لأول مرة يضرب الصمت كوكب الأرض وتطفيء الأنوار ويصمت ضجيج السيارات وهدأت شوارع العالم ليلا وخلت من المارة فأجمل مدن العالم وأكثرها إبهارا تبدو حزينة ومرتعدة يتجول الصمت والخوف والحذر بين جوانب طرقاتها المغلقة.
توقفت الصلوات بالمساجد والكنائس والمعابد ولكن الجميع بإختلاف إيمانهم ومعتقداتهم يرفعون أيديهم إلي الله وفي عيونهم المجهدة وأرواحهم المتعبة رجاء أن يرفع الله عنهم البلاء وقلوبهم مازالت تعيش علي أمل أن يستجيب لهم الله ويعود الأمان إلي حياتهم مرة أخري بعد مشاعر الخوف من فيروس لا يري بالعين المجردة لكنه نشر القلق والذعر في النفوس.
وإذا كان هذا الفيروس قادر أن يدمر الحياة ويصيب أنشطتها بالشلل فهو ضعيف أمام قلوب يمليئها الأمل والطاقة الإيجابية ومفعمة بحب الحياة وتمتلك روح المحارب القادر علي كسب المعركة في النهاية.
وبرغم التجربة وقسوتها والخسائر في الأرواح والإقتصاد والركود والتجمد الذي أصاب أغلب جوانب الحياة ولكن هذة المحنة والحرب مع فيروس لانراه ولكننا نخافه علمت البشرية درسا مختصره هو أن الحياة غالية رغم كل ما فيها من مشاكل وصعوبات وأن غريزة البقاء علي قيد الحياة أصبحت أولي إهتماماتنا فلم نعد نفكر في الكثير من الأمور التي أصبحت الأن هامشية فلم يعد يسطر علينا جنون التسوق ولم تعد تشغلنا وتبهرنا المظاهر كما كنا سابقا وأصبح كلا منا يتمني أن تعود له حياته الأولي التي كان يعيشها وفي الأغلب كان الكثير منا غير مقتنع بحياته وغير راضي عنها أصبحنا الأن نتمني بشغف عودة حياتنا كما كانت برغم كل مشاكلها وصعوباتها وأدركنا تماما أن حرية التنقل والحركة وأن الحياة صعب أن نعيشها في ظل الوحدة وأن التواصل الإجتماعي ومقابلة الأهل والأصدقاء والإنخراط في الحياة الإجتماعية كان مصدر سعادة لنا وكان شيء مؤثر وإيجابي في حياتنا وقد عرفنا بعمق قيمة التواصل الإجتماعي المباشر الأن في إطار نظام التباعد الإجتماعى الواجب علينا حاليا إتباعه
وبرغم مشاعر الوحدة والعزلة التي يعيشها كلا منا الأن ولكن أصبح لدينا متسع من الوقت لكي نجلس مع أسرنا وقت أطول مما سبق واقترب الأب أكثر من أبناؤه وتفاعلت الأم العاملة بعد توقف عملها أكثر مع عائلتها.
أصبح لدينا الوقت أكثر لكي نعيد تقييم أنفسنا ومراجعة أخطائنا ونمط حياتنا السابق وكذلك علاقاتنا بالعالم الخارجي والبشر من حولنا ففي إطار تلك الأزمة أدركنا بوضوح من هم أصدقائنا الذين ينتمون لنا بصدق ومن هم نتاج إختياراتنا التي بدت غير موقفة فمثلما صمت الكوكب عن الضجيج ليلا صمت شاشات هواتفنا الذكية عن إستقبال الكثير من إتصالات أشخاص تبين أنهم أصدقاء مصالح فقط وليسوا أصدقاء حقيقيين وأصبحنا لا نستقبل سوا إتصالات من من هم بصدق يحملون في قلوبهم النقية مشاعر حب لنا حقيقة وأعتبر أن هؤلاء هم ثروتنا القيمة في تلك الحياة ففي الأزمات تبدو معادن البشر والأصدقاء والمعارف بوضوح.
وإذا كانت الأزمة الحالية في ظل موجة كورونا قد أسفرت عن سوء في الوضع الإقتصادي وبدأ يعاني أصحاب العمل اليومي وغيرهم مما يعانون حاليا من صعوبة الحياة ولهم كل الإحترام والتقدير من ضيق وتعسر الوضع المادي ووجب علي كل فئات المجتمع القادرة مساندتهم فتبني فلسفة التكافل الإجتماعي أصبح ضرورة وواجب وطني لتجاوز الأزمة وتحية إحترام لكل من ساهم وساند في رفع العبيء عن كل المتضررين من أزمة كورونا سواء أفراد أو هيئات أو منظمات حكومة أو تنمني للمجتمع المدني.
وكذلك هناك من يحتاج دعم معنوي ونفسي فعلينا التواصل الغير مباشر مع الأخرين في ظل التباعد الإجتماعي حتي لا يشعروا بالوحدة التامة والإنعزال مما يؤثر سلبا علي حالتهم النفسية.
والسؤال المطروح الأن هل فيروس كورونا أظهر ضعف الجنس البشري ونجح في إصابة حياة البشر بالتجمد علي مدار شهور متواصلة وهل سينجح الفيروس من إستمرار هذا الوضع ليظل هو المسيطر في هذة المعركة أم أن الإنسان كمخلوق مفكر وخلاق وبما تمنلكه البشريه من مقومات وأساليب وطاقات وعلماء وباحثين وترسانة بحث علمي عملاقة قادرة علي الإنتصار في النهاية ليحسم الإنسان الموقف لصالحه في هذة الحرب الفيروسية ؟؟؟؟