خطايا" ترامب "الاقتصادية بقلم دكتور / جميل جورجى

خطايا" ترامب "الاقتصادية بقلم دكتور / جميل جورجى
خطايا" ترامب "الاقتصادية بقلم دكتور / جميل جورجى
 
 
لقد علمنا  د. حامد ربيع أستاذ النظرية السياسية - رحمه الله - أن من يحدد سياسات الولايات المتحدة  واتخاذ القرارات المصيرية مجموعة من الخبراء السياسيين يطلق عليهم "خبراء السلطة السياسية" الذين يوجهون الرئيس الأمريكى ويتخذون قرار استخدام السلاح النووى .. من بين هذه المجموعة إحدى الشخصيات المحورية البارزة  ليس فقط فى السياسية الأمريكية بل والعالمية لما يزيد على ثلاثة عقود هو "هنرى كيسنجر" ولكن الحادث الآن هو انفراد "ترامب" باتخاذ القرارات التى تثير موجة عارمة من القلق والتوتر ليس بين الأمريكيين فحسب بل والعالم أجمع.. لقد تعددت تلك المواقف التى يرى فيها المحللون السياسيون الأمريكيون خطورة على  السياسات الأمريكية ووضع الولايات المتحدة كقطب وحيد ينفرد بقيادة العالم بعد تفكك "الاتحاد السوفيتى" .. فى مقال "فيليب جوردون" مستشار الأمن القومى فى إدارة "بايدن" "بعنوان أسطورة "ترامب" عن التراجع الأمريكى" صرح قائلاً سلم الرئيس "بايدن" البلد فى أقوى وضع "جيوسياسى" له منذ عقود إذ طوال حملته الانتخابية الرئاسية أمضى المراقبون الكثير من الوقت فى حيرة من أمرهم بشأن سبب عدم رضاء الناخبين عن السياسة الخارجية الأمريكية.. واستطرد "جوردون" قائلاً هذه هى صلاتى فى "عيد الفصح" إذ بينما لايزال يتعين علينا السير فى وادى ظل الموت أدعو إلى التحلى بالشجاعة وألا نبتعد عن المعاناة بل أن نقف متضامنين مع كل من يعانى ملتزمين بالسلام .. فى مقال "بن كاسمان" و"كوبى سميث" فى صحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان "سياسات "ترامب" تهز التوقعات الاقتصادية التى كانت قوية فى السابق"  صرحا قائلين لقد تدهورت التوقعات الاقتصادية خلال الأسابيع الأخيرة  مما يعكس حالة الاضطراب الناجمة عن تسريح العمال الفيدراليين وتحريك التعريفات الجمركية وحملات اعتقال المهاجرين .. واستطردا قائلين لقد ورث الرئيس "ترامب" اقتصاداً كان وفقاً لمعظم المقاييس التقليدية يعمل بكامل طاقته مع ارتفاع الأجور وإنفاق المستهلكين وأرباح الشركات وانخفاض معدلات البطالة والتضخم..  وقد أكدوا على أنه فى خلال أسبوعين من توليه أصبحت التوقعات أكثر كآبة وتراجعت مقاييس الثقة من جانب رجال الأعمال والمستهلكين واجتاز سوق الأسهم  فى رحلة من التقلب وزاد تسريح العمالة على نحو  متواصل .. من بين  تلك التداعيات السلبية لسياسات "ترامب" الاقتصادية هى تراجع التنبؤات الخاصة بمعدلات النمو الاقتصادى خلال هذا العام حتى إن البعض قد توقع انكماش الناتج المحلى الإجمالى للولايات المتحدة خلال الربع الأول .. على الجانب الآخر سارت توقعات بعض الخبراء إلى ما هو أبعد من ذلك واحتدم الجدل حول ما إذا كان الاقتصاد يتجه إلى الركود أو الانتعاش الحاد فى التضخم أو مزيج مخف من كلاهما أى ما يعرف "الركود التضخمى" وهو ما لايرجحه غالبية الاقتصاديين فهم يرون أنه يمكن أن يتباطأ بدلاً من أن يفسح المجال للتراجع .. وقد صرح "مايكل سترين" الخبير الاقتصادى بالمعهد الأمريكى لإدارة الأعمال قائلاً  إن سياسات "ترامب" بشأن التجارة والهجرة ونهجه القاسى فى خفض الوظائف الفيدرالية سيكون بالغ الضرر إذ إن ما يقترحه سوف يتسبب فى حدوث ركود وتباطؤ فى معدل النمو الاقتصادى وسحب الأموال من جيوب المواطنين وزيادة معدل البطالة والحد من قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة.. واستطرد "سترين" قائلاً من الممكن أن تتجمع سياسات "ترامب" بطريقة ما ينتج عنها رد فعل اقتصادى سيئ إذ يمكن للرسوم الجمركية التى فرضها وحدها أن تؤدى إلى خفض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى البالغ 2% خلال هذا العام إلى النصف مع بداية العام .. ويؤكد "سترين" على أن ذلك الوضع قد يكون من شأنه دفع مجلس "الاحتياطى الفيدرالى" إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد إلا أن ذلك أيضاً قد يكون صعباً إذا كانت تلك الرسوم الجمركية ستؤدى إلى ارتفاع الأسعار مما يربك صانعى السياسات خشية أن يؤدى ذلك إلى خفض أسعار الفائدة وزيادة التضخم .. من ناحية أخرى يرى "جاى برايسون" كبير الاقتصاديين فى "ويلز فارجو" أن ذلك يعد بمثابة موت ناجم عن ألف جرح ورقى بيد أن هذه الأشياء بمفردها لا تكفى للتسبب فى حدوث الركود إلا فى حالة تراكمها فهى يمكن أن تؤدى إلى ذلك.. من ناحية أخرى ترى "نانسى لازار" كبير الاقتصاديين فى بنك الاستثمار "بايبر سلتدرا" حتى وإن لم تتسبب سياسات "ترامب" فى حدوث ركود اقتصادى فإنها قد تلحق أضراراً طويلة الأجل تؤدى إلى انخفاض الهجرة وترك البلاد بقوة عاملة صغيرة ومع شيخوخة السكان الأصليين سوف تشكل هذه الحواجز التجارية عبئاً نسبياً على النمو وإن لم يكن حاداً .. لقد بدأت بالفعل نتائج قرارات "ترامب" الاقتصادية فى التأثير السلبى على السياحة الأمريكية التى أغضبت بعض الزوار الأجانب وأثارت المخاوف من ارتفاع أسعار الدولار وزيادة قوته.. وقد صرح معهد "منتدى السياحة العالمى" بأن ذلك المزيج من سياسات الهجرة الصارمة والدولار القوى والتوترات السياسية العالمية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الوافدين الدوليين مما قد يؤدى إلى إعاقة  قطاع السياحة فى البلاد لسنوات قادمة.. فى أحد الاستطلاعات التى أجريت فى ديسمبر الماضى وجد أن من بين سكان 16 دولة أوروبية وآسيوية الذين شملهم الاستطلاع فى ديسمير الماضى أن 35% من المشاركين قالوا إنهم أقل عرضة للقدوم إلى الولايات المتحدة فى عهد "ترامب" بينما قال 22% إنهم أكثر عرضة لذلك .. وقد صرحت "لوران لاجاردير" البالغة من العمر 54 قائلة لقد انتخب الأمريكيون "ترامب" لأن تلك هى الديمقراطية ولكن إذا لم يكونوا سعداء به فسوف يغيرونه بعد أربع سنوات.. ووفقاً للمكتب الوطنى للسفر والسياحة كان من المتوقع وصول حوالى 77,7 مليون سائح أجنبى فى عام 2024 أى بما يزيد على 17% إلا أنه لم تتوفر لديه بعد أي أرقام نهائية عن العام الماضى إذ تم ممارسة الضغوط على بعض المؤسسات لتجنب استضافة الفعاليات فى الولايات المتحدة أو إرسال موظفيها للخارج مما يحد من سفر الأعمال.. فى مقال "آندرو بركوف بعنوان "ترامب" يحرق أعظم أصوله السياسية" صرح قائلاً خلال تلك الفوضى اعتقد الناخبون أنه سيبلى بلاء حسناً فى الاقتصاد إلا أن ذلك لم يعد صحيحاً.. واستطرد "بركوف" قائلاً كانت ولاية "ترامب" الثانية تهدف إلى إرضاء قاعدة شعار "لنجعل أمريكا عظمى" مرة أخرى حيث كان وقتها مهتماً بالحفاظ على الناخبين الأقل تشدداً الذين ساعدوه على الفوز بالانتخابات وبالرغم من أنه لن يخوض الانتخابات مرة أخرى إلا أنه سيعرض كل المرشحين الجمهوريين للخطر الانتخابى.