجنيهات الذهبية ووالد كل من المعلم نص والمرحومة بريزة هانم زوجة المرحوم قرش بك عميد عائلة القرشي والمرحومة تعريفة هانم بنت العشرين بارة وأولادهما الحاجة نكلة والسيدة أم مليم.

والفقيد أبن عم المرحوم دينار صدام والمرحومة جنيه السوداني وإبن خال دينار هانم الكويتية والشيخ ريال السعودي ودرهم بك وباقي أفراد العائلة بالأمارات.

والفقيد كان يتمتع بسمعة طيبة وله صولات وجولات في سالف العصر والأوان وكان يتباهى أمام الخلق بأنه أزيد من الجنيه الذهب بما قيمته مائة فضة وكان الدولار الأميريكي يقف أمامه بكل تواضع واحترام.

كان المرحوم صاحب مهابة وتتهافت عليه الناس من كل العالم للاقتناء من أجل التذكار لحلاوة منظره حيث كان يتزين بصور الملوك والآثار الفرعونية الجميلة وكان يتصدر معظم فاترينات البنوك العالمية.

وقد تم تشييع جنازة المرحوم من جامع قايتباي حسب وصيته بآخر رسم عليه وكان يتقدم صفوف الجنازة حاملي الأعلام وباقات الزهور والنياشين والميداليات التي حصل عليها خلال مائة عام.

وفي مقدمة المشيعين كان فخامة رئيس الوزراء صاحب الخطوة الجريئة بتعويمه ومعالي وزير المالية ورؤساء البنوك الوطنية والعربية وعشرات الآلاف من الشعب المطحون يترحمون على أيامه السالفة وكانت النساء يبكين على أخلاقه وقيمته العالية في الماضي.

والنعش كان ملفوفاً لأول مرة بالأعلام المصرية القديمة باللون الأخضر والهلال الأبيض وكذلك الأعلام الجديدة بألوانها الثلاثة الأحمر والأبيض والأسود تقديراً لدورة المشرف في الميزانيات المالية لسنوات طويلة وحيث وارى المرحوم الثرى بمدافن العائلة بجوار والديه الصالحين وأبنائه الأبرار وأحفاده بناحية لاظوغلي باشا وزارة المالية ولا عزاء للسيدات ونسألكم الفاتحة.

لا أراكم الله مكروهاً في عزيز لديكم.

تلغرافياً: المعلم نص درب الخمسين – مصر المحروسة.