انْظُروا.. إِنْ كانوا لا يَحْيَوْنَ مَرَّةً أُخْرى! بقلم:جاكلين جرجس

انْظُروا.. إِنْ كانوا لا يَحْيَوْنَ مَرَّةً أُخْرى! بقلم:جاكلين جرجس
انْظُروا.. إِنْ كانوا لا يَحْيَوْنَ مَرَّةً أُخْرى! بقلم:جاكلين جرجس
 
 
   تمر الأيام والسنون و كأن ما حدث فى الرابع و العشرين من شهر أبريل عام 1915 كان أمس !، تدق الأجراس فى بهو الكنائس الأرمينية لتعلن عن ذكرى لأبشع مذابح حدثت فى التاريخ الحديث ؛ لم يكن الهدف قتل و تدمير الأرمن فقط بل أيضًا  طمس متعمد للتراث الثقافي والديني والتاريخي والطائفي حيث تم تدمير الكنائس والأديرة الأرمنية في حين تحول بعضها إلى مساجد ودمرت المقابر الأرمنية، في العديد من المدن ؛ لكن ما نعرفه عن أرمينيا أنها رمز القوة و المثابرة ،و بدلًا من التمسك بماضيها المؤلم  قررت المُضى قُدمًا دون أن تنسى تاريخ جدودها اللذين سفكوا دماؤهم لتتحرر أرمينيا .
    فقررت دخول مضمار و سباق الاستثمار و الإنفتاح الاقتصادى و الثقافى و الاجتماعى على دول العالم من حولها و معلوم أن أرمينيا بلد جذاب من وجهة نظر الاستثمار وبيئة الأعمال حيث إن جذب الاستثمار ودعمه وإيجاد إطار قانوني ملائم وبيئة للاستثمارات الأجنبية هي إحدى الاتجاهات الأساسية للسياسة الاقتصادية لجمهورية أرمينيا، وقد أجريت إصلاحات و تطورات هامة خلال العقد الأخير مما جعل أرمينيا وجهة أكثر ملاءمة للاستثمارات الأجنبية، حيث أنها تتبنى سياسة "الباب المفتوح" فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية ، والنتائج واضحة و ملموسة فأرمينيا اليوم يأتى ترتيبها 38 من بين 190 دولة وفقا لترتيب البنك الدولي "Doing Business 2017". مع النتيجة الإجمالية من 70.3 أرمينيا في المرتبة 33 في العام 2017 .
   من المؤكد أن  جمهورية أرمينيا وفرت ضمانات للمستثمرين و مواد لحماية الاستثمارات الأجنبية، فضلا عن عدد من الامتيازات حيث يخضع المستثمرون الأجانب للتشريع العام (على غرار الشركات المحلية)، الذي يوفر معاملة غير تمييزية للمستثمرين الأجانب فى سوق ارمينيا ؛ ومن بين هذه الامتيازات الرئيسية ملكية العقارات وحق الشركات المسجلة في أرمينيا في شراء الأراضي والوصول غير المقيد إلى أي قطاع أو موقع جغرافي داخل البلد أو إعادة توطينها بحرية أو غير محدودة إلى أوطانها أو تحويل العملات غير المحدودة إلى أسعار السوق أو شرط الجد لمدة 5 سنوات (ضمانات ضد تغييرات التشريعات المتعلقة بالاستثمارات).، حيث يخلق تنوع قطاعات الاقتصاد الأرمني طائفة واسعة من الفرص للمستثمرين ، خاصة أن أرمينيا تقع على مفترق طرق الشرق والغرب مما يجعل الأمة الأرمينية في أوروبا وآسيا على السواء ،و أصبحت أرمينيا جسرا فريدا بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
   علاوة على ذلك، قامت مؤسسة التنمية في أرمينيا(DFA)، السلطة الوطنية في أرمينيا للاستثمار والتصدير وتشجيع السياحة. وتعتبر DFA محطة واحدة للمستثمرين، حيث توفر خدمات متعمقة للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك توفير المعلومات اللازمة عن مناخ الأعمال في أرمينيا وفرص الاستثمار والتشريعات ذات الصلة، والدعم الأرضي في تنظيم زيارات الموقع للمستثمرين، وإدارة الدعم بعد الزيارة، والمساعدة في تنفيذ المشاريع الاستثمارية، وإدخال الأعمال التجارية، فضلا عن الاتصال بالمؤسسات الحكومية. وتوفر وزارة الشؤون الخارجية أيضا خدمات الاستثمار بعد الرعاية للمستثمرين الذين أقيموا بالفعل في أرمينيا.
واليوم، تتمتع أرمينيا "Generalized system of preferences" مع كندا وسويسرا واليابان والنرويج والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن أنظمة التجارة المعممة " Generalized system of preferences plus " (GSP+) مع الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني صفر أو تخفيض كبير في الرسوم الجمركية على بعض السلع من أصل أرمني المصدرة إلى هذه البلدان. وهناك فرصة أخرى هي " Trade and Investment Framework Agreement " الذي وقع بين حكومة جمهورية أرمينيا وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية والذي يهيئ ظروفا مؤاتية للاستثمارات وتعزيز السلع والتجارة بين البلدين.
   تلك الإنجازات المتتالية تؤكد مدى تصميم و إصرار أرمينيا أن تعيش عصر نهضة حقيقى فى شتى المجالات مرددة قول وليم سارويان الكاتب والمسرحي الشهير :
 
أَوَدُّ أَنْ أَرى أَيَّةَ قُوَّةٍ في هذا العالم تَسْتطيع                     أنْ تُدَمِّرُ هَذا الجِنْسَ،
هَذِهِ القَبيلَةُ الصَّغيرَةُ مِنْ أُناسٍ لا يُعْبَأُ بِهِمْ،                      مُحِيَ تاريخُها،
وَشَنَّتْ حُروبَها، وَخَسِرَتْها                                      وانْهارَتْ أَساساتُها،
وَلَمْ يَعُدْ أَدَبُها يُقْرَأْ،                                              وَلَمْ تَعُدْ موسيقاها تُسْمَعْ،
وَحَتّى صَلَواتُها، لَمْ تَعُدْ تُسْتَجابْ                           هَيّا انْطَلِقوا، وَدَمِّروا هَذا الجِنْسَ!
لِنَقُلْ أَنَّنا الآن في سَنَةِ 1915 مَرَّةً أُخْرى،                 وَهُناكَ حَرْبٌ في العالَمِ،
هَيّا دَمِّروا أَرْمينِيا،                                     وَانْظُروا إِنْ كُنْتُمْ تَسْتَطيعونَ أَنْ تَفْعَلوا هَذا.
أَخْرِجوهُمْ مِنْ بُيوتِهِمْ نَحْوَ الصَّحارى،                    اتْرُكوهُمْ هُناكَ بِلا خُبْزٍ أَوْ ماءٍ،
احْرِقوا مَنازِلَهُمْ وَكَنائِسَهُمْ،                             وَانْظُروا، إِنْ كانوا لا يَحْيَوْنَ مَرَّةً أُخْرى!