يعتقد البعض أن ارتفاع معدلات التضخم في مصر بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا و بعض العوامل الخارجية فقط و في نفس الوقت يحدثنا البعض الأخر عن أن سوء الإدارة هو السبب الحقيقي للأزمات التي تمر بها البلاد ! و هناك من يجمع ما بين كل ما سبق اي ان الأزمات الاقتصادية بسبب عوامل خارجية و سوء إدارة معا و جميعهم لديه نفس المخاوف من عدم وفاء مصر بديونها ! الا قلة ممن يطلقون عليهم خبراء اقتصاديون يرون ان الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي يشكل ضعف الالتزامات المطلوبة منها خلال عام 2023 و عليه هناك استحالة التخلف عن سداد اقساط القروض ،،
و قد تناسوا هؤلاء الخبراء ان معظم بلدان العالم تسعي الي تعظيم و مراكمة الاحتياطيات من النقد الاجنبي و الذهب والمعادن النفيسة و السندات لتعزيز ثقة المستثمر الاجنبي في الاقتصاد الوطني و القدرة على التأثير في أسعار صرف العملة وتوفير بيئة اقتصادية مستقرة و مواجهة الصدمات الاقتصادية المفاجئة داخليا وخارجيا و القدرة علي الوفاء بالتزامات الدولة و بمتطلبات المواطن من دفع المرتبات و صرف المعاشات و توفير خدمات الصحة و التعليم و الامن الغذائي و استيراد السلع الغذائية وغيرها و ان الاعتماد علي الاحتياطيات في دفع اقساط الديون لا يمكن ان يكون حلا نهائيًا للازمة الاقتصادية دائما فقد يكون حل مؤقت خلال المضي قدما في حلول أخري حتي نجني ثمارها و الا نفذ المخزون الاحتياطي تماما مما قد يؤدي إلى إعلان الدولة إفلاسها لا قدر الله و للأسف لا أري في الافق القريب اي حلول سوي الاعتماد علي بيع الاصول المتعثر اصلا و الذي طالب به صندوق النقد الدولي كما طالب ما يسمي بالشركاء الدوليين الإشراف و المساعدة في عمليات التمويل و البيع و الشراء كما تابعنا جميعا الاشهر الماضية خصوصا المفاوضات مع السعودية و الامارات وقطر و التي يري البعض ان هناك تباطؤ متعمد حتي يحدث تعويم العملة بشكل كامل ما قد يخدم مصلحة هذه البلاد في الحصول على مكاسب أكبر اثناء التفاوض على شراء الاصول او الاسهم المطروحة !
هذا في وقت أرجأ فيه صندوق النقد الدولي مراجعته لبرنامج إنقاذ بقيمة 3 مليارات علي مدي 46 شهر من مجموع 14 مليار دولار قيمة القرض الذي وافق عليه المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في ديسمبر من العام الماضي و أعلن عنه في يناير من هذا العام لمساعدة الحكومة بالوفاء بالتزاماتها و إذ يسعى صندوق النقد الدولي الحصول على أدلة أكبر على أن السلطات تمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة يري البعض انها إصلاحات علي الورق و لا تصب في صالح الملايين مثل التقشف و بيع أصول الدولة علي نطاق واسع بدون تنظيم و رقابة و بدون شفافية ! و ان كان من الجيد ان يسلط صندوق النقد علي الدور الواسع الغير محدود و غير خاضع للمسائلة للجيش المصري في الاقتصاد الا ان النظام المصري علي ما يبدو لا يأبه كثيرا بهذا الطلب كما لا يحرك ساكنا في موضوع تحرير سعر الصرف كما يريد صندوق النقد لتوحيد اسعار الصرف ما بين السعر الرسمي و السعر الغير رسمي او ما يسمي بالسوق السوداء و ايضا ما يسمي بالسعر المستقبلي في حالات البيع و الشراء كتحوط ضد مخاطر أسعار الصرف و تبعا للتوقعات ،، و هذه الاداة المالية ( السعر المستقبلي ) قد طالب بها بعض من يريد الاسراع في بيع الاصول للخروج من الازمة الاقتصادية الطاحنة مما قد يؤدي إلى صفقات بخسة و نحن فى أمس الحاجة للحفاظ علي إنتاج شركات ناجحة تحقق ربحية عالية ! و كلنا نذكر ما حدث عندما اتفق صندوق الثروة السيادية في أبوظبي مع مصر على استثمار نحو ملياري دولار في مصر من خلال شراء حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات والبنوك منها 18% من البنك التجاري الدولي أكبر البنوك الخاصة العاملة في مصر إلى جانب حصص حكومية في أربع شركات مدرجة في البورصة بينها شركة فوري للخدمات المصرفية وتكنولوجيا الدفع وهي أكبر شركة عاملة في خدمات الدفع الإلكتروني في مصر و الصفقة الأخطر هنا بيع حصة الحكومة المصرية في شركتي "أبوقير للأسمدة" و"مصر لإنتاج الأسمدة" (موبكو) وهما ضمن أكبر شركات إنتاج الأسمدة وتصديرها في مصر وهي شركات تعمل في قطاع حساس وشديد الأهمية الاستراتيجية و كان يبتغي تحسين إنتاجه الزراعي في وقت يواجه فيه العالم أزمة غذاء ،،
و للأسف الشديد أصبحنا نتصدر أخبار الوكالات الدولية و العالمية المهتمة بأخبار الاقتصاد و الجميع أصبح متأهب بل و يتمني تخلف مصر عن سداد الديون ليحقق تنبؤاته بأن "وقت الأزمة يبدو أنه بات قريبا " مما قد يؤدي إلى فقدان الثقة من قبل بعض المستثمرين خصوصا بعد غياب خطاب مطمئن من الدولة المصرية بالادلة و البراهين و التخلي عن الضبابية و بمزيدا من الشفافية تعرض الدولة برنامجا متكاملا للخروج من الازمة يقنع الجميع بالداخل و الخارج و يحسن المناخ الاستثماري و السياسي الذي ليس بمعزل عن المناخ الحقوقي و الحريات العامة و لا خيار أخر في معركة وصلت الي مرحلة تكسير العظام التي من الصعب الخروج منها بدون اصابات حتي و لو طفيفة لكن علينا ان نحافظ علي حياة هذه الدولة و بأقل الخسائر لانه من يظنون ان حياتهم افضل بموتنا أقول لهم لا حياة لكم و لا كرامة ان سقطت مصر و لن تسقط بإذن الله ،،
أخبار متعلقة :