عندما تراضى البشر على ترميز العدالة بمعصوبة العينين للتدليل على ان عمى البصر ضمانة للعدل، اتوا بعذر اقبح من ذنب.
المعنى طبعا هو ان القضاء "الأعمى" يزن احكامه بالميزان ويترفع عن النظر للأشخاص او التفاصيل وهو معنى كان القصد منه نزاهة القضاء، ولكن:
من قال بأن عمي البصر او عمى البصيرة يصب في خانة تحقيق العدل؟ أري العكس.
غياب الرؤية يحرم جهود التحكيم من شمولية النظرة، والشمولية هنا مكون أساسي في القياس الحقيقي، وخذ مثالا على طبيب امراض النساء وهو يحملق في فرج السيدة الممددة امامه ليشخص المرض، فهو لا يطالع عورة، ولا يتلصص على حرمة، ولا يركتب فعلا فاضحا، ولكن ... على بعد امتار من عيادته، لو قابل المريضة في المصعد وحملق في نهديها، فهنا تبدأ إدانته بكل ما نفيناه عنه سلفا.
اذن السياق مكون أساسي في صناعة العدل، ويقرأ السياق بالعين المبصرة، وباكتمال البصيرة، وبالضمير الواعي، وبالعقل المنفتح .. فلا فرصة اذن لضماد العينين او تنحية البصيرة او تعتيم الوعي، ولا ازاحة الضمير، ولا تغشية العقل.
ارفعوا ضمادة الأعين عن العدالة، فهذا يتنافى مع نصح رب العزة وهو يستنكر ان من له قلب فغشاوتة تؤتي عداوتة.
هو يعنى انت متقدرش تتحكم في ضميرك ونزاهتك وانت مبصر؟ هتعمل زى اللى عايز يبطل السجاير قوم يتخلص من المخزون اللى بيته عشان ما يمدش ايده عليها !!!
بالعكس .. خليها قدامك ودى في حد ذاتها ضمانة بقوتك ونزاهة عزيمتك.
د. بهي الدين مرسي
أخبار متعلقة :