أخبار عاجلة

صفوت عطا الله يكتب : الحقيقة الغائبة الحق والعدل

صفوت عطا الله يكتب : الحقيقة الغائبة الحق والعدل
صفوت عطا الله يكتب : الحقيقة الغائبة الحق والعدل
منذ فجر التاريخ والإنسان يبحث عن الحقيقة الغائبة وهي الحق والعدل والعالم كله يسعى محاولا تفسير المعاني الصحيحة ومن اجل ذلك جاءت الأديان لتحقيق تلك الحقيقة الغائبة وهي العدل والحق للإنسان الذي خلقه الله في أحسن صورة وأفضل تكوين وعندما نسأل أي إنسان في هذا الكون الفسيح مهما كان تعليمه أو ثقافته أو مستواه في الغني والفقر، ماذا تريد من هذه الحياة؟ أغلب الظن الإجابة لن تخرج من طلب الأمن والأمان والسلام والحياة الكريمة على هذه الأرض ولا يختلف اثنين على ذلك فلا مناصب تدوم ولا مال يشفع أو يستمر فقط لا يبقى سوى سيرة إنسان.
أمر غريب لنا أربعين عاماً في بلادنا المصرية وهناك خلل أو خطأ وتغيير واضح خلال تلك الفترة هدمت وخربت السلوك الإنساني والأخلاقي وتبدلت العادات والتقاليد الأصيلة مما كان لها تأثيرها السلبي السيئ على كافة مناحي الحياة وحتى في التعايش السلمي بين الناس ولم يتحرك أو يقوم أحد سواء كانوا حكماء أو علماء اجتماع أو حتى أفراد عاديين بوضع التغيير تحت المنظار أو الفحص والمواجهة الصريحة أو مجرد تفكير  هادئ للوصول إلى الأسباب الحقيقية سوى لطم الخدود أو البكاء على اللبن المسكوب والتحسر على الزمن الجميل وبدلاً من ان نضئ شمعة قمنا بغلق كل الأبواب ودفن الرأس في الرمال والهروب من مواجهة القوى الشريرة خوفاً من الإرهاب الفكري أو الوقوع تحت سيف قانون الحسبة وازدراء الأديان أو الغرق في طغيان التطاول والشتائم من محترفي الفيسبوك والإعلام الفاسد الفاشل الساقط في جدل عقيم ومناقشات غبية وحوارات سطحية وتعليقات مثيرة وآراء متطرفة تشعل النيران وتزيد المشاكل وللأسف وسط عقول متحجرة وقلوب سوداء وأفكار متعصبة ومناخ متطرف تسيطر عليه ميديا إخوانية سلفية والمدهش هناك بلدان بدأت تتعافى من هذا الإرهاب المقيت وتحاول اقتلاع جذور التعصب والكراهية حتى من دولة منبع الوهابية في السعودية كذلك كل من الإمارات والبحرين وقطر بينما نجد في بلادنا المصرية مازلنا نروي ونسقي أشجار الإرهاب بواسطة الجماعة الإرهابية وفتاوى السلفيين بالرغم من جهود الدولة في محاولة القضاء على تلك الآفة والمرض الخبيث.
وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وبعد أن هدأت الأحداث الإرهابية التي كادت تختفي سواء كانت بسبب جائحة ورونا أو مجهودات الدولة في فرض الأمن والأمان وبدأنا نستشعر تعافي الدولة وتخطينا حاجز الإرهاب برز علينا وجه الشيطان من جديد في صور مختلفة ومتنوعة هذا حرب طاحنة بين روسيا وأوكرانيا وتأثيرها السلبي على العالم كله وسوف تستمر مدة طويلة أما في الأراضي المقدسة القدس بدأت المشاحنات والصراعات وعمليات القتل المتبادلة بين الفلسطينيين والإسرائليين خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك وأعياد الفصح اليهودية وبالطبع مرورا بما يجري في بلادنا المصرية من أحداث مؤسفة ومحزنة خلال اسبوع واحد كان لها تأثيرها السيئ وتشويه وجه مصر ولا تليق ولا تتناسب مع المظهر العام للجمهورية الجديدة والأعمال العظيمة الجبارة التي تقوم بها القيادة الرشيدة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ولكن مازالت قوى الشر والفكر الداعشي في العقول مستمر وهذا سوف يستغرق وقتاً طويلا للقضاء عليه واقتلاعه من جذوره وذلك يتطلب جهداً مضاعفاً وواضح تماماً الهدف والغرض من هذه الحوادث الفردية هي زعزعة استقرار البلد وإثارة الفتن والقلاقل بين فئات للشعب ونحن على ثقة تامة أن الدولة قادرة لتخطي الصعاب في أقصر وقت وأقل خسائر للعبور إلى بر الأمان والسلام.
 
مظاهر التآلف والتآخي
مازالت الذاكرة تختزن قصص وحكايات ومواقف نبيلة تكشف عن المعدن الأصيل لهذا الشعب وكيف كانت العلاقات الإنسانية السوية والقلوب النقية المملوءة بالإيمان والمحبة والسلام في تآلف وتآخي عجيب لم نشعر لحظة بأي فوارق أو اختلاف أو تباعد بين أبناء الشعب الواحد وأتذكر جيداً كان الكاهن يسير على قدميه في الشارع بمنتهى الحرية والأمان ويقوم بشراء احتياجاته وسط الناس بل أكثر من ذلك يتهافت عليه الأخوة المسلمون اصحاب المحلات والمتاجر ليباركهم ويدعو لهم بالخير دون النظر لعقيدة أو ملبس ولا أنسى ما حييت من حياتي ما كان يقوم به جارنا المسلم الغالي العزيز الذي كان بمثابة أب لنا جميعا ليلة العيد في ستينيات القرن الماضي عندما يعطينا ذلك الراديو الضخم ذو اللمبات لسماع قداس العيد بصوت القديس البابا كيرلس السادس وأيضا السماح لنا بمشاهدة حفل تنصيب البابا شنودة الثالث المذاع لأول مرة على شاشات التليفزيون حيث كان موضوعا بغرفة نومه في بساطة ونقاء قلب وعند سفرهم للقاهرة في الأجازة الصيفية يترك لنا مفتاح الشقة دون غلق أي غرفة أو دولاب للثقة والأمانة الموجودة بيننا وعندما غادر المنيا في أواخر الثمانينات تنازل عن شقته لي بكل الحب ودون أن يتقاضى مليما واحداً رغم إغراء خلو الرجل وقتها وكأنها هدية منه لي تلك هي السيرة الحسنة والطيبة التي نتغنى بها ونتذكرها بكل خير في كل مناسبة وعيد ومازالت العلاقات مستمرة حتى هذه اللحظة.
مازالت عالقة بذهني عند مرور جنازة سواء كانت مسلم أو مسيحي كيف يتسابق الجميع لحمل النعش دون النظر لعقيدة الميت أو دينه وكذلك تغلق المحلات تكريماً واحتراماً له وعندما زار القديس البابا كيرلس السادس مدينة المنيا في أوائل الستينيات أتذكر كيف كانت الاحتفالات والأعلام والرايات ترفرف الهلال مع الصليب في مظاهرة حب وسلام وتهافت الجماهير بكل أطيافها للاستقبال الحافل ونيل البركة منه حتى كادوا أن يرفعوا السيارة التي يستقلها دون خوف أو تهديد أو نقد، تلك هي نفحات ومظاهر الزمن الجميل بل هناك قصص وحكايات أكثر من مظاهر العلاقات والسلوك والتي تجمع هذا الشعب طيب القلب والمستنير العقل.
 
لماذا حدث التغيير؟
علينا جميعاً أن نعترف بأن هناك خللاً قد حدث خلال الأربعين سنة الماضية وكان هو السبب الرئيس ولا ننسى عندما تحالف قطبي التطرف كلاً من الوهابية السلفية الممثلة في الملك فيصل بن عبد العزيز الابن الثالث من زوجته الأميرة طرفة بنت عبد الله بن عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن أبن الشيخ حسين آل الشيخ حفيد إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تولى الحكم عقب عزل أخيه الغير شقيق الملك سعود 2 نوفمبر 1964م ويقال أن الملك فيصل تربى وشرب الوهابية على أصولها في بيت جده وكان له علاقة وثيقة مع الرئيس المصري محمد أنور السادات الذي سمح ووافق على توغل وتغلغل الفكر الوهابي بمصر وعودة الهاربين من جماعة الإخوان وظهور فئة السلفيين وبث بذور التعصب والكراهية ورد الجميل للدور الذي قام به الملك فيصل أثناء حرب أكتوبر 1973م واستمر التعاون الوثيق بينهما حتى تم اغتيال الملك فيصل على يد ابن أخيه فيصل بن مساعد حيث أرداه بثلاث طلقات في رأسه يوم 25 مارس 1975م ولا ننسى أيضاً اغتيال الرئيس أنور السادات باطلاق النار عليه يوم 6 أكتوبر 1981م بيد الجماعة الإسلامية ومنذ ذلك الوقت وأزهقت أرواح كثيرة وسالت دماء غزيرة من قواتنا المسلحة والداخلية والأقباط والأدباء والسياسيين والأبرياء من الشعب بسبب تلك الروح العدوانية الوهابية وأن الكثير يعلمون تماماً جذور الفتنة ولا يستطيعون البوح بها صراحة خوفاً من الإرهاب الفكري الذي نراه كل يوم كلما خرج رأي مستنير يكون نصيبه التجريح والتطاول والشتائم لمجرد أن استخدم عقله وفكره الحر.
 
أزمة الإنسان الحقيقية
تتلخص مشكلة الإنسان الآن في ثلاث محاور رئيسة:
1- علاقة الإنسان مع الله
وهي علاقة شخصية بين الإنسان وخالقه سواء عن طريق الصلاة أو الصوم أو الزكاة أو أعمال البر والرحمة والشفقة طالباً المغفرة والرحمة وحسن الختام.
2- علاقة الإنسان مع الآخرين
وتتمثل في السلوك الإنساني والعلاقات الطيبة مع كافة البشر دون النظر إلى لون أو عرق أو عقيدة وهي في مفهومها البسيط تعبر عن المواطنة على أساس الاحترام والحقوق.
3- علاقة الإنسان مع نفسه
وتتميز بالصفاء والسلام الداخلي والقناعة والرضا والإخلاص والأمانة والضمير دون مواربة أو كذب أو تلفيق.
مما سبق يتضح أن المشكلة الحقيقية تبدأ بالإنسان وتصرفاته وسلوكه وكلماته وأفعاله ومعاملاته وكلما كانت سوية عاقلة ومنطقية صحيحة كلما كان المجتمع والوطن ناضجاً وروح السلام تجمعه وبالتالي نجد العكس صحيح حيث حدث خطأ فادح في فهم صحيح الدين فتحول إلى مظاهر وممارسات شكلية بعيدة تماماً عن جوهر الدين ومقصد الله في كل الأديان عن الإنسان الذي خلقه وبالتالي ظهرت أجيال وأجيال تقوم باقحام الدين في التحليل والتأويل والتبرير لكل الأفعال الخاطئة التي يرفضها المجتمع والعرف وتحويلها إلى واقع مفروض وحقيقة حسب أفكاره الخاطئة.
على سبيل الأمثلة فالذي قتل الكاهن مؤخراً في الإسكندرية وذبحه بفصل رقبته عن جسده في وضح النهار وأمام أبنائه وبناته في الشهر الحرام شهر رمضان الكريم دون معرفة سابقة أو ذنب أرتكبه تعتبر جريمة نكراء يعاقب عليها القانون ولكن عندما تخلط الأوراق والأفكار المتطرفة نجد وسائل التواصل فيها من التعصب الأسود لأعمى مداه إلى حد عدم الاعتراف بالجريمة ومحاولة التنصل منها بشتى الطرق أو عدم تقديم واجب العزاء وطلب الرحمة للفقي، محاولة خطف امرأة متزوجة مع ابنتها الطفلة ونزع الرحمة والشفقة والرفق لأبنائها الصغار أو زوجها فتلك جريمة في حد ذاتها مهما كانت الأسباب والإسراع إلى إعلان عن إشهار إسلامها في نفس اليوم وبالصورة التي شاهدها الجميع وسماع بكاء طفلتها في خلفية المشهد أمور لا يرضى عنها العقلاء والحكماء ومعنى هذا قلب الجريمة البشعة إلى مشهد آخر يدعو الكثيرين إلى التهليل والتكبير والفرح عندما يقوم مطعم بعدم تقديم المأكولات لسيدة وابنتها بحجة الصيام والامتناع عن العمل رغم أنه مفتوح في نهار رمضان وفي مواعيد عمله الرسمية مما يجعل هذا الفعل مخالفة يعاقب عليها القانون ولكن عندما يغلفها بغلاف الدين تتحول إلى جدل ومناقشة تصل إلى المطالبة بمحاسبة السيدة التي وقع عليها الظلم حيث خرجت علينا جريدة المصري اليوم بفتاوى غريبة أصدرها شيخ سوري الجنسية عن حكم بيع الطعام في نهار رمضان للكافر وتحريمه، تلك الأمور بعيدة تماما عن صحيح الدين وتعتبر داعشية الفكر والمصدر للأسف تلك الأمور حدثت في بلادنا المصرية في عهد الجمهورية الجديدة وتحت قيادة وطنية ولكن كلما ذهبنا إلى أرض الواقع والحقيقة نجد الفكر المتطرف والمتعصب هو الحاكم والمسيطر تماماً على الشارع فما بالك في القرى والنجوع والمدن البعيدة فهذا أمر آخر ولا يعلن عنه أو الكشف عليه.
أجراس الإنذار تدق بشدة والخوف من تكرار تلك الحوادث بسرعة أو أن تنتشر بكثرة، وهناك أسئلة كثيرة تطرح لماذا فشلنا في بلادنا المصرية في القضاء على هذا الفكر المتطرف بالرغم من وجود المؤسسة الدينية ممثلة في الأزهر الشريف المشهور عنه الوسطية والفكر المستنير بينما نجح الآخرون في اقتلاع جذور الإرهاب والأمثلة واضحة نجحوا وتقدموا بصورة تدعو للإعجاب والتقدير.
 
موسم الأعياد
ونحن مقبلين على موسم الأعياد المسيحية والإسلامية واليهودية والوطنية والاجتماعية حيث يأتي عيد القيامة المجيد يوم الأحد 24 ابريل وعيد الفطر 2 مايو وعيد الفصح اليهودي 23 ابريل وعيد شم النسيم 25 ابريل وعيد تحرير سيناء 25 ابريل وعيد العمال أول مايو، إنها فرص طيبة وأعياد ومواسم جميلة ووجب أن ننتهز تلك الأيام السعيدة ونقدم التهاني القلبية للشعب المصري العظيم بدوام الأمن والأمان والسلام والخير والبركة وإلى رئيسها المصري الوطني المخلص عبد الفتاح السيسي دوام الصحة والعافية والقوة والحكمة لقيادة دفة سفينة البلاد وعبورها كل الأمواج العاتية والرسوب ها على بر الأمان وإلى كل ما يصبو له من مستقبل مشرق وحياه كريمة لكل المصريين وشعبنا الطيب الأصيل وكل عام وأنتم بخير.