لأفلاطون قول مأثور: «نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر، ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤ أن نفكر».
لست فى معرض الدفاع عن مؤسسة «تكوين الفكر العربى»، ولدىَّ تحفظات أساسية على طروحات شخوصها، بالسوابق نُعرف ويُعرفون، وإذا عادوا مستقبلًا لطرح ما لا يُستساغ فكريًّا ودينيًّا عدنا لنقد، بل رفض طروحاتهم.
لا مصادرة على المطلوب، متحفظ بشدة على نزوع البعض (حماسة) إلى تكفير شخوص «تكوين» جزافيًّا، التكفير فتنة، نار موقدة، سيحترق بها مُشعلوها وهم يلوحون بها فى وجوه «تكوين».
وجب علينا الدفاع عن الحق فى التفكير، تترجم حرية التفكير، والرد ليس بإشعال النار فى حقول الفكر، نملك عقولًا راجحة، الحجة بالحجة، والفكرة بالفكرة، والبينة على المدَّعِى (متفق عليه).
لا «إبراهيم عيسى» خرج علينا شاهرًا سيفه، ولا «يوسف زيدان» ظهر بحزام ناسف، ولا «إسلام بحيرى» أصدر فيديو تهديد من تحت راية سوداء.. لماذا إذن الهلع من إطلاق مؤسسة فكرية، ليست جماعة تكفيرية، منتدى يطلق أفكارًا، لا يطلق رصاصًا؟!.
اجتماع نفر من (العقلانيين) علانية، يُعملون عقولهم، يُصيبون ويُخطئون، نُصوبهم.. لا نُصوب عليهم.. هشتاج (غلق) مركز «تكوين»، مَن ذا الذى يغلق الأبواب على العقول، ويصمها ابتداء بالكفر، يصفونهم تجمع «مُنكِرى السُّنة»، ويطلبون رقابهم فى الفضاء الإلكترونى؟!.
الحملة التى طالت شخوص تكوين الأيام الفائتة شنيعة، ويتجمع عليها كثير تحت مظنة المَسّ بالثوابت الدينية، وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، أخشى أن يُهدر دمهم، سألوا مَن حاول اغتيال طيب الذكر «نجيب محفوظ»: هل قرأت أعماله لتحكم عليه بالكفر؟، قال: سمعت عنه ولم أسمع منه!.
إطلاق تهمة الإلحاد على طول أيدينا كمَن يطلق الديابة على الشاة القاصية، الإيغال فى حقل الشوك (التكفير)، دون أدنى مؤاخذة (حتى دينية أو أدبية) يُربك المشهد تمامًا، ويحرفنا عن سواء السبيل.
أخشى فتنة مستوجبًا وأدها فى مهدها، واحتواء آثارها من فورها، لا نملك رفاهية مثل هذا الحكى البغيض، عقائد البشر بينها وبين ربها، هلا شققت عن قلبه؟!.
لا يملك أحدهم حصريًّا منصة (الإيمان والتقوى)، ولستَ عليهم بمسيطر، ومَن شاء ومَن شاء، ولكم دينكم ولى دين، مستوجب الحذر من إطلاق شبح التكفير من عقاله، سيُكلفنا الكثير، المشرحة مش ناقصة.
للأسف، «مدرسة النقل» مسيطرة تمامًا على الأجواء المجتمعية، لا تدع فرصة لطلائع «مدرسة العقل» فى تجريب بعض الفكر، بعضه لن يضير، العقل المصرى مسجون فى غيابات الجُبّ منذ عقود، فإذا ما اجتمعوا على مائدة التفكير، يا هلا بالمعارك الفكرية.
البعض مستنفَر، ويستنفر أعصاب المجتمع، ويحشد فى مواجهة المؤسسة الوليدة، ويؤلب الأزهر الشريف، الزج بالأزهر وشيخه «الطيب» فى أتون التكفير لا يستقيم مع رسالة الأزهر للعالمين، الأزهر لم يُكفر (حتى) داعش!.
أكلما نبت لنا عقل، تم اعتقاله فى سجون مظلمة، دعوا ألف زهرة تتفتح، وأشك أن عدد أعضاء مؤسسة التكوين يجاوز أصابع اليد الواحدة، لا تقطعوا الأصابع بسكين التكفير.
فإذا فكر البعض فى التفكير عاجلناهم بالتكفير، وما جزاء المفكرين؟، تخيل البعض يجمع بين المفكرين والمفسدين، وما جزاء المفسدين فى الأرض؟، أن يُقتلوا أو يُصلبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض.
أخبار متعلقة :