ظل يجري ويجرى كثيراً، مضى وقت طويل دون ملل، بذل مجهودًا عنيفًا، و حركة مستمرة قوية، تصبب العرق من جبينه و جميع أجزاء جسده المنهك فى الجري حتى أصبح يركض فى بركة من الوحل من كثرة العرق، وكلما مر الوقت أكثر و ضاعف جهده أكثر وأكثر، وبعد فترة و جد نفسه وحيداً لا يوجد أحد حوله و قد غربت شمس يومه فوق هامته، ظن نفسه أنه قطع شوطاً طويلاً و قد ظفر بما كان يحلم به، و عندما استفاق أخيراً نظر يميناً و يساراً للخلف و الأمام حتى كانت الصدمة المدوية عندما وجد نفسه فى مكانه لم يتقدم ولو خطوة واحدة.
لم تصبنا الدهشة المنتظرة المعتادة كالتي أصابتنا عندما سلم نفسه للواقع الغادر كما يظن هو. سقط على الارض الموحلة واضعًا رأسه فى قلب التراب الموحل ولازال وجهه يفيض عرقاً ودموعاً حتى غمره الوحل وكذلك وجهه الأبيض البريء. لحظة تلو الأخرى حتى غمر الوحل جسده بالكامل أسفل هذا الطمي المصنوع من العرق والدموع ولم تصدر منه غير حركات بسيطة تدلنا أنه لازال على قيد الحياة.
لم نكن نعرف لهاذ معنى هل فقد الأمل تماما أم لازال متشبثًا بالحياة أم هي حلاوة الروح؟ هبت رياح الليل العاتية فجففت الطين من فوق جسده النابض حتى أشرقت شمس نهار جديد والتي بحرارتها شققت الطين فوق جسده أصبح مثل الارض المشققة الظمآنة والتي لم تُظهر من جسده سوى كومة صغيرة توضح حدود راسه الكبير، تناثرت الحبوب على جميع أجزاء جسده الممدَّد المتساوي بالأرض بفعل الهواء المتحرك، نزلت طيور السماء على الأرض المشققة الظمآنة، نبشت الأرض بمناقيرها و أرجلها محاولة التقاط الحب من على أجزاء الجسد و الكومة الصغيرة محدثة جروحاً بأنحاء الجسم الممتد ففاض الدم مختلطاً بالدموع الغزيرة تجرى بين شقوق الأرض الصغيرة وتحرك وليد العين حائرًا فى جميع الاتجاهات كأنه يملك قلب عاجز و لكن خافت الطيور من تلك الحركة و همت طائرة إلى أعلى، نزلت طيور الأرض من أبو قردان الذى أشتم رائحة الصيد و اقتربت بخفة من الكومة الصغيرة حاولت التقاط و ليد العين المتحرك ظنت انها ديدان الأرض لكنها فشلت كما فشلت من قبل عندما خانها التقدير و تحديد الصيد و لكنها أحدثت ثقبًا فى العين البريئة مل الطائر الحزين و تركها و رحل و لكن كان هناك عقاب ماهر أعلى قمة الجبل العالي حدد مقاصده نزل إليها مباشرة بسرعة فجائية فالتقط مقلة العين المفرغة و الأخرى و ظفر بالاثنين معاً و ترك باقي الطيور تنبش بين الطين النتن
أخبار متعلقة :