حوار : جاكلين جرجس
• الراهب ماشتوتس ابتكر أبجدية خاصة للشعب الأرمنى
• أبجدية ماشتوتس كانت أداة الأرمن للحفاظ على هويتهم وثقافتهم
• " هايك " بطل أسطوري أرمنى يعلم الاطفال قيم التسامح و الإنتماء للأوطان
• "وادي الزهور الزرقاء " يتضامن مع تصاعد النداءات الدولية لإنقاذ كوكب الأرض
• فيلمى القادم عن أنواع الخبز فى العالم و موسيقى القوقاز
" إن التراث في حياة الأمم ليس إلا سيمفونية رائعة الجمال..شكلا ومضمونا .. سيمفونية تكونت بتفاعل البشر مع الحجر، فالتراث جزء من تاريخ الأمم ومن واقعها الذي يجب أن يعاش مرة أخرى ليصبح جزءا من نسيجها المعاصر والمستقبلي " تلك المقولة للكاتب الصحفى محمد مندور تؤكد مدى شغفه بالتراث و ولعه للبحث فى التاريخ و محاولة توظيف ذلك الأرث العظيم لخدمة الحاضر و المستقبل ؛ فقدم لنا درر معلوماتية و ثقافية على هيئة كتب و افلام تسجيلية منها "حكاية عملات مصر والسودان" الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر ، و "ديانة القاهرة" ، أيضأ "سيمفونية البشر والحجر" محاولًا وضع رؤية واضحة لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على التراث في آن واحد في إطار – ما يسميه – "مبدأ الحفاظ على البشر والأثر" ،ليس هذا فقط ، لكنه نبش فى التراث الأرمنى و أبدع فى إبراز المعالم الأثرية لدولة أرمينا و لغتها القومية فى فيلم تسجيلى بعنوان " أبجدية ماشتوتس" .. فأخذنا معه فى رحلة ممتعة و شيقة لتلك المدينة العريقة التى حافظت على هويتها برغم أهوال ظروف التهجير و المذابح التى ألمت بها .
استمتعوا معنا بالرحلة ...
* فى البداية نود أن نعرف متى شعرتم بأن موهبة الكتابة لديكم تحتاج أن تخرج للنور و ما هى أول قصة كتبتموها ؟
موهبة الكتابة بدأت معي بالتزامن مع ارتباطي بالإذاعة المدرسية في مرحلة التعليم الابتدائي ، وكان عمري وقتها نحو ٩ سنوات. كانت البداية بكتابة تقديمات الإذاعة ثم أبحاث مسابقات المكتبة و موضوعات التعبير. أما الكتابة الأدبية بدأت في الثانوية العامة وكنت اكتب الشعر. وكانت لي محاولات في كتابة القصة القصيرة. وفي الجامعة بدأت كتابة رباعيات على نهج رباعيات صلاح جاهين . ثم اخذتني الصحافة بكل تفاصيلها خلال السنة الثالثة بالجامعة فابتعدت عن الأدب وانغمست في عالم الصحافة ، الأخبار والقصة الصحفية والحوار الصحفي. ومنذ خمس سنوات عدت مرة أخرى إلى الكتابة الأدبية وخاصة كتابة قصص الأطفال. فاصدرت قصة لعبة هايك ثم قصة وادي الزهور الزرقاء . وحاليا انتهيت من كتابة قصة جديدة يجري طبعها قريبا.
* كيف ترى توافق الكتابة مع الإخراج هل يكملان بعضهما البعض من وجهة نظرك ؟
إذا كان صاحب فكرة الفيلم الوثائقي متمكن من أدواته سواء الكتابة او الإخراج فكلاهما بالطبع يخدم الرؤية النهائية للفيلم . وهذا ما حدث معي. كنت في الماضي اكتب واضع الرؤية الاخراجية ويأتي مخرج للتنفيذ . ومع الوقت أصبح لدي من الخبرة ما يمكنني من تنفيذ العمل بالكامل بالتعاون مع مصورين محترفين ومونتير محترف، نتحدث ومن لديه رأي استمع له واعطي كل فرد من فريق العمل مساحته في طرح ملاحظاته، فيخرج العمل بشكل عام يحمل بصمة فريق العمل التي تتسق مع رؤية المخرج وبما يخدم العمل في النهاية .
* أيهما أقرب إلى قلبك لقب مخرج أم كاتب ؟
الكاتب بالطبع لأنها البداية والنهاية ..سأظل كاتب ولن أخرج أفلام غير أعمالي وما اكتبه.
* التاريخ .. التراث المعمارى ... و الأرث الثقافى كيف يمكننا توظيفهم لخدمة مجتمعاتنا فى الحاضر و المستقبل ؟
بالفعل لي كتاب عنوانه "سيمفونية البشر والحجر .. توظيف التراث لخدمة المجتمع " ، وانا هنا لا أتصور تراثنا مجرد حجارة بدون دور يخدم المجتمع . فالتراث مادة خصبة لخدمة الثقافة والتعليم والسياحة بل وكافة الجوانب الاقتصادية. أيضا يمكن توظيف المناطق التراثية للسياحة او كمزارات او في صناعةالأفلام السينمائية . كما يمكن استلهام التراث في المبانيالمعمارية وكافة أشكال الفنون والحرف التراثية . أيضا التراث يخدم ثقافة وسياحة الأكل من خلال إحياء وترويج تراثنا من كافة صنوف الأكلات الشعبية . كل هذا يسمى توظيف لو ابدعنا فيه سنحافظ على تراثنا وسندر دخل اقتصادي كبير على دولنا.
* إذا كان التراث فى رأيكم هو سيمفونية جميلة فما اللحن المشترك بين "سيمفونية البشر و الحجر " .."ذاكرة المدينة " و مؤخرا فيلم " أبجدية ماشتوتس " ؟
الرابط واحد فكل هذه الأعمال تخدم التراث ، و هدفها إبراز التراث سواء في مصر أو أرمينيا . فوددت لو كل ما عشقته عيني صنعت له فيلما.
* ما ظروف انتاج كل عمل منهم و الفكرة المطروحة ؟
كان فيلم "ذاكرة المدينة" عن تراث القاهرة الخديوية والزمالك والتراث المعماري بها وحكايات اسماء الشوارع والمنازل التي عاش بها مشاهير مصر عبر التاريخ الحديث . أما فيلم "أبجدية ماشتوتس " كان محاولة لاستعراض تاريخ وثقافة أرمينيا من خلال تناول أبجدية الأرمن ولغتهم الخاصة التي حفظت لهم هويتهم وثقافتهم .
* ما الذى أثار فضولكم فى الأبجدية الأرمنية تحديدًا حتى تقدم فيلم تسجيلي عنها ؟
بدر إلى ذهني سؤال كيف قرر انسان ان يبتكر حروف للغة يتكلم بها المجتمع . فاللغة الأرمنية كانت لغة محكية بدون حروف ، ومن القرن الرابع الميلادي بدأ ماشتوتس في رحلته لابتكار أبجدية خاصة الأرمن، ما زالت تعيش معهم في كل البلاد التي عاشوا بها من جيل إلى جيل.
* أثرتم تساؤلًا هامًا فى نهاية الفيلم و قلتم هل يصمد الأرمن وتصمد أبجدية ماشتوتس أمام موجات العولمة والمخاطر التي تهدد هوية الأرمن ... فما هى الاجابة على هذا التساؤل من وجهة نظركم ؟
هذا السؤال اجابته عند الأجيال القادمة من أبناء الأرمن. فالسؤال يطرح القضية على ضمير كل ارميني ويحتم عليه ان يحفظ لغته عند أبنائه ويسلمها من جيل إلى جيل.
* حدثنا عن رحلتكم لأعماق التاريخ و الثقافة الأرمنية كيف بدأت و ما العّبر المستفادة منها ؟
بدأت الكتابة عن تاريخ أرمينيا منذ نحو ١٨ عام ، وكان تقريرا صحفيا عن تاريخ صحافة الأرمن في مصر. ثم قرأت عدة كتب عن تاريخ أرمينيا وتراثها والتحولات التي طرأت عليها عبر التاريخ من غزو تارة او تهجير تارة أخرى . وما لفت نظري كيف حافظ الأرمن على ثقافتهم وهويتهم رغم كل ما مروا به. فهذه العبرة الكبرى ، أن تمر بمصاعب واحتلال ونكبات فلا يقدر عليك كل هؤلاء وتظل راسخا بثقافتك معتزا بهويتك.
* لماذا تحولت للكتابة للأطفال فى " لعبة هايك " و " وادى الزهور " ؟
الثقافة الأرمنية ثقافة غنية كنت أود أن اكتب عنها في قالب مختلف وجديد . فقررت ان اكتب مجموعة قصص بطلها طفل ارميني من أطفال المهجر وهو شخصية السلسلة هايك.
* كيف جاءتك فكرة قصة " لعبة هايك " و هل ستستمر كسلسة مغامرات للطفل هايك ؟
كنت افكر في تعريف الأطفال العرب بالثقافة الأرمينية ولم يكن هذا ممكنا بدون قصة وحبكة خيالية تأخذنا بطرف الخيال إلى بلاد أرمينيا لنشاهدها ونعرف الأطفال بمعالمها . وقد منحت بطل السلسلة اسم هايك وهو اسم بطل أسطوري شهير في تاريخ أرمينيا ومنتشر بشكل واسع . من هنا فكرت في ان يقوم هايك بجولات مع لعبته العجيبة التي تنقله في لمح البصر لأي مكان في أرمينيا .
* ما القيم و المبادىء التى تقدمها قصة هايك للاطفال ؟
حب الأوطان والشغف بمعالمه. أيضا التسامح الديني وهو ما اوضحته خلال قصة حقيقية اوردتها في رحلة هايك عن حاكم إمارة الشارقة بدولة الإمارات سمو الشيخ الدكتور محمد بن سلطان القاسمي الذي تبرع لترميم واحدة من أقدم الكنائس في ديليجان وتمهيد الطريق المؤدي لها. وهو ما تم توثيقه بالفعل في نص تذكاري باللغات العربية والإنجليزية والارمنية .
* احكى لنا عن " وادى الزهور" و إلى ماذا يرمز فى قصتكم و ما علاقته بالبيئة و المناخ هل كان الهدف تعرف الأطفال بأهميتهما ؟
في قصة "وادي الزهور الزرقاء " يقوم هايك بمغامرة جديدة لإحياء حديقة كبيرة قام الناس بتجريفها وقطع أشجارها. وكانت تضم زهور نادرة فبدأ رحلته إلى وادي الزهور في أرمينيا للحصول على بذور الزهور الزرقاء النادرة . والهدف من القصة هو توعية الأطفال بأهمية المساحات الخضراء في الحفاظ على البيئة وتنقية الجو من التلوث . وهذه القصة تتزامن مع تصاعد النداءات الدولية لإنقاذ كوكب الأرض من ارتفاع درجة الحرارة والمطالبة بزيادة المساحات الخضراء والحفاظ على البيئة .
*كان لكم تعاون سابق مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري و انتاج فيلم " ذاكرة المدينة " الذى يوثق لحكاية شارع وعاش هنا ، حدثنا عن أهميتة تلك التجربة ؟
كانت تجربة ثرية و ملهمة حيث وثق الفيلم لحكايات شوارع مصر ورصد أبرز الأماكن التي عاش فيها رموز مصر ومبدعيها. كما وثق للمباني ذات الطرز المعمارية المتميزة التي ترجع للقرنين التاسع عشر والعشرين والنصف الأول من القرن الحادي والعشرين ، كما أضاف ضيوف الفيلم ثراء معلوماتى رهيب لتلك الفترة حيث تحدث باستفاضة المهندس محمد أبوسعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري والدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، وعدد من أبناء الفنانين والرموز المصرية منهم سمية عبد المنعم ابراهيم ابنة الفنان عبد المنعم ابراهيم، وشيرين يحيي العلمي ابنة المخرج يحيى العلمي وبهاء جاهين ابن الشاعر بهاء جاهين ومنار حسام مهيب ابنة رائد الرسوم المتحركة حسام مهيب ومحمد عبد الغني السيد ابن المطرب عبد الغني السيد ، وكان هدف الجهاز القومي للتنسيق الحضاري تنفيذ مشروع حكاية وتضمنت المرحلتين الأولى والثانية من مشروع عاش هنا 300 لوحة و حكايات 50 شارعا وتركيب 283 لوحة توثق الأماكن التي سكن فيها رموز مصر ومبدعيها من علماء وفنانين ورجال دين وعسكريين وسياسيين ورموز من مختلف التخصصات والمجالات . ثم تنطلق المرحلة الثالثة من المشروع وتتضمن 100 لوحة أخرى ليصل إجمالي لوحات توثيق أماكن سكن رموز مصر 400 شخصية.
* ما الذى يدور بذهنك هذه الفترة تود توثيقه ؟
أريد انتاج فيلم جديد عن موسيقى القوقاز. أو فيلم عن أنواع الخبز في العالم .