يعني الصراع تنازع الإرادات الوطنيه وينجم عن تباين مراحل قوة الدولة وإمكاناتها المتاحة بمختلف مظاهرها المادية المعنوية مما يؤدي إلي إتخاذ قرارات أو إنتهاج سياسات خارجيه تختلف أكثر مما تتفق .
ولكن برغم ذلك يظل التنازع دون الدخول في نزاع مسلح .
وللصراع أشكال منها الصراع السياسي والصراع الإقتصادي والصراع الإعلامي وما إلي ذلك وتتنوع أدوات الصراع وتتدرج من أكثرها فاعليه إلي أكثرها سلبية ومنها الضغط .الحصار.الإحتواء .التهديد .العقاب.
التفاوض .التساوم .الإغراء .التنازل ....الخ
إن ظاهرة الصراع هي إحدي السمات الثابته والمتواصله في الحياة الانسانيه والصراع قد يختلف من مرحلة تاريخيه لأخرى حسب ظروف التطورات التكنولوجية والحياتيه للإنسان .وللصراع أوجه مختلفه .فقد يكون صراعا سياسيا أو إقتصاديا أو مذهبيا أو حضاريا
وما التاريخ الإنساني إلا السجل الأكيد والواضح للصراعات الإنسانيه .
والصراع الدولي اليوم يشكل الإطار العام الذي يجمع كافه الأشكال الصراعية للإنسان
ويمكن القول بأن الحرب العالمية تعتبر المحطة الأولي التي دخلت من خلالها الولايات المتحدة إلي حلبة الصراع الدولي .خاصة بعد التهديد المباشر الذي أحدثه التغيير السياسي الأيديولوجي السوفيتي السابق في القارة الأوروبية
وإذا كانت الحروب والصراعات الدولية لا تقوم إلا لتمزيق معاهدة سابقة جائزة أو لفرض معاهدة جديدة ، فإن معاهدة فرساي 1919لم تنه الصراع الدولي .حيث في اللحظة التي شعرت فيها ألمانيا بالقوة .وألغت المعاهدة وأضافت وقودا ناريا للصراع الدولي وانهت مفهوم السلام المتواصل المبني علي الظلم وعلي اللاشرعيه الدولية وعلي فرض الحلول من موقع القوة دون النظر إلي منطق العدل والتاريخ والمباديء الإنسانيه بل ولطبيعة قوانين الجغرافيا
اتسمت الصراع الدولي بمعايير جديدة فرفضت نفسها علي الصراع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وأهمها دخول الولايات المتحدة بشكل مباشر إلي حلبة الصراع وإنسقام العالم إلي دولة قوية وأخرى ضعيفة .وإلي شعوب غنية واخرى فقيرة .وإلي مجتمعات متقدمة صناعية وتقنيا وأخرى تعاني من التخلفين الأقتصادي والعلمي .
وتؤكد كافة الوقائع والحقائق أن العالم الحديث لاينقسم إلي شرق وغرب فحسب وإنما إلي شمال وجنوب
إذا كان الصراع بالامس قبل سقوط الإتحاد السوفيتي .وسيطرة الولايات المتحدة علي النظام الدولي الجديد والقديم .صراعا بين اكبر حليفين عسكرين شهدهما التاريخ بالمهادنه والوفاق وعدم المواجهه الساخنه والحرب بالنيابه بين الأيديولوجينيين الرأسمالية والإشتراكية اللتين هما من أكثر الأيدلوجيات إنتشارا وتأثيرا في هذا اليوم حتي بعد سقوط الإتحاد السوفيتي .
وبالإضافه إلي الصراع السوفيتي الأمريكي صراع نووي وعسكري وإيديولوجي إلا أنه في نفس الوقت صراع وجودي وكوني وحياتي يشمل جميع مجالات الحياة .
بل انه صراع شمولي عم العالم باسره وقسمه إلي شرقي إشتراكي وغربي رأسمالي .أنه صراع مركب ومتداخل ..ولم الجميع قادرين علي إستيعاب أبعاده وتعقيداته ولم يتوقعوا نتائجه وذلك بهزيمه الرأسمالية الغربية وعلي راسها الولايات المتحدة للنظام الاشتراكي العالمي .
وتفرد الولايات المتحدة برسم مصير الكثير من بؤر التوتر في العالم دون مراعاة لمنطق التحولات الجيواستراتيجية والإنسانية بل ومعاني القوة نفسها .
فنجدها تفرض معاهدة صلح هنا وتبتز ثروة هناك وترهن مقدرات أجيال قادمه في هذه البقعه .وتفرض وترسم حدودا هشه قابله للإنفجار في أي لحظه قادمه هناك وتحاول النيل من كرامة أناس ٱمنوا بامتهم ولم ينصاغوا لها .
وإذا كان الصراع بين الشرق والغرب قد تم إستيعابه بالأمس بمفهوم الوفاق الدولي والحرب بالنيابة .فان الصراع الدولي اليوم .بعد تراجع الدور القيادي السوفيتي وإنحناء القادة الروس للعاصفة الامريكيه الهوجاء وتعايش الكثير من رموز الحرب البارده معها .إتسم بصراع آخر هو الصراع بين الشمال والجنوب .لقد ظهر هذا الصراع قبل إنهيار القيادة السوفيتيه ، حيث تلمس خطاه في أوج الحرب البارده بين القطبين .
وكانت أولي خطواته قد جسدت مسيرته في مؤتمر باندونغ 1955 وما تمخض عنه من تأسيس لحركة عدم الإنحياز ، وأستمر هذا النمط الصراعي في العقود اللاحقه ليضيف نمطا آخر لصراع الدولي آنذاك .وبالرغم من أن الاتحاد السوفيتي السابق في أحيان كثيرة وصل إلي إتفاقات إستراتيجيه مع الولايات المتحدة .،من أجل إمكانية إستيعاب وإحتواء وتطويق طموحات الجنوب .
اما الصراع الدولي الراهن يتسم بأزمة إقتصاديه آخذة في التفاقم وهي السبب في كثير من المواجهات الدولية الساخنه .فزلزال الخليج كان الإقتصاد جزءا رئيسا من أنماط وإستفحاله ،وعمليه بنما وجرينادا ، والمواجهه مع كوريا الشماليه ، بل وما يسمي بالسوق الشرق أوسطية الجديدة ،كلها تتبع من أسباب إقتصاديه للمواجهه بين الشمال والجنوب ،وتهدف في معظمها إلي تفكيك الهويه القوميه للشعوب وإدخالها في معادلات كمبيوتريه ، تتعامل مع الإنسان كرقم وليس كعامل حضارى له إمتداده التاريخي والعقيدي والإستراتيجي ،كالسوق الشرق أوسطيه والذي يهدف إلي إدخال وحدات دولية جديدة في منطقتنا العربيه كتركيا وإسرائيل علي حساب الأمه العربيه الإسلامية وخصوصيتها الإنسانيه .
بل يريد أن يعطي لإسرائيل الشرعيه الوجوديه في كياننا العربي