د.إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : عشاق النجاح

د.إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : عشاق النجاح
د.إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : عشاق النجاح
 
 
شهدت الحياة الدنيا نماذج عظيمة قهرت المعوقات وسلكت طريق الإرادة والنجاح ولكن نتوقف مع بعضهم ليكونوا القدوة والمثل
 
 
 في البداية نتوقف مع الشيخ محمد رفعت وهو من مواليد يوم 9 مايو عام 1882م في درب الاغاوات بمنطقة المغربلين بالقاهرة ووالده كان مأموراً لقسم شرطة الخليفة والشيخ محمد فى طفولته بمرض الرمد وفقد بصره وهو ابن عامين وعندما أتم عمر 5 سنوات كان والده قد حفظه ثلث القرآن ثم ألحقه والده بكتاب بشتك الملحق بجامع مصطفى فاضل باشا بمنطقة درب الجماميز في حي السيدة زينب ليكمل حفظ القرآن الكريم الذى بدأه مع الشيخ محمد البغدادى وبالفعل حفظ القرآن الكريم  وتعلم أصول وقواعد الموسيقى وحفظ العديد من الموشحات والأدوار والقصائد الدينية وفي التاسعة من عمره توفى والده محمود رفعت ليجد نفسه مسئولا عن الأسرة المكونة من 5 أفراد أمه وخالته وأخوة وأخته بالإضافة إليه .
 بعد وفاة والده بدأ يقرأ القرآن الكريم فى سرادقات المآتم وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره تم تعيينه قارئاً للقرآن الكريم لمسجد مصطفى فاضل باشا بدرب الجماميز بحى السيدة  زينب رضى الله عنها وكان المسجد يزدحم بالمصلين كل يوم جمعة للاستماع إليه وحرص النحاس باشا والملك فاروق على سماعه .
تلقى الشيخ محمد رفعت عروضا كثيرة ليقرأ القرآن في مساجد أكبر وأكثر شهرة من مسجد فاضل باشا مثل مسجد الحسين ومسجد السيدة زينب ولكنه رفض ترد المسجد الذي تعلم فيه وكان محبو الشيخ محمد رفعت يجلسون خارج المسجد بعد امتلاء ساحته وكان الترماي رقم 5 يمر من أمام المسجد أثناء الصلاة وفي كل مرة كان يشير الكمسري للسائق ليتوقف رغم عدم وجود ركاب أو محطة رسمية للوقوف وذلك ليستمتع فقط بصوت الشيخ محمد رفعت والغريب أن الكمسري كان قبطيا .
قام البرنس محمد علي أحد أمراء العائلة المالكة في مصر وقتئذ بترشيح الشيخ محمد رفعت إلى افتتاح الإذاعة المصرية وفى أواخر شهر مايو عام 1934م افتتحت الإذاعة المصرية بصوت الشيخ محمد رفعت وقرأ سورة الفتح وفى يوم الجمعة السابع من شهر ديسمبر تعاقدت معه الإذاعة لقراءة القرآن الكريم على الهواء مباشرة وفى الخامس من شهر يناير عام 1935م أبرمت عقدا آخر معه يقضى بقراءته مرتين يوميا على الهواء فيما عدا يوم الأحد وكان يقرأ القراءة الأولى من الساعة التاسعة وحتى العاشرة إلا الربع مساءً والثانية من الساعة العاشرة والنصف وحتى الحادية عشرة والربع مساءً وكان يتقاضى على القراءة الواحدة 3 جنيهات وفى ذلك الوقت هاج البعض بدعوى أن قراءة القرآن الكريم بالإذاعة بدعة فأصدر شيخ الأزهر الأحمدى الظواهرى فتوى مفادها أن قراءة القرآن الكريم فى الإذاعة ليست محرمة أو مكروهة .
تجاوزت شهرته المحلية إلى العالمية حيث حرصت إذاعات لندن وباريس وبرلين على إذاعة تسجيلاته أثناء الحرب العالمية الثانية لجذب أسماع المستمعين وذات مرة كان الشيخ محمد رفعت يقرأ القرآن فى سرادق عابدين وبعد أن انتهى من القراءة أمر الملك فاروق بإعطاء الشيخ بعض المال ولكنه رفض وقال للملك فاروق : أنا أقرأ القرآن الكريم لله تعالى .
في أواخر عام 1939 مرض الشيخ محمد رفعت بسرطان الحنجرة وكانت تهاجمه الزغطة باستمرار فقرر الابتعاد عن القراءة في الإذاعة والاكتفاء بالقراءة في مسجد فاضل باشا ونشرت مجلة المصور خبر مرض الشيخ محمد رفعت وقاد الصحفي فكري أباظة حملة صحفية لجمع التبرعات المالية للشيخ محمد رفعت وجمع محبوه مبلغ 5 آلاف جنيه وأعطوا المبلغ للصحفي فكري أباظة ليقدمه للشيخ بحكم صداقتهما إلا أن الشيخ محمد رفعت رفض بشدة وقال : قارىء القرآن لاتجوز عليه الصدقة واقترح تخصيص وتوجيه هذه التبرعات للأيتام كما اعتذر عن قبول أي مدد أو عون من رؤساء وملوك العالم الإسلامي وقال : قارىء القرآن لايهان وفي عام 1942 وأثناء قراءة الشيخ محمد رفعت في مسجد فاضل باشا هاجمته الزغطة بشكل مستمر فلم يستطع القراءة فأجهش في البكاء وبكى كل من في المسجد حزنا على الشيح وكانت هذه المرة الأخيرة التي قرأ الأديب الكبير فيها الشيخ محمد رفعت .
في الأيام الأخيرة للشيخ محمد رفعت كان أقرب أصدقائه الفنان القبطي نجيب الريحاني وكان يزوره بصفة دائمة للتخفيف عنه والوجود بجواره ويوم 9 مايو عام 1950م فاضت روح الشيخ محمد رفعت إلى بارئها وأراد حسين الابن الأصغر للشيخ الجليل أن يجمع تسجيلاته وبالفعل وجد مجموعة من التسجيلات لدى زكريا باشا نوران وذات يوم قالت زوجته : برغم نشاطات زوجى زكريا باشا نوران فى الاقتصاد والمحاماة والسياسة والتأليف إلا أن اسمه لم يذكر إلا مقروناً بأنه الذى سجل مجموعة من التسجيلات للشيخ محمد رفعت وقد تكونت جمعيات من محبى الشيخ الجليل وتم تجميع أكثر 278 اسطوانة مدتها 25 ساعة تضم 19 سورة من سور القرآن الكريم بصوته العذب .
عندما تولت الإذاعية أمال فهمى رئاسة إذاعة الشرق الأوسط طلبت من حسين ابن الشيخ الجليل نقل مجموعة من تسجيلاته بحيث تكون مدة كل تسجيل 300 ثانية لإذاعته فى افتتاح إرسال الإذاعة يومياً ولذلك نجد صدق الله العظيم بصوت الشيخ محمد رفعت ولكن من مقام مختلف عن المقام الذى قرأ به .
أطلق على الشيخ محمد رفعت  قيثارة السماء ودموع قلبه كانت تجرى فى نبرات صوته وذكر علماء الموسيقى : أن صوت الشيخ محمد رفعت اجتمع فيه كل مميزات الحنجرة العربية من الأنغام والأوتار الصوتية الخلاقة .
 
 
 
ننتقل إلى القارىء الشيخ محمد عبد العزيز حصان فهو من مواليد 28 أغسطس عام 1928 بقرية الفرستق مركز بسيون بمحافظة الغربية وفي طفولته كان قليل الأصدقاء ومجالسة الناس لأنه أنشغل بحفظه للقرآن الكريم وقد حفظه وهو في السابعة من عمره وساعده على ذلك تفرغه الكامل للحفظ وفقده لبصره وقد شجعه والده على حفظ القرآن وكان يذهب معه إلى كتاب الشيخ عرفة الرشيدي بقرية قسطا المجاورة لقرية الفرستق .
ذات يوم قال له الشيخ عرفة : ياشيخ محمد لي صديق اسمه عبد الرحمن بك رمضان دعاني لحضور حفل ديني سيحضره مشاهير القراء وإيه رأيك تذهب معي حتى يتعرف عليك كبار الموظفين ومشاهير القراء ؟ 
وافق الشيخ محمد عبد العزيز حصان وذهب مع الشيخ عرفة وقرأ ماتيسر من القرآن فأعجب به الحاضرون وقال عبد الرحمن بك رمضان : ياشيخ عرفة الولد الممتاز الذي قرأ اسمه إيه ؟ فقال : اسمه محمد عبد العزيز ومن الفرستق فقال : باشيخ عرفة اهتم به لأن مستقبله باهر جدا وستثبت الأيام ذلك .
قرأ الشيخ محمد عبد العزيز حصان وهو في عمر 15 سنة في المآتم والمناسبات الدينية وحقق شهرة كبيرة قبل أن ينتقل إلى كفر الزيات وفي شهر يناير عام 1964 تقدم الشيخ محمد عبد العزيز حصان إلى لجنة القراء بالإذاعة ولكن اللجنة أعطته مهلة لمدة ستة أشهر عاد بعدها للاختبار ونجح بامتياز وتم اعتماده .
سافر الشيخ محمد عبد العزيز حصان إلى الكثير من الدول العربية والإسلامية لإحياء ليالي شهر رمضان وكان يحب دول الخليج العربي وكانت تصله دعوات خاصة وفي عام 1990 حصل محمد العيسوي محمد نجا من جامعة الملك عبد العزيز آل سعود بالمملكة العربية السعودية على الدكتوراه عن الشيخ محمد عبد العزيز حصان في الوقف والابتداء تحت عنوان التصوير النغمي للقرآن الكريم وعلم التنغيم .
يوم الجمعة 5 فبراير عام 2003 توفي فضيلة الشيخ القارىء محمد عبد العزيز حصان وشيعت جنازته من مسجد السيد البدوي بطنطا وفي اليوم نفسه توفيت زوجته .
 
 
 
نتوقف أيضا مع الموسيقار عمار علي محمد إبراهيم علي الشريعي الشهير بـ " عمار الشريعي " وهو من مواليد 16 أبريل عام 1948 م بسمالوط التابعة لمحافظة المنيا وبرغم حرمانه من نعمة البصر إلا أنه بدأ حياته العملية بعد تخرجه من الجامعة وكانت بدايته العمل في العزف على آلة الأكورديون مع الفرق الموسيقية ثم تحول إلى الأورج وبزغ نجمه .
الموسيقار عمار الشريعي تجاوزت ألحانه الـ 150 لنخبة من مطربي ومطربات مصر والعالم العربى وأعماله الموسيقية للسينما 50 فيلماً والتليفزيونية 150 مسلسلاً وما يزيد على 20 عملاً إذاعياً وعشر مسرحيات غنائية استعراضية.
في عام 1995 م عين الموسيقار عمار الشريعي أستاذاً غير متفرغ بأكاديمية الفنون المصرية وتناولت أعماله العديد من الرسائل العلمية لدرجتي الماجستير والدكتوراه في المعاهد والكليات الموسيقية بلغت 7 رسائل ماجستير و 3 رسائل دكتوراه من مصر في كلية التربية الموسيقية جامعة حلوان وكلية التربية النوعية جامعة القاهرة ومعهد الموسيقى العربية بأكاديمية الفنون ورسالة دكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا.
قدم عمار الشريعي أكثر من برنامج إذاعي وتليفزيوني في مجال الموسيقى والغناء وأبتكر العديد من الإيقاعات وشارك بالتعاون مع شركة ياماها اليابانية في استنباط ثلاثة أرباع التون من الآلات الإلكترونية ومع شركة إميولتور الأمريكية في إنتاج عينات من الآلات تقليدية والشعبية المصرية والعربية وقام بتأليف كونشرتو لآلة العود والأوركسترا ومتتالية على ألحان عربية معروفة وعزفهما مع أوركسترا عُمان السيمفونى عام 2005 م 
حصل الموسيقار عمار الشريعي على عدة جوائز وتكريمات منها : جائزة مهرجان فيفييه بسويسرا عام 1989 ووسام التكريم من الطبقة الأولى من السلطان قابوس بن سعيد بسلطنة عمان عام 1992ووسام التكريم من الطبقة الأولى من الملك عبد الله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية وجوائز من الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما والمركز الكاثوليكي للسينما ومهرجان الإذاعة والتليفزيون عن الموسيقى التصويرية وجائزة الحصان الذهبي لأحسن ملحن في إذاعة الشرق الأوسط لسبعة عشر عاماً متتالية وفي عام 2005 م حصل على جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة وفي نفس العام حصل وسام التكريم من الطبقة الأولى للمرة الثانية من السلطان قابوس بن سعيد بسلطنة عمان.
يوم الجمعة 7 ديسمبر 2012 م الموافق 23 محرم 1434 هـ أعلنت عقارب الساعة رحيل الموسيقار عمار الشريعي بعد صراع طويل مع المرض وتدهور حالته الصحية ووصل جثمانه في الثانية عشرة ظهر يوم السبت 8 ديسمبر 2012 م إلى عائلته وشيعت جنازته بمسقط رأسه في مرز سمالوط بمحافظة المنيا وتوارى جثمانه في مقابر العائلة الملتصقة بالمسجد الأثري الذي بناه والده .
 
 
 
ننتقل إلى الملحن شوقي إسماعيل حيث فقد بصره وهو في سنوات عمره الأولى فأدخله والده معهد النور للمكفوفين وكان معه الدكتور أحمد عبد الحميد يونس وعمار الشريعي .
تميز شوقي إسماعيل فى اللغة العربية وفى معاهد المكفوفين كان هناك اهتمام شديد بالتعليم وكانت له جارة وصديقة فى مثل عمره وكانت مبصرة وكانت تجلس معه وتتبادل العلم والثقافة ويعلمها ما أخذه فى المعهد من لغة عربية وهى تقرأ له بعض الكتب ومنها كتب عن الأبراج وكانت هذه النوعية من الكتب تلفت انتباه وكان فى معهد المكفوفين مكتبة ثرية كلها على طريقة برايل والقراءة بالأصابع وتأتى للمعهد من الاتحاد العربى للمكفوفين باللغتين العربية والإنجليزية وأثناء دراسة شوقي إسماعيل فى الصف الثالث الإعدادى لفت انتباه كتاب عن الفلك فشعر بأنه مادة محببة إلى نفسه حتى إنه بعد انتهاء اليوم الدراسى أستعاره معه للمنزل وكان لكاتب فرنسى اسمه نوستراداموس وهو صيدلى من القرن السادس عشر ومن هنا بدأت علاقة شوقي بعلم الفلك.
بعد المرحلة الثانوية تقدم إلى معهد الموسيقى وحصل على البكالوريوس وكان يعزف على العود والغناء في برامج الهواة بالإذاعة وبعد فترة وجيزة تقدم إلى لجنة الاختيار بالتليفزيون وكان يرأسها الموسيقار عبد الحميد عبد الرحمن وضمت رفعت جرانة وكمال الطويل وتم اعتماده ملحنا عام 1972 وفى عام 1973 تقدم إلى لجنة الاختبار بالإذاعة التى كان يرأسها الموسيقار مدحت عاصم وعبد الحليم نويرة وتم اعتماده ملحنا.
عندما تقدم شوقي إلى لجنة الاختبار فى الإذاعة قدم الفنان محمد الحلو بلحن منه وكان عمره وقتها 14 عاما واعتمد مطربا.
أول لحن بعد اعتماد شوقي إسماعيل بالإذاعة كان للفنانة حورية حسن وكان فاتحة الخير عليه حيث أشادت به الإذاعة وكتب عنه الصحفى نبيل عصمت أبونضارة : إن هذا الملحن استخدم مقاما جديدا فى الموسيقى لم يطرقه أحد من الملحنين.
لحن شوقي إسماعيل أيضا إلى نخبة من المطربين والمطربات منهم شهرزاد ومحمد رشدى ومحمد العزبى وعايدة الشاعر وشريفة فاضل وليلى نظمى وصورة غنائية عنوانها رمضان أبو المواكب لإسماعيل شبانة وكلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى 
الموسيقار شوقي إسماعيل قدم للإذاعة والتليفزيون أكثر من 100 لحن للأطفال منها بندق وبندقة كلمات الشاعر مصطفى الشندويلى والألوان والأمانة يا أمين للشاعر جمال بخيت وكان أول ملحن يحصل على جائزتين ذهبيتين عن التلحين للأطفال فى عام 2005 وذلك فى مهرجان القاهرة 11 للإذاعة والتليفزيون .. جائزة الإبداع للإنتاج الإذاعى وأحسن ملحن.
 
 
 
 
أيضا نتوقف مع الإذاعي الدكتور رضا عبد السلام كبير مذيعي إذاعة القرآن الكريم فقد ولد وله في كل ذراع 15 سم فقط فجعل من فمه وقدميه وسيلة للكتابة وذهب مع والده إلى مدير المدرسة الابتدائية وكتبت برجله اسمه واسم والده فتم قبوله في المدرسة وعندما وصل إلى الصف الثالث تعلم الكتابة بفمه وبعد سنوات قليلة تم اختياره كأحسن خطّ في المدرسة .
حصل رضا على 90 % في الشهادة الابتدائية وجاء ترتيبه الأول على شبين الكوم بمحافظة المنوفية وحصل على الشهادة الإعدادية بنتيجة 85% برغم تعبه الشديد في الانتقال من وإلى المدرسة التي كانت تبعد عن البيت بحوالي عشرين كيلو متر وحصل في الثانوية العامة على 83% وكان العاشر على الجمهورية أما الأول فكان الكاتب إبراهيم عيسى ثم حصل على ليسانس حقوق عام 1978 ثم ليسانس الدعوة الإسلامية وبعد تخرجه عملت فترة قصيرة في أحد مكاتب المحاماة ولكن لم يجد نفسه في هذه المهنة ولذا قرر أن العمل في الإذاعة.
 ذهب رضا عبد السلام إلى أحد أساتذته بكلية الحقوق جامعة طنطا وأخبره برغبته في العمل بالإذاعة فأرسله إلى الكاتب الصحفي عبد الوهاب مطاوع وبالفعل قابله في جريدة الأهرام وبدوره أرسله إلى الإذاعي الكبير فهمي عمر رئيس الإذاعة في ذلك الوقت فسأله : ماذا تريد أن تعمل ؟ فقال : مذيع بإذاعة القرآن الكريم ودخل امتحان الإذاعة ولكنه رسب رغم نجاحه فى فترة التدريب فشعر بمرارة شديدة لعلمه أن السقوط ليس بسبب القصور في إمكانياته بل لأنه معاق فقرر عدم الاستسلام وبالفعل ذهب مرة أخرى إلى الإذاعي فهمي عمر وسأله : لماذا عندما ينظر الناس لي أتراجع للخلف وعندما ينظرون لأوراقي أتقدم للأمام فكان رد فهمي عمر : أنت جاى تدينى درس ؟ فخرج رضا من المكتب ولكن قصة حواره مع الإذاعي فهمي عمر علم بها رئيس إذاعة وسط الدلتا فطلب من رضا العمل معه وبالفعل ذهب وعمل لعامين حتى علم أن إذاعة القرآن الكريم تجرى مسابقة لاختيار المذيعين الجدد فذهب وقدم مرة أخرى وكان رئيس لجنة التحكيم وقتها الإذاعي  حلمى البلك فدخل رضا عليه مرتديا جاكت وقام بخلعه دون أى مساعدة من أحد ثم نظر إلى الإذاعي حلمي البلك وطلب منه عدم التعليق لحين الانتهاء من إجابة كل الأسئلة الموجودة في ورقة الاختبار وبالفعل أجاب عليها كتابة بفمه ثم أمسك القلم بفمه وأطراف يديه وطلب من حلمي البلك إجراء حوار إذاعي معه على أن يكون القلم هو الميكروفون فحينما يشير له بالقلم يتحدث وحينما يتجه بالقلم لنفسه يتحدث وبالفعل اقتنع حلمى البلك به وقرر تعيينه  كمذيع في إذاعة القرآن الكريم.
شاركت الإذاعي رضا عبد السلام في تغطية أكبر مسابقة للقرآن الكريم في دبي ونقل شعائر الحج وصلاة الفجر من أكبر مساجد القاهرة وقدم العديد من البرامج منها وبشر الصابرين ومساجد لها تاريخ وقطوف من السيرة ومع الصحابة وأمسيات دينية كما قام بتأليف بعض الكتب وحصل على الدراسات العليا ودرجة الدكتوراه وتولى رئاسة إذاعة القرآن الكريم وبذلك يعد أول رئيس للإذاعة هذه من ذوي الهمم.
 
 
 
 
نتوقف أيضا مع الإذاعي الدكتور إبراهيم سالم ففي العاشرة من عمره شعر بتدهور في مستوى الأبصار وكانت المفاجأة أن الأطباء قالوا إن هذا المرض هو التهاب الشبكية التلـوني وليس له علاج أو تدخل جراحي في أي مكان في العالم وقررت الأسرة استمراره في الدراسة ولاحظ على زملائه الأطفال انهم يتعاملون معه بشكل طبيعي فلم يشعروه في أي لحظة بأنه أقل منهم أو محتاج لمساعدتهم ولم يسخروا منه يوما ما وهذا ما دفعه إلى استكمال مرحلتي الإعدادية في مدرسة عادية أيضا.
حصل إبراهيم سالم على مجموع كبيـر في الثانوية العامة وكانت دراسته أدبية مما أهله للالتحاق بكلية الآداب جامعة طنطا وتخصص في اللغة العربية وتفوق في هذا القسم تفوقا كبيرا نظرا لأنه حفظ القران الكريم وأحب اللغة العربية وهذا شجعه لمواصلة دراسته العليا في مرحلة الدكتوراة وحصل عليها في ذات التخصص بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى. 
عام 1995 أعلنت الإذاعة عن شغل وظائف للمذيعين ومقدمي البرامج وعلى الفور تقدم إبراهيم بأوراقه في المسابقة وأثناء حضوره أمام لجنة الاختبار تعجب أعضاء اللجنة حينما علموا بظروف إعاقته البصرية وقالوا له : كيف تستطيع تقديم برامج على الهواء وتذيع الأخبار ؟ فقال : لقد منحنى الله ـعز وجل ملكة وقدرة على الحفظ السريع والارتجال ومواجهة الأحداث بالتصرف المناسب وأشار عليهم أن يجربوه في أي عمل إذاعي يقوم به أمامهم وكانت النتيجة انبهارهم بقدراته الصوتية وملكاته اللغوية وبدأوا في الاقتناع بشخصه وكفاءته وعلم بعد ذلك بأنه مرشح للمقابلة الثانية مع لجنة اختبار أخرى.
اللجنة الثانية اظهرت أيضا الدهشة فقال إبراهيم : قادر على تقديم أي عمل إذاعي يطلب مني الآن واجتاز هذه المقابلة الشخصية أيضا وتم تعيينه كمقدم برامج في إذاعة وسط الدلتا ولم يحصل على هذه الفرصة بموجب قانون 5% الذي يتيح للمعاقين شغل بعض الوظائف بدون مقابلات أو اختبارات ولكنه حصل على هذه الوظيفة التي احبها من خلال كفاءته وقدراته الشخصية.
بداية عام 1997 بدأ الإذاعي الدكتور إبراهيم سالم العمل في إذاعة وسط الدلتا وأثبت جدارته .
في الختام أقول : لاتلعنوا الجهل بل تعلموا كلمة وعلموها للآخرين 
لاتلعنوا الفقر بل استثمروا كل الوقت والجهد فيما ينفع ..
لاتلعنوا المرض بل طهروا أنفسكم بالفضائل وأبعدوا أجسامكم عن الكبائر والصغائر ..
لا تلعنوا الخراب بل على كل منكم أن يصنع لبنة ..
لا تلعنوا الظلام بل على كل منكم أن يوقد شمعة ..
 لا تعلقوا أخطاءكم على الآخرين وليبدأ كل منا بنفسه ..
لا تنظروا دائما إلى البقعة السوداء في ثوب الحياة الأبيض ..
لا تنتبهوا فقط إلى سحابة وسط سماء زرقاء لا نهائية ..
لا تسستغرقوا في الذاتية والسلبية المفرطة ..
فقط انتبهوا إلى السلبيات .. لا لتقفوا عندها بل لتقضوا عليها بالايجابيات فالحياة أرحب من أن تضيق بنا ورحمة الله أشمل من أن تمتنع عنا .