في نهاية شهر شعبان من كل عام كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستطلع هلال شهر رمضان وإذا رآه قال - اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله - وفي تلك الليلة وبعد تناول وجبة السحور ينوي الصيام قائلا نويت الصيام غدا من شهر رمضان إيمانا واحتسابا لوجه الله الكريم ، وكان في هذا الشهر المبارك يكثر من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن الكريم، وكان جبريل ينزل في هذا الشهر يدارس نبينا القرآن، وقال في قيام الليل فيه - أن من قام في رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وكان من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الكريم أن يعجل بالإفطار حيث قال - لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر - ويقول أيضا في فوائد السحور، تسحروا فإن في السحور بركة .
وإذا نظرنا إلى فطور الرسول صلى الله عليه وسلم، لم نرى مائدة عليها ما لذ وطاب من الطعام والشراب كما نراها اليوم فكان يدرك معنى الصيام والحكمة في فرضه على أمته، فكان يفطر على الرطب فإن لم يجد فقليلا من التمرات وإن لم يجد حسا حسوات من ماء ، وكان يفطر قبل أن يصلى المغرب ، وفى حديث رواه أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلى المغرب إلى آخر الحديث الذي ذكرناه من قبل.
وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يتسحر مع إحدى زوجاته، أو مع بعض الصحابة ثم يصلى حتى يؤذن بلال لصلاة الفجر، ثم يجلس في المسجد يذكر الله حتى تطلع الشمس ، وسن الرسول صلوات الله وسلامه عليه صلوات التراويح ثم تركها في بعض ليالي رمضان مخافة أن تفرض على الأمة الإسلامية فلا تستطيع القيام بها ، حيث قالت عائشة رضى الله عنها ما كان النبى يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة.
وعلم النبى محمد صلى الله عليه وسلم الأمة الإسلامية كلها ما يجب أن يكون عليه الصائم فى رمضان وذكر آن الصيام إنما هو فى نهار رمضان وليس الليل وقت صيام أو إمتناع عن المباحات فكان يعاشر زوجاته فى ليل رمضان، ويذكر أن الصوم له توقيت يجب الالتزام به حتى يكون الصوم مقبولا، وروى البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ، وقال أيضا صلوات ربى وسلامه عليه الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل فإن سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم ، وكان يذكر أصحابه أن أفضل الصدقة صدقة في شهر رمضان .
ويقول حبيبنا ونبينا ومعلمنا عليه الصلاة والسلام من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء وكان من عاداته الإعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وفى العام الذى قبض فيه اعتكف عشرين يوما ، وقد صام الرسول بعد أن فرض الله الصيام على أمته تسع رمضانات فى تسع سنوات حتى انتقل الى جوار ربه فى ربيع الأول من السنة الحادية عشر للهجرة، فأين نحن من صيام رسولنا وشفيعنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام ؟