محمد لواتي يكتب : سقوط الأوهام..والتاريخ شاهد.. ََ2

 

 

•  من يستطيع اللعب على الحافات يستطيع أن يصنع التاريخ في الظروف المتآكلة 

   لقد كان السيد" دو فيلبان  "واضحا حين وصف الحرب على ليبيا بقوله "هذه الحرب تفتقر الى اي هدف ولم يتوفر لها أي شرط من شروط النجاح  "وحين وصف بعض الصحفيين الفرنسيين " ألان جوبي" ب "وكالة الأنباء حصرية لأخبار الثورات العربية خصوصا في سوريا كونه يستند على "الفايسبوك" في دعم  موقفة "إمام وزراء خارجية الدول التي يتصل بها لإقناعها بتأييد مشروع القرار المعد من فرنسا وأوربا  بل إن الاخطر من كل ذلك ما كتبته صحيفة " لومانتي "الفرنسية بشأن التدخل الفرنسي في الصومال.. "تحرك القوات الفرنسية والقوات الإفريقية التي تنظم إليها لن يكون له معنى إلا اذا اقترن بالاستثمار بقوة في تقاسم جديد للثروات في أفريقا "

  إذن ، كل الاحداث التي عرفتها المنقطة العربية ، وتعريفها هي ذات أهداف استعمارية والقائمون عليها دخلوها كالعيان والدليل أن فرنسا التي زودت بعض الحركات المتطرقة في ليبيا هي الآن تحاربها في الصومال بتلك الأسلحة. وأهداف الحرب المخيفة خاصة فيما يتعلق بالصومال وسوريا هي ابعد مما يشار إيه واقرب إلى التوصيف المطلق لاستعمار تحت اجنحة جديدة اهمها جناح الإرهابيين لكن ولان التدخل جاء في ظرف أخر ترفضه دول كبرى مثل روسيا ، والصين  ،جعل كل الأحلام تتبخر..  قد اكد نائب وزير خارجية الصين لوفد المعارضة السورية الذي زار الصين يقوله لن نسمح لهم بالعمل في سوريا كما فعلوا في ليبيا لقد كذبوا علينا وتعاملوا معنا بطريقة غير محترمة وصبياته في كل الاجتماعيات التي عقدها الفرنسيون معنا ومع الروس قطع لنا (آلان جوبية" كل الوعد والالتزامات بعد السماح لإسقاط النظام  الليبي"  لكنهم غدروا بنا ونحن لم نعد نصدقهم ولن نسمح الهم باستغفالنا مرة اخرى ،وكان هذا الموقف الصريح والواضح من أشد المواقف  الصينية سياسيا ..وقد فهمت أمريكا انها لم تحد قادرة على اتحاد مجلس الامن مطية لضرب الدول وخاصة سوريا كما أنها أضحت غير قادرة على اي تدخل ضد سوريا لانها تعرف مدى الحرائق التي تصيب  العالم من هذه   الحرب ومدى تأثيرها على الاقتصاد لعالمي 

ولكن ....

  حين يقول "جون كيري" وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الاسبق "أن الأسد قادر على إحداث خرق سياسي في حل الازمة السورية عبر الانخراط في عملية دبلوماسية" فانه يعبر عن رؤية جديدة تلغي ما كانت تدعو وتحارب من أجله أمريكا وهو" إسقاط الأسد "وهي النقطة الأساسية التي يتشبث بها اليوم ما يعرف بالائتلاف الوطني السوري مع رعاع السياسة السعودية.. وهذه النقطة قد سقطت كليا بعد ان عرفت الولايات المتحدة الامريكية أن مطالبها دهيت إدراج الرياح ..في نفس السياق ذاته يقول  " هيج  "وزير خارجية بريطانيا السابق كلما طال الصراع في سوريا زادت محار تشكيل جيل جيد من المتشددين الذين تدربوا على القتال في المعارك وسيمثل تهديدات لبريطانياالسابق ودول أخرى في أوبا ، وهذا الموقف هو مناقض لكل أطروحات بريطانيا السابقة التي مفادها إسقاط الرئيس السوري بل ان بريطانيا حاربت سوريا بقوة بواسطة أجهزتها الإستخباراتية وساعدت الإرهابيين بالمال والسلاح وظلت ترفض أي حوار سياسي مع الناظم السوري ما لم يرحل بشار الأسد هذا التراجع قد لا يبدو لدى الكثير من متتبعي الاحداث في سوريا ،غير ان الموقف نابع من صدمة أصابت الجميع هي ان بشار الأسد أزداد صمودا بصمود الشعب والجيش فضلا عن سقوط الكثير من الأوهام والأوراق التي ظل الغرب والقوى الإقليمية متمسكا بها فضلا عن الموقف الروسي بقوله  فضلا عما سبق فوله  " ان الضغط على روسيا وحلفائها أمر مرفوض  " خلافا لما كان ينتظره التحالف العدواني ، بيد ان قطر  وبأسلوب لا يستند الى اية رؤية سياسية محددة كانت تقول بلسان حمد بن جابر "لا.. روسيا في جيبنا وبشير بأصعبه إلى أسفل السروال كمال يروي معارض سوري .. يقول هذا بغباء وكأن روسيا ليست دولة رهينة الافكار الخارجية او انها مجرد مشيخة تسبح في الهواء وتمارس الرشوة بشكل علني مثل حكام الخليج  وهو ما دعا إلى رد السفير الروسي في مجلس الامن بقوله  "أن روسيا حين كانت سفنها تجوب البحار لم تكن قطر موجودة أصلا بل أنه دهب إلى أكثر من ذلك حين هدد قطر بإزالتها من الخريطة 

   لقد ظل حمد بن جابر يستعجل مشروع قرار من مجلس الأمن للتدخل في سوريا وكان في كل ذلك مثل طفل داخل معلب الكبار ويريد ان يثب أنه بلغ سن  الرشد عبر الصراخ والصياح قصد الوصول إلى الهدف بسرعة من دون أية دراسة للموقف  وتؤكد هذا تسجيلات صوتية .. تؤكد أن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني قال بالحرف الواحد لنظرائه العرب: "مهما فعلتم سوف أنقل الملف السوري إلى مجلس الأمن"

.. لكن هذا كله دهب أدراج الرياح  ولم يبق منه سوى أثره السيئ المحفوظ في رفوف التاريخ .. حتى أن بريطانيا ردت ضمنيا على موقف قطر الأخير بتسليم سفارة سوريا فيها إلى مجرمي الائتلاف اللاوطني السوري بقولها   "أنها لن تسلم السفارة السورية للمعارضة  "و الموقف القطري منذ البداية ظل بتأرجح بين حقيقتين. الأولى مجموعة من الأوهام مغلفة بالتبديد اللامحدود للمال العام والثانية مجموعة الافتراضات الخاطئة بتحويل قطر من دولة لا تستند في تأسيسها إلى أي محلق من القانون الدولي فضلا عن القانون نفسه 

 الزلزال 

 ليس هناك من زلزال سياسي مثل الزلزال الذي أحدثته سوريا وهي تواجه حربا كونية لم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري.. زلزال وصل إلى الفاتيكان  وأعلن البابا فيه استقالته وهو ما لم يحدث مند أكثر من سبعة قرون .. وبالتأكيد فان الزيارة التي قام بها الراعيي إلى سوريا وتنصيب اليازجي على كنيسة الروم الكاثوليك لم تكن  مجردة من إيحاء البابا إن لم تكن بأمر منه مباشرة ،وقد تعرض بعدها لضغوط خاصة وان مقر الفاتكان تتصارع فيه أجنحة الاستخبارات قصد التحكم في مساره وقد وضح هدا صاحب كتاب " أسرار الفاتكان.. " لم تكن إذن الحرب على سوريا رفضا لمبدأ التوافق على المصالح بين أطراف إقليمية ودولية بل أنها جاءت  بناء على رؤية امريكية اسرائيلية  بأنهما في المنظور القريب سيكونان خارج اللعبة في الشرق الاوسط  وبالتالي سقوط مفهوم نظرية الردع الاسرائيلي كليه ان لم يتم اسقاط الاسد وبالتالي ايضا  محور المقاومة ..كان الصعود الروسي غير المتوقع والصيني الذي ينظر اليه في الغرب على انه يمثل النمل 

الأسيوي بكامله وبالتالي السقوط المروع للفضاء الاستراتيجي الامريكي والتالي أيضا الانهيار الكلي لدولة إسرائيل.. وفي هذا الصدد طلب احد المفكرين الإسرائيليين من دولته التوجه الى الصين قصد  طلب حمايتها مستقبلا لأن أمريكا باتجاه السقوط من على الساحة الدولية.. لم تكن إيران العملاق السياسي العسكري مجرد حالة استثنائية في الموقف الدولي بل ضمن جدار الواقع كقوة اقليمية ، لكن  في مساحة أوسع وقد صارت القوة العسكرية الأولى  في الخليج  ولطالما ظلت أمريكا ترهب دول الخليج وبعض الدول الأخرى في المنطقة.. حتى ان قائد الأركان الإيراني وصف تلك القوة العسكرية الأمريكية الأولى بأنها (مجرد خردة ) لقد تألمت أمريكا من صراعها مع ايران كما تألمت اشد الألم وهي تواجه سوريا بصمود جيشها وشعبها صمودا لم يكن متوقعا  حتى لدى الدوائر المغلقة المتخصصة 

  أن التراجع الملاحظ والسريع في المواقف ينبئ بقوة على ان جل الدول التي لبعت ضد التيار  وحتى ضد حركة التاريخ هي الآن تحاول ايجاد مخرج من الحرج الذي وقعت فيه.. فرنسا التي زودت الحركات المتطرقة في ليبيا هي الآن تحاربها وبالسلاح الفرنسي في مالي وقد أوقعتها في شرخ سياسي  ربما هو الأول في تاريخها ، فهناك تقارير تؤكد على ان هناك تمرد في الجيش الفرنسي وبعض قادته فضلا عن المواقف السياسة المناهضة للحرب في  الصومال .وقد سحبت فرنسا مؤخر ا جيوشها. من لصومال اضافة الى الازمة الاقتصادية التي تهدد فرنسا بكاملها

وما خضوع فرنسا لمطالب الهند لتحويل تركيب طائرات " رافال" الى الهند بدلا من شرائها من فرنسا مركبة  كامل التركيب  - أي نقل  تكنولوجية الطيران الحربي بدلا من شرائها جاهزة  - إلا دليل على ان الازمة بدأت تأخذ طابعا اقتصاديا خطيرا..ربما محاولة فرنسا الظهور بالمظهر العسكري خارج حدودها هي محاولة فاشلة لإيجاد منطق سياسي لها خارج الجدود وهي تعلم ان الولايات المتحدة الامريكية لن تكون بجانبها  في هذا الظهور لأنها هي بدورها تعاني من ازمات عدة وجروحها في حرب العراق وأفغانستان لا تزال دامية بل انها تحاول الان الهروب من ماضيها الى الداخل كما اكد على ذلك الرئيس "أوبما "في خطاباته الأخيرة

  ضربة قاصمة للسياسات الأمريكية والأوروبية 

     ان محاولات الشد على مبادئ حقوق الإنسان من الغرب كله هي أيضا أصبحت محاولات غير مجدية  لان روسيا والصين ترفضان هذا المنطق الممارس بازدواجية والمملى سياسيا على بعض البلدان قصد  ضمان المصالح لا الحقوق  ، وان ما كان معولا عليه في عمليات التغيير والتأييد لطرف سياسي على حساب إطراف أخرى في كل الإحداث الدامية التي شدتها دول "الربيع العربي" المشئوم  أضحى بدوره ضربة قاصمة للسياسات الأمريكية والأوربية  ، ومقتل السفير الأمريكي وفي بنغازي ومحاولة اغتيال السفير  الايطالي في ليبيا وردة الفعل ضد فرنسا في تونس ومالي كلها دلائل على أن النموذج الذين حاولوا صناعته هو نموذج فوضوي لا يحترم أيه قوة خارجية حتى ولو كانت قطر أو السعودية ...ادن نحن امام تحول جديد في الصراع الدولي. . سوريا فيه المركز ونجاحها في الخروج من الأزمة سيحدث حلولا جديدة لعالم جديد لا مجال اللقطبية الواحدة فيه ، وأقول حلولا وليس تسوية لان العالم بمنظور الحلول الذي تنشدانه روسيا  والصين حلول المصالح في المنطقة للجميع وليس لطرف واحد ..  امريكا تعلم أن مصالحها في المنطقة بدأت  في التواري وان الحكام في الخليج الدين ظلت تحلم ببقائهم إلى قرون أدوات لها ولسياستها  طبقا لنظرية" البترول لنا والحماية لكم "التي تتعامل بها أمريكا في المنطقة هم الآن خارج اللعبة بسبب المطالب الشعبية بتخليهم عن الحكم السلالي ، وإذ  يعدون الأسد بخاطب بالرحيل ولا حتى بعدم الترشيح للرئاسة المقبلة فإن المطلب المتفق عليه اليوم  هو تهدئة الاوضاع في سوريا  وحل الاشكالية القائمة بين الدول المتصارعة فيها بإلغاء الكثير منهم من الساحة  السياسية كقطر والسعودية وتركيا ..ان الممكن في الاحداث قد لا يحدث إلا مرة واحدة  ،  ومن هنا بدا أ السباق نحو فك الاشتباك وبأقصى سرعة وهو ما دعا  اليه "جون كيري "وزير الخارجية الأمريكية ووزير  خارجية بريطانيا السابقين، ويؤكد عليه " فرانسوا هولاند"  ..إن منطق توريث الأخطاء  والذي مارسته قطر والسعودية -  بجهل - علي بلديهما ومحاولة مده الى سوريا تحت   ظلال الإسلام السياسي والجماعة المتطرفة هما اجهل بمبادئ التسيير السياسي .. وهو امر ليس له معني في المنظور الجديد للسياسية الدولية الجديدة وبالتالي فإن انقلاب هذا المفهوم عليهما أمر لا أقول حادثا ولكن محدث وبسبب التوصيف للأخطاء بمنظور ما لهم من  رصيد  المالي بدلا القيم الأخلاقية والسياسية ، و بالتأكيد سوف تجنيه كل هذه الدول بعد أن فشلت في إسقاط إيران وجعلها عكس ذلك  لتكون دولة ذات تأثير في القوى الدولية بمواقفها وبما توصلت إليه عسكريا حيث  اصبحت دولة نووية كما صرح بذلك أحمدي نجاد والعالم أيضا  وقد تم الاعتراف بدلك في اتفاق 5+1 ..

.إيران دولة نووية ولا مجال للرجوع إلى الوراء وسوريا ازدادت إصرارا في الحفاظ على انتمائها القومي فضلا عن رفضها إلى الأخذ حاليا بمنطق المواجهة العسكرية ضد إسرائيل مما يهدد المنطقة كلها خاصة وان روسيا لا زالت تزود سوريا بصواريخ حديثة جدا – S300  وغيرها ، إذ با مكانها في حالة نشوب حرب إشغال المنطقة بكاملها وهذا ما أكدت عليه روسيا وحذرت من خطورته وأكدته أيضا الدول المتحالفة ضدها خاصة أمريكا  ، وبريطانيا  ، وفرنسا ، فيما ذهبت إسرائيل إلى التأكيد على أن صورايخ " ياخوم  " الروسية الصنع والمرسلة لسوريا بإمكانها أن نصبت على ساحل لبنان مثلا تدمير ميناء إيلات بكامله فضلا عن الأسلحة الأخرى التي يصل مداها إلى سبعمائة كلهم وذات الرؤوس التفجيرية المدمرة  .