عندما نفكر بلا وعى أو منطق ونصنع تمثالا من الثلج ونتوهم أنه سيظل خالدا أبد الدهر فهذا تفكير عقيم لا يستقيم مع ما هو متعارف عليه أن كل شيء الى زوال ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ، وعندما تشرق شمس الحرية بلظى الغضب والرفض يتبخر هذا التمثال ويترك خلفة تركة ثقيلة لا يمكن أن يتحملها شعب من الشعوب و أول من يكتوي بنارها من صنعوه وخروا له ساجدين.
والشواهد كثيرة توضح هذا المعنى وخاصة فى عالمنا العربى لما نراه من تمجيد وتقديس للحكام ورجال الدين والسياسة والسير خلفهم كالقطيع بلا عقل يفكر بأنهم كباقى البشر يخطئون ويصيبون ويجب علينا جميعا ان نكون فى مرحلة وسط لا نميل الى التأييد المطلق أو الرفض المطلق ولا نؤمن بأنهم على علم بكل شيء فموسى عليه السلام كان نبيا وذهب الى عبد من عباد الله ليعلمه وهو الخضر عليه السلام فهل الملوك والرؤساء ورجال لدين والسياسة يقبلون نصائح من احد أم أنهم بلغوا من العلم ما لم يبلغه حتى الأنبياء . وتأسيسا على ما سبق لا يمكن للعالم العربي أن يتقدم خطوة واحدة نحو الحرية والديموقراطية والتبادل السلمى للسلطة ما دامت الشعوب تقدس حكامها حتى ولو بلغوا من البطش والقسوة ما لم يفعله فرعون وهامان، وللأسف الشديد لو عقدنا مقارنة بسيطة بين حال الدول العربية وحال الدول الغربية مثلا لوجدنا أنفسنا على جهل بين هم فى تقدم ونحن نسعى خلف التخلف وكأننا أمة كتبت على نفسها التخلف وعدم الاستقرار والاقتتال من أجل السلطة والإرهاب ومن يدفع الثمن هم الشعوب المغلوب على أمرها وخضعت بالذل خوفا من فتح أبواب السجون والمعتقلات.
ومن هنا تبدأ الكارثة بالتهليل والتصفيق والتأييد الأعمى الذي يشل ديناميكية العقل ويجعله كالآلة يتحرك فى المجال المخطط له لقتل ملكة النقد والتقييم ورفض كل ما يسبب له المعاناة والتطلع الى غد أفضل تشرق فيه شمس العدالة وحرية الكلمة وقبول الرأي والرأى الأخر لنظل هكذا نورث أولادنا وأحفادنا مشكلات عجزوا عن حلها من يدعى الملك أو العلم آو القيادة لتبقى شعوبا كتبت على نفسها التخلف والخنوع .