محمد عرفات حجازي يكتب : عن مسلسل الاختيار

محمد عرفات حجازي يكتب : عن مسلسل الاختيار
محمد عرفات حجازي يكتب : عن مسلسل الاختيار
أصابت المجتمع المصري، في الأيامات الأخيرة، حمى حول المسلسل الدرامي الاختيار٣. وفي الحقيقة، ليس لدي أدنى وقت لمتابعة أحداثه، أو أية أحداث درامية أخرى. لذا، لن تكون سطوري التالية، في هذه الفسحة، حول جماليات المسلسل أو تفاصيل أحداثه (السابقة/ اللاحقة)..
إنّ المتتبع للأعمال التاريخية دراميًا يُدرك جيدًا أن تقديم أي عمل حول أحداث/ شخصيات تاريخية لا يكون إلا بعد انقضاء الأحداث، أو وفاة الشخصيات بسنوات أو عقود من الزمن، ليعلو أول سؤال في ذهن المشاهد عن غائية هذا العمل؟ وهو سؤال تلحقه عديد الإجابات في ذهنية المتلقي؛ لعل أبرزها:
- الاحتفاء بمنجزات الرئيس عبد الفتاح السيسي في حياته من باب التخليد والطمع.
- هذه الأخيرة، أي الطمع، يدرجها البعض تحت باب "التطبيل" أو النفاق؛ لأجل كسب رضا السلطة..
- محاربة الفكر الإخواني ونشر صحيح المعلومات حول الجيش المصري من جهة، وتنظيم جماعة الإخوان من جهة أخرى.
وبعيدًا عن هذا وذاك، يمكننا أن نقول أن هذا العمل إنما جاء تحت غطاء أكبر يتمثل في امتصاص موجة الغضب العارمة التي تجتاح الشعب المصري!
إن الملاحظ لردود أفعال الشعب عقب كل حلقة يجدها إما تُعلي من شأن العمل والتغزل في مدى الشبه بين الأبطال والشخصيات المقدمة؛ وبين حاقد غاضب لا يجف لسانه من السب واللعن لهؤلاء الفنانين!
وبتدقيق بسيط نستطيع أن ندرك تمامًا أن الشتائم والسباب ليست موجهة إلى أبطال العمل (ياسر جلال؛ خالد الصاوي....) بقدر ما هي موجهة إليهم باعتبارهم شخصيات مُجسَّدة (أي إلى الشخصيات الحقيقية التي يقدمونها)، وبالتالي، فإن "الاختيار" يسير بطريقة مُتخفية، كقوة مغناطيسية تجتذب إليها كافة أشكال الطاقة السلبية لدى جمهوره.
ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي تسعى فيها الآلة الإعلامية إلى فعل ذلك، إذ لو عدنا بذاكرتنا الحوتية إلى الوراء لوجدنا عشرات، بل مئات الحالات المطابقة من حيث الهدف.. مثلًا: في تاريخ 1/ 6/ 2018م كتبت تحت عنوان "للإقصاء وجوه كثيرة"، وذلك عندما قدم لنا مجموعة من الفنانين المصريين في أول أيام شهر رمضان، من ذلك العام، أغنية ( جاري يا جاري ) والتي ﻻقت صدى في نفسي كونها تدعو الى الود والمحبة والتسامح والالفة بين الجيران.
وقد بدأت الأغنية بمقطع للفنانة دنيا سمير غانم والذي ربطت من خلاله بين الكدر وارتفاع سعر تذكرة المترو، ودعت إلى تجاهل كل ما يعكر صفو الحياة... وفي ثاني أيام شهر رمضان حذف هذا المقطع نهائيًا وأبقوا على الكلمات الختامية للأغنية والتي يقدمها الفنان محمد منير وأنها برعاية شركة أورانج..
وبتاريخ 13/ 2/ 2019م كتبت تحت عنوان "الإعلام المصري وفلسفة الإلهاء"، إذ حدث وقتها أن صار نقاش وجدل واسع حول مشروع تعديل بعض نصوص الدستور المصري، وبسرعة الريح، عمل الإعلام المصري الموالي للسلطة القائمة على تضليل الوعي العام المصري؛ فتحول الرأي العام من التركيز على قضية التعديل الدستوري إلى رأي عام حول علاقات خالد يوسف الجنسية..
هذه أمثلة قليلة من وقائع كثيرة تقودنا إلى إعادة البحث عن معاني الإقصاء والإخصاء؛ لنؤكد معها على أنه "للإقصاء وجوه كثيرة"