بوابة صوت بلادى بأمريكا

إدوارد فيلبس جرجس يكتب: كـورونـيـَّـات

الإرهاب في زمن الكورونا

**************************

قد يتساءل البعض ، ما دخل فيروس كورونا مع الإرهاب ، بالتأكيد الإرهاب ليس له زمان أو مكان أو حالة أو وضع ، فهو أيضا فيروس لعين ، فشل العالم وانهزم في القضاء عليه ، ليس لأنه عجز أن يجد له المصل أو اللقاح كما يحدث الآن من تخبطات في التعامل مع فيروس كورونا ، لكن لأنه لم يستطع أن يتغلب على ما بداخله من أنانية ولامبالاة بالنسبة للغير ، يسير على مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان ، فلم يحاول التعاون بصورة جدية من أجل القضاء على الإرهاب العالمي ، وتركه حتى استفحل كوباء في كل مكان . إن ما حدث منذ فترة قصيرة من إرهاب غادر وكافر وقذر لكمين بئر العبد ، الذي راح ضحيتة عشرة من الجنود والضباط ، أنهى آخر أمل في أن يكون هؤلاء الإرهابيون ينتمون إلى الجنس البشري ، ولا حتى الحيوانات ، لأن من بين الحيوانات من لديه رحمة في قلبه لا تمتلكها هذه الأجساد الخالية من القلب والعقل والفكر ويسيرون بقوة فيروسية شيطانية فقط ، كل العالم الآن يبتهل إلى الله ليرفع هذا الوباء بعد أصبح جائحة انتشرت في كل أرضه وجزره ، وهؤلاء الأوغاد خرجوا ليمزقوا أجساد الجنود المساكين بكل شراسة قد يعف عنها أشرس وأقذر الفيروسات ، لم يفكروا لحظة واحدة أن هذا الفيروس قد يكون عقابا من السماء لأن البشر قد تعدوا حدودهم في الشر ، فخرجوا ليقولوا نعم ونحن أول من يزكي نيران الشر ، وقد يكون الأغرب الذي تخطى حدود الغرابة أنهم فعلوا  فعلتهم الدنيئة في شهر رمضان ، لم يراعوا حرمة هذا الشهر أو انهم سيقتلون صائما تاقت نفسه إلى كسرة خبز أو شربة ماء ، حقيقي توقفت أمام هذه النقطة لوقت غير قصير مفكرا ، أليس هؤلاء يدعون أنهم مسلمين ، أي المفروض أن يكونوا صائمون ، فهل قرروا أن يكون إفطارهم على الدماء ، كورونا تغتال البشر دون رحمة أمامهم ، وشهر فضيل يعيش فيه المسلمين بين صومهم وصلواتهم ، لا الكورونا ولا الشهر الفضيل تمكنا من أن يدخلا إلى عقولهم ولو بصيص من نور أن ما سيفعلونه من شر وقتل ودماء سيفتح أمامهم جهنم على مصاريع أبوابها لتستقبلهم بأفظع النيران وليس كما تصور لهم عقولهم الجوفاء أنها ستفتح أمامهم الطريق إلى حور العين وقد تعرين في انتظار فحولتهم ، يفكرون في هذه الخرافة التي يصورها لهم الجهل المطبق  كثيران هائجة ينتظرون إطلاقهم على ابقار الحظيرة . تنتابني الحيرة أمام موقف لفضيلة شيخ الأزهر الذي رفض تكفير من يقوم بهذه الأعمال ، هل هذه الدماء المباحة في شهر رمضان وغيرها وغيرها ليست كافية لكي تنسب لهم لقب كافر ؟! ، ليست كافية لأن يعرف إن كان لا يعلم أو تنبهه إن كان لا يريد أن يقر لسبب أو لآخر بأن كلمة مسلم المدونة في هويتهم هي حروف مزورة إختلقها لهم الشيطان ؟!. أقولها لكم أنا ستذهبون أيها الكفرة إلى جهنم وبئس المصير . أما الشهداء ،  سيذكر لهم التاريخ مجد بطولاتهم، وستُحكي كقصص يفخر بها أبناؤهم، ومكانهم ينتظرهم عند الله كشهداء ، بينما أنتم يا من لا تستحقون من الألقاب سوى قتلة وجبناء وجهلة وكفار ، يا من مُحيت ذاكرتهم فأصبحتم  كدمي بيد الشياطين يحركونها كما شاؤا ، ويسخرون بقناعتكم أنكم ستحتسبون شهداء عند الله وتغرقون في نجاساتكم مع حور العين ، من أين لكم كل هذه القناعة الحمقاء ، أتصدقون مثل هذه الأكذوبة، تقتلون أرواح وتحتسبون شهداء !، تيتمون أبناء وتحتسبون شهداء !، تقتلون الأبناء فيأكل الألم قلوب الأمهات وتتجسد بداخلهم مرارة العالم وتحتسبون عند الله شهداء !، كم أشفق لجهلكم البهائمي ، علي اي دين نشأتم وأي عقيدة تعلمتم ؟، أفسدتم مصطلح الشهادة وحولتموها إلى عهارة وأنتم ترددونها بألسنتكم . كم أشعر بالأسف لأنني خاطبت جهلكم وعقولكم الجوفاء الممتلئة بالعفن ،  لكن أود في النهاية أن أسعد بإخباركم كيف ستكون نهاية جهادكم أو ما تعتقدونه أمجاد التي لا تذكر إلا ومعها سبكم ونعتكم بأحقر الألفاظ  ، ستكتب نهايتكم عند تفجيركم لحزامكم ، ستفتت أجسادكم وتتطاير  أشلاؤكم ، ولن ينصب عزاء لأمثالكم ، ولا تحتسبون عند ربكم شهداء ، ولن يذكركم من محي ذاكرتكم ولعب بكم كقرود في سيرك ولا من غَيَّرَ معتقداتكم وحولكم إلى كفار شكلا ومضمونا  ، نعم ستحتسبون في خانة الجبناء ، اتركوا كلمة الشهادة لمن يستحق لقبها، إنهم أبناء الوطن، أولئك من تحيا بهم مصرنا مرفوعة الرأس . لست أعلم كيف كورونا غافلة عنكم إلا إذا كانت تخشى أن تتنجس من أجسادكم البهائمية  !!!!!.

الفكر في زمن الكورونا

**********************

صراع بيني وبين القلم ، يجذبني تارة وأجذبه تارة ، يدفعني للكتابة عن هذا الفيروس المجهري " كورونا " وأنا أحاول أن أبتعد ، خوفا أن تفلت مني ضحكة معيبة والعالم في هذه المحنة ، قرأت وسمعت من الكلام والأحاديث لم أقرأ أو أسمع مثلها طوال حياتي ، يخيل لي أن هذا الفيروس لا يصيب الجهاز التنفسي قدر أصابته للعقل ، البعض يقول أنه غضب من الله ، وأفكر على من ينصب هذا الغضب ، هل على اليهود ، المسيحيون ، المسلمون ، على من ؟ ، على الملحدين ، أم البوذيين أم المهاريشا أم الزارديتش أم الهندوسيين ، أم ، أم !!!!! . الله غضب على العالم مرة واحدة زمن طوفان نوح ، ووقتها ندم كما جاء بالعهد القديم وقال أنه لن يفني البشر مرة ثانية ، وعندما غضب على أهل سدوم وعمورة لم يهلك البشر جميعا ، بل أيضا كما جاء بالعهد القديم أن سيدنا إبراهيم ظل يترجاه ألا يهلكها لأنه من الجائز أن يكون بها 50 مؤمنا ثم عاد وترجاه على أنه قد يكون بها 40 ، وهكذا استمر والله يستمع له حتى وصل إلى 10 فقط ، ولم يوجدوا فأنزل الله عليها النار والكبريت لأن أعمالهم وفحشهم ضجت لها السماء ، أي لم ينزل الله النار والكبريت على العالم كله ، فهل حاشا الله في العهد القديم غير الله الآن ، الله هو هو لم يتغير ، وعندما وعد قديما بأنه لن يفني البشر جميعا ليس من المعقول أن يرجع عن وعده . المضحك أن معظم الإصابات التي انتهت بالموت كانت لكبار السن ، فهل الله غضبه فقط على كبار السن في العالم ، مجرد فكر في الحقيقة لا أستطيع أن أوقفه إلا بقولي " الله أعلم " . يشدني أيضا فكري بأن هذا الفيروس بفعل فاعل ، أي هناك من نشر هذا الفيروس لمصلحة شخصية ، أحياناً أفكر هل يمكن أن تكون الصين فعلته لتضرب العالم وتعتلي هي القمة مكانة واقتصادا ، سيقول قائل ، هي أول من تضررت ، سأجيبه بأنها يمكن أن تكون مقصودة لتنفي التهمة عن نفسها ، وخط دفاعي عن هذه الفكرة أن الصين تزيد عن المليار فلو فقدت حتى مليون مواطن فلن يؤثر عليها ، وثانيا أننا لو لاحظنا أن الإصابات تراجعت وبدأت الصين تشفى وتعود لحياتها الطبيعية فربما يكون لديها العقار الشافي ولم تفصح عنه حتى الآن وستستغله مستقبلا ، ثالثا : وهذا ما يقلقني أن الصين لا تعرف لها رباً تخشاه ، ربها هو الاقتصاد والمال والاثنين أشر من بعضهما ، لكن أيضا أنهي هذا الفكر ب " الله أعلم " . افكار كثيرة تبدو أمامي وأخشى أن تكون من الشيطان ، فاستغفر الله وأقول دائما " الله أعلم . المهم أن المحنة واقعة والعالم كله يئن تحت ثقلها ، أتضرع إلى الله أن ينهي هذا الكابوس ، وإذا نظر الله إلى تضرعي أنا العبد الفقير وخرجنا من هذه المحنة ، أحب أن أقول للعالم ، الآن يجب أن تنظر إلى نفسك بشكل مختلف ، توقف قليلا والتقط أنفاسك ، أعد تفكيرك فيما مضى ، لِماَ كان ذلك الصراع ؟! ، ماذا جنيت من وراء الخراب والدمار ، على قدر معلوماتي الملايين التي قاربت من المليار ضاعت في الحروب ، كيف سيكون مستقبل التكنولوجيا التي كان المفترض أن تكون مسخرة لخدمة الإنسان ، فأصبحت دمارا عليه ، نرجو ألا تعود ليكون الإنسان هو عدو الإنسان ،  وأخيرا هل سيستوعب العالم الدرس أم ستكون  كصلاة المراكبي حين يبدأ مركبه في الغرق ثم تعود ريما لعادتها القديمة بعد النجاة ، " الله أعلم " .                         

ما بعد كورونا

*************

قد يرحل فيروس كورونا ، وأقول قد ، فإن ما يثار من أقاويل يزرع الخوف في النفوس وأنه سيطبق على الأنفاس شهورا وسنين ، لكن سنفترض الرؤية الوردية وسنقول أنه سيرحل ، لكنه سيترك بصمته في وعلى كل شئ في حياتنا وحتى التفاصيل الدقيقة لحياة البشر ، فما ألاحظه الآن أن الناس تسير وتنظر خلفها بعد كل خطوة وكأن الفيروس كائن عملاق سيأتي من الخلف وينهال عليهم بعصا لا ترحم ، أصبحت الأشياء كثيرة ومتشعبة في كل مناحي الحياة ، من أكثرها تعقيداً هذه القطعة البشعة التي تحجب الأنف والفم وحتى الذقن ، تلك التي يدعونها " ماسك " أو كمامة ، وكم تأخذني السخرية إلى الماضي عندما كانوا يضعون على أفواه الحيوانات كمامة إما حتى لا تعض من يقترب منها أو في البعض الآخر حتى لا تأكل دون حساب وذلك في الثيران التي تعلق عليها ماكينات دراس الحبوب لتدرس القمح أو الشعير وحتى لا يستغلها الثور فرصة ليأكل دون شبع ، نعم تأخذني السخرية وأنا أرى الآن كل البشر من حولي يضعونها فلا أرى سوى عيونهم ونظرة الرعب الهائلة تكاد تقفز منها ، لقد أصبحت الكمامة قاسما مشتركا في الأشياء التي يحرص الإنسان على ارتدائها ، وأعتقد أنها ستظل لوقت طويل وتصل لمرحلة تكون مثلها مثل النظارة سواء الطبية أو نظارة الشمس ، عندما بدأت فكرة النظارة لم يتقبلها الإنسان في البداية ، وكانت تمسك باليد ليرى بها الشخص ما لا يراه بعينه العليلة  ، أو فوق عين واحدة " كما نرى في الأفلام القديمة " ، ثم حدثت قفزة وأصبحت النظارات على ما نراها عليه الآن ، إلى ان وصلت لتكون من مستلزمات الأناقة والشياكة والأنوثة لدى المرأة ، وتعبيرا عن القوة والغموض عند الرجل ، وأعتقد أو اتصور أن الكمامة مع عالم موبوء بالفيروسات نعيش فيه ، أو كما يشاع الآن أن الموضوع سيستمر لسنوات ، وقد تظهر تحورات ألعن من الفيروس الأصلي ، ولذا من الممكن أن تصبح الكمامة ضرورة مثلها مثل ضرورة النظارة الطبية ، الناس بدأت تتقبل فكرة ارتداء الكمامة لمزيد من الحرص ، اليابانيون أكثر شعوب الأرض التي ترتدي الكمامة حتى قبل وباء كورونا ، الكمامة قد تكون أساسية في حياتهم أثناء التحرك في الأماكن المزدحمة وفي المواصلات العامة ، هم شعب نظيف منضبط بطبعة ، ولا أريد أن أخرج عن الموضوع وفكرة الكمامة التي بدأ شكلها يتحول من مجرد القيام بوظيفة الحماية من الفيروسات إلى أبعاد جديدة من الجمال في التصميم وذلك باختيار ألوان لم تكن مطروقة من قبل ، ودخول الألوان الزاهية والتصميمات من إشارات وعلامات تنقش على اللون ، وقفزت بيوت الأزياء لتضع بصمتها الفنية في تصميم الكمامة لتحقق وظيفتها الطبية وفي نفس الوقت تكون قطعة ملابس وجزء من الأناقة وأعتقد أن الأيام القادمة ستُفرخ الكثير من التطورات في شكل وألوان الكمامة وقد تكون مثلها مثل النظارة الطبية أو نظارة الشمس عندما تزداد حدة الخوف من الإصابة بفيروسات موجودة أو غير موجودة يسوقها الوهم والحرص على الحياة . وفي الحقيقة ليس الأمر مقتصراً على الكمامات ، فلو نظرنا حولنا سنجد أن الأشياء التي استغربناها بشدة مع بداية الوباء أصبحت أمرا عاديا الآن ، فكرة تقبل ما كان مستغربا أو مستحيلا ، فلقد قبلنا فكرة العمل من المنزل وأصبحنا ننظر إليها نظرة عادية ، فكرة الدراسة عن بعد كنا نتقدم فيها خطوة ونتراجع خطوات والرافض أكثر من المؤيد ، أصبحت الآن هي البديل الآمن الذي يمكن أن يحدث نقلة في مسار التعليم .. العلاقات الإنسانية هي التي أصبحت أكثر تأثرا وقد أصبحت الكمامة حاجزا على أظهار المشاعر الإنسانية ، الآن الكل يتحدث من وراء حجاب وبشئ من الخوف ، فيروس الكورونا فعل الكثير ولا يزال ولا نعلم ماذا سيحدث في المستقبل وقد يكون أكثر مما فعل الآن ، الفيروس نجح أن يترك كمامة وبصمة على كل مناحي الحياة ومع ما سيأتي به الغد لا نملك أن نقول سوى " الله أعلم " اللهم ارحم " شهداء الوطن.

***********************

إدوارد فيلبس جرجس

edwardgirges@yahoo.com

**********************

 

 

 

 

 

أخبار متعلقة :