** باحث كنسى: الجرس مثل الآذان أو طبلة السحور هدفه التنبيه والقداس بدونه صحيح
تمتزج أصواتها بالمشاعر المختلطة، فبعضها يبث الأمل والبهجة، وبعضها يبث الحزن فى الأزمات، فهى عادة توارثتها الأجيال لتذكيرهم بالصلاة ووجود الله، فأصواتها الفريدة تدعو للصلاة وخدمة القداس منذ قرون وحتى اليوم.. أصوات أجراس الكنائس خفية عن الأنظار، ولكنها مسموعة للجميع حتى أصبحت تشكل طقس الحياة اليومية فى القداسات والأعياد المختلفة، وبدقة منها يلتفت جميع المواطنين إلى مصدر الصوت فيعرفون بدء القداس.
تجربة رن الجرس
التوقيت: الساعة السابعة مساء
المكان: كنيسة العائلة المقدسة للأقباط الكاثوليك بالزيتون
الحدث: قداس عيد الصعود
فى البداية استقبلنا الأب أغسطينوس موريس كاهن كنيسة العائلة المقدسة بالزيتون وأمر خادم الكنيسة باصطحاب"اليوم السابع" إلى الغرفة المخصصة للجرس اليدوى القديم الذى يدق فى السابعة مساء معلنا بدء القداس فسحب عامل الكنيسة حبل الجرس، والذى كان معلقا بالدور بينما ينزل منه حبل إلى الدور الأرضى، وانتظر العامل حتى وصول الساعة 7 مساء وسحب حبل الجرس ليسمع كل المسيحيين فى الكنيسة وفى منطقة الزيتون صوته وإعلان بدء قداس العيد واستمر سحب العامل فى رن الجرس مدة 5 دقايق حتى يتمكن الجميع من سماعه.
العامل يسحب حبل الجرس
وأثناء دق الجرس ذهبنا على السلالم الخاصة بموضع الجرس فى نهاية الدور الأخير للكنيسة، وصعدنا على سلم خشبى، ثم سلم خشبى آخر مرتبط به لنتمكن من تصوير الجرس، والتى كانت عبارة عن مجموعة أجراس بجانب بعضها البعض وكانت رنة الجرس الأول قبل رنة الأجراس الأخرى ليستمر رن الأجراس فى إعلان بدء القداس وتنبيه المسيحيين فى المنطقة إلى سرعة الإقدام وحضور القداس.
الجرس اليدوى بكنيسة الزيتون
رحلة صناعة الأجراس
فى رحلتنا للبحث عن أساس صناعة أجراس الكنائس حاليا ألتقينا عددا من الأباء الكهنة والقمامصة والأساقفة لمعرفة مصدرها سواء كانت يدوية أو بالكهرباء، ذكر بعضهم أن الأجراس اليدوية كان يتم صناعتها إما فى الأديرة أو أسواق الحديد ، وبعد التواصل مع الأديرة وجدنا أن أغلبها لا يستخدم الجرس حاليا إلا قليلا.
أما عن صناعتها بالأسواق فتواصلنا مع عدد من المصادر التى أوصلتنا بالنهاية إلى "خراط" كان يعمل بهذه الحرفة ، وعند سؤاله أكد لنا أنه ترك هذه الصناعة هو وزملاؤه منذ عشرات السنوات، وعند سؤال أحد الكهنة الذين يتولون الخدمة بإحدى الكنائس الجديدة ذكر أن الأجراس الآن أغلبها يأتى إما عن طريق الشحن من روما أو من دير الأنبا صموئيل بالمنيا.
أجراس دير مارجرجس البطريركى للروم الأرثوذكس
أجراس الكنيسة من روما
ويقول القمص ميخائيل جرجس وكيل مطرانية حلوان والمعصرة و15 مايو للأقباط الأرثوذكس، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن صناعة الأجراس موجودة الآن، فى دير الأنبا صموئيل المعترف فى المنيا، حيث يوجد بها مصنع يصنع الأجراس بمواصفات خاصة فلابد أن تكون من النحاس ذات النقاوة العالية ليكون يكون صدى الصوت بها عالى.
وتابع وكيل المطرانية، أن باقى الأجراس التى لا يتم صناعتها فى دير الأنبا صموئيل المعترف تأتى من روما للكنيسة بالمواصفات التى تطلبها، فمعظم الكنائس تستخدمه سواء كان جرس يدوى أو بالكهرباء، مشيرا إلى أن أغلب الأجراس الأن يتم تركيبها بالكهرباء عن طريق موتور.
وحول طريقة شراء الكنائس للأجراس ذكر أن أغلبها يكون "أونلاين" من روما وتأتى عن طريق الباخرة شأنها كشأن أى سلعة يتم شرائها عن طريق الإنترنت بعد المعاينة والتأكد من جودتها، وذلك لأن أغلب الكنائس وبخاصة الكاثوليكية التى شيدها كانوا مهندسيين من روما.
القمص ميخائيل جرجس مع محرر اليوم السابع
رئيس المركز الكاثوليكى للسينما
ويقول الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكى للسينما فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": أنا فى سن 5 سنوات فى الإسكندرية فى سانت كاترين بالمنشية كانت الكنيسة بها 5 أجراس ، وفى الأعياد كنا نتجمع مع أصدقائى بالمدرسة ونشدها بالحبال وكان حبل الجرس يقفز بنا لأعلى فكان لها متعة وفرخة كبيرة".
وتابع أنه فى وقت الجنازة كانت تضرب ضربة "حزاينى" وفى يوم الأحد كان يضرب 3 أجراس وكان قبل كل قداس يضرب قبلها بنصف ساعة، حيث كان هناك خمس قداسات فى اليوم وكان يرن الساعة 11 ونص الظهر و 12 إلا ربع ظهراً و 12 ظهراً، قائلا "كنا بنرن كل ربع ساعة قبل الصلاة".
الأب بطرس دانيال
كاتدرائية العذراء مريم للأقباط الكاثوليك
والتقى "اليوم السابع" الأب عمانوئيل كاهن كاتدرائية العذراء مريم بمدينة نصر للأقباط الكاثوليك ، وأوضح أن رنات الجرس تتعدد طبقا للأزرار الكهربائية الموجودة بها، فهناك زر به رنة الجنازات وهى عبارة عن دقات بطيئة مُتَقَطِّعَة تفصلها ثوان معدودة، ويتمّ دقَّها أيضاً فى صلوات "الأسبوع العظيم".
وتابع أن هناك زر لرن الجرس به رنة الأعياد وهذا الجرس يطرب له الأذان ، وتخفق له القلوب عند سماع رنات "الفرح"، وهى الدقات السريعة المتتالية التى تصدرها الأجراس بالأعياد، وهناك رنة "القداس" وهى الدقة المعتادة فى صلاة القداسات، وتعتبر منبه مجانى للمسيحيين.
أنواع الأجراس
يقول الأب دوماديوس كاهن كنيسة مارجرجس للأقباط الأرثوذكس بأسوان في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن جرس الكنيسة يكون على ارتفاع عالى فى المنارة ويكون مربوطا بحبل طويل ، ويكون دور عامل الكنيسة هو شد الحبل وهناك كنائس حولته للاستخدام بالكهرباء ومازالت الكنائس الأخرى تستخدم النظام اليدوى.
منارة الجرس الكهربى بكنيسة الملاك ميخائيل بحلوان
وتابع الأب دوماديوس إن أهم توقيت لرن الجرس هو رفع الحمل ويعتبر نداء للمواطنين فى المنازل أو الأماكن أن الكنيسة بدأت بالفعل الصلاة لتبدأ المواطنين في الوصول لبداية الصلاة، مؤكدا أن الجرس له رنات مختلفة ففى الجنازة له رنة تسمى " رنة حزاينى" ويكون فيها بطء شديد مثل الموسيقى الحزاينى ومن يفعل ذلط يكون مُدرب عليها والرنة الطبيعية تكون فى القداس العادى.
اختيار جرس الكنيسة
ويقول الأب أغسطينوس موريس كاهن كنيسة العائلة المقدسة بالزيتون للأقباط الكاثوليك إن اختيار الجرس يكون وفقا للكنيسة فهى التي تختار نوعية الجرس حيث يكون هناك مواصفات معينة فى التركيب كمواتير وارتفاعات ويحتاج فنيين متخصصين لهذا الأمر ومُدربين عليه وفى كاتدرائية العذراء مريم بمدينة نصر للأقباط الكاثوليك ذكر أن أجراسها تكون بالكهرباء.
وتابع كاهن كنيسة العائلة المقدسة بالزيتون ، أن الدير يكون به رهبان مشهورين بصناعة الأجراس وهناك مصانع متخصصة فى الأجراس الضخمة داخل مصر.
الزميل محمد الأحمدى والأب أغسطينوس موريس
أكبر جرس فى مصر
ويعتبر جرس كنيسة سابا باشا الأثرى للروم الأرثوذكس بالإسكندرية أكبر جرس فى مصر، حيث يعود تاريخه إلى عام 1838 حيث قام بصنعة الجنرال الرسومى الكمدار سيمنا فى عهد الامبراطور نيقولا الأول، و الذى قام بإهدائة كنيسة الروم الارثوذكس بالإسكندرية.
ويقع الجرس فى الفناء الخارجى لكنيسة دسر سابا باشا على أقصى اليسار من البابا الرئيسى على منصة رخامية حديثة بإرتفاع 20 سم ، ووافقت اللجنة الدائمة للاثار الاسلامية و القبطية على تسجيلة فى مجلد الآثار عام 1997 .
جرس كنيسة سابا باشا الأثرى
والجرس عبارة عن ناقوس كبير الحجم من النحاس يظهر عليه آثار الأكسدة اللون الأخضر، وقمتة من أعلى على شكل تاج مكون من 6 أضلاع و الجرس مخروطى الشكل يعلوه 3 وحدات زخرفية دائرية تفصل بينها خطوط بارزة و علية كتابات روسية تشير إلى الجنرال الروسى الكمدار ميخائيل سيمنا.
يذكر أن كنيسة دير سابا من أقدم الكنائس بالإسكندرية ، وتتبع طائفة الروم الأرثوذكس، وهي قريبة من بطريرك الكرازة المرقسية، ومن العلامات المشهورة بها وجود الجرس الأثري الذي يتوافد عليه السائحين من جميع أنحاء العالم ، حيث تتميز المنطقة التي تقع بها الكنيسة بالمباني الأثرية والتراثية ، وعاش بها اليونانيين والإيطاليين وعدد كبير من الجاليات الأجنبية المختلفة.
وذكر الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكى للسينما فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن دير سابا باشا الأثرى للروم الأرثوذكس يعتبر من أهم الآثار التاريخية فى الإسكندرية، وكان يزوره هو وأصدقاؤه طوال الوقت.
جرس كنيسة سابا باشا
جرس الكنيسة الأسقفية بالزمالك مصنوع عام 1800
وفى زيارة لـ"اليوم السابع" إلى كاتدرائية جميع القديسيين بالزمالك يقول المطران منير حنا رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية الشرفى، إن وزن الجرس يصل إلى قرابة طن حيث تم صناعته فى إنجلترا عام 1800 وجاء إلى القاهرة عام 1920 وتم نقله بالمركب إلى الكنيسة التى كانت متواجده حينها فى ميدان ماسبيرو ، حيث تم افتتاحها سنة 1938 فى عهد الملك فؤاد الأول وتم نقلها لكاتدرائية جميع القديسيين فى الزمالك فى نفس العام.
وتابع ، أن هناك رنات مختلفة له منها رنة الجنازات حيث يتقنها خادم الكاتدرائية وهى عبارة عن رنتين ثم حالة انتظار لصدى الصوت ثم ضربها رنتين وحالة سكوت أيضا وهكذا، أما رنة القداسات العادية فتكون رنة عادية وبعدها مباشرة برنة أخرى وكذلك جرس دخول المطران فهى مثل رنة القداس العادية.
جرس كاتدرائية جميع القديسيين بالزمالك
الأجراس والأحداث التاريخية
وذكر إسحاق إبراهيم البلوشى عضو لجنة التاريخ القبطى فى المجمع المقدس أن الرنات الحزينة لأجراس الكنيسة تتمثل فى دخول الجنازات وفى يوم الجمعة العظيمة، مشيرا إلى أن الأجراس دقت بحزن على كامل الجمهورية يوم وفاة الرئيس جمال عبدالناصر ، وفى الأحداث التاريخية فى حرب أكتوبر رنت برنة حزن وكانت تستخدم الأجراس فى عام 1956 حتى عام 1970 ، وكانت الأجراس ترن كانذار للمواطنين، وقبل ذلك دقت فى إعلان العبور فى 1973 أجراس الفرح، ومن المعروف أنها تدق بشكل حزن على جميع أنحاء الجمهورية وقت نياحة بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وفى الأديرة تدق في العشية وفى استقبال الوفد الكنسى لما كان البطريرك يروح الدير.
ومن جانبه، قال المطران منير حنا، إن الأصل فى اكتشاف الأجراس يرجع إلى البوق فكان يستخدم فى العهد القديم عندما كانوا يريدون جمع المواطنين للاجتماع فى خيمة الاجتماع قبل هيكل سليمان حينما كان يحوى خيمة وكانوا يضربوا بالبوق وهو عبارة عن قرن البقرة أو الغزلان حتى يعلم الجميع أن هناك اجتماع، مؤكدا على أن هذه الفكرة تطورت حتى وصلنا إلى فكرة الجرس.
وذكر أن فكرة الأجراس مأخوذة أيضا من المراكب وقبل الميلاد كان يوجد فى المراكب أجراس كان هدفها تجميع المواطنين فالفكرة أساسها التنبيه وهى نفس فكرة الآذان في المسجد.
وتابع أن الأجراس كانت تضرب حينما يتم الإعلان عن وجود شهداء للوطن فى الحروب، فضربت الأجراس في حرب 1973 وفى حرب الاستنزاف وفى حرب 1967 وفى حروب وفى كوارث كبيرة كانت الأجراس تضرب تعبيرا عن الحزن القومى ، وضربت تهللا وتعبيرا عن الفرح فى أوقات رجوع الرئيس السادات من القدس بعد صنع السلام.
المطران منير حنا والزميل محمد الأحمدى
جرس الراهبات فى الدير
وفى زيارة اليوم السابع إلى دير الراهبات الفرنسيسكان الإليزابتين بالهرم التابعة للكنيسة الكاثوليكية، تقول السور نجلاء عبدالسميع قديس إحدى الراهبات إن الدير يوجد به جرس صغير الحجم من النحاس ويكون مثل المنبه ويكون هدفه أن يرن صباحا وقت موعد القداس الذى يختلف من دير إلى أخر، بحسب المواعيد الخاصة به فى ساعة الصلاة.
وتابعت نجلاء أن الجرس يرن أيضا وقت التجمع للطعام، مشيرة إلى أن الجرس يختلف حجمه باختلاف مكان الراهبات إذا كان عددهم صغير ويسكنون فى شقة أو عددهم كبير ويسكنون فى دير.
جرس دير راهبات بالهرم
تاريخ الأجراس
ويقول إسحاق إبراهيم البلوشى عضو لجنة التاريخ القبطى في المجمع المقدس في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن أول أجراس الكنيسة بدأت فى القرن السادس الميلادى على يد جوستنيان الإمبراطبور ثم تطور الأمر إلى أن أصبح قطعة من النحاس أو الحديد ويدق عليها بالخشب ثم تطور للوضع الحالى الجرس اليدوى وهو عبارة عن إسطوانة حديدية بها جرس يدق وقت القداس ثم التطور الكهربى.
وحول تاريخ دخول الأجراس إلى مصر قال إن الكنيسة كانت تأتى بالأجراس من اليونان أو من روما وظهر ذلك فى الكنيسة المرقسية بالأزبكية حيث أرسل البابا كيرلس الرابع لشراء الأجراس من اليونان وكان بداية دق الأجراس بحرية فى مصر مع عهد محمد على وارتقاؤه لسده الحكم، وهنا بدأت المنارات ترتفع على الكنائس بشكل ألحان.
جرس الكنيسة اليدوى
الباحث مينا سليمان
ويقول مينا سليمان الباحث بالمركز الثقافي الأرثوذكسى، أن جرس الكنيسة عادة موجودة من العهد القديم ووقت موسى النبى ووقت أن كان لديهم أوقات معينة للصلاة عبارة عن بوق للحركة وبوق للتجمع وبوق للحرب ، وتم اتخاذها كإشارات وأصبحت بعد ذلك للصلوات وتم تطورها عبر العصور ، وأصبحت طربات مختلفة فى القداس وفى الطقس الحزاينى وفى الطقس الفرايحى والهدف الأصلى منها فقط هو تجميع المواطنين للقداس مثل أذان المسجد الذى يجمع المسلمين ويدعوهم للصلاة فهو طقس تنظيمى يتغير مع الوقت ومؤخرا بدأ يختفى المعدن الخاص به فأتجهت الكنيسة للكهرباء مؤخرا ومن وظائف الخادم فى الكنيسة أن يضرب الجرس سواء يدوى أو كهربى فجرس الجنازات لها ضربة مختلفة عن القداسات العادية وهناك بعض الأديرة لا يوجد بها جرس ولكن من الورارد أن المواطنين سوف يتسائلون حال اختفائها تماما لأنهم مرتبطين بالتراث أكثر طوال الوقت والتى نتوارثها من جيل إلى جيل.
=
الباحث مينا سليمان بالمركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
الروايات التاريخية
وتؤكد العديد من الروايات التاريخية، أن عادة قرع أجراس الكنيسة تعود إلى عام 400 بعد الميلاد وتحديداً إلى زمن القديس بولينوس أسقف نولا الذى خلق رابطاً ما بين الأجراس والكنيسة، ففى نهاية القرن الرابع الميلادى عندما أعلنت الدولة الرومانية أن "المسيحية" واحدة من الديانات فى الدولة، وتم استخدام الأجراس للإعلان عن بدء الصلاة فى الكاتدرائيات، بالإضافة إلى استخدامها فيما بعد انتشار المسيحية للإعلان عن الصلوات فى الكنائس كلها.
وكانت الأجراس فى القرن الرابع والخامس الميلادي عبارة عن لوح خشبى أو معدنى كبير، يحمله الراهب ويدق عليه من أجل إعلان الصلاة، والتي مازالت تستخدم حتى الآن في الأديرة البيزنطية لإيقاظ الرهبان من أجل الصلاة، مثل دير "سانت كاترين"، وأديرة "جبل أثوس" في اليونان، ودير "صيدنايا" في سوريا، إلّا أن البابا سابينيانوس شرّع رسميّاً استخدام الأجراس في عام 604، ثم إنتشرت ظاهرة الأجراس فى أوروبا الشّمالية أوائل العصور الوسطى تزامناً مع وصول الإرساليات الإيرلندية.
وبالرغم من الغزو الكهربائى لأجراس الكنائس، إلا معظم الكنائس ما زالت تحتفظ بأجراسها اليدوية والتي تتطلب مجهود من "خادم" الكنيسة لجذبه، وبما أن دقات الجرس متعددة حيث تختلف الدقات باختلاف المناسبة والظرف فكان الجرس اليدوي يتطلب آلية معينة ليُصدر تلك الرنات المختلفة، أما في حال الكنائس متعددة الأجراس الكهربائية، فأن الأمر أصبح أكثر سهولة، واختلاف تلك الرنات يعرفها المسيحى فيدرك فور سماعها ما يدور فى الكنيسة.
جرس كاتدرائية الكنيسة الأسقفية
أنواع رنات الأجراس
وتذكر الروايات التاريخية أنه فى كل مرّة يسمع خلالها المؤمنون رنين الأجراس يدركون أن الوقت حان للتوجّه إلى الكنيسة، وهنا تقرع عدّة كنائس إنجيلية وكاثوليكية ولوثيرية الجرس 3 مرّات فى اليوم (السّادسة صباحًا وعند الظّهيرة وفي السّادسة مساء) لتذكير المسيحيين.
أولا: رنّة الموت
تتعدد الرنات فى الكنائس، فهناك رنة "الموت" وهى عبارة عن دقات بطيئة مُتَقَطِّعَة تفصلها ثوان معدودة، ويتمّ دقَّها أيضاً فى صلوات "الأسبوع العظيم"، ويَكْفِى أنْ نسمع الدقّات الحزينة حتى نعرف أنَّ هناك مَنْ توفى وربَّما تربطنا به صلة مَعرفة ولم يَصلنا الخبر بعد، فيسهل النزول للكنيسة والسؤال عن هوية المُتوفى، وهى رنّات حزينة تُذكرنا بنهاية الحياة.
ثانيا: رنّة الفرح
وتطرب رنة الفرح غالبا في قداس العيد فهى تطرب الأذان وتخفق القلوب عند سماعها فهى عبارة عن دقات سريعة متتالية، تصدرها الأجراس فى الأعياد، وعادة ما يَتِمُّ استخدام أكثر مِنْ جرس، فما أن تصدر أصواتها حتى نتأكد أن الكنيسة تستعد لصلاة قداس العيد، ويتجمع المسيحيين ليتقاسموا الفرحة والبهجة.
ثالثا: رنّة القداس
وتعتبر رنة القداس دقة مُعتادة فى صلاة القداس، وتُعْتَبَرُ مُنَبِّه مَجَّانِى للمسيحيّين، لينتبهوا أنَّ القداس لنْ ينتظرُ أحد، والتأخير لنْ يفيد، خاصة وأنَّ هذه الرنَّة تكون فى بداية القداس الإلهى وتسبقها رنّة أخرى قَبْلَ بدء صلاة السحر.
مخطوطات جرس كنيسة سابا باشا الأثرى
هذا الخبر منقول من اليوم السابع