في خريطة النقد المسرحي تتقاطع مسارات متعددة نتيجة لغياب منهج ثابت، فهناك النقد الكلاسيكي الذي مالا لمقاربة النص المسرحي بوصفه منتجاً لغوياً مستقلاً عن العرض، وهناك اتجاهات نقدية أخرى تركز على العرض المسرحي في حد ذاته، كونه فناً مركباً تتداخل فيه عناصر متعددة من الأداء، والإخراج، والإضاءة، والديكور، والموسيقى، والإبداع الجماعي.
هذا التداخل بين النص والعرض المسرحي أفرز ثنائية نقدية مهمة، إذ لم يعد بالإمكان الفصل بين تقييم النص المسرحي بوصفه نصاً أدبياً وتقييم العرض المسرحي بوصفه تجربة بصرية وجمالية.
النقد المسرحي المعاصر أصبح يتعامل مع المسرحية بوصفها بنية مركبة تجمع بين النص المكتوب والعرض المنفذ، وهو ما يتطلب أدوات تحليلية جديدة تتجاوز القراءة الأدبية التقليدية للنص، لتشمل دراسة الأداء المسرحي، وحركة الممثلين، والتقنيات البصرية والصوتية، ومدى تفاعل الجمهور مع العرض.
من هنا تأتي أهمية النقد المسرحي بوصفه ممارسة مزدوجة الأفق: قادراً على قراءة النص ضمن سياقه اللغوي، وعابرًا لتحليل العرض المسرحي كحدث جمالي واجتماعي في آن واحد.
النقد المسرحي الحديث يسعى لاستكشاف العلاقة بين النص والعرض من خلال مفاهيم مثل "الكود المسرحي" السيميائي، الذي يرى العرض المسرحي بنية علاماتية تتجاوز حدود النص المكتوب، وتستعين بأنساق دلالية بصرية وصوتية وجسدية.
ويظل التحدي الأكبر أمام الناقد المسرحي المعاصر هو تحقيق التوازن بين تحليل النص المسرحي بوصفه نصاً أدبياً، وتحليل العرض المسرحي بوصفه حدثاً أدائياً متكاملاً، بما يقتضيه ذلك من معرفة نظرية واسعة وخبرة عملية في متابعة العروض المسرحية الحية.
المراجع الأجنبية:
1. Carlson, Marvin. Theories of the Theatre: A Historical and Critical Survey, from the Greeks to the Present. Cornell University Press, 1993.
2. Pavis, Patrice. Dictionary of the Theatre: Terms, Concepts, and Analysis. University of Toronto Press, 1998.
3. Fischer-Lichte, Erika. The Transformative Power of Performance: A New Aesthetics. Routledge, 2008.
4. Fortier, Mark. Theory/Theatre: An Introduction. Routledge, 2016.
5. Lehmann, Hans-Thies. Postdramatic Theatre. Routledge, 2006.
6. Bennett, Susan. Theatre Audiences: A Theory of Production and Reception. Routledge, 1997.
7. Elam, Keir. The Semiotics of Theatre and Drama. Routledge, 2002.

