بوابة صوت بلادى بأمريكا

حكايات زينب.. لما انضرب حلم الطرب.. فنانون حلموا أن يكونوا مطربين.. رحلة المطربة زينات صدقى انتهت بعلقة.. المغنى محمود المليجى عشمان ينافس عبد الوهاب.. كوب شاى مسموم أنهى مسيرة نعيمة الصغير الرومانسية.. صور

كثيرا ما يحلم الإنسان بما سيكون عليه فى المستقبل وكثيرا ما يختلف الواقع عن الأحلام، فقد يرى البعض فى أنفسهم مواهب لا يراها الأخرون ولا يقتنعون بها ، فمثلا قد يعتقد الإنسان أنه يمتلك صوتاً جميلاً وموهبة طربية دون أن يتوافر له أى مقومات لهذه الموهبة، أو قد يكون لديه شىء من هذه الموهبة ولكنه لا يستطيع استثمارها وتنميتها واستغلالها الاستغلال الأمثل وأيضا فى هذه الحالة لا يستطيع إقناع من حوله بها، وبعض عمالقة التمثيل كانت لهم محاولات غنائية وحلموا بأن يجمعوا بين التمثيل والغناء، بل وتمنوا أن يكون الطرب والغناء بوابتهم للفن قبل أن يحترفوا التمثيل، عدد من هذه الأسماء قد لا يصدق الجمهور أنهم فكروا فى احتراف الغناء رغم مكانتهم الفنية وقدراتهم فى التمثيل، لأنه قد لا يرى فى أصواتهم ما يدل على أى موهبة طربية.

فى السطور التالية نفاجئك عزيزى القارئ بحكايات عدد من الفنانين لن تتخيل أنهم حلموا بأن يكونوا مطربين، بل وإن ينافسوا نجوم الطرب ، ولكنهم أثبتوا مواهبهم فى التمثيل وسقطت أحلامهم فى الغناء بطرق مختلفة بعد أن انضرب حلم الطرب.

 

 


محمود-المليجى

 

محمود المليجى يتحدى محمد عبد الوهاب

 

ربما لا تصدق عزيزى القارئ أن الفنان الكبير محمود المليجى إحدى أيقونات الفن وأهم من قدم أدوارالشر والقتل والبلطجة كان يحلم فى بداية حياته بأن يكون مطربا، ليس هذا فحسب بل كان يتوق إلى منافسة موسيقارالأجيال محمد عبدالوهاب وأن يتفوق عليه؟

 

تميز الفنان الكبير محمود المليجى بصوته الذى لا تخطئه أذن ونظرة عينيه الثاقبة التى تستطيع أن تجسد أقصى درجات الشر والرعب، وفى نفس الوقت استطاع أن يستخدمها فى تجسيد أقصى درجات الحزن والقهر كما فعل فيما قدمه من أدوار جسد فيها شخصية الأب أو الفلاح الطيب ومنها شخصية محمد أبو سويلم فى فيلم الأرض، ولكن هل كانت نبرة صوته المتميزة تؤهله للغناء والطرب كما كان يحلم فى شبابه وصباه؟ بالطبع قد يكون لك رأى آخر!!

فى عام 1954 كتب الفنان الكبير محمود المليجى مقالا بعنوان: «كدت أصبح مطرباً» كشف فيه أنه كان يحلم بأن يكون مطربا قبل حلمه بأن يكون ممثلاً.

 

وقال المليجى إن والده كان من هواة الموسيقى والطرب وكان لديهم فى المنزل بيانو وبعض آلات العزف وجهاز «فونوغراف»، ومجموعة من أسطوانات المطربين والمطربات القدامى، وكان والده يجمع أصدقاءه كل ليلة للاستماع إلى أسطوانات عبده الحامولى وغيره، ثم يقوم بعضهم من الهواة بالغناء والعزف.

 

وتابع قائلا: «كان والدى يسمح لى بحضور بعض هذه السهرات كلما سمحت ظروفى المدرسية، وذات يوم جاء إلى البيت أحد أصدقاء أبى فاستقبلته ولم يكن أبى موجوداً، وأدخلته إلى الحجرة التى تضم آلات العزف وجلسنا نتحدث فى شؤون الطرب والموسيقى، وكشفت له عن هوايتى الموسيقية وجلست أمامه أغنى بعض الأغانى المشهورة فى هذا الوقت».

 

وأشار الفنان الكبير خلال مقاله المنشور بالكواكب إلى أن صديق والده أبدى إعجابه بصوته ونصحه بتعلم الموسيقى وأبدى استعداده لمخاطبة والده للموافقة على ذلك، ولكنه فوجئ بعد أيام بوالده يكيل له سيلا من الشتائم ويطلب منه أن يتفرغ لدراسته ويقطع كل صلة بينه وبين هوايته الموسيقية، فعرف المليجى أن صديق والده فاتحه فى الموضوع وأن الأب يرفض احترافه للموسيقى بشكل قاطع، بل حرمه من حضور السهرات التى كان يعقدها فى البيت لهواة الموسيقى.

ولكن المليجى أصر على هوايته فى ذلك الوقت وأخذ يتردد على مسارح الغناء ليستمع إلى أشهر المطربين، كما تعرف على عدد من الموسيقيين وبدأ يتلقى دروسا فى أصول الغناء والطرب والموسيقى على يد أحد المطربين المغمورين، الذى استغل ما يدفعه المليجى له من أجر شهرى يقتطعه من مصروفه كمصدر رزق له، فكان يجامله ويوهمه بأنه سيصبح من أشهر مطربى عصره بل وسينافسهم، وأن صوته أفضل من صوت المطرب الناشئ فى ذلك الوقت محمد عبدالوهاب وسيحقق نجاحا أكثر منه فى عالم الطرب.

 

وقرر المليجى ذات يوم أن يغنى أمام عدد من أصدقائه، فجمعهم فى البيت أثناء غياب والده وطلب منهم أن يصارحوه بالحقيقة وألا يجاملوه.

 

وأضاف قائلا: «ما إن انتهيت من الغناء وتلفت حولى حتى وجدت أصدقائى متفرقين فى أنحاء البيت هربا من الاستماع إلى صوتى، وقال لى أحدهم: «إن صوتى أشبه بصوت مدفع رمضان»، وكانت هذه الجلسة آخر صلة بينى وبين الموسيقى، وقررت بعدها ان أمتنع عن الغناء وأكتفى بالثقافة الموسيقية وألتفت لدراستى».

 

 


زينات-صدقى

 

علقة للمطربة زينات صدقى

 

الملايين يعرفون زينات صدقى ملكة الكوميديا وأيقونة الضحك التى خلدت اسمها فى سجلات عمالقة الفن والكوميديا الذين لن يتكرروا، حيث تستمتع كل الأجيال بأعمالها وأفلامها الكوميدية العابرة للزمن والتى لا يمل الجمهور من مشاهدتها مهما تكرر عرضها ، ولا تزال عباراتها وإيفيهاتها تتردد على الألسنة ويحفظها الجميع وتبعث دائما على الضحك والابتسامة :«كتاكيتو بنى، إنسان الغاب طويل الناب، يا سارق قلوب العذارى، يا مُهدَى إلى الحديقة يا وارد أفريقا، عوض عليا عوض الصابرين يارب». 

 

وعرف الجمهور زينات صدقى فى أدوار المرأة الشعبية بنت البلد والعانس التى تبحث عن عريس والخادمة وسليطة اللسان وصديقة البطلة، ولكن قد لا يعرف الكثيرون محاولات زينات فى الغناء، ولا يتخيلون أيقونة الكوميديا وهى تقف على المسرح لتشدو وتغنى وتنافس مطربات زمانها، ولا يعرفون كيف تحطم حلمها فى أن تكون مطربة.

 

وفى حوار لـ«اليوم السابع» تحدثت عزة مصطفى حفيدة زينات صدقى عن بدايات جدتها التى أحبت الفن منذ صغرها ولكن بعد وفاة والدها وهى فى سن 13 عاما أجبرها عمها على الزواج من ابنه الطبيب الذى كان يكبرها بـ17 عاما، ولكن بسبب معاملته السيئة وقع الطلاق بينهما.

 

وبحسب حفيدتها ظهرت ميول زينات صدقى الفنية، وشجعتها صديقتها خيرية صدقى، بينما عارضت والدتها فى البداية عملها بالفن، وبعد طلاقها قررت زينات أن تنزل مع صديقتها إلى القاهرة .

 

وتابعت الحفيدة قائلة : جدتى لم تعمل راقصة فى بداية مشوارها الفنى ولكنها بدأت كومبارس فى فرقة الريحانى، وحين شاهدتها زوجته بديعة مصابنى فى المجاميع، أخذتها لتعمل معها فى فرقتها، وبالفعل غنت جدتى مع المجاميع وأرادت بديعة أن تعلمها الرقص، ولكن جدتى رفضت وذهبت للريحانى، وطلبت منه أن يمنحها فرصة فى التمثيل لأنها لا تريد أن تعمل راقصة، فأعطاها الريحانى دور خادمة فى إحدى مسرحياته». 

 

نجحت زينات صدقى وأجادت الدور، وغير الريحانى اسمها من زينب إلى زينات، واقتبست اسم صدقى من اسم صديقتها.

 

وحققت زينات صدقى نجاحات متواصلة مع فرقة الريحانى، وبعد وفاته سافرت مع مجموعة من الفنانين إلى لبنان، واصطحبت معها أمها وشقيقتها، وعملت مطربة فى المطاعم والمسارح، وكانت تغنى عددا من أغنيات المطربة فتحية أحمد، وفى إحدى الليالى تصادف أن تواجدت المطربة فتحية أحمد، فسمعت زينات صدقى تغنى أغانيها فغضبت بعد أن ظنت أنها تسخر منها وجرت وراءها وضربتها، وكان هذا آخر عهد زينات صدقى بالغناء كما أشارت حفيدتها، وبعدها قررت زينات أن تنسى حلم الغناء وعادت إلى مصر، لتبدأ رحلة تألقها السينمائى.

 

 


نعيمة-الصغير

 

حادثة كيدية قتلت أحلام نعيمة الصغير الغنائية

 

يعرفها الجمهور فى أدوار الحماة الشريرة التى تنغص حياة زوج ابنتها وخاصة فى مشاهدها الشهيرة بفيلم الشقة من حق الزوجة، أقنعت الملايين وأرعبتهم فى فيلم «العفاريت» وهى تجسد دور الكتعة رئيسة العصابة التى تخطف الأطفال وتستغلهم فى التسول وتجارة المخدرات، فملامحها وتكوينها الجسدى وصوتها الأجش كانت ضمن مؤهلاتها لتحقيق النجاح الكبير فى هذه الأدوار، إنها الفنانة الكبيرة نعيمة الصغير التى يعشق الجمهور أعمالها ولكنه لا يتخيلها فى صورة مطربة رومانسية تشدو بأغانى الحب إلا إذا كانت ستقدم هذه الشخصية بصورة كوميدية، ولكن الحقيقة أن هذه هى الصورة الحقيقية والأصلية لنعيمة الصغير المولودة فى الاسكندرية عام 1931 والتى كان حلم عمرها أن تكون مطربة وتنافس كبار نجمات الطرب فى عصرها، وبالفعل كان صوتها الجميل يؤهلها لذلك، فبدأت حياتها كمونولوجست مع زوجها محمد الصغير، وقدمت أغان رومانسية، وعملت كمطربة فى الملاهى الليلية، وغنت «المونولوجات» والأغانى الخفيفة، كما عملت مع زوجها فى فرقتى إبراهيم حمودة، وإسماعيل ياسين، وفى الأربعينيات اتجهت للعمل فى السينما، واكتشفها المخرج الكبر حسن الإمام وكان أول أدوارها فيلم اليتيمتان عام 1948، وجسدت فيه دور مطربة. 

 

ولكن انهار حلم نعيمة الصغير بعد أن دست لها إحدى زميلاتها مادة سامة فى كوب الشاى لتنتقم منها، كما كشفت الفنانة الكبيرة فى أحد البرامج، ولكن نظرا لبنيتها القوية نجت من الموت وأثرت المادة السامة على أحبالها الصوتية فتغير صوتها ولم يعد يصلح للغناء، وهكذا ضاعت أحلام نعيمة الصغير فى أن تصبح مطربة، وانضرب حلم الطرب ولكن كسب الجمهور فنانة كوميدية من العيار الثقيل، قدمت العديد من الأدوار المميزة فى عدد كبير من الأعمال الفنية، ومنها: اسكندرية ليه، الشقة من حق الزوجة ،المشبوه، العفاريت، نحن لا نزرع الشوك ، مولد يا دنيا ، وغيرها.

 

 


كمال الشناوى

 

أغنيات المطرب كمال الشناوى اختفت فى ظروف غامضة

 

بالرغم من أن الفنان الكبير كمال الشناوى كان يمتلك العديد من المواهب إضافة إلى موهبته الكبيرة فى التمثيل والتى جعلته أحد أهم نجوم وجانات الزمن الجميل واستمرت نجوميته لأكثر من 60 عاماً حتى بعدما تقدم فى السن، إلا أن الكثيرين قد لا يعرف الكثيرون أنه كان يهوى الغناء وسعى لكى يكون مطرباً بل أنه غنى بالفعل من ألحان الموسيقار الكبير فريد الأطرش.

 

وكان كمال الشناوى يمتلك عدة مواهب فنية فى أكثر من مجال حيث كان رساما محترفا وتخرج من كلية التربية الفنية، كما التحق بمعهد الموسيقى العربية وبدأ حياته مدرسا للتربية الفنية والرسم، حتى بعد احترافه التمثيل لم ينس حبه للرسم وأقام عددا من المعارض للوحاته فى مصر والخارج وعاد فى أواخر أيامه ليقضى أوقاته مع هواية الرسم.

 

كما اتخذ الشناوى خطوات جادة وناجحة فى مجال الغناء والطرب وهو ما تناولت تفاصيله مجلة الكواكب فى عدد نادر صدر عام 1958، تحت عنوان «كمال الشناوى ينتقل إلى دنيا الطرب».

 

وذكرت المجلة أن الموسيقار فريد الأطرش يلحن لكمال الشناوى أغنية من كلمات الشاعر حافظ إبراهيم عن الوحدة بين مصر وسوريا، وأن الإذاعة تعاقدت مع الشناوى لتقديم 10 أغنيات. 

 

وأكدت المجلة أن جان السينما كان يتمنى دائمًا أن يصبح مطربًا وأن كل من سمعه أكد جمال صوته، موضحة أن كمال الشناوى كان يغنى وهو تلميذ فى حفلات المدرسة وكان مشرفًا على فريق الموسيقى والغناء وهو يعمل مدرسا للرسم.

وأتيحت الفرصة لكمال الشناوى لدخول مجال السينما من أوسع أبوابها كممثل وليس كمطرب ولكنه فى قرارة نفسه كان يتمنى أن يصبح ممثلا ومطربا، ورغم نجاحه لم يشأ أن يفرض صوته واكتفى بالمشاركة فى دويتوهات قليلة مع الفنانة شادية فى إطار الحبكة السينمائية فى بعض الأفلام، فشارك فى أغان « سوق على مهلك، ودور عليه تلقاه، ويا دنيا زوقوكى».

 

وبعد إذاعة هذه الأغانى بالراديو انهالت الرسائل على الإذاعة والملحنين والمنتجين لتقترح تقديم كمال الشناوى كمطرب، وهو ماجعل نجم السينما يتحين الفرصة التى يستطيع أن يخرج بها على الجمهور كمطرب.

 

وعندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا عثر الشناوى على قصيدة «سورية ومصر» للشّاعر حافظ إبراهيم فأعجبته، واختار من أبياتها ما يعبّر عن الوحدة، وأسرع بها إلى الموسيقار فريد الأطرش وطلب منه أن يضع لها لحناً يغنيه، ورحّب فريد بالفكرة خاصة أنه سيكون أوّل ملحّن يقدم لحنا كاملا لكمال الشناوى.

 

وبالفعل انتهى الشناوى من تسجيل أغنيّته، التى تدرب عليها وقام ببروفاتها مع فرقة أحمد فؤاد حسن فى منزل فريد الأطرش، وحضر التّسجيل عدد كبير من مسؤولى الإذاعة، وأقبل الجمهور على الشناوى لتهنئته والترحيب به  كصوت جديد فى دنيا الغناء.

 

وتحمس فريد الأطرش لصوت كمال الشناوى وأشاد به، مؤكدا أن له نبرات عذبة حنونة، وسيكون مفاجأة كبيرة فى عالم الغناء ودنيا الطّرب.

 

وأسرع مدير الإذاعة وقتها للتعاقد مع كمال الشناوى على أن يقدم 10 أغنيات فى العام ويختار المؤلف والملحن الذى يرغب فى التعاون معهما، على أن يغنى أولى هذه الأغنيات الأول من شهر إبريل عام 1958، وأن يقدمه للجمهور الموسيقار فريد الأطرش، ولكن الغريب أن هذا اللحن وتلك الأغنية اختفت فى ظروف غامضة، ولم يسمعها الجمهور بصوت كمال الشناوى، وباستثناء الدويتوهات التى شارك فيها كمال الشناوى مشاركة بسيطة فى عدد قليل من الأغانى مع الفنانة الكبيرة شادية لم يسمع الجمهور صوت كمال الشناوى فى أغان طربية خاصة به، بل عرفه فى مئات الأدوار التى قام بها، ولم يتحقق حلم الفنان الكبير فى أن يكون مطربا.

 


اليوم سابع

 


هذا الخبر منقول من اليوم السابع