بوابة صوت بلادى بأمريكا

صفوت عطا الله يكتب: كورونا ورانا ورانا

لعل من أغرب الأمور التي تمر بها البشرية في سابقة لم تحدث من قبل خلال التاريخ كله حتى في الحروب العالمية والكوارث الطبيعية لكونها كانت تحدث في مناطق محدودة أو مساحة معينة أما الذي يجري اليوم فهو شئ لا يصدقه عقل أو يستوعبه إنسان وهو أن تتحول الكرة الأرضية من أقصاها لأقصاها بأرضها وبحارها ومحيطاتها ووديانها وجبالها وسهولها إلى سجن كبير وكل البشرية موضوعة تحت عقاب لا نعلمه ولا نعرفه ولا نفهم إن كنا نستحقه أم لا، وأن يصبح الشخص المسجون هو نفسه السجان عليه ويراقب تحركه أو تصرفه أو سلوكه ويعاقبه عند ارتكاب مخالفة والمدهش المسئولين هم أقرب الناس إليك سواء كان والدك أو أبنك أو زوجتك أمر لا يقبله العقل البشري لهذا الوضع المخيف أو المرعب ليس في الاختفاء أو الانعزال وإنما تعدي ذلك إلى الالتزام الصارم لأوامر وتعليمات الحراس المراقبين عليك كل لفته أو حركة أو تصرف أو خطأ غير مقصود العقاب فوري.

طالما البحث العلمي وجهود المتخصصين أمامهم وقت طويل للوصول إلى اكتشاف هذا المجهول اللعين أو تصنيع لقاح أو مصل أو دواء للقضاء على الفيروس فليس أمامنا سوى بديل وحيد هو: بدلاً من الهروب والتقوقع والانعزال وهو يطاردنا في كل مكان وأي لحظة من الزمن فإن العقل والمنطق يجعلني أقترح فكرة جهنمية بسيطة جداً أو كما يقول المثل الفلاحي ( أتغدى به قبل مايتعشى بيا ) أو أفترسه قبل أن يفترسك بمعنى آخر خذ اللص قبل أن يأخذك لأن هذا الفيروس الخلبوص ( اتمسكن حتى اتمكن ) ليقضي علينا ومن ثم فالحل الأمثل والعملي أن نتعامل معه ونتكيف ونتعايش لكن بحذر وحرص حتى نجبره على الانسحاب من حياتنا ونستطيع أن نهزمه في عقر داره ونقضي عليه تحت الحكمة التي تقول: ما حك جلدك مثل ظفرك، ولا نعتمد على العلماء ونقع تحت طائلة المثل الذي يقول: على ما يجي الترياق من العراق يكون العليل مات.

 

 

الكورونا والحنين للذكريات

نتيجة طبيعية لوقوعنا تحت الحظر فلا نغفل الإيجابيات وأصبح المرء أكثر عرضة إلى الحنين إلى العودة إلى الذكريات والغوص في خبايا العقل والاستمتاع بها والبحث عن أصدقاء الطفولة سواء كانت من ألبوم الصور أو على وسائل التواصل الاجتماعي وبالمناسبة لقرب الانتهاء من شهر رمضان المبارك واحتفال الأخوة المسلمين بعيد الفطر المبارك لهم منا كل الأمنيات الجميلة والتمنيات السعيدة وأن يعيد الله تلك الأيام المباركة على بلادنا المصرية بكل الخير والسلام والأمان.

هذه الأيام الباركة يتواكب معها أيضاً حلول الاحتفالات التي تقام للأقباط بمناسبة مولد السيدة العذراء في دير جبل الطير بسمالوط بمحافظة المنيا والذي ينتهي بحلول عيد الصعود يوم الخميس 28 مايو 2020م حيث يتوافد على هذا المكان المقدس عشرات بل مئات الآلاف للتبرك من الآثار التي وطئت أقدام السيد المسيح ومعه أمه العذراء والقديس يوسف النجار في كنيستها وقد بنت الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الكبير الذي أعترف بالمسيحية الديانة الرسمية للبلاد عام 328م وهي نفس السنة التي تم فيها بناء كنيسة القيامة بالقدس ونظراً لإجراءات الحظر تم إلغاء الاحتفال هذا العام حرصاً على سلامة الزوار والمواطنين من التجمعات فمنذ ثلاثة وخمسين عاماً توافق مولد السيدة العذراء بيوم الخامس من يونيو عام 1967م  الذي كان يوافق يوم الاثنين وحوالي الساعة التاسعة صباحاً شاهدت من منزلي ثلاث طائرات طراز ميراج الفرنسية قادمة من الشرق ومتجهة ناحية الغرب حيث يقع مطار المنيا الحربي حيث تم تدميره وكانت ضمن خطة هجوم على كافة مطارات مصر في وقت واحد أمكن للعدو الإسرائيلي فيها تدير ممرات وهناجر الطائرات في أماكنها وبداية نكسة يونيو مما اضطرت قوات الأمن بالإسراع إلى إخلاء الأماكن والتجمعات التي كانت تحتفل في جبل الطير بمولد السيدة العذراء حيث كانت تظهر الخيام والأغطية كأنها معسكرات للجيش وكان من السهل جداً ضربها وتدميرها بالطائرات الإسرائيلية ولولا العناية الإلهية لكانت كارثة بكل معنى الكلمة وسقوط قتلى وضحايا في الحشود المتواجدة في هذا الحيز الصغير وبسرعة أمكن هدم الخيام وإخلاء المكان من الزوار وإجبارهم على الرحيل إلى بلادهم سالمين.

بينما استطاع العدو الإسرائيلي احتلال سيناء من مصر والجولان من سوريا والضفة الغربية وغزة من الأردن وضياع القدس العربية نهائياً وإذا كانت مصر قد أستردت أرضها إلا أنه للأسف مازالت المناطق الأخرى محتلة بل وضاعت للأبد.

ذكرى أخرى في نفس يوم الخامس من يونيو منذ خمسة وعشرين عاماً وهي ذكرى دخولي الأراضي الأمريكية وبداية عهد جديد في الغربة والمهجر ومازالت الذكريات تتوالى أثناء حرب الاستنزاف وهي حالة اللاحرب واللاسلم التي استمرت أربعة سنوات مما كان لها تأثير سلبي وإحباط ويأس في نفوس المصريين وخاصة الجيش وكأنه سيف مسلط علينا حتى تمكن الأبطال من اقتحام خط بارليف وهزيمة إسرائيل في السادس من أكتوبر 1973م.

تتوافق تماماً الحالة التي يعيشها العالم الآن في حربه مع وباء كورونا حيث تعيش البشرية حرب استنزاف شاملة وقاسية ومكلفة مما سبب من حالة احباط ويأس فلا مفر من مواجهته ذلك العدو الخفي واللهو المتناهي في الصغر ولا نقبل سوى القضاء عليه بكل الطرق والوسائل ( خد بالك من نفسك).

 

 

خد بالك من كورونا  

اصبحت الآن التعليمات والإرشادات الاحترازية ليست من الكماليات أو التظاهر بها بل من الضرورات الواجب إتباعها بكل دقة وحرص دون تزمر أو غضب وأن يكون لدينا الاستعداد النفسي بقبولها والاستماع باهتمام لكل ما يطلب منا وتنفيذها بدون تهاون أو تهويل لهذا العدو الغادر منذ أول لحظة منذ استيقاظنا إلى آخر اليوم وسنوردها لعل من كثرة التكرار فائدة ومنفعة لنا جميعاً:

  1. غسيل الأيدي بصفة مستمرة وبطريقة سليمة وصحية.
  2. النظافة العامة من الاستحمام وغسل الوجه والرأس.
  3. استخدام الكمامة على الأنف والفم في الأماكن العامة.
  4. لبس القفازات لضمان عدم لمس أي شئ.
  5. استخدام مطهرات ومعقمات كلما أتيحت الفرصة لذلك.
  6. عدم لمس أي أجزاء معدنية أو حوائط أو مساند.
  7. الإلتزام بالتباعد القانوني 6 أقدام على الأقل.
  8. عدم الاختلاط مع أشخاص لا نعرفهم أو الاقتراب منهم.
  9. عدم التحدث بدون كمامة.
  10. ممنوع الأحضان والقبلات.
  11. عدم العطس والكحة لأي سبب ولابد في حال ذلك وضع شئ أمام الفم والأنف.
  12. تنظيف المشتريات أولا بأول.
  13. عدم التكدس أو الازدحام سواء الأماكن المغلقة أو المفتوحة.
  14. عدم النزول من المنزل خاصة كبار السن والمرضى.
  15. تغيير الأحذية والملابس فور العودة للمنزل.
  16. الحرص التام بعدم التعرض لمشاكل صحية تقلل من المناعة.
  17. تناول فيتامين سي وفيتامين دي بطريق أدوية أو فاكهة أو خضروات.
  18. التعرض للشمس.
  19. عدم الاستماع للأخبار المحبطة.
  20. ممارسة الرياضة.
  21. تنمية المهارات والأعمال المفيدة.
  22. اشاعة جو المرح والطاقة الإيجابية للتغلب على حالات الاحباط واليأس والإكتئاب.

 

 

الدروس المستفادة من كورونا

قرأت بعض الدروس التي تعلمناها منذ حدوث هذا الوباء المسمى كوفيد 19 كورونا يمكن تلخيصها في بعض نقاط أهمها:

  1. الصين فازت بما يسمى الحرب العالمية الثالثة بدون أن تطلق طلقة رصاص واحدة وبدأ عصر جديد لا يصلح معه سلاح ومدرعات ودبابات وقنابل نووية.
  2. الأوروبيون والأمريكان ليسوا متعلمون بخلاف مايظهر للعالم فقد انكشف أمرهم وانفضح فشلهم الذريع في التعامل مع الفيروس.
  3. الأغنياء في الحقيقة أقل مناعة من الفقراء فكانوا هم الأكثر عرضة للفيروس.
  4. ليس هناك دور لرجال الدين وعدم قدرتهم على شفاء المرضى والمصابين خاصة من تجار الدين الذين أنفضح أمرهم وانكشف ملعوبهم.
  5. الكادر الصحي من الأطباء والممرضين من الجيش الأبيض مهضوم حقهم المادي ويستحقون التقدير أكثر من ذلك وأكثر من فئات توحشوا في ثرائهم أمثال لاعبي الكرة والفنانين ومذيعي الشاشة الفضية.
  6. النفط لا قيمة له في مجتمع بدون استهلاك الطاقة وتوقف الحياة فانخفض سعره إلى ماتحت الصفر.
  7. الحيوانات بدأت تشعر بالحجر الصحي على البشر.
  8. كوكب الأرض يتجدد بسرعة مذهلة دون تدخل بشري في تلوث البيئة وكذلك انغلاق ثقب الأوزون.
  9. أغلب الناس يمكنهم ممارسة أعمالهم ووظائفهم من داخل منازلهم دون الحاجة إلى الذهاب إلى المكاتب الفارغة واستخدام مواصلات.
  10. كلنا نستطيع التأقلم بدون الوجبات السريعة الجاهزة الغير صحية والرجوع للطرق التقليدية.
  11. التعود على الحياة الصحية السليمة والسلوك المنضبط وأنها ليست بالأمر الصعب أوالمستحيل.
  12. الإعلام ثبت فشله وامتلاؤه بالأكاذيب وترويج الإشاعات والكلام الفارغ.
  13. أمكن لكثير من الرجال ممارسة هواية الطبخ بنجاح يتفوق على أي إمرأة.
  14. الحياة هشة للغاية والعالم أنهزم أمام فيروس ضئيل جداً.
  15. إنكشف وأنفضح تلاعب السياسيين الذين يبحثون عن مصالحهم فقط دون مراعاة لأمر انسانية الإنسان كما يحدث الآن بين الجمهوريين والديموقراطيين.

 

 

الظواهر السلبية لكورونا:

النتيجة الطبيعية للوضع السئ الإنعزال والحظر أو الحجر الصحي تغير سلبي في سلوكيات الإنسان دون أن يعرف أو يدري ولكنه يتوالد داخله وبمرور الوقت ينمو ويكبر ويتوغل حتى إلى سلوك يمارسه في حياته يمكن تلخيصها في الآتي:

  1. فقدان الاحساس بالزمن
  2. لانعدام السلامات والأحضان قلت المشاعر والعواطف والتواصل الاجتماعي حتى داخل الأسرة الواحدة.
  3. انخفاض مستوى النشاط والحركة ومظاهر الحيوية وأصبح البطء واضح في الفرد.
  4. لم يعد الانسان مهيأ للاستمتاع بالحياة والمرح واختفت الابتسامة من وجوه.
  5. انحصر تفكير الناس في قضاء اليوم بخير وصحة دون التطلع للمستقبل أو الطموح للأفضل.
  6. زيادة جرعة الخوف والرعب من كل شئ ولأي شئ
  7. حالة هوس وتصرفات غير سوية.
  8. كثرة حالات الشرود الذهني والتخيلات المريضة.
  9. التلهف لسماع الأكاذيب وتصديقها بل وترويجها للآخرين.
  10. سرعة الانفعال والغضب بدون سبب.
  11. اضطراب العلاقات الاجتماعية بسبب الغاء كل مظاهر الفرح والحزن واعياد الميلاد والاحتفالات القومية والدينية.
  12. عدم الذهاب لدور العبادة انعكس على الفرد بزيادة جرعات مظهرية وتحول الشخص من فرد مشارك ومتفاعل إلى مجرد مستمع أو مشاهد فقط مما أضعف باقي الحواس.
  13. تأثير سلبي واضح على فترات عمرية كالأطفال والشباب نتيجة الحبس والحجر المفروض عليهم.

ربما يوجد عشرات من الظواهر الأخرى بالتأكيد ستكون محور البحث والدراسة والتحليل من علماء علم النفس والاجتماع ومن المتوقع ظهور أمراض اجتماعية لم تكن موجودة في العالم سابقاً وسيستغرق زمنا طويلا في علاج تلك السلبيات والتغييرات والسلوكيات.

ومن الاحصائيات التي تصدر كل يوم خاصة في مستشفيات ولاية نيويورك اتضح الآتي:

66% من المصابين كانوا يقيمون في بيوتهم.

73% أعمارهم فوق 51 سنة

96% كان لديهم مشاكل صحية أخرى

90% لم يرتادوا وسائل المواصلات العامة.

ربما يتضح في القريب أن هذا الفيروس أكذوبة ضربت العالم ولن نعود نصدق بعد ذلك أي كلام سواء من جهة علمية أو سياسية أو بحثية وكل منا يعتمد على نفسه في التعامل مع هذا المجهول ويحمي نفسه بنفسه ولن يصيبه شئ طالما التزم بالتعليمات والارشادات الصحية السليمة.

هيا ننطلق ونعيش ونمرح ونعمل ونفرح وهدفنا هو:

اتغدى بيه قبل مايتعشى بيك.

أخبار متعلقة :