كان المشهد رائعًا .. خروج الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 ، محتشدا بكل أطيافه السياسية والدينية والمذهبية والفكرية في كل ميادين المحروسة بالملايين ليقول " لا " رافعاً الكارت الأحمر صارخاً " يسقط يسقط حكم المرشد " بوعي فطري بمدى بشاعة حكم أهل الشر ، ومصححاً خطأ تاريخي تم ارتكابه عندما منح البسطاء من شعبنا برعاية نخبة ليست منا أصواتهم لجماعة مجرمة عاشت بيننا أكثر من 90 سنة ترتكب باسم التدين الشكلي والمظهري أبشع الجرائم ، وتبث أبشع الأفكار المتطرفة التكفيرية الجاهلة لتتمكن من موارد البلاد وأدمغة أهالينا عبر المساجد والزوايا والجمعيات الدينية والمدارس الإخوانية والمشاريع الاقتصادية الضامنة لتمويل مخططاتهم للوصول إلى كراسي الحكم ... كانت بداية التجهيز الوطني للاحتشاد المليوني العبقري باتفاق الأحزاب والقوى السياسية والحركات الوطنية يدعمها إعلام جرئ مناهض لحكم الإخوان لتشكيل ما أطلق عليه " جبهة الإنقاذ " ثم ظهور حركة شبابية فاعلة " تمرد " واستمارتها الوطنية التي وقع عليها ملايين المصريين بالموافقة على الحضور الجماهيري في 30 يونيه رفضاً لحكم الإخوان وإسقاطهم بتظاهرة شعبية رائعة ... أتذكر ذلك اليوم جيداً حين احتشدنا جميعا .. مسلم ومسيحي ، شاب وكهل ، رجل وإمرأة ، يساري ويميني ـ فقير وغني ، معاق وسوي ، تغمرنا مشاعر الفرح و يحدونا الأمل فى غدّ أفضل نصطف فيه على رغبة عارمة لاستعادة هويتنا المصرية الجميلة مرة أخرى ..لم نكن فرقاً ولا أحزاب ولا طوائف ؛ فالكل تجمع تحت راية الأسرة المصرية الواحدة ..نسعى لإعلاء الحق ..نطالب بالحرية و الكرامة بلا تمييز أو اضطهاد فئة لأخرى لنصطف فى النهاية في تشكيل وطني واحد ، وننصهر في الميادين في بوتقة الوطن الواحد .
تلك كانت أمانينا وأحلامنا وشعاراتنا في 30 يونيو ، وكان خروجنا بالملايين للموافقة على بنود خارطة المستقبل ، ثم انتخاب الرئيس والبرلمان والدستور بحماس وطني رائع ، وتوافق بين الشعب ومطالبه مع مؤسسات الدولة السيادية والتنفيذية ، وكانت البداية باستعادة دور مصر السياسي والريادي إقليمياً وعربياً و أفريقياً وعالمياً ، ثم الذهاب لتحقيق إنجازات ومشاريع كبرى بتوافق وطني في أزمنة قياسية ... ولكن للأسف ، يظل الرئيس يصرخ وينشد مؤسساتنا الدينية لتصويب وتطوير الخطاب الديني والإعلامي منذ 30 يونيو عندما قام بدعوتهم للمشاركة في وضع خارطة المستقبل وعلى مدى كل تلك الفترة وحتى تاريخه ، ولا استجابة حقيقية ، ليظل ظل التطرف والفكر الظلامي الدموي جاثما على صدور العباد ، يتجلى فى عمليات انتقامية بشعة في حجمها وتبعاتها وتطورها النوعي من كارثة طائفية إلى التي تليها يسقط أقباط مصر قتلى وجرحى ، ويضطرون للهجرة القسرية من بيوتهم وقراهم ومدنهم ، وتحرق كنائسهم وتسلب وتحرق بيوتهم ، وصولاً لحادث سحل وتعرية سيدة مسنة مسيحية في الشارع في قرية " الكرم" بالمنيا في حادثة هي الأولى من نوعها ، و الأن يعود جرح سيدة الكرم ينزف من جديد خاصة بعد إعلان براءة المتهمين فى تعرية شرف و عرض مصر المتمثل فى كل سيدة و أم احتملته كله أمنا االفاضلة سيدة الكرم فى وداعة و طول أنانة على أمل صدور حكم قاسى و رادع لهؤلاء المجرمين ، ورغم تقديم اعتذار من قبل الرئيس للسيدة !!!
نعم ، إنه الرئيس الذي لم يقصر فى حماية شعبه محاولا ضرب الطائفية فى مقتل إلا أنه لابد من ملاحقة الجناة الاصليين و معاقبتهم فى كل قضايا الفتن الطائفية،وعدم اعتماد جلسات الصلح العرفية كحل مهين للطرف المعتدى عليه بشروط إذعان ظالمة جائرة ... نحتاج إرادة سياسية لتنفيذ القوانين وعقاب الجاني والإدارة التنفيذية الجادة لمتطلبات إقرارها على أرض الواقع ، فلا أمل في أي قوانين لايضمنها مناخ معتدل وبشر يتحمل المسئولية ،أين المجلس القومى للمرأة و نواب للمنيا الأفاضل ، ومؤسسات المجتمع المدني المنياوية على الأقل ؟ .
لقد قدمت مصر بثوراتها المئات من الشهداء والجرحى على مذابح االمطالبة بالعدالة و من أجل إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة ، ولدينا حاكم عظيم ينبغي استثمار توجيهاته ورسائله التنويرية ...
أخبار متعلقة :