فى الوقت الذى يستعد فيه الأمريكيون لمتابعة سباق الانتخابات الرئاسية، والذى يبدأ الأسبوع المقبل مع بدء السباق التمهيدى الحزبى، فإن تهديدات العنف السياسى تزداد وسط مخاوف بين الخبراء من تفاقمها وتأثيرها على "الديمقراطية الأمريكية".
وقالت صحيفة واشنطن بوست، إن تهديدات العنف السياسى فى الولايات المتحدة قد زادت مع بدء عام 2024، وهو العام الذى من المقرر أن يشهد إجراء انتخابات الرئاسة فى شهر نوفمبر.
وتحدثت الصحيفة عن تلقى راستى باورز، رئيس مجلس نواب ولاية أريزونا السابق، الذى لعب دورا بارزا فى رفض مساعى إلغاء نتيجة انتخابات عام 2020، اتصالا مجهولا بوجود قنبلة فى منزله، وأن امرأة قد قُتلت، لكن تبين أن التهديد كان كاذبا.
وأشارت الصحيفة، إلى أن هذه الواقعة كانت واحدة من عديد من تهديدات العنف وأفعال الترهيب التى لاحقت العديد من مسئولى الحكومة منذ انتخابات 2020. والآن، فإنها تلقى الضوء على حملة 2024 مع استعداد الأمريكيين للتصويت فى موسم السباق التمهيدى الذى ينطلق الأسبوع المقبل.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن ممثلى النظام الديمقراطى الأمريكى بما فى ذلك أعضاء الكونجرس ومسئولى الولايات والقادة المحليين والقضاة كانوا مستهدفين، وفى حين كانت بعض التهديدات تلاحق شخصيات بارزة، فإن جزء منها كان لمن لهم أدوار أقل. وزادت شدة التهديدات فى الأسابيع الأخيرة.
فقد تسبب تهديدات بوجود قنابل فى حالات إخلاء فى مبانى الكابيتول بالولايات. وقامت السلطات الفيدرالية باعتقال رجل واتهامه بالتهديد بقتل نائب كونجرس وأبنائه، فى حين واجه أعضاء آخرون بالكونجرس حوادث مشابه. كما أن وزيرة خارجية ولاية ماين ومحكمة كولورادو العليا، اللتين استبعدتا ترامب مؤخرا من السباق التمهيدى فى كلا الولايتين لأنه شارك فى تمرد، قد تلقا زيادة فى التهديدات بعد الهجوم عليهما من قبل ترامب فى خطاباته وفى منشورات على السوشيال ميديا.
وكان وزير العدل الأمريكى ميريك جارلاند قد وصف موجة التهديدات ضد موظفى الحكومة والعاملين المدنيين بأنها تشهد زيادة مقلقة للغاية. وفى حين أن البعض من اليمين قد تأثروا بتلك التهديدات، إلا أن أغلب الأهداف كان بينها عامل مشترك، أنهم قالوا أو فعلوا أشياءً أثارت غضب ترامب.
ويقول الخبراء أن أفعال العنف الجسدى بحق المسئولين والسياسيين منذ الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكى من قبل حشد من أنصار ترامب فى 6 يناير 2021 تظل نادرة نسبيا. إلا أنهم يحذرون من احتمالية وصول الأذى إلى العاملين فى المناصب العامة والتى تقوض بالفعل صحة الديمقراطية الأمريكية بسبب مخاطر أن يؤثر التخويف على صناعة القرار.
ويقول المسئولون الذين تم استهدافهم إنهم يخشون أن التهديد يمكن أن تتحول فى أى لحظة إلى عنف جسدى.
وقال رئيس المحكمة العليا بولاية ويسكونسن جيل كاروفسكى فى مقابلة، إنه يشعر بالقلق حقا من أن تحدث مأساة، مضيفا أنه يصدق الناس عندما يقولون إنهم يريدون إلحاق الأذى بهم أو قتلهم، فهو لا يراها تهديدات فارغة.
وكان أعضاء المحكمة العليا لويسكونسن قد تعرضوا لموجة من التهديدات، بعضها معاد للسامية ويعكس كراهية الأجانب، بعدما حكموا فى ديسمبر 2020 بفوز بايدن على ترامب فى انتخابات الرئاسة بالولاية.
وظلت المحكمة تتعرض لهجمات فى السنوات التالية، منها واحدا يوم الخميس جاء إلى مكتب موظف المحكمة. وكان المحافظون قد هيمنوا على المحكمة لسنوات، لكن بعد انتخابات أجريت العام الماضى، أصبح لديها أغلبية ليبرالية بدأت فى إصدار أحكام حول قضايا سياسية رئيسية.
وقال ستيفن ليفتيسكى، أستاذ الحكم بجامعة هارفارد الذى يدرس الديمقراطيات فى جميع أنحاء العالم، إن السياسيين والعاملين فى مجال الانتخابات الذين يتعرضون للتهديد تتأثر حياتهم، وغالبا ما يحتاجون إلى اعتماد إجراءات أمنية جديدة أو ضمانات أخرى.
هناك أيضا تأثير على عملية صنع القرار، حيث يحاول المسئولون أداء وظائفهم بأمان. وقال ليفتيسكى إن التهديدات تجعل النظام السياسى أقل ديمقراطية بسبب الكيفية التي تغير بها الحوافز السياسية. فقد اعترف السياسيون على سبيل المثال أنهم غيروا أصواتهم خوفا على سلامة أسرهم.
وتابع قائلا إنه على الرغم من أن التهديدات العنيفة تمتد عبر الطيف السياسى، إلا أن الأغلبية العظمى تأتى من الناشطين وغيرهم من اليمين المتطرف.
وقال إن الأهم من ذلك هو أن ممثليهم فى الحكومة لا يردعون هذه التهديدات، وبدلا من ذلك، فإن ترامب وآخرين كانوا يشجعون هذا السلوك ويتغاضون عنه.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع