بتدابير إلهية يأتى شهر مايو هذا العام محملًا بالأعياد المسيحية والإسلامية لتعم البهجة و الفرحة على الشعب المصرى ،معلنة عن وحدة وتلاحم بديع رافضة لكل مظاهر الحزن التى حلت بالعباد من جراء كوفيد 19 و سطوته ؛ لكن لا صوت يعلو فوق صوت البهجة ، نتذكر عندما كانت أول طقوس الاحتفال بالعيد تبدأ من روح شهر رمضان و روحانياته،و الجباه التى سجدت طوال الشهر، تبدأ احتفالها بالعيد ووداعها لشهر الصيام ، فكانت الكاميرات تتجول فى شوارع المحروسة لتنقل أروع المشاهد احتفالا بأجواء العيد، العناق بين الكنائس والمساجد، وتداخل مشاهد المصلين وتجمعاتهم المزدحمة بخلفية بصرية تجسد حالة الاندماج والامتزاج التى تعرفها مصر وتعتادها، بتجاور دور العبادة و قلوب و بيوت المسلمين والأقباط .
لم تكن الكاميرا وحدها شاهدًا على مظاهر العيد ؛لكن الفن التشكيلى أيضًا يُعد موثق تاريخى ومهم لجميع الأحداث والمناسبات فيعبر الفنان من خلال لوحاته عن هذه الفرحة الجليلة التي نشاهد ملامحها و شخوصها كأنهم أحياء يرزقون فى لوحة خاصة بكل فنان بألوانه و ريشته لينعكس الجانب الروحاني والعاطفي ويدل على تفاعل الفنان الإنساني مع بيئته فى لحظات تبوح بمشاعره عن هذه الشعائر الدينية القيمة، لذلك أبدع الفنان التشكيلى فى تصويره للعيد ، فجسد لنا الفنان الراحل حسين بيكار فى إحدى لوحاته إمرأة تخطو برشاقة وتحمل على رأسها صينية الكعك بعنوان "كعك العيد" ، وعبر الفنان الراحل منير كنعان عن عادات أهل القرية في ليلة العيد إذ تجتمع النساء لتشكل بالعجائن أشكالاً مختلفة من الكعك، و تأتى "لعبة الدحلة" وهي من الألعاب الشعبية التي يمارسها الأطفال تعبيرا مميزًا عن بهجة العيد وفرحة الأطفال فى لوحة الفنانة زينب السجيني ؛ أما أسلوب "الباتيك" أى الرسم على قماش الحرير و الذى استخدمه الفنان على الدسوقي معبراً عن الشعائر الدينية جميعها ؛حيث تكشف لنا الدلالة التعبيرية في مظاهر الفرح والغبطة في الألوان وهلال نهاية الشهر الهجري وبداية آخر مؤكداً على أهمية وجوده كأهم عنصر للمسلم كي يصوم لرؤيته ويفطر لرؤيته.
وقد شارك الفنانون بعرض لوحاتهم وأعمالهم النحتيه على السوشيال ميديا باعتبارها لغة العصر الحديث ،فقدم من قبل الفنان و الناقد الفنى صلاح بيصار، على صفحته فى الفيس بوك لوحة "الصلاة" لرائد الفن التشكيلى الفنان محمود سعيد "1897-1964" ،و نشر تمثال مصمم من البرونز يحمل عنوان "لعبة الطوق " للمثال أيمن سعداوى، و قدم قراءة فى لوحة "العيد فى النوبة " للفنان سيف وانلى، معلقًا العيد فرحة .
بالفعل العيد فرحة و منحة ربانيةٌ نحتاجها هذه الأيام مع ألم المرض ، و فيه تتجلى الإنسانية والعطاء ؛فالعيد لا يكون إلا بالحب، ولا يكتمل إلا بصفاء النفوس ،و لأن الفن مرتبط بالإنسانية ؛ يعمل الفنانون المعاصرون في عالم تكنولوجي متنوع ثقافياً ومتقدم ، حيث يعتبر مزيج ديناميكي من المواد يناقش بها العديد من القضايا الاجتماعية و الثقافية؛ لذلك فإن ميلاد أي عمل فني ناجح يرتكز بالمرتبة الأولى على الفكرة التى يقدمها ؛ وشعائر الأعياد بمثابة المفتاح السحري لصندوق مملوء بالأفكار التي نتمنى أن نجدها ممثلة في لوحات حديثة تشعل الوجدان بالفرحة و الحماسة التى نحتاجها الأن.
أخبار متعلقة :