بوابة صوت بلادى بأمريكا

إدوارد فيلبس جرجس يكتب: العالم بين السياسة والإرهاب والجنون

 

أفغانستان البداية والنهاية والمصير:

*******************************

دائما أقول أن السياسة داعرة وكقول " ميكيافللي " في السياسة اللي تغلب به ألعب به " ، أي لا اختلاف بيننا على كلمة " داعرة " ، هذا القول ليس له زمن فمنذ القدم السياسة هكذا ولم ولن تتغير ، وقد يكون ما حدث في أفغانستان في زمننا القريب وانتهى بانسحاب القوات الأمريكية فجأة واندفاع طالبان بصورة مذهلة لكي تستولي على الحكم أشبه بليلة سقوط بغداد . لقد غزت الولايات المتحدة أفغانستان في اكتوبر عام 2001 للإطاحة بطالبان ، التي اتهمتها واشنطون بإيواء أسامة بن لادن وشخصيات أخرى في القاعدة مرتبطة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 . بعد الغزو تم ابعاد طالبان عن السلطة ، لكن قوات طالبان استعادت بعد ذلك قوتها. لم تحقق الحرب النجاح المتوقع والمطلوب. لم يتم تحقيق الهدف الأهم بتدمير أو تقييد تحركات تنظيم القاعدة. ومنذ ذلك الوقت تشهد افغانستان استقرارا معدوما وهجمات متزايدة من حركات التمرد بقيادة طالبان . وانتشر في أفغانستان إنتاج وترويج المخدرات بشكل  كبير والحكومة الجديدة ضعيفة وسيطرتها محدودة جدا خارج العاصمة كابل . تغيرت الأوضاع كثيرا في أفغانستان والعالم على مدى عشرين عاما منذ الغزو الأمريكي عام 2001. فقد تعثرت عمليات بناء الدولة التي انخرطت فيها الولايات المتحدة وكانت الحكومة الأفغانية والقوات الأفغانية التي أشرفت أمريكا على بناءها وإسنادها محل انتقاد كبير واتهامات فساد وعدم الكفاءة . كما أن أمريكا دخلت حربا أخرى أكبر من حرب أفغانستان في العراق ، في المقابل استعادت حركة طالبان تدريجيا قدراتها القتالية بعد أن كانت قد انكفأت وتراجعت عقب الغزو الاميركي. لكن مع ذلك استطاعت الولايات المتحدة أن تصل إلى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وتقتله في عام 2011 بعد أن أصاب الوهن تنظيم القاعدة في مركزه في أفغانستان. لم يكن بن لادن في أفغانستان بل في باكستان المجاورة وهي الدولة التي تملك نفوذا كبيرا في أفغانستان وعلاقات تاريخية مع حركة طالبان . وقد ذكر بايدن مقتل بن لادن لتبرير الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد أن حققت الولايات المتحدة أهدافها من حرب أفغانستان منذ زمن بعيد حسب رأيه !! ، وبأن الانسحاب كان يجب أن يحدث من أجل أن تركز الولايات المتحدة على التحديات الاستراتيجية الأكبر التي تواجهها وخصوصا من قبل القوى الدولية المنافسة وتحديدا الصين المنافس الاقتصادي الأول لأمريكا في العالم وروسيا المنافس العسكري والسياسي الأول . حتى الآن الانسحاب الأمريكي والسريع وغير المدروس يلفه الغموض ، فلقد تم بطريقة غير متوقعة ، لكن من الواضح جدا أن اتفاقيات قد حدثت بين أمريكا وطالبان قبل هذا الانسحاب والشكل الذي تم به الانسحاب يؤيد ذلك بشدة ، فلقد انهارت القوات الأفغانية بشكل مذهل ولم تتوقف للحظات لمواجهة طالبان ، واستولت طالبان على كميات هائلة من الأسلحة والعتاد العسكري التي تركتها القوات الأمريكية والأفغانية . العجيب أن بايدن لم يتحدث بالتفصيل عن التقييم الاستخباراتي الأمريكي الذي استند إليه في إصراره على قرار وطريقة الانسحاب. تحليل التقييم الاستخباراتي في هذه القضية مهم جدا ليس فقط لفهم قرار الانسحاب ولكن أيضا لفهم تبعات القرار . كانت الاستخبارات الأمريكية تتحدث عن احتمال تراجع للقوات الأفغانية إلا أنها لم تكن تتوقع أن تسقط العاصمة كابل، وبالتالي عودة الحكم إلى طالبان بهذه الطريقة والسرعة. وهذا يعني أن حجم الخلل في التقييم الاستخباراتي كبير برغم وجودها في أفغانستان على مدى عشرين عاما رافقت الوجود العسكري . أدى الانسحاب الأميركي بهذه الطريقة إلى توجيه سيل من الانتقادات لإدارة بايدن من كل الجهات في أمريكا ، أما تأثير القضية سياسيا عليه فسيكون معلقا الآن على الطريقة التي ستحكم بها طالبان أفغانستان ، وعلى تعامل بايدن مع تداعيات الوضع الجديد ونجاحه أو فشله في طمأنة الشعب الأمريكي وحلفاء أمريكا بأن هناك استراتيجية واضحة وقابلة للتطبيق في المرحلة المقبلة . وسواء هذا الانسحاب السريع تم بناء على اتفاق مع قادة طالبان أم جاء بطريقة عفوية وعشوائية فأن النتيجة واحدة لسؤال لا أعتقد أن أحدا يمكن أن يجيب عليه الآن وهو ما مصير أفغانستان ؟ وكيف سيكون الوضع في المنطقة بعد أن تحكم طالبان يدها على أداة الحكم ؟، لا أعتقد أنه سيكون خيرا وهذا التوقع مبني على عدم التزام طالبان بأي وعود سابقة وأيضا أنها لا تتوانى على التعاقد مع الشيطان في أي وقت لتنفذ مآربها وأعتقد أن تحالفا سيكون بينها وبين داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة سيتم قريبا وأقرب مما نتصور أو تتصور أمريكا ولا يعلم إلا الله ماذا ستكون نتائج هذه التحالفات من خراب على العالم كله بشكل عام وعلى المنطقة بشكل خاص .

 

 

ذكرى الحادي عشر من سبتمبر 2001 :

**********************************

من الغريب أن تأتي ذكرى الحادي عشر من سبتمبر في توقيت متقارب مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وشبه استيلاء طالبان على الحكم ، بالتأكيد سيظل الحادي عشر من سبتمبر علامة إرهابية بشعة وسيظل أيضا علامة استفهام عن كيفية حدوثه في بلد مثل أمريكا وهي القوة العظمى في العالم ، الحادي عشر من سبتمبر غير الكثير في وجه أمريكا والكثير والكثير من علاقاتها بالكثير من الدول وخاصة العربية والإسلامية  با عتبار أن من قاموا به مسلمون عرب ، لأن مفهوم أن الإرهاب ليس له دين لم يكن قد تبلور أو فهم بالمعنى الصحيح ، ونُظر وقتها إلى العرب والمسلمين على أنهم مصدر الإرهاب ، لكن تدريجيا بدأت  تظهر ملامح الإرهاب وتزداد بشاعتها وتؤكد أن الإرهاب بالفعل ليس له علاقة بالدين ، وان التطرف هو سلوك فردي بحت تكونت منه جماعات منحرفة اتخذت من الدين ستارا تتوارى خلفه . الحادي عشر من سبتمبر أخل بالميزان داخل أمريكا نفسها وخارجها وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ، لأن الحرب الأمريكية على الإرهاب ، التي  التى أعلنها الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001  رسمت ملامح شرق أوسط جديد ، إلا أنها كان لها أثراً بالغا على الداخل الأمريكى وفتحت الباب أمام الكثير من الفوضى وما يمكن تسميته بـ " إرهاب الداخل" وهذا ما تحدث به الكثير من الخبراء معللين أن ما تم من منح الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش من تفويض للقيام بأعمال عسكرية خارج الحدود دون قيود من الكونجرس كان له تداعيات على صعيد الداخل الأمريكي أدى على مدار 20 عاماً كاملة إلى مشهد اقتحام مبنى الكابيتول ليلة 6 يناير الماضي ، من قبل أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذين كانوا يرفضون نتائج الانتخابات الأخيرة . الحديث عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر الآن يبدو كحلم بعيد أو كخيال قصصي بالرغم من أوجاعه التي لا تزال تضرب المجتمع الأمريكي وضحاياه الذين زادوا عن الأربعة ألاف وخسائره الاقتصادية والأهم المعنوية لشعب لم يكن أن يتوقع أن تضرب أمريكا في عقر دارها بهذه الطريقة الوحشية البربرية على يد حثالة الإرهاب ، لا شك أنه في وقتها طار صواب المسئولين وتضاربت الأقوال وتبودلت الاتهامات وتم التصريح باستخدام القوة العسكرية مع كل من اشتبه فيه بأنه تورط في هذه العملية الإرهابية القذرة ، وأصبح هذا التصريح قانونا وقعه الرئيس جورج دبليو بوش وتفويض له بمطاردة كل من خططوا أو سمحوا أو ارتكبوا أو ساعدوا  في الهجمات الإرهابية أو الذين آووا مثل هذه المنظمات من الأشخاص ولم يقتصر الإذن على الزمان والمكان . بعدها بفترة قصيرة قدمت إدارة بوش قانون باتريوت الأمريكي الذي أعطى مكتب التحقيقلت الفيدرالي والوكالات الأخرى صلاحيات جديدة واسعة لجمع سجلات الهاتف والاتصالات الأخرى للمشتبه بهم بالإرهاب . وأيضا من الأحداث الهامة المترتبة على هذا الهجوم الإرهابي هو افتتاح معسكر خليج جوانتانامو في يناير 2002 الذي يقع على الأرض الكوبية بهدف إبقاء المشتبه بهم رهن الاعتقال لأجل غير مسمى بعيدا عن متناول النظام القانوني الأمريكي . في هذه الذكرى ومع تزامنها مع سحب القوات الأمريكية نسأل أنفسنا هل كان هناك ما يلزم لأن تظل القوات الأمريكية طوال عشرين عاما في أفغانستان وما هي أسباب هذا الإنسحاب المفاجئ وهل بني على اتفاق مع طالبان وهل خلال هذه الأعوام الطويلة لم تستطع أمريكا أن تبني جيشا منظما لأفغانستان للدفاع عنها بعد استوقفتنا ألاف من علامات التعجب وهذا الجيش لم يستطع الصمود لساعات أمام طالبان ، ذكريات وحكايات وقصص وسياسة عاهرة لعالم لن يستطيع أن يكون عالما مسالما لأبد الدهر طالما أن هناك مؤامرات تحاك في الخفاء وسياسة ميكيافيللي اللي تغلب به ألعب به وقد ذهبت إلى أكثر مما كنا يتخيل .

 

 

 

الروبوتات تهدد البشر

*********************

لفت نظري خبر يقول أنه في الصين تم تصميم المطعم الروبوتي الشامل ، ولقد افتتح بالفعل وتم تطبيق التجربة وفيه يستطيع الروبوت تقديم كل الخدمات وإتقان التفاصيل من المطبخ وإعداد الطعام حتى الكاشير واجراء الحسابات إضافة على الاستقبال الحافل للزبائن ، يغطي هذا المطعم مساحة تبلغ حوالي 2000 متر مربع، تضم 40 روبوتا موزعين كل حسب تخصصه داخل المطعم ، مثل الروبوتات الخاصة لإعداد الأطباق المقلية والأطباق المميزة فى مدينة " قوانغدونغ كلاي بوت "  والمكرونات والأطعمة المصنوعة من الدقيق والفطور والقهوة وآيس كريم وغيرها . ويمكن لبعضها الدردشة مع الضيوف أثناء إعدادها الأطعمة لهم ، ويمكن لهذا المطعم توفير تجربة تناول طعام مليئة بالعلوم والتكنولوجيا المستقبلية لما يقرب من 600 شخص في نفس الوقت ، ويقدم ما يقرب من 200 نوعًا من الأطباق. ويمد الأطباق بسرعة فى غضون 20 ثانية ويعتبر هذا المطعم أكبر مطعم روبوتي متكامل في العالم  والأول من نوعه بأحدث التقنيات وأكثرها اكتمالاً . انتهى الخبر المدهش وبالتأكيد لن أتركه دون تعليق ، الغريب أن الصين بتعدادها الهائل تبدأ بمثل هذه التجربة ، وكإن الصين أصبحت هي المكان الذي تأتي منه الغرائب فوق سطح الكرة الأرضية ، فهي من نشرت وباء كورونا وهي أول من شفيت منه وأعتقد أنه لم يعاودها ثانية ، بينما العالم كله يتوجع منها ويحق لي أن أضع ثانية الألاف من علامات التعجب كما وضعتها قبل سابق حول هذا الموضوع المريب والمثير للشك وحتى الآن تحوطه الشكوك ، لكن لنعد ثانية إلى موضوع المطعم الروبوتي وما يشوبه أيضا من علامات التعجب وكما قلت أن الصين تشغي بالبشر ، فهل الصين ابتدعت هذا المطعم الروبوتي لتغري به العالم الذي أصبحت أسواقه معبأة بالمنتجات الصينية ، هل تريد أن تغزو العالم بمنتج جديد وهي بالتأكيد لن تستخدمه ، لكن فقط انتجته لتكون رائدة في ادخاله إلى العالم ، هل هناك أغراض صينية من ورائه ، بالتأكيد نعم ، فأنا دائما أقول أن الصين لن يخرج منها سوى ما تحاول أن تفرض به سيطرتها على العالم اقتصاديا لتكون هي الدولة الأولى وتتفوق على أمريكا كما في خطتها بحلول عام 2030 . في رأيي أن استغلال الروبوت لا يجب أن يكون سوى في أضيق الحدود ولا يخرج عن استخدامات خاصة لحماية البشر مثلا من التلوث في بعض الأعمال أو في المناجم ، لكنه سيصبح في غاية الخطورة لو اتسعت استخداماته في الحياة العامة وخاصة بعد أن انتجت روبوتات وصلت حتى غرف النوم  لاستخدامات جنسية . اعتقد أن الصين لا تهمها آدمية الإنسان قدر تحقيق طموحاتها التي لا تتوان عن تحقيقها بأي وسيلة حتى لو كانت فيها كل الضرر بالبشرية ، ان استخدام الروبوتات سيقلل من الأيدي العاملة البشرية وهذا وحده يكفي بأن تزداد البطالة  وكما قلتها عندما خرج وباء كورونا من الصين أقولها ثانيا احذروا من الصين التي لا تعرف لها ربا .

 

إدوارد فيلبس جرجس

edwardgirges@yahoo.com

********************

 

 

 

 

 

 

مطعم صيني يدار بالروبوتات

 

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أخبار متعلقة :