بوابة صوت بلادى بأمريكا

العالم الخفى.. هاروت وماروت.. ذكر ما قاله المفسرون فى قصة الملكين اللذين يعلمان الناس السحر بـ«بابل».. فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال ونسبته وترويجه إلى مَن برَّأه الله منه

من القصص التى وردت فى القرآن الكريم قصة الملكين «هاروت وماروت»، حيث يقول الله تعالى فى سورة البقرة فى الآية رقم 102: «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ». 

 

يقول الإمام السعدى فى تفسيره «وكذلك اتبع اليهودُ السحرَ الذى أُنزل على الملَكين، الكائنين بأرض «بابل»، من أرض العراق، أنزل عليهما السحر، امتحانًا وابتلاءً من الله لعباده، فيعلمانهما السحر.

 

«وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى» ينصحاه، و«يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ» أى: لا تتعلم السحر فإنه كفر، فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته.

 

فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس، والإضلال، ونسبته، وترويجه، إلى مَن برَّأه الله منه، وهو سليمان عليه السلام، وتعليم الملكين امتحانًا مع نصحهما: لئلاً يكون لهما حجة.

 

فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذى تُعلِّمه الشياطين، والسحر الذى يعلمه الملكان، فتركوا علم الأنبياء والمرسلين، وأقبلوا على علم الشياطين، وكل يصبو إلى ما يناسبه.

 

بينما قال الإمام ابن كثير عنهما:

 

وقد روى فى قصة «هاروت وماروت» عن جماعة من التابعين، كمجاهد، والسدى، والحسن البصرى، وقتادة، وأبى العالية، والزهرى، والربيع بن أنس، ومقاتل بن حيان، وغيرهم، وقصها خلق من المفسرين، من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلها راجع فى تفصيلها إلى أخبار بنى إسرائيل، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذى لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن: إجمال القصة من غير بسط، ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد فى القرآن، على ما أراده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال.

 

وفى تفسير الجلالين:

 

واتبعوا عطف على نبذ ما تتلو أى: تلت الشياطين على عهد ملك سليمان من السحر وكانت دفنته تحت كرسيه لما نزع ملكه أو كانت تسترق السمع وتضم إليه أكاذيب وتلقيه إلى الكهنة فيدونونه، وفشا ذلك وشاع أن الجن تعلم الغيب فجمع سليمان الكتب ودفنها فلما مات دلت الشياطين عليها الناس، فاستخرجوها فوجدوا فيها السحر، فقالوا إنما ملككم بهذا فتعلموه، فرفضوا كتب أنبيائهم، قال تعالى تبرئة لسليمان، وردا على اليهود في قولهم انظروا إلى محمد يذكر سليمان في الأنبياء، وما كان إلا ساحرا: وما كفر سليمان أى: لم يعمل السحر؛ لأنه كفر ولكن بالتشديد، والتخفيف الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر الجملة حال من ضمير كفروا ويعلمونهم وما أنزل على الملكين أى: ألهماه من السحر، وقرئ بكسر اللام الكائنين ببابل بلد في سواد العراق هاروت وماروت بدل أو عطف بيان للملكين، قال ابن عباس هما ساحران كانا يعلمان السحر وقيل ملكان أنزلا لتعليمه ابتلاء من الله للناس وما يعلمان من زائدة أحد حتى يقولا له نصحا إنما نحن فتنة بلية من الله إلى الناس، ليمتحنهم بتعليمه فمن تعلمه كفر ومن تركه فهو مؤمن فلا تكفر بتعلمه فإن أبى إلا التعليم علماه فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه بأن يبغض كلا إلى الآخر وما هم أى: السحرة بضارين به بالسحر من زائدة أحد إلا بإذن الله بإرادته ويتعلمون ما يضرهم في الآخرة ولا ينفعهم وهو السحر ولقد لام قسم علموا أى: اليهود لمن لام ابتداء معلقة لما قبلها ومن موصولة اشتراه اختاره أو استبدله بكتاب الله ما له في الآخرة من خلاق نصيب في الجنة ولبئس ما شيئا شروا باعوا به أنفسهم أى: الشارين أى: حظها من الآخرة إن تعلموه، حيث أوجب لهم النار لو كانوا يعلمون حقيقة ما يصيرون إليه من العذاب ما تعلموه.

 



هذا الخبر منقول من اليوم السابع