بوابة صوت بلادى بأمريكا

محمد عاشور قصة إبداع فى صناعة السجاد اليدوى عمرها 57 عاما.. تعلم المهنة فى الـ5 من عمره ويعرض لوحاته فى بازارات سقارة.. ويؤكد: "السجاد اليدوى يعيش العمر كله وما يتاقلش بمال"

لوحات فنية بألوان الطبيعة المصرية، يتشابك فيهم التاريخ والإبداع والفن، تعكس ذوق صاحبها والدقة العالية والحرفية في الأداء، بمجرد أن تتأملها تجد رائحة التراث والحضارة تحاصرك، فبنول خشبي بسيط رافق صديقه منذ الطفولة غزلت خيوطها يومًا بعد يوم، معبرة عن إبداع فنان قضى حياته يكافح في حرفة أصيلة وتراث قديم يضرب بجذوره في أعماق التاريخ. 

 

 

يجلس محمد عاشور أحد أقدم صانعي السجاد اليدوي في محافظة الجيزة على كرسي خشبي صغير، وأمامه نول تقليدي مربوط فيه خيوط السداء، وعليها رسمة ينظر إليها حتى يقلدها بكل ما فيها من تفاصيل، فخورًا بما صنعته يداه من لوحات فنية غاية في الروعة والجمال، تتمتع كل قطعة منها بجودة استثنائية بتداخل ألوانها وامتزاج خيوطها، فاحترف صناعة السجاد اليدوي بعمر 5 سنوات، ويأبى أن يتركها، رغم سنوات عمره التي جاوزت الستين عامًا.

 


صناعة السجاد اليدوي


صناعة السجاد

 

رغم مشقة المهنة إلا أن محمد عاشور لا يتخيل نفسه في مهنة سواها، فهي الحرفة التي امتهنها منذ طفولته وأحبها وحافظ عليها حتى وقتنا هذا، معتبرًا إياها مصدر رزقه وسعادته الوحيد: "السجاد ده بقى في دم الواحد، اتربيت على صناعة السجاد من وانا عندي خمس سنين، اخواتي الكبار كانوا شغالين فيها، اتعلمتها معاهم ومع الوقت شربت الصنعة وأتقنتها، وبقيت بعمل كل حاجة فيها من الحرير والتكس والكزاك وشيروان".

 


صناعة السجاد اليدوي في قرية أبو صير


صناعة السجاد يدويا على النول

 

في قرية أبو صير ينسج "محمد" لوحاته على نول خشبي تقليدي، يجلس أمامه بالساعات، في عمل دؤوب يستغرق أشهر وسنوات، وفي معارض وبازارات سقارة تخرج أعماله الفنية الفريدة إلى النور: "ده سجاد عقدة يدوي العجمي بتاع زمان، بنعمله سطر بسطر، التصنيع بيبدأ بنصب النول وتعشيق خيوط السداء، وهي الخيوط اللي بيتم لف العقدة عليها وهي أساس تكوين السجادة، وبعلق تصميم السجادة المطلوب تنفيذه أمامي على النول وبيكون مرسوم على ورقة على شكل مربعات، كل مربع منهم بيمثل عقدة في نسيج السجادة، وبعدها بحدد الألوان من الخيوط وابدأ في نسج السجادة وتنفيذها سطر ورا سطر حسب التصميم المطلوب حتى انتهاء السجادة بالكامل، لتنتقل بعدها للورشة وهناك يتم قصها وغسلها وتجفيفها وتجهيزها لعرضها في المعارض والبازارات، والزبون اللي بيعجبه حاجة بيشتريها، كل واحد وعلى حسب ذوقه في التصميمات والألوان".

 


النول الخشبي


محمد عاشور صانع سجاد يدوي بالجيزة

 

تعتمد صناعة السجاد اليدوي على نول خشبي وخامات تتنوع ما بين الصوف والحرير والقطن ومهارة الحرفي ليبدأ فى إنتاج تابلوهاته المستوحاة من الحضارة الفرعونية ورسوماته وتصميماته الهندسية والزخرفية المستوحاة من الطبيعة: "الأول كنا بنشتغل بالصوف البلدي صوف الغنم، وبعدها استخدمنا خيط أرفع اسمه تكس، ومع التطور استخدمنا خيط الحرير ومع ارتفاع سعره أصبح البديل الخيط المحرر، وهو درجة ثانية من الحرير، بيسد عنه، وأرخص على الصنايعي والزبون، وبالنسبة للرسومات فبتكون على حسب الطلب، أي حاجة بنعملها، بنعمل الكاشان والأصفهان وغيرهم، لكن الزبون دلوقتي بيحب الحاجة الخفيفة، وأكتر حاجة مطلوبة الرسومات النوبي".

 


محمد عاشور صانع سجاد في قرية أبو صير


محمد عاشور

 

تتميز مهنة صناعة السجاد اليدوي بقيمتها الفنية والمادية، فقيمة السجادة المصنوعة يدويًا تزداد مع مرور الزمن وتتميز بضمان مدى الحياة وإبداع ألوانها ومتانة صنعها وتشكيلاتها الفنية المتنوعة، مع إتاحة إصلاح أي جزء يفسد منها في أي وقت: "السجادة المصنوعة يدويًا تستغرق وقت طويل للتصنيع، الوقت بيتحدد على حسب حجم السجادة وتصميمها والرسومات والعقد والخامة المستخدمة في التصنيع، لكنها تتميز بقوتها ومتانتها، الشغل اليدوي بيختلف كتير عن شغل المكن، في إنه بياخد وقت طويل جدًا في التصنيع، بيتعمل عقدة عقدة باليد، وممكن يعيش أكتر من 200 سنة، واللي بيشتري الشغل اليدوي بيكون عارف قيمته، السجاد اليدوي ما يتاقلش بمال".

 


سجاد بنقوش فرعونية


سجاد يدوي برسم فرعوني

يعتز محمد عاشور بمهنته ويفخر بمنتجاته التي يتفنن ويبدع في صنعها: "الصنعة دي روحي ما قدرش أستغنى عنها، بتمثل كل حياتي وهمومي ومشاكلي، وهفضل اشتغل فيها لآخر لحظة في عمري".

 


سجاد يدوي في الجيزة


منتجات محمد عاشور من السجاد

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع