بوابة صوت بلادى بأمريكا

د. سيد شعبان يكتب: السرد من مرآة نجيب محفوظ!

 

 تعد المدرسة السردية المصرية بروائع ما قدمته للمكتبة العربية الأساس الذي قامت عليه حركة الإبداع العربي؛ لمكانتها من العرب ولسبق حركة البحث والتأليف والنشر بها، حين تقرأ المنجز النثري تجد كما هائلا منها؛ أحسب أن تأثير نجيب محفوظ في أدباء العربية لا يقارن،مع أن في كل قطر رواد تتمايز جهودهم، استطاع أن يصور بقلمه الحياة في مصر في ثلاثينيات القرن الماضى وما أعقبها من تغيرات في حياة المصريين؛ لا يغفل جزئية ويصف في مهارة كل ما وقعت عليه عينه أو تناهى إلى سمعه، من يطالع الثلاثية يدرك كم هو فنان بارع، تزاوج لديه السرد بالصورة الكلية المركبة من صوت ولون وحركة، بناؤه اللغوي محكم وقدرته على تطويع المفردة مدهش، جدد في الأسلوب حتى صار كل من سرد في العربية تابع له هل ننسى شخصياته: السيد أحمد عبد الجواد أو زهرة وزيطة والدكتور بوشى وعاشور الناجي ذلك المخلص الذي سرى في الرواية العربية؛ هل تراه كان يضرب الودع ويقرأ الكف حين أبدع شخصية محجوب عبد الدايم؟

إنه فنان وهب ما اختزنته الذاكرة السردية من روائع.

ولعل تأثيره في المبدعين العرب ترك تأثيره فيهم.

 في السودان الطيب صالح يتربع على القمة؛ وفي المغرب محمد شكري صاحب " الخبز الحافي"؛ وفي ليبيا أحمد الفقيه وإبراهيم الكوني؛ وفي الكويت إسماعيل فهد إسماعيل وطالب الرفاعي، وفي العراق وفلسطين جبرا إبراهيم و عبد الرحمن منيف في السعودية، وفي سوريا عبد السلام العجيلي؛ أنت بين تيار هادر استطاع أن يصاحب مسيرة الإبداع العربي؛ كل أديب له بصمته وسمته!

في بريطانيا خصصوا بالجامعة كرسي شكسبير يتناولون أدبه ويهتمون بالبحث في فنه من مسرحيات وشعر؛ والألمان مع جوته والفرنسين مع فولتير وراسين؛ أفلا يحق لنا أن نحذو حذوهم ونفعل فعلهم؟

لا أعنى جائزة باسمه ولا رسالة عنه؛ بقدر ما يستلهم المبدعون سيرته؛ وينظروا إلى خفايا السرد العربي؛ تعجب من تداخل مفرداته القرآنية وجمله التراثية.

تدهش لسلاسة لغة يحيى حقي وبلاغة شاكر ومشاكسة محمد المنسي قنديل، ويغالب الشعر حنا مينة ومحمد الماغوط، أنت مختزن ولا شك جهود هؤلاء الرواد غير منكر طه حسين أو العقاد والرافعي.

تتنوع البيئة العربية فتفرز سردا عجيبا؛ من العرب من كتب بالفرنسية أو الإنجليزية أو ترجم حياة الآخرين لكنه يأتي بسرد مترهل يبعد عن حيوية اللغة وتنوعها، الكاتب ابن بيئته يعالج بفنه ويرسم بريشته حكايات سجلتها السينما العربية، هذه رائعة الطيب صالح" موسم الهجرة إلى الشمال" لم تجد من يعالجها ويقدمها إلى السينما، أو أعمال جبرا إبراهيم جبرا ومنها "البحث عن وليد مسعود" أما المسلسل السوري " باب الحارة" فأراه عالة في تصويره وحواراته على ثلاثية نجيب وحرافيشه!

أخبار متعلقة :