بوابة صوت بلادى بأمريكا

ماهر اللطيف يكتب : الختان

 
 
 
بعض المواضيع الحساسة  تتطلب الدقة والتمحيص والبحث والتدقيق قبل الخوض فيها لأهميتها ومكانتها لدى أغلبية البشر على غرار "الختان" وما يشهده من لغط وأخذ ورد هنا وهناك يمينا وشمالا.
فما هو الختان؟ ما تاريخه؟ ما هي أحكامه؟ ما موقف الدين والعلم  منه؟ وأخيرا، ما الذي يمكننا الخروج به من فوائد بعد هذا العرض؟
لكن، وقبل الإجابة على هذه الأسئلة الهامة علينا أولا التوقف عند عبارة "ختان" لغويا لنمهد لباقي العرض لاحقا. فكيف يمكننا تعريف المصطلح لغويا واصطلاحا؟
فالختان صرفيا مصدر من فعل خ ت ن  يختن ختانا وختن، وهو فعل ثلاثي مجرد  اسم فاعله خاتن واسم مفعوله مختون ويعني القطع.
اما اصطلاحا فيعني قطع جزء مخصوص من عضو مخصوص في جسد الإنسان  . فما هو الختان؟
هو قطع القلفة (رأس القضيب) بالنسبة للذكر، وبعض جلدة عالية مشرفة على الفرج بالنسبة للمرأة، ويستحسن ان تتم هذه العملية - الختان- في سن الطفولة رحمة بالمختون وتهيأة له لينشأ على الحسن والكمال كما يرى ذلك النووي. فما هو تاريخ "الختان" أو "الطهارة" أو "الطهور" (وكلها مصطلحات متشابهة تعني نفس المعنى)؟
يرجع تاريخ الختان إلى زمن سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي كان أول من قام بهذه العملية  كما ورد في الحديث الصحيح "أختتن ابراهيم - عليه السلام - وهو ابن ثمانين سنة بالقدًوم"، وقد أمر الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم وشريعته "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا".
و يشير "إنجيل لوقا" أن يسوع تم ختانه بعد ثمانية أيام من ولادته وفقا للشرائع اليهودية التي تلزم ختان الأطفال بعد ثمانية أيام من ولادتهم متى يعطوا أسماءهم مثل يسوع.
أما المسيحية فقد أسقطت الختان في "العهد الجديد" رغم انه لعب دورا مهما في التاريخ واللاهوت المسيحي وكان له حضور ثقافي كبير في جميع أنحاء العالم المسيحي، ويحتفل بختان يسوع كعيد في التقويم الليتورجي للعديد من الطوائف المسيحية.
ومع ذلك، فإن ختان الذكور يمارس إلى اليوم على نطاق واسع في العديد من البلدان ذات الغالبية المسيحية ( مثل الولايات المتحدة والفلبين) وبين العديد من المجتمعات المسيحية في أمريكا الشمالية وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا واوقيانوسيا وغيرها من المناطق، في حين يعتبر الختان أقل انتشارا في البلدان ذات الغالبية المسيحية في أوروبا أمريكا اللاتينية والكاراييبي. فعلى من يتم الختان ولماذا؟
فمثلما ذكرنا سابقا، فإن هذا الإجراء يتم على الذكور مثلما يتم على الإناث في سن الطفولة المبكرة لغايات مختلفة - في الدين الإسلامي على الأقل- حسب الجنس.
فختان الذكور في سن مبكرة هو نوع من الطهارة والنظافة والتخلص من كل الشوائب الأوساخ والأمراض التي تنشأ في قضيب الولد وجلدته التي تخزن الفواضل من البول وغيره ما لم يتم التخلص منها وقطعها نهائيا لمنع تجمع تلك الرواسب.
ويرى المذهب الحنفي والمالكي الختان سنة مؤكدة استنادا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " الفطرة خمس - أو خمس من الفطرة - الختان، والاستحداد،وتقليم الاظفار ،ونتف الابط، وقص الشارب"، فيما يرى المذهب الشافعى والحنبلي ذلك واجبا وفرضا استدلالا بختان سيدنا إبراهيم.
أما ختان الإناث ففيه تعديل لغريزة الشهوة التي تتمتع بها الأنثى أكثر من الذكر عامة من ناحية، وتقليل نسبة أمراض الجهاز البولي لدى الجنسين من ناحية ثانية، والوقاية  من الأمراض الناشئة عن انسداد المجاري البولية أو إلتهاب الكليتين والتي تشمل ارتفاع ضغط الدم من ناحية ثالثة، وغيرها....
وترى جميع الشرائع والدين الإسلامي ختان الإناث سنة (عند المذاهب الأربعة) وما دونها إلى أن بات ذلك مكروها وممنوعا لدى المنظمات الحقوقية وغيرها...فما هو رأى العلم في هذه الظاهرة؟
رجوعا إلى فوائد الختان ودور هذه العملية الوقائي للجسد البشري، فإن العلم عامة والطب خاصة لم يمانعا هذا الإجراء بالنسبة للذكور ،بل أنهما نصحا به في العديد من الحالات بعيدا عن الدين واللون وغيرهما. لكنهما عارضا بشدة ختان الإناث مثل المنظمات والجمعيات الحقوقية وغيرهما إذ اعتبروا ذلك تعديا على الذات البشرية ونوعا من التعذيب والتقصير تجاهها مما يسبب لها أعراضا جانبية خطيرة تصل أحيانا بالمختونة إلى الموت او الشلل الجزئي أو الكلي....
 نهاية،كيف يمكننا رؤية هذا الموضوع بعد هذا الشرح والتعليل؟
فيمكن القول إن ظاهرة الختان موغلة في القدم ومرتبطة بالدين بدرجة أولى سواء أكانت مرتبطة بالذكور أو الإناث، و ملتصقة بالطهارة والنظافة لدى الذكور وتقليل الشهوة والرغبة الجنسية لدى الإناث، وتلتقي  لدى الجنسين فيما يتعلق بالوقاية والحماية من الأمراض المتعددة التي يمكن أن تحصل في غياب الختان.
ولئن اتفق الدين والعلم على ايجابية ختان الذكور، فإنهما اختلفا فيما يخص الإناث أحيانا (مع المذاهب الفقهية الأربعة) واتفقا أحيانا أخرى عند استعراض المخاطر وسلبيات هذه العملية التي تقتل المختونة أو تشلها جزئيا أو كليا أحيانا (وكذلك المنظمات الحقوقية والجمعيات المدنية وغيرها)...

أخبار متعلقة :