لم يفرق التشريع الإلهي بين أفراد المجتمع الإنساني على أساس الدين أو المذهب أواللون، فكلهم يصيبهم الخير من السماء إذا نزل المطر، ويصيبهم من الأنواء والعواصف إذا تغير الطقس، أو حدوث الزلازل، فلا إستثناء لأي إنسان من ما يصيب الناس أجمعين من خير أوشر، تاكيدا لقوله سبحانه: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ".. (سورة الأنبياء: 35).
فالله سبحانه وتعالى لم يخاطب المسلمين فى كتابه المبين على الاطلاق، كما أن ما يسمى بـ "التشريع الإسلامي"، فعو جهد بشري ألفه الفقهاء والمفسرون، والمصطلح الذى يتفق معه، هو "تشريع المسلمين" الذى جعل مرجعيته؛ الروايات وتفاسير المفسرين وما احتوته من أهواء وتحريف.
أما التشريع الإلهي - كما أنزلت آياته على الرسول الكريم سيدنا محمد – صل الله عليه وسلم - فهو تشريع للناس جميعاً، والله سبحانه وتعالى لا يُفرق بين عباده فى الحياة الدنيا فى النفقات والصدقات على الفقراء والمساكين وابن السبيل.
كما لا يوجد نص فى القرآن الكريم يستثني أحداً من خلقه المستحقين للزكاة أوالصدقات على أساس الدين أو المذهب أو اللون، إنما أمر الله سبحانه وتعالى عباده جميعاً بقوله: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ".. (سورة المائدة.. الآية 2).
فالخطاب الإلهي إذا، خطاب من الله العزيز القدير؛ موجه إلى الناس جميعا، وتوجد أكثر من عشرون آية يخاطب الله سبحانه وتعالى فيها الناس، ولم يخاطب المسلمين ، بل يخاطب المؤمنين.
وقد أمر الله جل شأنه الناس بالتعاون فيما بينهم فى المجتمعات الإنسانية، ليتحقق التكافل الإجتماعي، ويساعد الغني الفقير، ويُعالج المريض، ويُساند المظلوم، ويُعين الملهوف، دون النظر إلى دينه وعقيدته، لأنه – أولاً وأخيراً - عضواً فى المجتمع الإنساني.
أما أعمال الناس، فالله جل جلاله يحاسبهم عليها؛ كما قال سبحانه: "مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ".. (سورة فصلت.. الآية 46).
فالله سبحانه وتعالى بمقتضى تشريعه فى كتابه الكريم، جعل معاملة الناس جميعاً بالتساوي، وعدم التفرقة بين أفراد المجتمع، وأن ما يُسمى بـ "الشريعة الإسلامية وأحكامها المتحيزة"، ومافيها من تفرقة بين أفراد المجتمع تتعارض كلياً مع تشريع الله فى كتابه الكريم.
لذلك، وبناءً على ماسبق، فكل فرد فى المجتمع مسلماً أكان أومسيحياً أو يهودياً أو ملحداً أو وثنياً، وهو يقع ضمن مصارف الزكاة، فلايُحرم من حقه فى الصدقات، ومن يقول غير ذلك؛ فقد إفترى على الله، وكتم ما أنزل الله فى كتابه الكريم، وقد وصفهم الله سبحانه بقوله: "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ".. (سورة البقرة.. الآية 159).
أخبار متعلقة :