حكاية صورة.....
ــــــــــــــــــ،،،،
كانت الرحمة تملأ قلبه رغم فقره المدقع و تشرده و نومه على الأرصفة يتلقى حسنات المارة من الناس و كان يجمعهم ليقسم عليهم الرزق الذى ساقه الله إليه و لا يبخل رغم فقره و تشرده فى الأزقة و الحارات و كنت تراه فى نهار يومه بالقرب من مواقع القمامة يجمع الأشياء القديمة و يعيش بها على إنها أشياء ذات قيمة بالنسبة له و كانوا يتجمعون من حوله لتمتلأ البطون بالفتات الملقى بأكوم القمامة و يأتى الليل فينزوى بأحد أركان أحدى الحارات بأثوابه المتسخة و جسده المنهك من سوء التغذية وعدم النظافة لسنوات طوال.. يلتحف بالغطاء الأكثر أتساخ من جسده و يرقدون هم من حوله لتستعر أجسادهم بحر قلبه.
رغم مرضه النفسى و تشرده لم تمت الرحمة و الشفقة من قلبه المنهك بل كان يعطف عليهم و يشاركهم زاده دون بخل أو ضجر و كان يحتضنهم بغطائه المتسخ ليدفئهم من قرصة الشتاء فى الليالى المظلمة... و تستمر الحياة!!
ينقضى العمر و تهجع الروح المشرده فى الأماكن إلى مأربها الآخير تاركة خلفها الحنين و الشفقة بأبنائه المشردين.
و كأن رد الجميل للأب الحنون فى ليالى العمر المنقضى على أرصفة الحارات بين همس و حنين بين لغات مختلفة و أجسام مختلفة و أرواح جمعها الحب رغم قسوة الظروف.
تراهم راقدين يحتضنوه ليتزودوا من الجرعة الأخيرة من الحنان المفقود قبل الرحيل أنهم أوفى من الكثير ممن يظنون أنفسهم إنهم عقلاء و إنهم يملأ قلوبهم الرحمة و الشفقة أحتضنوه ليتزودوا بالمشهد الآخير قبل الرحيل إلى مكان غير معلوم لهم فكيف سيرحل و يتركهم يملأ قلوبهم الحنين.
تجمع الناس حملوا الجثمان الهزيل إلى مثواه الأخير إلى قدره المنظور فى ظلمة القبور.....!!
وقفوا يشاهدون الرحيل المزمع على أرصفة القدر... ينظرون من بعيد أو ربما خطى أحدهم خطوات خلف الحب الراحل أو جرى مسرعاً خلف جثمان صاحبه ليودعه و أغرقت عيناه باادموع... و لكن كانت عربة نقل الموتى قاضية على نظرته الآخيرة فى وداع الشفقة و الرحمة.
تركهم للتشرد بين الحارات و الدروب لمصير غير معلوم فى رحلة الحياة القصيرة على دروب الذكريات....
بقلم الأديب/ أحمد عزيز الدين أحمد
أخبار متعلقة :