أصيب البعض بالصدمة نتيجة تجاوز عدد الوفيات في إيطاليا جراء الإصابة بفيروس "كورونا المستجد" إلي حوالي ألفين شخص ، ليصل الإصابة إلى أكثر من 25000 مواطنًا، لتحتل صدارة الدول الأوروبية من حيث الإصابات والوفيات، وباتت الدولة الثانية في العالم بعد الصين من حيث تفشي الوباء، وأصبحت دول أوروبا مركز الوباء مما دفع بعض الدول من منع دخول الأوربيين أراضيهم.
وهذا الأمر يطرح العديد من التساؤلات حول تداعيات التفشى الكبير فى المدن الإيطالية ، ومعظم الدول الأوربية سواء على المستوى القارى أو على الجانب الدولى بشكل عام. الزيادة الكبيرة فى أعداد المصابين بفيروس "كورونا المستجد "، فى إيطاليا ، ودول الاتحاد الأوربي ، تمثل صدمة كبيرة ليس فقط للمتابعين والمحللين، وإنما للعالم كله فى ضوء التوقعات التى دارت فى معظمها، مع بداية الأزمة، حول قدرة دول الغرب، سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية على مجابهة الفيروس، فى ظل ما يتمتعون به من إمكانات كبيرة ووعي صحي وثقافي.
في إيطاليا والدول الأوربية اتخذت العديد من الإجراءات أهمها : إغلاق حدودها لمنع تفشى فيروس كورونا وفرض قيود على تنقلات المواطنين وتجمعاتهم فى كل أنحاء البلاد، وإلغاء الفعاليات الرياضية، إغلاق المدارس والجامعات.
إلا أن تنامى الفيروس، وزيادة أعداد المصابين به، أصبح بمثابة تهديد قوى، ليس فقط لإيطاليا، وإنما للقارة بأسرها، فى ظل احتمالات انتقال العدوى إلى مواطنين من دول أخرى.
وهنا تمتد خطورة الفيروس، لتتجاوز التهديد الصحى المجرد، لمواطنى أوروبا، وتمتد إلى مستقبلها السياسى، فى ظل إجراءات اتخذتها بالفعل الحكومة الإيطالية، كإغلاق أقاليم كاملة، فى إطار محاولات السلطات الإيطالية لاحتواء الأزمة، من جانب، أو خطوات أخرى تتخذها دولاً أخرى، على غرار منع مواطنى إيطاليا من الدخول إلى أراضيهم، ومنع دول الاتحاد الأوربي من التنقل بين دول الاتحاد.
حيث إن إجراءات العزل ربما تكرس لواقع جديد، قد يساهم فى تغيير الخريطة مستقبلاً، مع تصاعد النزعات الانفصالية فى العديد من دول القارة فى المرحلة المقبلة، وعلى رأسها المشهد الكتالونى، الذى يسعى خلاله سكان الإقليم إلى الانفصال عن السيادة الإسبانية.
أما على المستوى القارى، فإن إجراءات منع دخول المواطنين الإيطاليين ومنع دول الاتحاد الأوربي من التنقل يمثل انتهاكًا صريحًا لقواعد الاتحاد الأوروبى، والتى تقوم على حرية الحركة بين دول القارة، وهو الأمر الذى يمثل خطوة جديدة من شأنها تقويض الاتحاد الأوروبى، خاصة أنها تتزامن مع دخول "بريكست" حيز النفاذ.
وفِي تقديري : فيروس كورونا كشف مدي هشاشة الاتحاد الأوربي، وعدم التعاون فيما بينهم وكل دول تعمل بمفردها ولا توجد سياسات واضحة لمواجهة الفيروس ، وهذا يهدد مستقبل الاتحاد وبعد أنتهاء أزمة كورونا ربما تحدث انقسامات وانفصال بين دول الاتحاد الأوربي، ونأمل ألا يحدث ذلك، وأن تتكاتف دول الاتحاد لوضع استيراتيجية موحدة لتخطي الأزمات لأن وحدتهم تمثل قوة فاعلة علي المستوي الدولي، ويجب ان تتكاتف دول العالم لمواجهة فيروس كورونا وإيجاد مصل أو علاج له في أقرب وقت، حمي الله العالم من الأمراض والأوبئة التي كثرت في الآونة الأخيرة.